أربعة عقود داخل طب المنصورة
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
ذكريات طب المنصورة لا تنتهي، فمنذ التحاقي بطب المنصورة في أكتوبر سنة ١٩٨٢، لم يمر يوم واحد، وعلى مدار أكثر من ٤١ سنة، إلا وكان لطب المنصورة ذكرى أو موقف أو تجربة. مرت السنوات بسرعه، وها أنا أصل إلى سن التقاعد بعد أسابيع قليلة. بصوت اعرفه، تلقيت إتصالًا من موظفة قسم المعاشات والتأمينات بطب المنصورة، تطلب التوجه للقسم لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويل الصفة من أستاذ عامل إلى أستاذ فوق السن (المعاش).
أول يوم دراسة، ذهبت إلى الكلية، وسألت عن مدرج سنة أولى، قالوا لقاء عميد الكلية د. محمد الشبراوي علي (رحمه الله) الساعه ١٠ في مدرج حندوسة. جاء العميد ومعه إدارة الكلية للترحيب بالطلاب الجدد، وكنا أقل من ٣٠٠ طالب وطالبة. كانت كلمات العميد تهز اعماقي وتلهب أفكاري. قال "أهلًا بكم في طب المنصورة، كليتنا اليوم عمرها ٢٠ عامًا، حيث بدأت الدراسة بالكلية سنة ١٩٩٦، ترتيبنا الخامس في مصر، وسبقتنا كليات طب القاهرة والإسكندرية وعين شمس وأسيوط، وبدأنا مع طب طنطا في نفس القرار سنة ١٩٦٢. نعتز بكم ونتمني لكم كل التوفيق، وكما استلمنا الكلية من الأستاذة المؤسسين لطب المنصورة، فسوف نسلمها لكم لكي تسلموها الى الأجيال القادمة."
هذه الكلمات الرصينة، ما زلت أتذكرها كأنها قيلت بالأمس. وسنة بعد سنة كنت أعيش داخل جدران كلية الطب ومستشفيات جامعة المنصورة، بشغف وحب واستمتاع، ولم أتغيب يومًا واحدًا عن الذهاب للكلية. كل ثقافتي وانتمائي الوطني تعلمته من أساتذة طب المنصورة، ومن الندوات الثقافية التي كانت تنظمها طب المنصورة كل يوم اثنين الساعة الثامنة مساءً. كانت حوارات ومناقشات وزيارات نجوم الأدب والفكر والثقافة والأحزاب والفن تشبع رغباتنا وتُوسع مداركنا وكنا في بداية حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وكان هناك انفتاح على كل التيارات داخل المجتمع المصري.
تعرفت علي شخصيات عامة كثيرة من مدرجات طب المنصورة، وكان إعجابي الشخصي بالدكتور محمد غنيم، وبمركز أمراض الكلى والمسالك البولية لا يُوصف، ولم أترك ندوة مسائية واحدة إلا وشاركت فيها. كنت طالبًا مجتهدًا، أعشق الكلية، لا يمر يوم واحد دون حضور ساعات الكلية، ثم العودة إلى المدينة الجامعية الملاصقة للكلية، ومذاكرة الدروس وتدوينها ليلًا، ولساعات طويلة قد تزيد على ٨ ساعات يوميًا.
حصلت علي تقدير عام ممتاز طوال سنوات الدراسة الست، وكنت من أوائل دفعتي. ثم قضيت سنة الامتياز في مستشفيات جامعة المنصورة، وبعد الخدمة العسكرية، بدأت التدريب كطبيب مقيم في قسم النساء والتوليد لمدة ٣ سنوات، حصلت خلالها على الماجستير بتقدير عام ممتاز. ثم استلمت عملي كمعيد في نفس القسم الى ان تم ترشيحي إلى بعثة خارجية للحصول علي الدكتوراه من المملكة المتحدة سنة ١٩٩٧. طوال الأعوام من ١٩٨٢ وحتي ١٩٩٧، لم أتغيب عن طب المنصوره، وحتى عندما بدأت رحلة الدراسات العليا في إنجلترا، فقد حملت طب المنصورة معي إلى هناك. قضيت سنوات البعثة وحصلت على الدكتوراه من جامعة مانشستر في ٤ سنوات، وزمالة الكلية الملكية للنساء والتوليد في لندن في سنتين. ثم عُدت إلى طب المنصورة مرة أخرى سنة ٢٠٠٣. عملت مدرسًا ٥ سنوات، ثم أستاذًا مساعدًا ٥ سنوات، ثم أستاذًا منذ العام ٢٠١٣. عملت مديرا لبرنامج المنصورة مانشستر للتعليم الطبي بين أعوام ٢٠٠٦، ٢٠١٥. وعينت عميدا لطب المنصورة بين أعوام ٢٠١٥، ٢٠١٩. عشت مع أساتذتي وزملائي وطلابي ومرضي المستشفيات الجامعية في طب المنصورة وتعلمت منهم كل خبراتي. تذكرت كل هذه الرحلة في لحظات، وتمنيت لو أطال الله في عمري، أن أقضي كل ما تبقى داخل جدران طب المنصورة ومستشفياتها الجامعية، والتي أكن لها كل الحب والتقدير وأفتخر دائما أني خريج طب المنصورة.
*رئيس جامعة حورس
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بطب المنصورة طب المنصورة
إقرأ أيضاً:
جامعة المنصورة تتصدر رالي مصر لريادة الأعمال وتحصد أكبر عدد من المشروعات الفائزة على مستوى الجمهورية
واصلت جامعة المنصورة ترسيخ ريادتها الوطنية في مجالي الابتكار وريادة الأعمال، بعدما حققت فوزًا متميزًا في مسابقة «رالي مصر لريادة الأعمال» التي ينظمها مركز ريادة الأعمال بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
تحت رعاية الدكتور شريف خاطر، رئيس الجامعة، وبريادة الدكتور طارق مصطفى غلوش، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث،
أسفرت نتائج المسابقة عن تصدُّر جامعة المنصورة المشهد على مستوى الجامعات المصرية، بحصول طلابها على أكبر عدد من الجوائز والمشروعات الفائزة، في دلالة واضحة على جودة المخرجات التعليمية والتطبيقية، وكفاءة منظومة دعم الابتكار وريادة الأعمال داخل الجامعة.
وحصدت فرق جامعة المنصورة جوائز مالية بقيم: 50 ألف جنيه، و75 ألف جنيه، و125 ألف جنيه، و150 ألف جنيه، بعد منافسة قوية بين عدد كبير من المشروعات الريادية من مختلف الجامعات المصرية.
وفي هذا السياق، صرّح الدكتور شريف خاطر، بأن هذا الإنجاز يعكس الرؤية الاستراتيجية للجامعة في دعم الابتكار وربط التعليم الجامعي باحتياجات المجتمع وسوق العمل، مؤكدًا أن الجامعة تولي اهتمامًا بالغًا ببناء قدرات طلابها الريادية، وتحفيزهم على تحويل أفكارهم المبتكرة إلى مشروعات اقتصادية قابلة للتنفيذ تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وقدّم رئيس الجامعة التهنئة لطلاب الجامعة الفائزين، مشيدًا بما حققوه من تميز يعكس وعيهم وريادتهم وقدرتهم على تمثيل الجامعة بصورة مشرفة في المحافل الوطنية، مؤكدًا أن الجامعة ستواصل دعمها الكامل لأفكارهم ومشروعاتهم الريادية حتى تتحول إلى نماذج ناجحة على أرض الواقع.
وأضاف أن تصدُّر جامعة المنصورة لرالي ريادة الأعمال على مستوى الجمهورية يُعد ثمرة مباشرة لتكامل الأدوار بين القيادة الجامعية، وأعضاء هيئة التدريس، والوحدات والمراكز الداعمة للابتكار، مشيدًا بالمستوى المتميز الذي ظهر به طلاب الجامعة وقدرتهم على المنافسة الوطنية بجدارة واقتدار.
من جانبه، أكد الدكتور طارق مصطفى غلوش، أن الجامعة تعمل وفق منهجية علمية متكاملة لدعم منظومة ريادة الأعمال، تبدأ من اكتشاف الأفكار الواعدة، مرورًا بالتدريب والتأهيل، وصولًا إلى الاحتضان والمشاركة في المنافسات الوطنية، موضحًا أن ما حققه طلاب جامعة المنصورة في هذا الرالي يعكس نجاح البرامج التدريبية والتطبيقية التي تتبناها الجامعة بالشراكة مع المؤسسات الأكاديمية المتخصصة.
وأشار نائب رئيس الجامعة إلى أن تأهل أكثر من 90 مشروعًا رياديًا من جامعة المنصورة للمشاركة في البرنامج التدريبي المكثف (Bootcamp) داخل الجامعة، والذي نُفّذ بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، يمثل نقلة نوعية في تأهيل الطلاب، حيث تناول البرنامج محاور تطبيقية شملت توليد الأفكار الريادية، وبناء نماذج الأعمال، ودراسة السوق، وتحليل العملاء، وإعداد نماذج الإيرادات والتكلفة، إلى جانب تنمية مهارات العرض والتقديم والاستعداد لعمليات التحكيم.
وجرى تنفيذ البرنامج التدريبي تحت الإشراف الأكاديمي للدكتور محمد عبد الخالق، المشرف الأكاديمي لمسابقة رالي ريادة الأعمال بجامعة المنصورة.
وأظهرت المشروعات الفائزة تنوعًا لافتًا في الأفكار الريادية لطلاب جامعة المنصورة، بما يعكس قدرتهم على تقديم حلول مبتكرة لقضايا تنموية وبيئية وصحية تمثل أولوية على المستوى الوطني، من خلال مشروعات تجمع بين الابتكار العلمي والتطبيق العملي، وتسهم في تحقيق أثر اقتصادي ومجتمعي مستدام.
حصد مشروع ReVolvix جائزة مالية قدرها 125 ألف جنيه، وهو مشروع ريادي في مجال التكنولوجيا الخضراء، شارك به طلاب كليتي الهندسة والتجارة: حازم مصطفى عطية، وإبراهيم خضر إبراهيم، وشروق جلال علي، وبسمة أحمد أبو بكر الصديق، ومنة محمد مأمون (كلية الهندسة)، وسلمى تامر محمد (كلية التجارة)، تحت إشراف الدكتورة أسماء العوضي، ويستهدف المشروع إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية وتحويلها إلى مكونات تعليمية هندسية منخفضة التكلفة، إلى جانب منتجات استهلاكية صديقة للبيئة بتصميمات مستدامة، بما يدعم توطين صناعة الهاردوير، ويقلل الفجوة الاستيرادية، ويسهم في حماية البيئة.
كما فاز مشروع NeuroVive بجائزة قدرها 75 ألف جنيه، وهو مشروع تقني مبتكر من كلية الهندسة، شارك به الطلاب: عبدالله محمود غزال، وأحمد نبيل عبد الفتاح، وأحمد علي عيد، تحت إشراف الدكتورة عبير توكل، والمهندس أحمد صميدة، ويعتمد المشروع على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن مرض باركنسون، من خلال تحليل العلامات الحيوية للصوت، واختبارات الكتابة والرسم باستخدام قلم ذكي، بما يتيح تقديم تقييم دقيق قابل للاستخدام في المنازل والعيادات، ويدعم فرص التدخل المبكر وتحسين جودة حياة المرضى.
وفي السياق ذاته، حصل مشروع HyaTurn على جائزة مالية قدرها 50 ألف جنيه، وهو ابتكار بيئي شارك به طلاب كليتي الهندسة والزراعة: محمد إسماعيل إسماعيل عبده، وحنين محمد البسيوني السيد، ويوسف أحمد عبد العاطي علي (كلية الهندسة)، وسبرينا أمجد متولي حسن (كلية الزراعة)، تحت إشراف الدكتورة أسماء العوضي، ويعالج المشروع تحديين من أخطر التحديات البيئية في مصر، هما التلوث الناتج عن الأطباق البلاستيكية والانتشار الواسع لورد النيل، من خلال تصنيع أطباق قابلة للتحلل الحيوي باستخدام ورد النيل بعد معالجته، بما يسهم في دعم الاقتصاد الدائري، والحفاظ على الموارد المائية، وتحويل مشكلة بيئية إلى مورد اقتصادي مستدام.
ويؤكد هذا التميز في نوعية المشروعات الفائزة قوة واستدامة منظومة الابتكار وريادة الأعمال بجامعة المنصورة، وقدرتها على إعداد جيل من رواد الأعمال القادرين على تقديم حلول مبتكرة ذات مردود اقتصادي ومجتمعي ملموس، في إطار رؤية الجامعة الداعمة للتنمية الوطنية وبناء اقتصاد قائم على المعرفة.