شكل جيولوجي جديد قد يطرأ على القمر..بفضلنا!
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
يرجح الباحثون أن هناك تأثيرا بشريا كبيرا على سطح القمر، وهذا التأثير يصل إلى وجوب تحديد حقبة جديدة جيولوجية، هو تماما كما فعلنا نحن البشر في الأرض عندما صنعنا ما يُعرف بـ «الأنثروبوسين».
و«الأنثروبوسين» هو مفهوم يُطلق على الزمن الذي بدأ فيه البشر بالتأثير بشكل كبير جدا على جيولوجيا الأرض والنظام البيئي في الكرة الأرضية، ويؤكد أغلب الباحثين أن التأثير البشري بدأ على الأرض في عام 1950 ميلاديا، من أبرز أسبابه وجود نظائر «البلوتونيوم» المستخدمة في تجارب الأسلحة النووية، وخاصة في رواسب بحرية لم يلمسها أحد بشكل مؤكد موجودة في كندا.
والآن، يقول الباحث «جوستين ألين هولكومب» وزملاؤه من جامعة كانساس الأمريكية: القمر قد دخل فعلا في عصر «الأنثروبوسين» الخاص به، حيث ساهمت المركبات الفضائية، والمركبات القمرية، وغيرها من الأنشطة البشرية فيه إلى إزاحة الكتل القمرية السطحية، كما يحدث بالعمليات الطبيعية مثل تأثير النيازك.
وقد بدأ البشر فعلا بالتأثير على سطح القمر منذ عام 1959، عندما هبط بنجاح مسبار «لونا 2» التابع للاتحاد السوفييتي على سطح القمر، مُحدثا حفرة واضحة، وفي العام الماضي 2023 كانت الهند رابع دولة تهبط بنجاح وسلاسة على سطح القمر، كما أنه من المخطط القيام بعدد من المهام للوصول إلى سطح القمر من عدة جهات حكومية وخاصة في المستقبل القريب.
وحتى هذه اللحظة تسببنا نحن البشر في حدوث اضطرابات في 59 مكانا على سطح القمر، وهذا على أقل تقدير، كما تخلصنا من بعض الأشياء مثل أجزاء المركبات الفضائية، والأعلام التي كانت تنصب هناك، بل وكرات الجولف وأكياس فضلاتنا!
- بداية التأثير -
عام 1959 هو العام الذي بدأنا فيه نحن البشر في التأثير على سطح القمر، يقول «هولكومب»: « وزن الأشياء التي خلفها البشر على سطح القمر، وكمية ما أزاحه البشر من آثار قمرية يزيد بشكل كبير، وخاصة في المستقبل القريب مع بدء استعمار القمر وعمليات التعدين».
ويتابع قائلا: «نحن حقا في حاجة ماسة لتباطؤ هذه العمليات والتحدث عن عواقبها».
ومن جهة أخرى يقول «إنجو والدمان» من جامعة «كوليدج» في لندن: القمر قد دخل بالفعل فيما يعرف بزمن «الأنثروبوسين»، وهذا واضح لأن جيولوجيا القمر ليست معقدة، فلا تحدث الزلازل فيها إلا متقطعة وبشكل ضعيف، ولا يحدث فيها تسرب للمياه إلا في القشرة الخارجية وعلى مدى أزمان طويلة بفعل الرياح الشمسية.
كما يقول «والدمان»: الاصطدامات التي تتسبب بها الكويكبات لا تحدث إلا مرة واحدة كل بضعة ملايين عام، أو قرابة ذلك، وهذا يعني أنه لم يحدث الكثير للقمر بفعل العوامل الطبيعية.
ويرجع تاريخ التقسيم الجيولوجي للقمر بشكله الحالي، ما يعرف بعصر «الكوبرنيقي»، يرجع إلى أكثر من مليار سنة، وبالمقارنة بالكرة الأرضية وبشكل مناقض تماما مرت الأرض بحوالي 15 فترة جيولوجية خلال الفترة نفسها.
يشعر الباحث «والدمان» بالقلق من بعض المهمات التي ترسل إلى القمر، مثل المهمة «أرتميس 3» التي قامت بها وكالة الفضاء ناسا، والتي تهدف إلى إرسال البشر إلى القمر لأول مرة منذ مهمة «أبولو 17» التي تمت عام 1972، ويكمن قلقه في أن تلك المهمات سوف تتسبب في تلويث سطح القمر، ويقول: يجب أن يكون هناك اتفاق دولي لإنشاء ما يشبه بحديقة وطنية على سطح القمر.
ويضيف: «تعتبر بيئة سطح القمر من البيئات الأكثر نقاوة يمكن للبشر الوصول إليها؛ لأن المتلوثات تتراكم فيها ببطء، ويكون التآكل كذلك بطيئًا بشدة، وتعد الأنظمة الشمسية الكاملة فيها بمثابة سجلات لتاريخها الجيولوجي، وهو ما لا يحدث على سطح الأرض».
ويتفق مع هذا الاقتراح الباحث «مارك سيفتون» من كلية لندن الإمبراطورية، إلا أنه يقول إن هناك حاجة مهمة للتوازن، موضحا: «إننا نريد على أقل تقدير الحصول على ما يساوي المتنزهات الوطنية التي يمكن توظيفها لدراسة تاريخ القمر، وفي الوقت نفسه يحتاج البشر إلى اكتشاف النظام الشمسي».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على سطح القمر
إقرأ أيضاً:
تغير المناخ وزيادة الاحترار ينشران طفيليات قاتلة
حذرت دراسة جديدة من أن تغير المناخ وزيادة الحرارة يؤديان إلى توسع انتشار كائنات دقيقة مُسببة للأمراض خاصة فطريات "‘أسبرغيلوس" إلى مناطق جديدة، مما يزيد من تهديداتها الصحية وسط ضعف الاستعداد ونقص الأدوية الفعالة.
وأشارت الدراسة التي أجراها فريق من العلماء في جامعة مانشستر إلى أن الفطريات المُسببة للعدوى، "‘أسبرغيلوس" (Aspergillus) التي تؤدي إلى وفاة ملايين الأشخاص سنويا، ستنتشر بشكل كبير إلى مناطق جديدة مع زيادة حرارة الكوكب، والعالم غير مستعد لمواجهة ذلك.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حرارة قياسية في أبريل والخبراء يحذرون من الأسوأlist 2 of 2الحرارة تتجاوز 51 درجة بالإمارات وتلامس مستويات تاريخيةend of listوالفطريات موجودة في كل مكان بشكل طبيعي، وتراوح من العفن إلى الفطر، وتنمو في بيئات كالتربة والسماد والمياه، وتلعب دورا مهما في النظم البيئية، لكنها قد تكون أيضا مدمرة لصحة الإنسان.
وتنمو فطريات "‘أسبرغيلوس" مثل خيوط صغيرة في التربة في كل أنحاء العالم، وكمعظم الفطريات، تُطلق كميات هائلة من الأبواغ الصغيرة التي تنتقل عبر الهواء.
يستنشق البشر هذه الأبواغ يوميا من دون أن يعانوا من أعراض في الغالب، لأن الجهاز المناعي يطردها.
وتُسبب العدوى الفطرية وفاة نحو 2.5 مليون شخص سنويا، وقد يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير بسبب نقص البيانات، إذ لا يزال العلماء يدرسون كيفية تكيفها المذهل مع المناخ المتغير.
إعلانوفي الدراسة، استخدمت نماذج حاسوبية وتوقعات مناخية لرسم خريطة الانتشار المستقبلي المحتمل لفطر "‘أسبرغيلوس"، وهو نوع شائع من الفطريات موجود في أنحاء العالم ويمكن أن يُسبب داء الرشاشيات (تكاثر الفطريات على شكل ورم أو كرة تنتشر في بقية الجسم)، وهو مرض خطير يُصيب الرئتين بشكل أساسي.
وخلص الباحثون إلى أن بعض الأنواع منها ستوسع نطاق انتشارها مع تفاقم أزمة المناخ، لتصل إلى أجزاء جديدة من أميركا الشمالية وأوروبا والصين وروسيا ومناطق أخرى.
وقال نورمان فان راين أحد مؤلفي الدراسة والباحث في التغير المناخي والأمراض المعدية بجامعة مانشستر إن "الفطريات لا تزال غير مدروسة بما يكفي مقارنة بالفيروسات والطفيليات، لكن هذه الخرائط تُظهر أن العوامل الفطرية المسببة للأمراض ستؤثر على معظم مناطق العالم في المستقبل".
وتشكل هذه الفطريات خطرا أكبر على من يعانون من أمراض الرئة مثل الربو والتليف الكيسي ومرض الانسداد الرئوي المزمن، وأيضا لدى من لديهم ضعف في المناعة كمرضى السرطان وزارعي الأعضاء، ومن تعرضوا لإنفلونزا حادة أو فيروس كوفيد-19.
ويقول فان راين إن الجهاز المناعي "إذا فشل في التخلص من الأبواغ (خلال الانتقال من حالة السبات أو الركود إلى حالة النشاط)، يبدأ الفطر بالنمو حرفيا داخل الجسم ويأكلك من الداخل".
وتبلغ معدلات الوفاة بداء الرشاشيات حوالي 20% إلى 40%، وهو مرض يصعب تشخيصه، إذ لا يكون في حسبان الأطباء، وتظهر أعراضه على شكل حمى وسعال، وهي أعراض شائعة في العديد من الأمراض.
وأشار فان راين إلى أن مقاومة الفطريات للعلاج تتزايد كذلك، إذ لا يوجد سوى 4 فئات من الأدوية المضادة للفطريات، وكل هذه العوامل تُنذر بالخطر في ظل توفر مناطق جديدة مناسبة لاستيطان "أسبرغيلوس" بسبب التغير المناخي.
ووجدت الدراسة أن "أسبرغيلوس فلافوس" (Aspergillus flavus)، وهو نوع يُفضل المناخات الاستوائية الحارة، قد تزيد مساحة انتشاره بنسبة 16% إذا استمر البشر في حرق كميات كبيرة من الوقود الأحفوري. ومن المتوقع أن ينتشر إلى أجزاء من شمال أميركا وشمال الصين وروسيا.
ويسبب هذا النوع التهابات شديدة لدى البشر، ويُظهر مقاومة للعديد من مضادات الفطريات، كما يُصيب العديد من المحاصيل الزراعية، فيشكل تهديدا محتملا للأمن الغذائي. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أدرجته في مجموعتها الحرجة من الفطريات المُمرِضة في عام 2022، بسبب تأثيره على الصحة العامة وخطر مقاومته للعلاج.
إعلانأما فطريات "أسبرغيلوس فلافوس" (Aspergillus fumigatus) الذي يُفضل المناخات المعتدلة، فمن المتوقع أن ينتشر شمالا نحو القطب الشمالي مع ارتفاع درجات الحرارة عالميا. وقد تزيد مساحة انتشاره بنسبة 77.5% بحلول عام 2100، وذلك قد يعرض 9 ملايين شخص في أوروبا للخطر.
في المقابل، قد تصبح درجات الحرارة في بعض المناطق، مثل أفريقيا جنوب الصحراء، شديدة الارتفاع إلى درجة تمنع نمو فطر "أسبرغيلوس"، وهو ما قد يسبب مشاكل أخرى، إذ تلعب الفطريات دورا مهما في صحة التربة والنظم البيئية.
وإلى جانب توسع نطاق انتشارها، قد يؤدي ارتفاع الحرارة إلى زيادة قدرة الفطريات على تحمل درجات الحرارة، مما يسمح لها بالبقاء داخل أجسام البشر مدة أطول.
كذلك فإن الظواهر المناخية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات وموجات الحر تؤثر على الفطريات أيضا، وقد تُساعد على نشر الأبواغ لمسافات طويلة. وقد لوحظت زيادة في أمراض الفطريات بعد كوارث طبيعية، مثل التفشي الذي حدث بعد إعصار جوبلين في ميزوري الأميركية عام 2011.
وقال جاستن ريمايس أستاذ علوم الصحة البيئية في جامعة كاليفورنيا-بيركلي إن "العوامل الفطرية المُسببة للأمراض باتت أكثر شيوعا وأكثر مقاومة للعلاج، ولا نزال في بداية فهم تأثير التغير المناخي في ذلك".