تعد كتابة اليوميات بمثابة علاج يومي مجاني لعدد من المشكلات الصحية، البدنية منها والنفسية، إذ يتحول الطقس اليومي، في تدوين أهم أحداث اليوم، من إنجازات وإخفاقات، وكذلك المشاعر الذاتية، والانطباعات حول الأحداث والأشخاص، إلى وسيلة تعافٍ قوية، تؤثر بشكل ملحوظ على استجابة الجسم للضغط النفسي، ومن ثم تحسين المزاج والنوم والمناعة.

ماذا يكتب باليوميات ولماذا؟

اعتادت الكاتبة المصرية هبة عبد العليم، تسجيل يومياتها في شكل تدوينات من عمر الـ7 سنوات، "كنت دائما أكتب مشاعري تجاه الأحداث اليومية، لا أسجل الحدث نفسه وإنما شعوري تجاهه، واستمر هذا حتى الآن، ولكن مع الوقت، وعقب وقوع دفاتري في أيدي آخرين، تعلمت تشفير يومياتي، بحيث لا يفهمها سواي، ومع الوقت اتخذ التدوين صيغا كثيرة كالكتابة والرسم، والكولاج (تكنيك فني يقوم على تجميع أشكال مختلفة لتكوين عمل فني جديد)، ولكن تبقى الكتابة بالنسبة لي هي الصيغة الأدق والأهم والأقرب لقلبي والأكثر راحة لذهني".

نموذج من يوميات الكاتبة المصرية هبة عبد العليم (الجزيرة)

تكتب هبة كل شيء يتعلق بذاتها أو عملها، "وحين كبرت وصرت أعمل بأكثر من مجال، صار لي دفتر يوميات مخصص للعمل، والاتفاقيات المتعلقة به، وكذلك تسجيل الدخل والإنفاق وهكذا، بخلاف التدوين الذاتي، وعموما فإن التدوين يساعدني على تفكيك مشاعري وتحليلها، كما يجعلني أقرب لنفسي، وأكثر إنصاتا لصوتي الداخلي، فتصير الطفلة الصغيرة بداخلي أكثر هدوءا وسكينة، ويصفو ذهني فتكون أفكاري أوضح وقراراتي أدق وأسرع، وهذا هو أهم ما يتعلق بالتدوين، أنه يذكرنا بالأحداث التي مرت على حياتنا، سواء العملية، أو العاطفية، فنستطيع اتخاذ قرارات أدق بشأن المستقبل".

بحسب الرابطة الدولية لكتابة اليوميات، فإن هناك العديد من تقنيات وأساليب كتابة اليوميات، مثل الخرائط الذهنية، والكتابة في صورة حوار، والكتابة الشعرية، والرسوم العنقودية، وغيرها العديد من الأشكال، لكن هذا في مراحل متقدمة، بينما يمكن لأي شخص البدء في كتابة يومياته بأي عمر، وأن يكتب أي شيء باليوميات، الأفكار والمشاعر، والمشاكل، والتحديات، والاضطرابات، والأفراح، والنجاحات، والأحلام، وتقترح الرابطة، بعض الجمل الافتتاحية مثل:

في هذه اللحظة أشعر بـ ..

في هذه اللحظة ألاحظ..

حاليا أفكر في..

حتى الآن أفضل جزء في أسبوعي هو..

فوائد كتابة اليوميات

تشير العشرات من الدراسات العلمية إلى فوائد كبرى لكتابة اليوميات، بشكل منتظم، أبرزها:

المساعدة على فهم الصدمات وتخطيها، حيث يسهم التدوين في تنظيم الأحداث في الذهن، مما يضمن تحسين الذاكرة العاملة، وتحسين العمليات المعرفية، والنوم بشكل أفضل. وفي دراسة أعدها جيمس دبليو بينبيكر، عالم النفس بجامعة تكساس عام 1986، تبين أن العلاج بالكتابة يساعد على فهم الصدمة، وتحرير الأدمغة من التجارب المرهقة ذهنيا. السيطرة على أعراض الاكتئاب، وتخفيفها، حيث خلصت دراسة منشورة عام 2007 بعنوان "تجربة عشوائية لبرنامج موجز للوقاية من الاكتئاب" إلى أن ممارسة كتابة اليوميات، والكتابة التعبيرية، لمدة 6 أشهر مع عادات أخرى كالقراءة والعلاج المعرفي السلوكي، أسهمت في انخفاض أعراض الاكتئاب بصورة كبيرة لدى المشاركين بالدراسة. تطوير مهارات التفكير العليا، وتحسين عمليات التعلم والتخطيط، ففي دراسة تم إجراؤها بجامعة كوازولو ناتال في جنوب أفريقيا، وجد باحثون أن التأمل من خلال الكتابة اليومية يساعد المتعلمين على تعزيز فهمهم، وإثراء التعلم مدى الحياة، فضلا عن تطوير الاستقلال المهني لاحقا، حيث ينتقل المتعلم إلى مراحل متقدمة من التفكير النقدي، والتعامل كشخص محترف ومستقل. تقليل أعراض القلق وتخفيف التوتر، عبر تفريغ المخاوف، حيث تعد الكتابة حول مصادر وأسباب القلق، بمثابة رادع يمنع اجتراره والتوجه نحو إيجاد حلول، وتشير الدراسات إلى التأثير الإيجابي للتدوين اليومي على الرجال والنساء الذين يعالجون من القلق، مع الإشارة إلى أن تأثيره كان أقوى على النساء. ممارسة كتابة اليوميات لمدة 6 أشهر تسهم في انخفاض أعراض الاكتئاب (بيكسلز) تقليل أعراض الالتهابات، هو أحد أغرب النتائج المتوقعة لكتابة اليوميات، فبحسب تجارب سريرية أجريت عام 1999 تحسنت أعراض الالتهاب، لدى المرضى الذين يعانون من الربو الخفيف إلى المتوسط، والتهاب مفاصل الروماتويدي، الذين قاموا بالكتابة عن التجارب الحياتية المجهدة، بحيث أظهروا تغيرات سريرية واضحة في الحالة الصحية. ترفع المناعة وتعزز التئام الجروح، ففي دراسة نشرت عام 2012 بعنوان "الكتابة التعبيرية وشفاء الجروح لدى كبار السن"، كان لدى المشاركين في مجموعة من الكتابة التعبيرية اليومية نسبة أكبر من الجروح التي تمت إعادة تكونها بالكامل، حيث أسهمت الكتابة في تحسين التئام الجروح، فضلا عن تحسين نظام المناعة، بطريقة لا تختلف كثيرا عن التمارين الرياضية، حيث يعمل الأمر بالطريقة ذاتها في الحالتين، عن طريق تقليل المواد الكيميائية التي يطلقها التوتر في الجسم. تحسين الذكاء العاطفي عبر فهم ومعالجة المشاعر، ففي دراسة صادرة عن جامعة ساوث داكوتا عام 2013 خلص باحثون إلىى أن الكتابة عن المشاعر والذات تسهل إدارتها والتحكم فيها، وتساعد على التعاطف مع الآخرين، ومن ثم يصبح من الأسهل اتخاذ القرارات بشكل أكثر إيجابية، وأقل توترا وعصبية. الحصول على نوم أفضل، ومواجهة الأرق، حيث تعد كتابة اليوميات، أحد إستراتيجيات ثلاثٍ مع التأمل والاستحمام قبل النوم، للحصول على نوم جيد ليلا، وذلك بحسب دراسة نشرت في مجلة التعليم والممارسة المهنية عام 2023، حيث تشير الدراسة إلى أن الإجراءات الثلاثة من شأنها المساعدة على الاسترخاء واستعادة الطاقة من جديد، عبر العناية بالجوانب الثلاثة، البدنية والروحية والعقلية. التوقف عن المماطلة والبدء في اتخاذ القرارات بفاعلية، ففي مقال بحثي لكارلتون جيه مون ولورين سي هينسلي، خلص الباحثان إلى أن تدوين اليوميات وممارسة المراقبة الذاتية، والكتابة التأملية يزيد الوعي بالسلوكيات، ومنها المماطلة، فضلا عن تحفيز 4 عمليات محورية هي فهم المماطلة، وإجراء تغييرات في الوقت الحالي وتحفيز العمل، وإيجاد دافع للتغيير ومن ثم الحد من المماطلة. كتابة اليوميات تحسن الذكاء العاطفي عبر فهم ومعالجة المشاعر (بيكسلز) نصائح لكتابة اليوميات

تكتب أميرة طلعت، ربة منزل، وأم لـ3 أطفال، يومياتها منذ المرحلة الإعدادية، "فأخطط على الورق، وأضع الأهداف، والمخاوف، والاحتمالات، والخطوط العريضة لكل ما أنوي عمله، ربما هذا ما يمنحني الدافع للإنجاز والاستمرارية في تحقيق أهداف، على كل المستويات، كان هدفي الأكبر، التخلص من بعض العلاقات السامة وفعلت، والآن أسعى لتحسين تقنيات كتابة اليوميات".

أما رئيس الرابطة الدولية لكتابة اليوميات ليندا مونك، فتقدم مجموعة من النصائح بشأن قواعد كتابة اليوميات، أهمها:

الحرص على التدوين بانتظام، كأي فعل روتيني آخر، حيث يعد التدوين عادة صحية رائعة. محاولة تثبيت وقت معين للتدوين كل يوم في حالة ضيق الوقت يمكن ضبط مؤقت لـ5 أو 10 دقائق، حيث يمكن كتابة الكثير في ذلك الوقت. اللجوء إلى كتابة اليوميات في الأوقات العصيبة للتأقلم والتعامل مع اللحظات المضطربة. محاولة جعل الكتابة أكثر تفاؤلا مع الوقت وتذكير النفس بالأشياء الجيدة رغم المصاعب، حاول وصف اليوم بكلمة واحدة واضحة تجسد أحداثه وإن لم تُكتب غيرها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

محامٍ: هذه أبرز أسباب انتشار الجرائم الإلكترونية وكيف تثبت أنك ضحية .. فيديو

الرياض

أكد المحامي عبدالله الرشيد أن الجرائم الإلكترونية باتت واحدة من أخطر التحديات القانونية والاجتماعية في العصر الحديث، مشيرًا إلى أن تطورها يعود إلى عدة عوامل متداخلة، تتراوح ما بين التطور التكنولوجي السريع، والظروف الاقتصادية، وضعف الردع القانوني، وصولًا إلى الاستخدام السلبي للذكاء الاصطناعي.

وأوضح الرشيد أن التحول الرقمي واعتماد الأفراد والمؤسسات على الإنترنت في معظم أنشطتهم اليومية فتح الباب أمام المجرمين الإلكترونيين لاستغلال هذه المساحة بطرق خفية.

وأضاف أن الثغرات في أنظمة التشغيل والبرمجيات القديمة تمنح هؤلاء المجرمين فرصًا متكررة للاختراق، في ظل توفر أدوات الاختراق بأسعار زهيدة على الإنترنت المظلم.

وعلى المستوى الاجتماعي، لفت إلى أن البطالة والضغوط الاقتصادية قد تدفع بعض الأفراد لارتكاب جرائم إلكترونية طمعًا في مكاسب سريعة. كما تلعب الأزمات الأخلاقية لدى البعض دورًا في الانزلاق لهذا النوع من الجرائم، خاصة في غياب الوعي القانوني.

وأشار إلى أن أحد أبرز أسباب تفشي هذه الجرائم هو بطء التشريعات أو ضعف تطبيقها في بعض الدول، بالإضافة إلى صعوبة تتبّع الجناة بسبب استخدامهم لهويات وهمية وأدوات تشفير معقدة، مما يمنحهم شعورًا بالإفلات من العقاب. كما أن العولمة الرقمية زادت من تعقيد الملاحقات، إذ باتت هذه الجرائم تتجاوز الحدود الجغرافية.

ولم يغفل الرشيد الحديث عن الأثر الجديد الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي، حيث بات يُستخدم في تزييف الصور والفيديوهات، وارتكاب جرائم تشويه السمعة والاحتيال بطرق يصعب تمييزها في بعض الأحيان.

وفيما يتعلق بكيفية إثبات الضحية تعرضه لجريمة إلكترونية، شدد الرشيد على أهمية توثيق الأدلة الرقمية، مثل لقطات الشاشة للمحادثات أو الرسائل المرسلة من الجاني، وحفظ الروابط ذات الصلة، بالإضافة إلى تتبع أثر الاتصال مثل عنوان IP أو سجلّات الاستخدام.

كما دعا إلى تحريك شكوى رسمية لدى الجهات المختصة، مثل مباحث الإنترنت، والتي تتيح استقبال البلاغات بسرية تامة. وفي مصر، أشار إلى إمكانية التواصل مباشرة عبر الخط الساخن 108 دون الحاجة للكشف عن بيانات شخصية علنية.

ونبّه إلى أن الاستعانة بـمحامٍ متخصص في قضايا التقنية يُعد أمرًا جوهريًا لتحويل الأدلة إلى إثباتات قانونية مقبولة أمام القضاء، خصوصًا في حالات الابتزاز أو انتحال الهوية. ويمكن أيضًا اللجوء إلى خبراء تقنيين للمساعدة في تحليل الأجهزة واستخراج الأدلة الرقمية اللازمة من الهواتف أو الحواسيب المخترقة.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/07/7mWqZwW-AEcwLmVY.mp4

مقالات مشابهة

  • عادات صباحية مهمة تساعدك على ضبط سكر الدم
  • إكس تختبر كتابة “ملاحظات المجتمع” بالذكاء الاصطناعي
  • ابدأ يومك صح.. 7 عادات صباحية تساعدك على ضبط سكر الدم
  • محامٍ: هذه أبرز أسباب انتشار الجرائم الإلكترونية وكيف تثبت أنك ضحية .. فيديو
  • برنامج تدريبي بجامعة دمشق لدعم الناجين من الاعتقال وأسرهم نفسياً
  • اكتشف سحر إسطنبول في 6 أيام: برنامج سياحي متكامل يشمل أجمل الرحلات اليومية
  • أعراض نوبات الهلع..لماذا تُصيب الأشخاص من دون سابق إنذار؟
  • ظروف العمالة اليومية في المنطقة.. شريف عامر يرصد شهادات أهالى وضحايا حادث الطريق الإقليمي
  • التحريات في جريمة جامعة عين شمس: طالبة ماجستير مهتزة نفسيا
  • الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة