استكمالًا لما بدأناه من حديث عن حوار الأديان؛ بحثًا عما يمكن أن يكون مدخلًا لسيادة لغة الحوار في المجتمع المصري، تلك اللغة التي هي- في الأساس- لغة بناء المجتمعات وتماسكها، وهو ما لمسناه في حياة التعايش الاجتماعي بين المصريين المسيحيين والمصريين المسلمين على مر التاريخ المصري، يمكننا أن نجد الحالة نفسها من التعايش الاجتماعي بين المصريين المسلمين والمصريين اليهود.
ظلت هذه الحالة من التعايش الاجتماعي سائدة في مصر، لدرجة لفتت إليها انتباه المستشرقين، الذين أشادوا بها في كتاباتهم عن مصر، لأنهم وجدوا فيها ما لم يجدوه في بلدانهم من تسامح وتعايش وسلام. هذا ما أشار إليه علماء الحملة الفرنسية في موسوعة وصف مصر، والإنجليزي إدوارد وليم لين في كتابه "المصريون المحدثون: عاداتهم وشمائلهم"، وغير ذلك من كتابات القرن التاسع عشر على سبيل المثال لا الحصر. في حين عندما سطرت الصهيونية مبادئها العدوانية، لم يقف الوجدان الشعبي المصري، بل العربي، بمعزل عن هذا التحول، فبدأت تتكون صورة جديدة لليهودي، خاصة بعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. وفي الحقيقة لم يكن اليهودي هو المقصود في الصورة السلبية الجديدة له، وإنما كان الإسرائيلي هو ما تعنيه موروثاتنا الشعبية. لم يعد اليهودي في صورته الجديدة متعايشا ومسالما ومتسامحا، وإنما أصبح الوجدان الشعبي المصري يربطه بالاغتصاب. فالسيرة الهلالية التي تغنت قديما- في رواياتها المدونة- بأخلاق اليهود، هي السيرة نفسها التي غيرت صورتهم في رواياتها الشفاهية. فبدلا من شمعون اليهودي الذي تحلى بأخلاق الفرسان النبلاء إنسانيًا، حلت بدلًا منه شخصية مسلمة هي الملك محمود البياضي، ليجير نساء بني هلال المسلمات بدلًا من أن يجيرهن شخص يهودي؛ إذ لم يعد للعقلية العربية الجديدة، في ظروفها ومعطياتها الاجتماعية الجديدة، أن تتقبل هذا. وإلى جانب ذلك، استحدث الرواة الشعبيون حكايات هلالية جديدة، يقاوم فيها أبو زيد الهلالية والقبائل العربية هجوم اليهود على مكة، ومحاولة نبش قبر الرسول- صلى الله عليه وسلم- وهو ما يمكن أن نلمسه من حكايات هلالية جديدة، مثل "أبو زيد الهلالي واليهودي"، وحكاية "دياب والغزالة"، وحكاية "خطف اليهود للجازية ولبنات هلال". وفي الأمثال الشعبية المصرية والعربية، نجد صورا جديدة لليهودي، غير تلك المسالمة والمتعايشة. منها أمثال شعبية تشبهه بالثعبان والحية، من ذلك المثل الشعبي المصري "حطوا اليهودي والحية في كيس.. طلعت الحية تستغيث". هذه هي الصورة الجديدة التي رسمها الوجدان الشعبي المصري لليهود، بعد أن تم خلط السياسة اليهودية بالديانة اليهودية، من خلال الحركة الصهيونية، فأساءت هذه السياسة للدين اليهودي، الذي يحظى بكل احترام وتقدير عند المصريين. ونؤكد مرة أخرى أن الوجدان الشعبي المصري عندما يستخدم وصفًا سيئًا لليهود، فليس المقصود به الدين اليهودي، وإنما المقصود السياسة اليهودية، التي تُعتبر إسرائيل أكبر صورة تتجلى فيها، وتعبر عنها.
إن الأديان السماوية الثلاثة تتسم بالنقاء والصفاء والتسامح والتعايش في أزهي صوره، وإنما تكمن الأزمة عندما يتم توظيف السياسة في الدين، أو يتم استغلال الدين سياسبا. هذا هو الخطر الحقيقي الذي يمكن أن يهدد هذه الروح المسالمة والمتعايشة، بل يهدد البشرية كلها. وللحديث بقية؛ استكمالًا للبحث عن سبل الحوار المجتمعي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المجتمع المصري أبو زید بعد أن
إقرأ أيضاً:
"بنات فاتن" و"الست لما".. يسرا تقدم وجهيها الشعبي والكوميدي في عملين متتاليين
تواصل الفنانة الكبيرة يسرا مسيرتها الفنية بخطى واثقة تجمع بين التنوع والجرأة، حيث تخوض خلال الفترة الحالية تجربتين سينمائيتين جديدتين، الأولى من خلال فيلم "بنات فاتن" الذي تقدم فيه دورًا شعبيًا مميزًا، والثانية عبر فيلم كوميدي خفيف بعنوان "الست لما"، وسط مشاركة عدد كبير من نجوم الفن في كلا العملين، وتوقعات جماهيرية بمفاجآت قوية في كل منهما.
يسرا تجسد شخصية سيدة شعبية في "بنات فاتن"انتهت الفنانة يسرا مؤخرًا من تصوير عدد من مشاهد فيلمها الجديد "بنات فاتن"، حيث تجسد فيه دور سيدة شعبية تقيم بمنطقة بولاق.
وتعد هذه الشخصية نقلة مختلفة في مسيرتها، إذ تظهر يسرا خلال الأحداث بصورة جديدة تعكس تنوع اختياراتها الفنية.
ويشارك في بطولة العمل عدد من النجوم، منهم: الفنانة الشابة هدى المفتي، باسم سمرة، النجم السوداني مصطفى شحاتة، مواطنته الفنانة إسلام مبارك، إلى جانب الفنان حمدي هيكل. الفيلم من تأليف أمينة مصطفى، ويعكس طابعًا اجتماعيًا وإنسانيًا يدور في قلب الأحياء الشعبية المصرية.
التحضيرات جارية لفيلم "الست لما" في أجواء كوميديةمن جهة أخرى، تستعد يسرا خلال الأيام المقبلة لبدء تصوير فيلمها الجديد "الست لما"، بعد الانتهاء من معاينة مواقع التصوير والتعاقد رسميًا مع أبطال العمل.
و تدور أحداث الفيلم في إطار لايت كوميدي، ويجمع نخبة من النجوم، في مقدمتهم: ياسمين رئيس، درة، دنيا سامي، انتصار، عمرو عبد الجليل، محمود البزاوي، ماجد المصري، ورانيا منصور.
ويتوقع أن يشهد الفيلم مشاهد فكاهية تجمع يسرا بعدد من النجوم المشاركين، مما يمنحه طابعًا جماهيريًا، ويعيد يسرا إلى الأدوار الكوميدية التي تميزت بها في مراحل متعددة من مشوارها الفني.
رنا وندا السبكي تقودان الإنتاج والرهان على الكوميدياكانت المنتجتان رنا وندا السبكي قد أعلنتا عن تعاقدهما مع النجمة يسرا لبطولة الفيلم الجديد "الست لما"، الذي ينتمي لنوعية الأعمال الكوميدية الخفيفة، الفيلم من تأليف كيرو أيمن ومحمد بدوي، وإخراج خالد أبو غريب، ومن المقرر بدء تصويره رسميًا خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأكدت المنتجة ندا السبكي في تصريحات صحفية أن التعاقدات مع باقي فريق العمل تجري حاليًا، وستُعلن عن أسماء النجوم المشاركين خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن الفيلم سيحمل مفاجآت عديدة للجمهور، خصوصًا في ظل التعاون مع نجمة بحجم يسرا.
آخر مشاركات يسرا في السينما والدرامايُذكر أن آخر ظهور سينمائي ليسرا كان في فيلم "شقو"، حيث شاركت فيه بظهور خاص إلى جانب نخبة من النجوم أبرزهم: عمرو يوسف، محمد ممدوح، دينا الشربيني، وأمينة خليل. العمل من تأليف وسام صبري، وإخراج كريم السبكي.
و أما في الدراما، فقد أطلت يسرا كضيفة شرف في الحلقة الأخيرة من مسلسل "كامل العدد ++"، الذي عُرض خلال شهر رمضان 2025، وشارك فيه عدد كبير من النجوم منهم: دينا الشربيني، شريف سلامة، إسعاد يونس، حسين فهمي، إنجي المقدم، ومريم الخشت، وكان من تأليف رنا أبو الريش ويسر طاهر، وإخراج خالد الحلفاوي.