قال مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة "ACLED " إن هجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر والاستجابات اللاحقة تلقي بظلالها على التقدم المحرز في عام 2023 لتحقيق السلام في اليمن.

 

وأضاف المشروع الذي يسلط الضوء على النزاعات حول العالم ويقدم التحليلات حولها في تقرير له ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه بعد أشهر من المحادثات الثنائية بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية لإنهاء الصراع الذي بدأ قبل ثماني سنوات، بدا أن اتفاق السلام أصبح في متناول اليد.

 

وتابع "في 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانز جروندبرج، أن ممثلي جماعة الحوثي والحكومة المعترف بها دولياً ملتزمون بـ "مجموعة من الإجراءات لتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد". ومن بين البنود الأخرى، خارطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة. وتضمنت دفع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى، ووضع حد للقيود المفروضة على الموانئ الجوية والبحرية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون".

 

وأردف "دخلت هدنة على مستوى البلاد بوساطة الأمم المتحدة حيز التنفيذ في أبريل/نيسان 2022 نتيجة لعدة عوامل مركبة: توازن عسكري غير مسبوق وسط الأطراف المتحاربة، والانفراج الإقليمي بين المملكة العربية السعودية وإيران، ورغبة الرياض في الخروج من الحرب. بدأ الممثلون السعوديون في الانخراط في محادثات مباشرة لبناء الثقة المتبادلة، وتهميش المعسكر المجزأ المناهض للحوثيين والذي أعيد تنظيمه في ظل مجلس القيادة الرئاسي".

 

وذكر المشروع أنه إلى جانب هذه التطورات المحلية، حول الحوثيون تركيزهم الاستراتيجي بشكل متزايد نحو البحر الأحمر. منذ سبتمبر/أيلول 2022 على الأقل، وجه قادة الحوثيين تهديدات صريحة للطرق البحرية الدولية، وسط تقارير عن تجدد العسكرة على الساحل الغربي لليمن. ومع ذلك، فإن اندلاع الصراع في غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أتاح للجماعة فرصة إظهار دعمها المعلن لفلسطين، مما أدى إلى سلسلة من الهجمات ضد أهداف إسرائيلية.

 

وقال "منذ 19 أكتوبر 2023، شن الحوثيون 14 هجومًا بطائرات بدون طيار وصواريخ باتجاه ميناء إيلات جنوب إسرائيل، اعترضت إسرائيل والولايات المتحدة معظمها. وفي تصعيد إضافي، أعلنت السفن المرتبطة بإسرائيل4 والسفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية5 أهدافًا عسكرية على "جبهة غزة"، مما أدى إلى عملية اختطاف ناجحة و19 هجومًا بطائرات بدون طيار وصواريخ على سفن تجارية في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2023".

 

يضيف "تاريخياً، اتسم المحور البحري للبحر الأحمر - الممتد من مضيق باب المندب إلى قناة السويس، وهما نقطتان استراتيجيتان للتجارة العالمية - بالسلامة البحرية، على الرغم من حوادث القرصنة العرضية التي تنشأ من القرن الأفريقي. في اليمن حولت هذه المنطقة إلى منطقة صراع نشطة. يسجل ACLED أكثر من 250 حدث عنف واعتراض سياسي أثر على البحر الأحمر وموانئه منذ عام 2015. ومع ذلك، حدثت اضطرابات كبيرة في ممرات الشحن فقط نتيجة للتصعيد الحوثي الأخير".

 

ما الذي يجب مراقبته في عام 2024؟

 

وأكد المشروع أن الوضع الداخلي في اليمن لا يزال متوتراً على الرغم من الإعلان الأخير عن خارطة طريق وشيكة تحت رعاية الأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن التصعيد الإقليمي في البحر الأحمر يمكن أن يعرقل جهود السلام الجارية ويؤدي إلى تجدد الصراع. وينتج عن هذا الوضع المعقد أن الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية تجد نفسها في مآزق متنوعة.

 

ورجح التقرير أن يستفيد الحوثيون من الهجمات في البحر الأحمر. وحتى سبتمبر/أيلول 2023، واجهوا اضطرابات واحتجاجات من قبل موظفي القطاع العام للمطالبة بصرف الرواتب. لقد أدى الصراع بين إسرائيل وغزة إلى إعادة توجيه المشاعر الشعبية، الأمر الذي عزز مكانة الحركة الإقليمية والمحلية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد وفرت نفوذاً ضد الرياض.

 

وقال "يمكن القول إن الحوثيين قد يستمرون في هجماتهم في البحر الأحمر حتى يسمح وقف إطلاق النار بتقديم المساعدات الإنسانية إلى فلسطين، بينما يسعون طوال الوقت إلى تأمين اتفاق سلام مع المملكة العربية السعودية.

 

واستدرك "بشكل عام، قد يحاولون إنشاء توازن بين "الردع الخاضع للرقابة" لتجنب المزيد من الانتقام الدولي، مع الرد على الهجمات الأمريكية المباشرة بعمليات مستهدفة".

 

واستطرد "علاوة على ذلك، يمكن للحوثيين الاستفادة من موقعهم المهيمن في الشؤون العسكرية الداخلية كورقة إضافية على طاولة المفاوضات. وقال من غير المرجح أن يتصاعد الصراع في اليمن وسط المفاوضات الجارية، لكن نشاط الخطوط الأمامية قد يستأنف بسرعة إذا انهارت المحادثات. وفي مثل هذا السيناريو، يمكن للحوثيين أن تكون لهم اليد العليا في محافظة مأرب الغنية بالنفط أو في شبوة.

 

وأشار إلى أن التوترات في المجلس الرئاسي بين الموالين للحكومة ومؤيدي المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي انقسامًا إقليميًا بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تتنافسان على النفوذ في البحر الأحمر.

 

ولفت إلى أن خارطة طريق رؤية الرياض 2030 تخطط لمشاريع سياحية على ساحل البحر الأحمر وتوسيع الصادرات عبر ميناء جدة، في حين يعتمد الاقتصاد التقليدي القائم على النفط بشكل متزايد على الصادرات من منشأة ينبع الغربية.

 

وأفاد "تتصور أبو ظبي "سلسلة من الموانئ". الاستراتيجية التي تنطوي على السيطرة غير المباشرة على البنية التحتية البحرية في جنوب غرب اليمن من خلال وكلاء محليين، بالإضافة إلى السيطرة العسكرية المباشرة على جزر مختارة ذات أهمية استراتيجية - مثل بريم وسقطرى. وتتولى شركتان مقرهما الإمارات العربية المتحدة، وهما موانئ دبي العالمية وAD Ports، قيادة عملية إنشاء البنية التحتية للموانئ في أفريقيا وعلى طول ساحل البحر الأحمر.

 

وأوضح أن لدى الرياض وأبو ظبي رؤى متباينة بشأن أمن البحر الأحمر. وقال "في الماضي القريب، تبنت المملكة العربية السعودية نهجا متعدد الأطراف من خلال إنشاء تحالف من ثماني دول مطلة على البحر الأحمر. ولتحقيق هذه الغاية، أفادت التقارير أن المسؤولين السعوديين يعارضون الضربات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين، معربين عن مخاوفهم بشأن الانتقام المحتمل على البنية التحتية النفطية السعودية ومنشآت النفط السعودية وإعطاء الأولوية للسعي إلى اتفاق سلام في اليمن".

 

وزاد "على عكس المملكة العربية السعودية، استثمرت أبوظبي في الاتفاقيات الثنائية، وتدعو إلى تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، مع تعزيز التدخل العسكري الأمريكي لحل أزمة البحر الأحمر"، لافتا إلى أن السعودية والإمارات العربية المتحدة تتمسكان استراتيجيات مختلفة في السودان، حيث أدى الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع إلى إخراج محادثات السلام التي تستضيفها السعودية عن مسارها.

 

ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن دول الخليج تشترك مع إسرائيل والولايات المتحدة في هدف مشترك يتمثل في مواجهة النفوذ الإيراني في البحر الأحمر. وقال "حتى الآن، كان تورط طهران في البحر الأحمر في الغالب غير مباشر، حيث قدم الدعم السياسي والمادي للحوثيين. ومع ذلك، ترى إدارة بايدن وتل أبيب أن إيران "متورطة بعمق" في التخطيط وتمكين الهجمات على الشحن التجاري".

 

من جانبها -وفق التقرير- تقدم واشنطن نفسها كضامن لحرية الملاحة في البحر الأحمر. وتواجه إدارة بايدن مأزق احتواء تهديدات الحوثيين مع الحفاظ على اتفاق السلام في اليمن وتجنب التصعيد الإقليمي. وللحفاظ على هذا التوازن غير المستقر، أطلقت عملية "حارس الازدهار"، وهي شراكة بحرية متعددة الجنسيات تتألف من أكثر من 50 سفينة حربية منتشرة في البحر الأحمر وخليج عدن، مع إصدار تصنيفات مستهدفة لمواجهة المساعدة المالية الإيرانية لقوات الحوثيين.

 

وقال "في خطوة تصعيدية أخرى، شنت واشنطن والدول الحليفة ضربات مباشرة على الأصول الاستراتيجية للحوثيين في اليمن في 12 يناير/كانون الثاني 2024، رداً على الهجوم السابق الذي شنته الجماعة على السفن الحربية الأمريكية".

 

وذكر التقرير أنه على المدى القصير، بعد إعادة تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين في 17 يناير/كانون الثاني كمجموعة إرهابية عالمية محددة، اعتبارًا من 16 فبراير/شباط، لا تزال هناك خيارات قليلة مطروحة على الطاولة. قد تشمل الخطوات الإضافية توجيه ضربات مباشرة أو إدراج المجموعة على أنها منظمة إرهابية أجنبية كاملة العضوية. ومع ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أن الدعم الدولي لعملية "حارس الازدهار" لم يكتسب زخمًا بين الحلفاء - مع مخاوف الدول الأوروبية والعربية بشأن دوائرها الانتخابية المحلية والإقليمية المؤيدة لفلسطين – قد تختار الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات غير مباشرة للحد من التصعيد الحوثي المستقبلي.

 

وختم مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحةACLED"  " تقريره بالقول "تمت معايرة العمليات السرية على الأصول الحوثية الاستراتيجية أو الضربات الانتقامية التي تستهدف أعضاء آخرين في "محور المقاومة" خارج اليمن. وإذا كانت الولايات المتحدة تهدف على المدى القصير إلى تجنب التصعيد، فإن أزمة البحر الأحمر تكشف عن قضايا طويلة المدى: تطرف قيادة الحوثيين، وفعالية استراتيجيات الردع التي يتبعونها، وافتقار الولايات المتحدة إلى النفوذ. كل هذه العوامل تلقي بظلالها على جهود السلام المستقبلية".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الحوثي السعودية أمريكا المملکة العربیة السعودیة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر فی الیمن ومع ذلک إلى أن

إقرأ أيضاً:

صدمة جديدة للمصريين بعد قرار للسيسي بشأن رأس شقير في البحر الأحمر

تواصل حكومة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السياسي، سياساتها في تعويض العجز المالي في موازنتها العامة وسداد خدمة دين خارجي يبلغ نحو 155 مليار دولار، بطرح أصولها الحيوية والاستراتيجية وذات القيمة الاقتصادية العالية أمام مستثمرين استراتيجيين، في قرارات صادمة لملايين المصريين.

الثلاثاء الماضي، نشرت "الجريدة الرسمية" القرار الرئاسي (رقم 299 لسنة 2025) الصادر 4 حزيران/ يونيو الجاري، بتخصيص قطعة أرض بمساحة 174 مليون متر (41.515 ألف فدان) من المساحات المملوكة للدولة بمحافظة البحر الأحمر لصالح وزارة المالية، لاستخدامها في خفض الدين العام للدولة وإصدار الصكوك السيادية.

وبحسب وكالة "أنباء الشرق الأوسط"، تحتفظ القوات المسلحة بملكيتها  للأراضي الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية داخل حدود المساحة المبينة في المنطقة التي تضم أجمل مناطق الشعاب المرجانية في العالم وتعد منطقة جذب سياحي، وتتمتع بإمكانات صناعية واستثمارية كبيرة بإنتاج البترول والغاز الهيدروجين الأخضر.


ما علاقة قرار رأس شقير بإصدار الصكوك؟
وبينما ضم الإعلان الحكومي عن تخصيص تلك المساحة من الأراضي الاستراتيجية لحل أزمة الدين العام المتضخم وإصدار الصكوك السيادية، أعلن موقع "الشرق مع بلومبيرغ"، الأربعاء، عن عزم مصر إصدار صكوكا بقيمة مليار دولار في طرح خاص لدولة الكويت عبر "بيت التمويل الكويتي"، لأجل 3 سنوات بعائد نصف سنوي.

صحيفة "البورصة" الاقتصادية المحلية، أكدت أن الحكومة المصرية تدرس استخدام "رأس شقير" كضمانة لإصدار صكوك سيادية محلية بقيمة مليار دولار خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن خطة أوسع تنفذها قبل نهاية العام المالي الجاري.

من جانبها، أكدت نشرة "إنتربرايز" الاقتصادية المحلية، أن هذه الصفقة وغيرها من مشروعات رأس شقير المستقبلية ستستخدم لإصدارات الصكوك السيادية المحلية، مبينة أن وزارة المالية ستدعو صناديق الثروة السيادية الإقليمية للاكتتاب بها.

وأشارت النشرة، إلى احتمالات دخول صندوق الاستثمارات العامة السعودي ضمن مبادلة ودائع بقيمة 10 مليارات دولار في البنك المركزي المصري، ملمحة إلى ترجيح مصادر أخرى دخول قطر، التي أعلنت في نيسان/ أبريل الماضي عن استثمارات بـ7.5 مليار دولار في مصر.

وتتعامل مصر مع صندوق النقد الدولي، وصندوق التنمية الإفريقية، والبنك الدولي، وبنك التنمية الأوروبي، والبنك الإسلامي للتنمية، وهيئة التنمية الدولية، وبنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة التعمير، والصندوق السعودي للتنمية، وصندوق أبوظبي للتنمية، وصندوق خليفة لتطوير المشروعات، والصندوق الكويتي للتنمية.

ويتزامن قرار تخصيص "رأس شقير" لوزارة المالية، مع إعلان البنك المركزي المصري ارتفاع أعباء خدمة الدين الخارجي إلى 21.3 مليار دولار، فيما تصل الفجوة التمويلية بموازنة العام المالي (2025/2026) حوالي 70 مليار دولار.

وقال البرلماني السابق طلعت خليل: "أصبت بالهلع والصدمة والدهشة والحزن من القرار"، مطالبا الحكومة بعدم مبادلة الديون بمئات الكيلومترات من أراضينا، مؤكدا أنها "ملك للأجيال القادمة".


"أهمية رأس شقير"
المنطقة وفقا للخريطة المرفقة بالقرار تقع في "رأس شقير" أو (جبل الزيت) ذو الأهمية الاستراتيجية على الساحل الغربي لخليج السويس، جنوب مدينة السويس بنحو 100 كم، وبمواجهة مدينة الطور عاصمة جنوب سيناء على الجانب الشرقي من خليج السويس.

وهي إحدى أهم مناطق استخراج البترول والغاز في مصر، وتضم منشآت ومرافق بنية تحتية حكومية بينها ميناء ومطار تخدم شركات البترول المصرية والأجنبية.

وبها حقل سقارة البحري إحدى أكبر الاكتشافات بمجال الزيت الخام في العقدين الأخيرين بخليج السويس، فيما طرحت وزارة البترول مزايدة عالمية آذار/ مارس 2023، لتنمية 8 حقول بالمنطقة هي: "رأس بدران"، و"خليج الزيت"، و"شقير البحرية"، و"جازورينا"، و"رأس العش"، و"إيست زيت"، و"أشرفي"، و"وادي السهل".

لميناء رأس شقير، دور كبير في النقل البحري لموقعه على خليج السويس وقرب المدخل الجنوبي لقناة السويس، ما يجعله نقطة استراتيجية هامة لشحن البترول الخام وتصديره، ناهيك عن أن رأس شقير منطقة واعدة لجذب للاستثمارات الأجنبية، خاصة في مجال الطاقة المتجددة.

والعام الجاري، أقرت مصر خطة لإنشاء منطقة صناعية خضراء للبتروكيماويات والهيدروجين الأخضر وأمونيا خضراء في رأس شقير، بجانب مشروع مزرعة رياح بقدرة 550 ميجاوات لصالح شركة الطاقة السعودية "أكوا باور"، أُعلن عنه كانون الثاني/ يناير الماضي.

وفي نيسان/ أبريل الماضي وقعت مصر وفرنسا اتفاقية لتطوير وتمويل وبناء وتشغيل محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، في رأس شقير بتكلفة استثمارية 7 مليارات يورو لإنتاج مليون طن سنويا.

وللإمارات حضور قوي في رأس شقير، حيث اشترت شركة "دراجون أويل" الإماراتية التابعة لـ"إينوك" الإماراتية في أيار/ مايو 2019 حصة "بي بي" البريطانية، بشركة "جابكو" التابعة للهيئة العامة للبترول التي تعمل في رأس شقير منذ عام 1965، بشراكة جهات سيادية مصرية.

تلك الأهمية، دفعت مراقبون مصريون لإعلان مخاوفهم من خطورة الأمر على الأمن القومي المصري، خاصة على قناة السويس وخليج السويس وشبه جزيرة سيناء، بعد السيطرة الإماراتية على عدد من الموانئ شمال وجنوب قناة السويس، والسيطرة السعودية على مدخل خليج العقبة والتحكم في مضيق تيران، ومنح حق المرور للسفن الإسرائيلية، وفقا للقانون الدولي للبحار.

وفي آيار/ مايو الماضي منحت مصر مجموعة "موانئ أبوظبي" الإماراتية، امتيازا لتطوير وتشغيل منطقة صناعية ولوجستية بمساحة 20 كيلومترا مربعا، بالمدخل الشمالي لقناة السويس قرب مدينة بورسعيد مدة 50 عاما قابلة للتجديد، وذلك إلى جانب ما لموانئ أبوظبي المملوكة لصندوق أبوظبي السيادي من استحواذات وعقود بموانئ الغردقة وسفاجا والعين السخنة جنوب قناة السويس، وموانئ بورسعيد والعريش ودمياط بمدخلها الشمالي، ما يشير إلى احتمال دخول الإمارات بقوة في "رأس شقير".

وعبر صفحته بموقع "إكس"، قال الخبير في الشؤون العسكرية محمود جمال، إن "بيع أصول الدولة في مصر يُعد خطرا على الأمن القومي المصري بالضرورة، عند التعامل مع قطاعات مثل الموانئ، الطاقة، الاتصالات، أراضي أو مواقع سيادية وإستراتيجية يصبح الأمر مسألة تتعلق بالأمن القومي وليس فقط خيارا اقتصاديا".


"أجواء صدور القرار"
القرار الرئاسي، سبقه قبل أيام أحاديث أطلقها نشطاء، تقول إن رجل الأعمال السيناوي المثير للجدل ورئيس اتحاد القبائل العربية إبراهيم العرجاني، يقوم بشراء مساحات واسعة من الأراضي بجنوب سيناء.

وقد اشتهر العرجاني بشراء أراضي في جنوب سيناء، وقام بإنشاء مدينة "السيسي الجديدة" قرب حدود مصر مع فلسطين المحتلة، فيما طالت طريقة استيلاء العرجاني على الأراضي من أهالي سيناء انتقادات واسعة، كما تشير التقارير الصحفية إلى علاقة العرجاني وبعض الشركات الإسرائيلية والإماراتية.

يأتي القرار الرئاسي أيضا، بالتزامن مع ما أعادت ترويجه بعض المواقع الصحفية عن اتفاق مصري سعودي بإطلاق المرحلة التحضيرية لمشروع "جسر موسى"، البري والبحري الذي يربط مدينة شرم الشيخ جنوب سيناء، ورأس حميد في تبوك شمال غرب السعودية، عبر مضيق تيران بالبحر الأحمر.

ويأتي القرار الرئاسي عقب اتفاق "رأس الحكمة" بين مصر والإمارات بقيمة 35 مليار دولار في آذار/ مارس 2024، والحديث عن بيع "رأس جميلة" (نحو 860 ألف متر) في مدينة شرم الشيخ، المنتجع السياحي الأشهر بجنوب سيناء في أيار/ مايو 2024.

"أزمة متكررة.. وماذا بعد؟"
وفي رؤيته لحجم خطورة الأمر على الأمن القومي المصري ومنه قناة السويس وسيناء، قال السياسي المصري عمرو عادل: "أصبح الحديث في هذه الملفات أشبه بالروتين الشهري، فلا نكاد نتوف عن الحديث عن رأس الحكمة وغيرها من المنشآت الحيوية كالموانئ والمنشآت الصحية حتى تحدث كارثة جديدة في التخلي عن مصر؛ فهي ليست فقط أراض تباع وتشترى ولكنها مصدات حماية مصر وشعبها".

رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "لقد تكرر الحديث نفسه عندما تحدثنا عن رأس الحكمة؛ وسيتكرر الآن وسيتكرر لاحقا في رأس بناس، وغيرها، مما سيأتي لاحقا".

ويرى أن "غياب أي فكر حقيقي للتنمية الذي يعتمد على بناء الإنسان أولا، ثم الاستثمار الحقيقي الزراعي والصناعي هو الحل لإيقاف هذه المهزلة؛ فلا حل أمام أي نظام سياسي يعتمد على القروض ويفشل في استثمارها إلا بيع البلاد للحفاظ علي بقائه، ولن تتوقف الاستدانة أو البيع وستستمر هذه الدائرة المغلقة بلا توقف حتى لا نجد مصر التي نعرفها".

ويعتقد ضابط الجيش المصري السابق، أن الأسئلة الأهم الآن هي: "هل يستطيع النظام الحالي بعد الكارثة التي أوقع كل البلاد بها أن يخرج من هذه الدائرة؟، وإذا كانت الإجابة بلا، فمن يمكن أن ينقذ البلاد من انهيارات ستكون متسارعة وبوتيرة أكثر عنفا؟".

وتابع تساؤلاته: "هل الشعب قادر الآن على فعل احتجاجي أم أن النظام استطاع تدمير كل القوى الاجتماعية القادرة على الفعل؟، وهل مؤسسات السلطة الكبرى في مصر ترى ما نرى من كوارث حالية وكوارث أكثر في الأفق وستحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟".

وأجاب بقوله: "سنرى الأيام القادمة"، مضيفا: "إلا أن الانتظار الآن ستكون تكلفته مضاعفة، ومع كل يوم يمر سيكون الثمن أكثر فداحة"، مؤكدا أن "مصر تباع والكل يتحدث ويفكر ولم يقرر أحد بعد أن يحاول ولو محاولة أن ينقذ ما يمكن إنقاذه".


"غضب مصري وانتقادات"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد مصريون القرار ووصفوه بأنه ضمن خطة التفريط في أصول وممتلكات مصر، وأنه نتيجة طبيعية لسياسات السيسي، بالاعتماد على الاقتراض وتوريط البلاد في أزمة ديون تذكرهم بديون الخديوي إسماعيل والتي تبعها احتلال الإنجليز لمصر نحو 74 عاما.

ووصف البعض "رأس شقير"، بأنها "جوهرة جغرافية واستراتيجية، غنية بالنفط والغاز، تملك من الثروات ما يكفي لفك الأزمات وبناء المستقبل"، وأعربوا عن تعجبهم من عدم استثمارها بدلا من تخصيصها لسداد الدين العام، مؤكدين أن طرح "رأس شقير" إعلان رسمي عن فشل الحكومة.

الكاتب الصحفي مصطفى عبد السلام، قال: "وصلنا مرحلة بائسة ومتردية وقاتمة"، منتقدا "بيع أصول الدولة الاستراتيجية والإفراط في الاستدانة لسداد أعباء الديون سواء الخارجية أو الداخلية، وقبلها بيع أصول مهمة وحيوية ومساحات شاسعة من الأراضي مثل رأس الحكمة للإمارات".

وأضاف: "وبعدها بيع رؤوس أخرى منها رأس جميلة ورأس بناس وغيرها لدول الخليج، والتوسع ببيع ما تبقى من بنوك وشركات كبرى لتغطية عجز الموازنة العامة وسد الفجوة التمويلية وتمويل واردرات الوقود والقمح والأغذية، وربما سداد الرواتب في فترة لاحقة، ثم بيع الجامعات وما تبقى من مستشفيات ومعامل تحاليل".



‏وتحدث الخبير الاقتصادي محمود وهبه، عما اعتبره "تحايل رأس النظام على الدستور لبيع الأصول، الممنوعة بنص (المادة 51) من الدستور"، مبينا أنه "يستخدم التوريق ويقول لم أبع أصولا، بعت ورقا وأسهما وسندات"، موضحا أنه "حول ملكية الأصل إلى شركة تورق أو تصدر أسهما وسندات وتبيعها"، معلقا بالقول: "ولن تعرف من الذي اشترى؟، وكم اشترى؟، ومن يملك مصر؟".

وحذر وهبه، من "لعبة التوريق"، مبينا أنه "يمكن أن تستخدم لبيع أو إيجار قناة السويس، ويقول لم أبع القناة أو المجري الملاحي أنا بعت ورقا"، مؤكدا أن "مصر في وضع أسوأ من أيام الخديوي".


مقالات مشابهة

  • صدمة جديدة للمصريين بعد قرار للسيسي بشأن رأس شقير في البحر الأحمر
  • مهمة مستحيلة.. لماذا لا يمكن هزيمة الحوثيين في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • كانوا في طريقهم إلى اليمن.. وفاة وفقدان 30 مهاجرا من القرن الإفريقي في البحر الأحمر
  • مأساة في البحر الأحمر… غرق 8 مهاجرين على الأقل في عملية تهريب مروعة
  • مجلس الأمن الدولي يناقش تطورات الأوضاع في اليمن
  • مندوب اليمن الدائم: مناطق الحوثيين تشهد انتهاكات جسيمة بحق الطفولة جندوهم للحرب وحولوا المدارس إلى ثكنات مسلحة
  • تزويد الحوثيين لشباب الصومال بالطائرات المسيرة يعيد صياغة الصراع بمنطقة القرن الأفريقي وخارجها (ترجمة خاصة
  • مركز دولي: هل ينجح نهج ترامب باليمن في ظل العلاقة الحوثية السعودية؟ (ترجمة خاصة)
  • جنرال أمريكي: إيران عبر الحوثيين تمتلك القدرة لإغلاق أهم الممرات البحرية في العالم
  • المبعوث الأممي يعترف بفشل مهمته في اليمن ويتهم القوى اليمنية بأنها تستمع لقوى خارجية تسببت في إفشال عملية السلام