محمد عمارة يكتب: التسويق وقناة السويس
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
بعد الطفرة التى حققتها الدولة فى تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بموانيها والتوسّع الذى شمل مضاعفة مساحتها نحو ٢٠ ضعفاً، وأصبحت مساحتها الآن قرابة ٤٥٥ كيلومتراً مربعاً، يبقى السؤال: ماذا ينقص المنطقة الاقتصادية لقناة السويس حتى تحقّق التنافسية التى تليق بما تم فيها من جهود وتطوير، وبما يليق بمكانة مصر، حيث إن ما تم إنفاقه والعائد منه بعيد، ونرجع للسؤال: ماذا ينقص المنطقة الاقتصادية للقناة حتى تُحقق التنافسية؟
والإجابة عن هذا السؤال تكمن فى كلمة واحدة ألا وهى «التسويق»، والتسويق علم كبير ومتشعب وركائزه تقوم على كل من احتياجات السوق ومدى رضا المسوق إليه ورفع الولاء عنده، ودعونا نستفيض بأنه ما زال الكثير يخلط بين الإعلام والتسويق، وشتان بين هذا وذاك، فالتسويق خطط واستراتيجيات، وكيفية ابتكار الأفكار التى من شأنها خلق الميزة التنافسية التى تجعلك مميزاً عن غيرك، وتجعل المستهلك يبحث عنك، ومن ثم تسهل وترسم الطريق للإعلام، أما كلمة ترويج فهى أحد عناصر المزيج التسويقى الأربعة، وهى المنتج والسعر والمكان والترويج، إذن سيصعب الترويج لمنتج سعره أقل عند منافس أمامى، ومن هذا المنطلق فإن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تفتقر إلى التسويق بمفهومه الشامل، كما تفتقر إليه بمفهومه التخصّصى، وهو التسويق الأزرق، وليس بمفهومه الكلاسيكى فقط باستراتيجيات المحيط الأزرق، والبحث عن حصة سوقية، بل والمتعلق بجميع الاقتصاديات الزرقاء المتعلقة بالبحار والموانئ.
إن عبقرية المكان والمكانة لمصرنا الحبيبة تستحق أن نحسن استغلالها والتفكير خارج الصندوق من خلال استراتيجية وطنية تسويقية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ذات مسار تشريعى ومؤسسى، وإلى من يهمه الأمر المسار التشريعى مهم جداً، والحوافز الاستثمارية والضريبية ستعود على المستثمر، والمسار المؤسسى المهم وآليات التشبيك بين المؤسسات وعدم الإرهاق التنظيمى الذى سيعود بالسلب على المستثمر، والدراسة التسويقية الدورية لقياس مؤشرات قياس أداء تلك الاستراتيجية وعمل دليل مشروعات للهيئة متكامل ودراسة احتياجات السوق والعملاء، وبناءً عليه يتم إعداد كتالوج مشروعات ومراجعة التشريعات مراجعة دقيقة لنكون بيئة جاذبة للاستثمار وإدخال الحوافز التشريعية وإدخال أفكار مجالات جديدة، مثال على ذلك «تخريد السفن»، تلك الصناعة المهمة التى يعتمد عليها الكثير من اللوجيستيات الكبرى وصيانة وإصلاح وتموين السفن، وسياحة المعارض والمؤتمرات اللوجيستية وتصنيع كونتينرات التحميل وربط موقع المنطقة الاقتصادية بالجنوب، واستغلال الموقع العبقرى كسفاجا ومطروح، ووجود مصانع كبرى فى هذه المناطق، والتى ستخدم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وتربيط لوجيستى اقتصادى صناعى تجارى بين المقاومات الزرقاء لوطننا الغالى شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وأخيراً وليس بآخر إن الدولة المصرية تسابق الزمن فى ظل ظروف اقتصادية عالمية صعبة لم يشهد العالم مثلها منذ عقود، وأنا أؤمن بعقيدة راسخة بأنه فى الظروف الاستثنائية لا بد من قرارات استثنائية، لأن نمطية الإدارة الكلاسيكية من خلال الوظائف الإدارية فقط دون مراعاة الهدف ستكون غير مجدية، والأهم هو الإدارة بالأهداف من خلال الوظائف الإدارية والارتكاز على العلم المصحوب بالخبرات، والأهم هو أن نثق بكوادرنا العلمية، لأننا نستطيع.. حفظ الله وطننا الغالى النفيس.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محمد عمارة قناة السويس تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس المنطقة الاقتصادیة لقناة السویس
إقرأ أيضاً:
الدكتور محمد عبد الوهاب يكتب: هل يُعد قرار الفيدرالي بشراء السندات قصيرة الأجل بداية انتعاش اقتصادي عالمي؟
في خطوة مفاجئة تحمل بين سطورها الكثير من الرسائل، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدء شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة 40 مليار دولار شهريًا، فهل نحن أمام تدخّل فني لضبط السيولة؟ أم أن هذه الخطوة تمهّد لانعطاف في الدورة الاقتصادية العالمية؟ في هذا المقال، نقرأ ما وراء القرار، ونحلّل إشاراته وتأثيره الحقيقي على الأسواق.
في 10 ديسمبر 2025، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أنه سيبدأ في شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة نحو 40 مليار دولار شهريًا، اعتبارًا من 12 ديسمبر، بهدف ضمان وفرة السيولة في النظام المالي وتحقيق السيطرة الفعالة على أسعار الفائدة.
هذه الخطوة تأتي مباشرة بعد نهاية برنامج التشديد الكمي (QT) الذي خفّض ميزانية الفيدرالي من نحو 9 تريليونات دولار إلى نحو 6.6 تريليون دولار خلال السنوات الماضية.
القرار ذاته يحمل منحى فنيًا بحتًا وفق تصريحات باول، وهو ليس إعلانًا عن تغيير في السياسة النقدية،
لكنه إجراء يهدف لضمان وفرة الاحتياطيات لدى البنوك، بعد ضغوط متكررة في أسواق التمويل قصيرة الأجل.
من زاوية الأسواق المالية، يمكن قراءة هذا التحرك كتخفيف غير رسمي للسيولة:
- السيولة الإضافية قد تُسهّل الإقراض وتدعم أسواق المال.
- انخفاض الضغط على أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
- احتمالية تجنّب ارتفاعات مفاجئة في معدلات “ريبو” أو تمويل بين البنوك.
الإجابة على ما إذا كان هذا القرار يمثل بداية انتعاش اقتصادي عالمي ليست قطعية، بل ميسّرة بين إشارات إيجابية وحذر.
جانب التفاؤل:
- ضخ 40 مليار دولار شهريًا يعكس رغبة في منع اشتداد الضغوط السوقية قبل دخول الأسواق فترة تقلبات نهاية العام.
- هذا الإجراء قد يخفّف من تكلفة الاقتراض قصيرة الأجل ويمنح المستثمرين ثقة أكبر.
جانب الحذر:
- الخطوة لا تُصرح بأنها إجراء تحفيزي صريح بقدر ما هي تدبير تقني للحفاظ على الاستقرار.
- استمرار السيولة يتطلب مراقبة تأثيرها على التضخم قبل اعتبارها بوادر انتعاش حقيقي.
الخلاصة، فإن قرار الفيدرالي بشراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة نحو 40 مليار دولار شهريًا ليس إعلانًا عن دورة تحفيز جديدة،
لكنه يعكس رغبة البنك المركزي في الحفاظ على استقرار السوق واستمرارية السيولة. هذا التحوّل يمكن أن يكون إشارة مبكرة نحو تقليل مخاطر النظام المالي،
وقد يساهم في تهدئة الأسواق، لكنه ليس وحده كافيًا لإعلان بداية انتعاش اقتصادي عالمي. إنما هو خطوة استباقية قد تفتح المجال لتطورات إيجابية إذا تبعها تحسن في النمو والطلب العالمي.