هل نفذ السيسي طلبا أمريكيا بتوقيف ملياردير سوداني بحجة دعم المقاومة؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أثار توقيف أجهزة الأمن المصرية الاثنين، لرجل الأعمال السوداني عبد الباسط حمزة، والذي تتهمه أمريكا بدعم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الاتهامات لرئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، بتنفيذ أوامر أمريكية إسرائيلية بالقبض على الملياردير السوداني، ما وصفه نشطاء بـ"الفضيحة".
وربط مراقبون بين الإجراء الأمني للسلطات المصرية، وبين قرار وزارة الخزانة الأمريكية، الشهر الماضي، بفرض عقوبات ضد حمزة، ضابط الجيش السوداني السابق، ضمن قائمة شملت 10 أعضاء بـ"حماس"، بزعم تقديم التسهيلات المالية لها.
"تحريض أمريكي إسرائيلي"
واشنطن، كانت زعمت أن حمزة القيادي بالحركة الإسلامية وحزب "المؤتمر الوطني" السوداني، قدم التمويل لحماس، عبر شركات له متمركزة بالسودان، مدعية أنه حول نحو 20 مليون دولار إلى الحركة المقاومة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وفق اتهاماتها.
الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تستخدم سلاح فرض العقوبات والوصم بالإرهاب واتهامات التمويل لجماعات مسلحة وإرهابية إلى جانب الوضع على لائحة الإرهاب للانتقام من جماعات وأشخاص، رصدت وفي 4 كانون الثاني/ يناير الجاري، 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن 5 من ممولي حماس، بينهم حمزة.
ويأتي التوقيف المصري، لحمزة العسكري السوداني السابق، من قلب القاهرة التي يقطنها منذ الانقلاب على الرئيس السوداني السابق عمر البشير، إثر تحريض من الإعلام الإسرائيلي على وقف أدواره في تمويل ودعم المقاومة، وفق مزاعم إسرائيلية.
وعلى سبيل المثل، وفي 20 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كتب موقع i24news"" العبري، تحقيقا عن حمزة، زاعما أنه "مموّل" حماس، ومحرضا عليه بالقول إن "تركه يعمل بحرية حتى 7 أكتوبر الماضي؛ هو فشل للموساد".
وبرغم أن السلطات المصرية لم تعلن رسميا عن توقيف حمزة، إلا مواقع مقربة من جهات أمنية اعترفت بصحة الخبر الذي نشرته مواقع صحفية سودانية.
لكن المثير، أن موقع "القاهرة24"، المحلي المصري، ربط بين توقيف عبدالباسط حمزة، وقبض السلطات المصرية على رجل الأعمال المصري روماني عيسى، الملقب بـ"إمبراطور الذهب"، مشيرا إلى "تساؤلات كبيرة حول علاقته بعمليات مشبوهة، وتجارة غير مشروعة في مجال الذهب".
"الفضيحة الثانية في أسبوع"
لكن في المقابل رأى نشطاء في توقيف نظام القاهرة لحمزة، تنفيذا لطلب أمريكي إسرائيلي واصفين الأمر بـ"الفضيحة"، فيما أشار بعضهم إلى أن اعتقال الملياردير السوداني، يأتي بعد 5 أيام من اتهامات إسرائيلية لمصر في محكمة العدل الدولية بأنها المسؤولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، من عبر معبر رفح البري.
نظام #السيسي يعتقل رجل الأعمال السوداني، عبد الباسط حمزة، الذي اتهمه الموساد الإسرائيلي ووزارة الخزانة الأميركية بتقديم دعم مالي لحركة #حماس.
الخبر يشير إلى أن دعم النظام للعدوان على الشعب الفلسطيني يتجاوز حماية حدود #مصر مع #غزة إلى قمع أي دعم للصمود الفلسطيني في مواجهة آلة… أحمد بن راشد بن سعيّد on Twitter / X
">
أحمد بن راشد بن سعيّد on Twitter / X
— أحمد بن راشد بن سعيّد (@loveliberty_2) January 17, 2024
من جانبه، قال الأكاديمي العماني الدكتور حمود النوفلي، أن اعتقال حمزة، في القاهرة، "بناء على طلب أمريكا التي وضعته في قائمة المطلوبين لدعمه حركة حماس"، فيما أطلق هاشتاغ بعنوان "#اطلقوا_سراح_عبدالباسط".
#عاجل
السلطات المصرية تعتقل رجل الاعمال السوداني عبدالباسط حمزة في القاهرة،بناء على طلب أمريكا التي وضعته في قائمة المطلوبين لدعمه حركة حماس!
غردوا على وسم#اطلقوا_سراح_عبدالباسط
لأن اعتقال من يدعم حماس وبناء على طلب أمريكا أمر لايقبله ديننا ولاعروبتنا ولا إنسانيتنا.#ابو_عبيدة د.حمود النوفلي on Twitter / X
">
د.حمود النوفلي on Twitter / X
— د.حمود النوفلي (@hamoodalnoofli) January 17, 2024
وفي تقديره للموقف، أكد الصحفي والإعلامي المصري قطب العربي، إن اعتقال حمزة المتهم من وزارة المالية الأمريكية بدعم حماس، "هو دليل جديد على المشاركة في حصار غزة الذي تنفيه أبواق السيسي باستمرار".
وأضاف: "كان بإمكان السلطات المصرية أن تطلب منه مغادرة مصر، إن لم تكن قادرة على حمايته؛ لكنها ربما لم تنتظر طلبا من واشنطن، بل سارعت إلى ذلك كجزء من موقفها"، الذي وصفه بـ"الفضيحة".
اعتقال القاهرة لرجل الأعمال السوداني عبد الباسط حمزة المتهم من وزارة المالية الأمريكية بدعم حماس هو دليل جديد على المشاركة في حصار غزة الذي تنفيه أبواق السيسي باستمرار ..كان بإمكان السلطات المصرية أن تطلب منه مغادرة مصر إن لم تكن قادرة على حمايته..لكنها ربما لم تنتظر طلبا من… kotb elaraby on Twitter / X — kotb elaraby (@kotbelaraby) January 17, 2024
واعتبر الناشط الأمريكي سام يوسف، أن اعتقال نظام السيسي لحمزة، "هدية جديدة للسيسي، يقدمها إلى الكيان الصهيوني، الذي يعتمد على السيسي، وأمثاله، للبقاء على رقعة الأمم العربية لحماية مصالحه"، معلقا بقوله: "شيء محزن فعلا".
عاجل️: نظام السيسي يعتقل رجل أعمال سودانى تتهمه اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بتمويل حماس وهو رجل الأعمال السوداني عبد الباسط حمزة!!
هذه هدية جديدة للسيسي يقدمها إلى الكيان الصهيوني الذى يعتمد على السيسي و أمثاله للبقاء على رقعة الأمم العربية لحماية مصالحه!! شيء محزن… Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. on Twitter / X — Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) January 17, 2024
ولفت الناشط المصري الدكتور هشام صبري، إلى عرض واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لتسليم عبدالباسط حمزة لأمريكا، ساخرا بقوله: "تفتكروا السيسي، ممكن يفوت المكافأة".
#عبدالباسط_حمزة
- تفتكروا السيسي ممكن يفوت مكافأة ال10 مليون دولار لتسليم عبدالباسط حمزة الحسن محمد خير لأمريكا، الراجل في عرض 50 دولار مش 10 مليون.
- عبدالباسط أمله الوحيد إنه يدفع للسيسي مبلغ لا يقل عن 500 مليون دولار (ميزانيته تسمح) وهو يسيبه يغافل الحرس ويهرب عادي خالص.… Hesham Sabry هشام صبري on Twitter / X — Hesham Sabry هشام صبري (@heshamsabry01) January 18, 2024
وقالت بعض الحسابات إن "السيسي لا يستطيع رفض طلب الموساد فاعتقله".
اعتقال السيسي رجل الأعمال السوداني عبدالباسط حمزة لأن الموساد الإسرائيلي اتهمه بتقديم دعم مالي لحـ ـمـ اس !
العميل السيسي لا يستطيع رفض طلب الموساد فاعتقله! نحو الحرية on Twitter / X — نحو الحرية (@hureyaksa) January 18, 2024
وفي 12 كانون الثاني/ يناير الجاري، قال محامي إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية كريستوفر ستاكر، إن "الوصول إلى قطاع غزة عبر معبر رفح تسيطر عليه مصر، وليس على إسرائيل أي التزام في ذلك بموجب القانون الدولي".
وذلك على غير ما كشف عنه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، البرلماني والباحث المصري سمير غطاس، خلال لقاء بفضائية "إم بي سي مصر"، من تحكم إسرائيل في معبر رفح، وأن القاهرة تنفذ تعليمات إسرائيل بشأن عبر المعبر من عدمه.
ومنذ عملية "طوفان الأقصى التي خاضتها المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بمواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، وبدا الموقف المصري والعربي والإسلامي في أشد حالات الضعف إزاء جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها الآلة العسكرية للاحتلال التي قتلت أكثر من 24 ألف فلسطيني حتى 18 كانون الثاني/ يناير الجاري.
وهو ما دفع الكاتب عبدالله العمادي، للقول في مقال له بموقع "الشرق" القطرية: "إن مسلسل الإحراجات لهذه الأمة، بعربها وعجمها، مستمر منذ أحداث غزة التي بدأت بطوفان الأقصى المبارك، فمنذ ذلك التاريخ والأمة المسلمة تواجه مشاهد من الإحراج كثيرة، بل لا أظن أن هذا المسلسل له نهاية قريبة".
ولهذا يجدر التساؤل، حول ما يكشفه قرار اعتقال نظام السيسي لرجل الأعمال السوداني الداعم للمقاومة الفلسطينية –بحسب الادعاءات الأمريكية الإسرائيلية- عن تنفيذ القاهرة لتعليمات واشنطن وتل أبيب، في فرض الحصار الاقتصادي والمالي على غزة، وتجفيف منابع الدعم للمقاومة الفلسطينية.
وهو الأمر الذي أجاب عنه سياسيون في حديثهم لـ"عربي21"، متطرقين لأسباب تنفيذ نظام السيسي الأوامر برغم ما يسببه ذلك له ولنظامه من حرج دولي وعربي ومحلي، ومشيرين إلى الثمن الذي قد يحصل عليه نظام السيسي مقابل تنفيذ تلك التعليمات.
وفي تقديره، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير الدكتور عبدالله الأشعل: "الآن حدث انفصال بين كرسي الحكم في كل الدول العربية وبين الأوطان، حتى أصبحت مصالح الأوطان بلا قيمة مقابل مصالح الأنظمة فهي الأساس لدى الحاكم".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح "أن المسافة الفاصلة بين كرسي الحكم ومصالح الوطن كبيرة جدا، لهذا كل نظم الحكم العربية بلا استثناء ضد المقاومة، لأنها تهدد إسرائيل ونظم الحكم العميلة التي اختارت الكرسي المسنود من أمريكا وإسرائيل على مصالح الوطن".
وأضاف: "وعلى سبيل المثال، فإن مصلحة الوطن المصري في دعم المقاومة ضد إسرائيل، لكن مصلحة النظام هي ضرب المقاومة لأجل خاطر تل أبيب، التي أصبحت الوكيل الحصري لواشنطن بالمنطقة، والتي قال رئيسها جو بايدن، عندما جاء للبيت الأبيض: لو لم توجد إسرائيل لاخترعناها".
وخلص السياسي المصري، للقول: "إذا ملحمة غزة كانت كاشفة جدا، بأن كل النظم العربية تبين أنها عميلة لأمريكا، وأن معيار خدمتها لإسرائيل هو الذي يقرب أو يبعد عن واشنطن، ولا أستثني نظاما عربيا من هذا".
وأكد أن "مصر في هذا الخط منذ عام 1979، خلال عهد الرئيس أنور السادات، حيث أصبحت المسافة الفاصلة كبيرة جدا بين مصلحة الوطن ومصلحة النظام، الذي يستمد شرعيته من إسرائيل وأمريكا، وهي معادلة للحكم على جميع النظم العربية".
ويرى أنه "ولهذا فإن دعم المقاومة يعد ضد النظم العربية، بل إن المقاومة ذاتها عدو لهم"، مذكرا بوصم محكمة القضاء المستعجل المصرية حركة حماس بأنها حركة إرهابية عام 2015، ووصم الجامعة العربية المقاومة اللبنانية (حزب الله اللبناني) بالإرهاب عام 2016، وهذا بناء على طلب إسرائيل وأمريكا".
وقال الأشعل، "لهذا ليس مستغربا توقيف السلطات المصرية لأي مؤيد للمقاومة سواء كان مليارديرا أو حتى من أفقر عناصر الأمة، لهذا فالمعادلة تقول إن المسافة الفاصلة في أي دولة عربية بين مصلحة النظام وبين مصالح الوطن كبيرة جدا وخصوصا في هذه الأيام".
ويرى أنه "كلما تأسدت إسرائيل كلما بعدت هذه المسافة بين مصالح الوطن ومصالح النظام، الذي هو قولا واحدا موال لإسرائيل وأمريكا أما الوطن فهو معادي لإسرائيل وأمريكا اللتين تتمنيان حرق مصر".
وأوضح أنه "لو النظام وطني ويفكر جيدا ولا يستمد شرعيته من رضاهما لكان عرف أن دعم المقاومة لصالح الوطن، وأن تأسد إسرائيل ضد المقاومة يؤدي إلى أن مصر ستكون اللقمة الثانية لإسرائيل بعد المقاومة".
وختم الأشعل، بالقول: "انتصار المقاومة على إسرائيل يعني زوال كل العملاء في المنطقة، ولا أبرئ أحدا من الحكام العرب، طالما أنه بقى عميلا لأمريكا وفي خدمة إسرائيل".
"تنسيق أمريكي مصري"
وفي تعليقه قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، وائل نصر الدين، إن "اعتقال حمزة، كان مسألة وقت منذ خروج المذكرة الأمريكية باعتقاله، وبعد إعلان وزارة الخزانة الأمريكية بأنه يمول حماس".
وفي حديثه لـ"عربي21"، لفت الخبير السوداني في شؤون الجماعات الإسلامية "إلى أنه منذ أن بدأت القنوات الإسرائيلية الناطقة بالعربية والإنجليزية أيضا في شيطنة حمزة، كان واضحا أنه تم اتخاذ قرار باعتقاله".
وأكد أنه "وحتى قبل أن تتوجه الاتهامات الأمريكية لحمزة، بشكل رسمي، كانت وبشكل غير رسمي جهات أمريكية تحرض من كانوا يديرون المرحلة الانتقالية في السودان على اعتقاله والسيطرة على أمواله".
وختم بالقول إن "الأمريكيين ليسوا غافلين عن هذه الشخصية، وأعتقد أن الاعتقال تم بالتنسيق مع السلطات المصرية لتسليمه إلى واشنطن".
"غضب وانتقادات"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، تبارى نشطاء مصريون وعرب في توجيه اللوم والاتهامات للنظام المصري.
واعتبر الأكاديمي السعودي أحمد بن راشد بن سعيّد، اعتقال نظام السيسي، لحمزة، الذي اتهمه الموساد الإسرائيلي ووزارة الخزانة الأمريكية بتقديم دعم مالي لحركة حماس، كاشفا عن أدوار نظام القاهرة بمنع الدعم للمقاومة الفلسطينية.
وقال إن "الخبر يشير إلى أن دعم النظام للعدوان على الشعب الفلسطيني يتجاوز حماية حدود مصر مع غزة إلى قمع أي دعم للصمود الفلسطيني في مواجهة آلة القتل الجماعي الصهيونية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية حماس اعتقال غزة الاحتلال حماس غزة الاحتلال اعتقال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطات المصریة إسرائیل وأمریکا عبدالباسط حمزة وزارة الخزانة دعم المقاومة نظام السیسی مصالح الوطن أن اعتقال حرکة حماس على طلب إلى أن
إقرأ أيضاً:
من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
غزة- أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم السبت اغتيال رائد سعد القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، باستهداف سيارة مدنية على الطريق الساحلي جنوب غرب مدينة غزة.
وزعم الاحتلال أن اغتيال سعد جاء ردا على خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، بتفجير عبوة ناسفة في وقت سابق بقوة من الجيش الإسرائيلي داخل غزة، لكن القناة الـ 12 العبرية قالت إنه "تم استغلال الظروف المواتية لاغتياله دون أي علاقة بأي انتهاك للتهدئة".
وأطلق الجيش الإسرائيلي على عملية اغتيال سعد اسم "وجبة سريعة"، حيث سنحت له الفرصة لاغتيال الرجل الثاني حاليا في الجناح العسكري لحركة حماس، بعد القيادي عز الدين الحداد الذي يقود كتائب القسام.
وباغتيال رائد سعد تكون إسرائيل قد نجحت في الوصول إليه بعد أكثر من 35 عاما من المطاردة، تعرض خلالها للكثير من محاولات الاغتيال.
مسيرة قيادية
ولد رائد حسين سعد في الخامس عشر من أغسطس/آب عام 1972 في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتحق مبكرا بصفوف حركة حماس، وبدأ الاحتلال يطارده في بداية الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987.وعتقلته قوات الاحتلال أكثر من مرة.
حصل على درجة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الإسلامية أثناء وجوده في السجن عام 1993، حيث كان نشطا حينها في الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، وحصل سعد على شهادة الماجستير في الشريعة من الجامعة نفسها عام 2008.
وبحسب المعلومات الخاصة التي حصلت عليها الجزيرة نت، التحق سعد بالعمل العسكري مبكرا، وعمل مع قدامى المطاردين من كتائب القسام أمثال سعد العرابيد، ويعتبر من أواخر جيل المطاردين في مرحلة انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.
وتولى سعد منصب لواء غزة الشمالي في كتائب القسام عام 2007، وكان ممن أشرفوا على تأسيس وتأهيل القوة البحرية للكتائب في غزة.
إعلانوفي عام 2015 ترأس ركن العمليات، وكان عضوا ضمن مجلس عسكري مصغر مكون من قيادة كتائب القسام في قطاع غزة، إلى جانب القياديين محمد الضيف ومروان عيسى، وذلك في الفترة الواقعة بين عامي 2012 و 2021.
كيف تناول الإعلام الإسرائيلي عملية اغتيال رائد سعد في غزة؟.. التفاصيل مع مراسلة #الجزيرة فاطمة خمايسي#الأخبار pic.twitter.com/gLL2nMKLsc
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 13, 2025
تقول إسرائيل إن سعد كان مسؤولًا عن الخطط العملياتية للحرب، حيث أشرف على خطوتين استراتيجيتين شكّلتا أساس الاستعداد التنفيذي لعملية طوفان الأقصى: الأولى إنشاء كتائب النخبة، والثانية إعداد خطة "سور أريحا"، الهادفة إلى حسم المعركة ضد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.
وزعم الاحتلال -خلال الحرب الأخيرة على غزة- اعتقاله أثناء اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار 2024، ونشر صورته حينها ضمن مجموعة ممن تم اعتقالهم، قبل أن يعترف بأنها وردت بالخطأ مما يشير إلى ضعف المعلومات الاستخبارية المتوفرة عنه لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وتعرض سعد أيضا خلال الحرب لعدة محاولات اغتيال، كان أبرزها في شهر مايو/ أيار عام 2024، بقصف منطقة سكنية بمخيم الشاطئ، وعرض الجيش الإسرائيلي مكافأة مالية قيمتها 800 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للوصول إليه بعد فشل اغتياله.
ونقلت إذاعة الجيش أن إسرائيل بحثت عن رائد سعد لفترة طويلة جدا، وسعت إلى اغتياله مرتان في الأسبوعين الماضيين، لكن الفرصة لم تكتمل، وبمجرد أن تم التعرف عليه مساء السبت وهو يستقل مركبة برفقة حراسه الشخصيين، نفذت الغارة على الفور.
واقع أمني جديدوأمام اغتيال إسرائيل الشخصية العسكرية الأبرز في المقاومة الفلسطينية منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعتقد الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة أن "الاحتلال لا يتعامل مع التهدئة في قطاع غزة بوصفها حالة توقف عن الحرب، بل كمرحلة عملياتية مختلفة تُدار فيها المعركة بأدوات أقل ضجيجا وأكثر دقة".
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الاغتيالات والاستهدافات الانتقائية التي نُفذت مؤخرا تكشف بوضوح أن الحرب لم تنتهِ، بل أُعيد تدويرها ضمن نمط جديد يقوم على الضرب المتقطع، وإدارة الصراع بدل حسمه.
ولفت إلى أن الاحتلال يحرص على اختلاق مبررات ميدانية لتسويق عدوانه باعتباره ردا دفاعيا، "غير أن هذا الخطاب لا يخرج عن كونه محاولة مكشوفة لإعادة تعريف مفهوم الخرق نفسه، بحيث يصبح أي حادث أمني أو اشتباك محدود أو اختلاق أحداث غير موجودة -في عمق سيطرته داخل الخط الأصفر- ذريعة كافية لتنفيذ عملية اغتيال".
ويرى أبو زبيدة أن الاحتلال يسعى لفرض معادلة جديدة قوامها "أن التهدئة لا تعني الأمان"، وأنه يحتفظ بحق الضرب متى شاء، ويسعى من خلال هذا السلوك إلى فرض قواعد اشتباك أحادية الجانب، تمنحه حرية العمل الجوي والاستخباراتي داخل القطاع دون التزامات سياسية أو قانونية.
وأشار إلى أن الضربات المحدودة لا تهدف فقط إلى إيقاع خسائر مباشرة، بل إلى الحفاظ على زمام المبادرة، ومنع المقاومة من الانتقال من مرحلة الصمود إلى مرحلة التعافي وإعادة التنظيم، وإبقاء البنية التنظيمية للمقاومة في حالة استنزاف دائم.
إعلانوفي البعد الأمني لفت أبو زبيدة إلى أن كثافة العمل الاستخباراتي تشير إلى أن الاحتلال يستغل فترة الهدوء لتحديث بنك أهدافه استعدادًا لجولات قادمة، وهو ما يفسر عدم تسريح وحدات سلاح الجو والطيران المسيّر، واستمرار عمل شعبة الاستخبارات العسكرية بكامل طاقتها.
ويعتقد الباحث في الشأن الأمني أن "السيناريو الأخطر يكمن في تطبيع هذا النمط من الاستباحة، بحيث تتحول الضربات الخاطفة إلى حالة دائمة، تُنفّذ على مدار الوقت، وإن كانت أقل كثافة من الحرب الشاملة، وهذا يعني عمليًا تكريس واقع أمني جديد في قطاع غزة، تُنتهك فيه التهدئة بشكل مستمر، ويُفتح الباب أمام نزيف دم متواصل بلا سقف زمني أو ضمانات حقيقية".