الدحدوح: مغادرة قطاع غزة والتخلي عن واجبي كتجرع السم بالنسبة إلي
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
كشف مراسل قناة الجزيرة في غزة وائل الدحدوح، عن تلقيه الكثير من النصائح بمغادرة قطاع غزة، لعلاج يده التي أصيبت في قصف إسرائيلي ولا يتوفر علاجه في القطاع.
وقال الدحدوح خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "حضرة المواطن" مساء الثلاثاء: "إذا غادرت سيكون الأمر مبررا ولا يمكن لأحد أن ينتقد أو يتحدث عن ذلك، لكن مع ذلك فهذا الأمر صعب جدا"
وتابع: "لو اتخذت هذا القرار لإنقاذ يدي سأكون كمن يتجرع السم؛ أنا لا أتخيل أن أي إنسان صحفي ومهني ووطني يتخلى عن واجبه".
ويعد الدحدوح واحدا من أبرز أمثلة الصمود في غزة، فقد استشهد أغلب أفراد عائلته منذ بداية الحرب، ولم يزده ذلك إلا إصرارا على استكمال مسيرته، ونقل مشاهد المجازر الإسرائيلية إلى العالم.
واستشهد حمزة وائل الدحدوح الأحد، جراء قصف إسرائيلي على سيارة كان يستقلها مع زميله الصحفي مصطفى ثريا في خانيونس جنوبي قطاع غزة.
وكان وائل الدحدوح فقد زوجته وابنه وابنته وحفيدته في غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً نزحوا إليه وسط قطاع غزة في أكتوبر الماضي.
وبعدها بعدة أسابيع أصيب هو نفسه واستشهد زميله المصور سامر أبو دقة بقصف إسرائيلي خلال تغطيتهم لمجريات الحرب بمدينة خانيونس، ليفجع الأحد، باستشهاد نجله الأكبر حمزة.
اقرأ أيضاً
بلينكين: على إسرائيل أن تكف عن تقويض قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم
المصدر | الخليج الجديد
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قطاع غزة حرب غزة إسرائيل قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
أتعرفون وائل؟
صراحة نيوز- المهندس مدحت الخطيب
قد تبدو القصة التي رواها الملك عبدالله الثاني أمام رفقاء السلاح مجرد لحظة طريفة، لطيفة، مرّت بخفّة على مسامع الحضور. لكنها في الحقيقة لحظة تحمل ما هو أبعد من الضحك والتذكّر. فهي تستحضر روح الجيش التي تُبقي التفاصيل الصغيرة حيّة، وتُعيد الإنسان إلى جذوره الأولى حيث تُبنى الثقة، وتُصنع الرجولة، وتُحفظ الذاكرة.
الملك تحدّث ببساطة القائد الذي يعرف رجاله واحداً واحداً. استذكر مشهداً من أيام التدريب؛ لحظة تردّد جندي واحد، في قفزة واحدة، رغم أنه قفز مئات المرات قبلها وبعدها. ومع ذلك بقي اللقب ملازماً له. ضحك الجميع، وردّدوا الاسم، لا لأن وائل ضعيف، بل لأنه صار رمزاً لروح الدعابة التي تحفظ الودّ بين القائد وجنوده.
هذه البساطة هي التي لامست الناس. لأنهم رأوا ملكاً يتحدّث من ذاكرة الخندق لا من منصة رسمية، من إنسان لا من بروتوكول.
لكن حين يخرج المواطن من إطار المزحة، تتزاحم في ذهنه الأسئلة الثقيلة التي راكمتها السنوات:
كم من «وائل» آخر بيننا لكن ليس ذاك الذي يخاف القفز من الجو، بل الذي يقفز فوق الناس والحق والقانون؟
كم من شخص قفز على حقّ غيره، فحصل على منصب لا يستحقه؟
كم من مسؤول قفز على مقدرات الوطن وعاث فيها فساداً، دون أن يرمش له جفن؟
كم من صاحب قرار قفز على التشريعات والأنظمة، وجعل استثناءه قاعدة، ومصلحته قانوناً؟
كم من أشخاص مارسوا القفز كعادة لا كهفوة عابرة في يوم عابر؟
قصة وائل تُضحك أما قصص «وائل الكبير» في الحياة العامة فتُبكي وتوجع.
الملك استذكرها بروح المحبة والرفقة.
ونحن نستذكر ألف «وائل» من باب السؤال الوطني المشروع:
إلى متى يبقى من يسير على الدور متأخراً، ومن يقفز فوقه متقدماً؟
الوطن لا يُحمى بالصدفة، ولا يُدار بالقفز الحر.
الوطن يُبنى بتسلسل، بالعدل، بالكفاءة، بالاحترام الحقيقي لمبدأ الدور. لأن القفز فوق الدور هو أول أبواب الفساد، وهو الشرارة التي تُطفئ ثقة الناس بدولتهم.
الجيش، رغم كل شيء، بقي المؤسسة الوحيدة التي لم يعرف أبناؤها إلا القفز في ميادين training لا في حقوق الناس؛ قفزوا دفاعاً عن البلاد لا فوق رقاب العباد.
ولهذا بقي احترامهم ثابتاً، وهيبتهم ثابتة، وذكرهم طيباً.
حمى الله الجيش رمزاً للانضباط لا الفوضى.
وحمى الله الملك الذي يُعيد عبر قصة صغيرة معنى كبيراً: أن التواضع أقوى من السلطة، وأن الإنسان أكبر من اللقب.
وحمى الله هذا الوطن من كل من يرى في القفز مهارة، وفي تجاوز الدور وتحقيق العدالة بطولة
وسخّر لنا من يقفز بنا إلى الأمام لا فوقنا، ولا على حسابنا، ولا على حساب مستقبل البلاد.
م مدحت الخطيب
الدستور
[email protected]