خطة «إعادة الهجرة» فى ألمانيا
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أصبحت الشعبية المتزايدة لحزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى المتطرف سمة غير مستساغة فى المشهد السياسى الأوروبى. وفى الصيف الماضى، فاز فى الانتخابات المحلية للمرة الأولى منذ تأسيسه فى عام 2013. ذلك بفضل برنامج معد للأجانب، يحتل الآن المرتبة الثانية فى استطلاعات الرأى الوطنية ويتقدم فى ثلاث ولايات شرقية من المقرر أن تجرى الانتخابات فى الخريف.
وتفاقمت المخاوف بسبب تجدد القلق من أن الحزب يمثل تهديداً حقيقياً لدستور ألمانيا بعد الحرب. لذلك انضم شولز ووزيرة خارجيته أنالينا بيربوك إلى آلاف المتظاهرين المشاركين فى مظاهرة فى بوتسدام لـ«الدفاع عن الديمقراطية». كان العامل المحفز هو الكشف عن انضمام شخصيات بارزة فى حزب البديل من أجل ألمانيا، فى نوفمبر، إلى متطرفين يمينيين متطرفين بارزين آخرين لمناقشة خطة للترحيل الجماعى القسرى للمهاجرين. ومن بين أولئك الذين تمت مناقشتهم على أنهم إشكاليون، كما يزعم، مواطنون ألمان من أصول مهاجرة، إذا تم الحكم عليهم بأنهم «لا يتكيفون مع مجتمع الأغلبية». وكان من بين الحاضرين زعيمة حزب «البديل لألمانيا» اليمينى المتطرف، أليس فايد.
وتتعارض مثل هذه الأفكار بشكل صارخ مع الدستور، الذى يحظر التمييز على أساس العرق. وقد نأت قيادة حزب البديل من أجل ألمانيا بنفسها عن الاجتماع، لكنها فشلت فى إدانة أولئك الذين حضروا. قد تمت الموافقة على ما يسمى بخطة «إعادة الهجرة» من حيث المبدأ من قبل المشاركين، على الرغم من وجود شكوك حول جدواها.
تعد هذه الحادثة المثيرة للقلق بمثابة دعوة أخرى للاستيقاظ فيما يتعلق بقوى الظلام التى تجد طريقها إلى التيار الرئيسى من خلال نجاح حزب البديل من أجل ألمانيا. وسبق أن صنفت وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية المنظمات الحزبية فى ثمانى من الولايات الفيدرالية الـ16 فى البلاد على أنها إما «ثبت أنها يمينية متطرفة» أو«يشتبه فى أنها يمينية متطرفة».
وأدت الطبيعة الصادمة للإفصاحات الأخيرة إلى دعوات لحظر الحزب من قبل المحكمة الدستورية الفيدرالية. ونظراً للحاجز القانونى العالى، فقد يكون تحقيق ذلك صعباً للغاية. ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن هذه العملية قد تخاطر أيضاً بأن تؤدى إلى نتائج عكسية، ما يعزز أوراق اعتماد حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للمؤسسة فى وقت حيث اكتسب زخماً سياسياً كبيراً. ومع ذلك، فهو خيار لا ينبغى استبعاده، وقد يعمل على تركيز عقول العناصر الأكثر اعتدالاً فى الحزب. على أقل تقدير، تؤكد قضية بوتسدام على الأهمية الحيوية للحفاظ على الطوق السياسى على المستوى الفيدرالى، المصمم لإبقاء حزب البديل من أجل ألمانيا خارج أى ائتلاف حاكم. ويتحمل الاتحاد الديمقراطى المسيحى الذى ينتمى إلى يمين الوسط مسئولية خاصة هنا.
وفى نهاية المطاف، فإن الحزب الذى بدأ حياته كنسخة ألمانية من التشكك فى أوروبا، قبل أن يتحول إلى أجندة متطرفة مناهضة للهجرة، يحتاج إلى هزيمة من خلال معركة لكسب القلوب والعقول. وكما كتبت المؤرخة الألمانية البريطانية كاتيا هوير، فقد أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا بمثابة «متنفس» شعبوى لشعور واسع النطاق بالأزمة. وسوف تتطلب معالجة هذه المشكلة قدراً أعظم من الطموح والخيال من جانب الطبقة السياسية السائدة التى تبدو فى بعض الأحيان عازمة بشكل مفرط على التمسك بالمعتقدات الاقتصادية القديمة. إن حضور المستشار الألمانى ووزير خارجيتها فى مسيرة بوتسدام يوضح مدى ضخامة المخاطر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خطة الهجرة الانتخابات المحلية التحديات المتعددة حزب البدیل من أجل
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس: الهاتف المحمول أنهى عصر «الإنسانية».. والجماهير تصفق لـ«شخصيات فارغة»
البطريرك: وحدة المصريين حقيقة راسخة و«حجر الزاوية» فى صمود الوطن
الكنيسة تكرم «الأنبا إرميا» ورموزاً إعلامية.. والقمص موسى إبراهيم: القنوات والصحف من أهم أدوات الخدمة
بولس حليم: نواجه تحديات «تغول» وسائل التواصل الاجتماعى برؤى تعيد بناء الإنسان
قال قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية: إن ظهور «الهاتف المحمول» أنهى عصر الإنسانية، لافتًا إلى أن الأجهزة سيطرت على الإنسان، مما يستدعى جهادًا روحيًا لتقوية إرادته.
وأضاف خلال احتفالية الكنيسة بـ«يوم الصحافة، والإعلام القبطى»، التى أقيمت للعام الثالث على التوالى بالمقر البابوى، بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية أن «الهواتف المحمولة» تسرق الوقت، والعمر.
البابا الذى أهدته صحيفة الأهرام نسخًا من صفحتها الأولى بالعدد الصادر فى الرابع من نوفمبر عام 1952 فى ذكرى يوم ميلاده، والقرعة الهيكلية فى الرابع من نوفمبر 2012، أشار إلى أن الأسرة هى مصدر جمال الكنيسة، معرجًا على أنها تخرج القديسين، وتحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها.
وأردف قائلًا: «إن صلوات سر الزيجة تصلى أمام الهيكل بالمكان ذاته التى تتم فيه سيامة الأسقف، والكاهن، والشماس».
وأعرب البطريرك عن استيائه مما أسماه «عصر التفاهة»، فى إشارة إلى أن الجماهير تختار الأسهل، والأسوأ، وتصفق للشخصيات الفارغة، حتى صار هؤلاء مشاهير يحصلون على مكاسب خيالية.
وتأسى قائلًا: بينما صارت الشخصيات الجادة على الهامش، مؤكدًا أن الأسرة تلعب دورًا حاسمًا فى ذلك، فمنها إما يخرج الشخص تافهًا، أو جادًا.
وفى الحفل الذى شهد تكريم الأنبا إرميا رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، والمشرف على قناة «مى سات»، طالب القنوات والصحف بإعداد برامج توعوية فى سياق تكوين الأسرة، بدءًا من سن الطفولة.
وحضر الاحتفالية الأنبا تادرس مطران بورسعيد، والأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة، والأنبا ماركوس أسقف دمياط، وكفر الشيخ، والبرارى، والأنبا بطرس الأسقف العام، وعدد من الآباء الكهنة، والصحفيين، والإعلاميين بالقنوات الكنسية.
وفى السياق ذاته قال المتحدث باسم الكنيسة القمص موسى إبراهيم: إن اهتمام البابا تواضروس الثانى بإقامة احتفالية يوم الصحافة، والإعلام القبطى يعكس رؤيته للرسالة الإعلامية كونها صارت إحدى أهم أدوات الخدمة بالكنيسة.
يأتى ذلك بالتوازى مع تأكيد القس بولس حليم المتحدث السابق باسم الكنيسة أن دور الإعلام بات مهمًا، نظير تغول منصات التواصل الاجتماعى، وتأثيرها على استقرار الإنسان بشكل عام، لافتًا إلى أن البابا تواضروس يريد أن يوحد الرؤى الإعلامية على ضرورة الإسهام فى إعادة بناء الإنسان، والمجتمع.
وكرم البابا قنوات «أغابى، وسى تى فى، ومى سات، وكوجى»، والمنظومة الإعلامية الرسمية الكنسية، والمركز الإعلامى، ومجلة دنيا الطفل، بجانب أسماء عدد من الكتاب، والمفكرين الراحلين.
على صعيد مختلف، وصف البابا تواضروس الثانى رؤيته للعمل الرعوى منذ تجليسه على الكرسى المرقسى بــ«النسيج»، لافتًا إلى أنه يتكون من خيوط طولية، وعرضية يتم نسجها لتصبح أقمشة متماسكة.
وقال: إن الخيوط الطولية «الرأسية» هى القطاعات الرعوية، والإيبارشيات الموجودة بطول مصر، والتى يخدم بها أساقفة، وكهنة، وخدام.
وأضاف خلال لقائه «كهنة الرعاية الاجتماعية بالوجه البحرى» أن ثمة خطوات تمثل الخيوط العرضية «الأفقية» يأتى أولها فى «اللوائح المنظمة» التى أرساها منذ قدومه للكرسى البابوى، مشيرًا إلى أنها لوائح عامة تحكم، وتنظم عمل الأسقف، والكاهن، والخدام، لتفادى أثر الهوى الشخصى.
وأشار البابا إلى أن معهد التدبير الكنسى، والتنمية الذى أسسه عام 2015 يعد أحد الخيوط الهامة، مؤكدًا اعتناءه بإعداد كوادر من الأساقفة، والكهنة، والخدام، والإداريين، لتحويل الخدمة لعمل منظم يدار بكفاءة، وأردف قائلًا: «مؤخرًا أسست مكاتب التنمية فى الإيبارشيات، وتهتم أسقفية بعملية تدريب، وتدعيم الكوادر الخادمة فى هذه المكاتب».
ولفت البطريرك إلى أن أكاديمية مارمرقس القبطية، والتى افتتحت مؤخرًا أصبحت المظلة الجامعة لكل ما هو تعليمى فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتهدف إلى ضبط الأداء التعليمى فى الكنيسة، فى حين أن الأمانة العامة للمدارس القبطية باعتبارها كيان جديد يضم ٥٥ مدرسة، تتواصل مع وزارة التربية والتعليم للتنسيق، لتصبح كيانًا قويًا، ومؤثرًا، ومفتوحًا أمام كل المصريين.
واستطرد قائلًا: «على الخطى ذاتها تسير الأمانة العامة للمستشفيات القبطية بالقاهرة (تحت التأسيس)».
وحضر اللقاء الذى يعقد فى ديسمبر من كل عام مطارنة، وأساقفة الإيبارشيات، وكهنة الرعاية الاجتماعية، والقطاعات الرعوية بالوجه البحرى، ومطروح، والإسكندرية، والقاهرة، والقليوبية، وتتضمن أفلامًا تعريفية عن برنامج «علم ابنك» الذى يحمل شعار لا يحرم أحد من التعليم، والشركاء الداعمين لخدمة الرعاية الاجتماعية.
وقال الأنبا يوليوس الأسقف العام لمصر القديمة، وأسقفية الخدمات العامة والاجتماعية: إن لجنة البر تعمل بنشاط كبير، وأعداد المخدومين فى تزايد بل فى تضاعف مستمر، إضافة إلى مبالغ الدعم المقدم للفتيات المقبلات على الزواج.
وأضاف خلال كلمته بمؤتمر الرعاية الاجتماعية أن دير الشهيد مارمينا بمريوط يتولى تغطية احتياجات لجنة البر بالإسكندرية، لافتًا إلى أن قداسة البابا يدعم إلى جانب لجنة البر احتياجات إخوتنا السودانيين، والعديد من حالات مرضى السرطان.
وطالب «أسقف الخدمات» بتحديث بيانات أسر «إخوة الرب» بما يسهم فى الوصول إلى كافة الحالات المحتاجة.
من جانبه استعرض القمص بيشوى شارل سكرتير البابا للرعاية الاجتماعية، الأنشطة الرعوية خلال عام ٢٠٢٥، معرجًا على منظومة قاعدة البيانات، وتطويرها، والموقع الإلكترونى لسكرتارية الرعاية الاجتماعية، والصفحات التابعة لها.
وأشار إلى توزيع ١٣ ألف شنطة بركة شهريًا بخلاف الأعياد، وأن المواد الغذائية التى تحويها الشنطة مختارة بدقة بغية تحسين صحة أفراد الأسرة، مؤكدًا تفعيل ٤٠ مكتبًا للتنمية فى الإيبارشيات حتى الآن.
إلى ذلك هنأ البابا تواضروس الثانى الأقباط ببدء شهر «كيهك»، أحد الشهور القبطية المميزة بالتسابيح، والألحان، الذى يتسم بتسابيحه وألحانه المميزة، معربًا عن سعادته بزيارة منطقة المرج، وهى الزيارة البابوية الأولى لبطاركة الكنيسة.
وقال: إن الكنيسة معنية بإعداد المواطن الصالح، عبر تنشئة الناس على القيم البناءة، مثمنًا جهود كهنة المرج فى الخدمة.
وأضاف خلال عظته الأسبوعية بكنيسة السيدة العذراء، والشهيد مارمينا بالمرج الشرقية أن وجود الكنيسة فى أى مكان يعنى إتاحة فرصة لإيجاد المواطن الصالح، لافتًا إلى أنها تسهم مع المسؤولين بالدولة فى عمل وطنى يتبلور فى التربية، والتنشئة الجيدة.
واستقبل البابا تواضروس الثانى كريستيان كاميل، سفير الحوار بين الأديان، يرافقه السفير داغ يوهلين–دانفيلت، سفير السويد لدى مصر، بالمقر البابوى، بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
واستعرض البطريرك خلال اللقاء تاريخ مصر العريق، لافتًا إلى أن وحدة المصريين ليست شعارًا مستحدثًا، بل حقيقة راسخة تشكلت عبر آلاف السنين على ضفاف النيل.
وقال: إن المصريين عاشوا دومًا كعائلة واحدة، تجمعهم أرض واحدة، ونهر واحد، ومصير واحد، مشيرًا إلى أن هذا التعايش المتجذّر خلف الوحدة الوطنية الطبيعية، والتى تُعد أحد أهم أسرار قوة الدولة المصرية عبر العصور.
وأضاف خلال لقائه سفير حوار الأديان، بالمقر البابوى أن الروابط الاجتماعية العميقة التى تجمع المصريين – مسلمين ومسيحيين – لا تزال حجر الزاوية فى صمود الوطن، وقدرته المستمرة على مواجهة التحديات بروح موحّدة، وإرادة مشتركة.
وأوضح البابا أن دور الكنيسة القبطية لم يقتصر على الجانب الروحى فحسب، بل يمتد ليشمل مسؤولية وطنية أصيلة تجاه خدمة المجتمع المصرى بكل فئاته، مؤكدًا أن الكنيسة تقدّم مشروعات وخدمات تنموية يستفيد منها جميع المصريين دون تمييز، وفى مقدمتها المدارس، والمستشفيات القبطية التى تجسد رسالة إنسانية راسخة تعبر عن محبة الوطن، وأبنائه.
وجدد البطريرك تأكيده على العلاقات العميقة التى تربط الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بكل الكنائس، والطوائف المسيحية، مؤكدًا احتفاظها بروابط قوية مع الكنائس البيزنطية، والشرقية، فى امتداد طبيعى لروح الأخوة المسيحية عبر التاريخ.
واستطرد قائلًا: «الكنيسة القبطية تصلّى دومًا من أجل سلام الكنائس جميعها، وسلام العالم أجمع، إيمانًا بأن رسالة المحبة، والسلام هو جوهر العمل الكنسى».