باستفاضة، تحدث مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وليام بيرنز، في مقال مطول بمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية (Foreign Affairs)، عن تطور تقنيات التجسس ووظيفة المخابرات بالإضافة إلى تقديراته بشأن كل من روسيا والصين وحرب إسرائيل وحركة "حماس" ودور إيران.

فتحت عنوان "فن التجسس وفن الحكم.. تحويل وكالة المخابرات المركزية لعصر المنافسة"، قال بيرنز، في المقال الذي ترجم "الخليج الجديد" مقتطفات منه: "ما دامت الدول تحجب الأسرار عن بعضها بعضا، فقد حاولت سرقتها من بعضها بعضا.

وسيظل التجسس جزءا من فن الحكم، حتى مع تطور تقنياته باستمرار".

وأضاف أن "الاختبار الحاسم للتجسس هو مساعدة صانعي السياسات على التنقل بسلاسة في التحولات العميقة بالمشهد الدولي خلال لحظات مفصلية لا تأتي إلا بضع مرات كل قرن".

واعتبر أن "أمريكا تواجه اليوم واحدة من هذه اللحظات النادرة، مثل فجر الحرب الباردة (1947-1991) أو فترة ما بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001؛ إذ يشكل صعود الصين والانتقام الروسي تحديات جيوسياسية مروعة، إذ لم تعد الولايات المتحدة تتمتع بالقوة التي لا منافس لها".

و"الوقت الراهن هو وقت التحديات التاريخية للوكالة ومهنة المخابرات بأكملها، مع التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية التي تشكل اختبارا غير مسبوق"، كما زاد بيرنز.

وتابع: "مما يزيد الأمور تعقيدا بروز ثورة في التكنولوجيا، فمن الرقائق الدقيقة إلى الذكاء الاصطناعي إلى الحوسبة الكمومية، تعمل التقنيات الناشئة على تغيير معالم العالم، ومنها التجسس، وتجعل مهمة الوكالة أصعب؛ إذ تمنح الخصوم أدوات جديدة قوية لإرباكنا والتهرب منا والتجسس علينا".

وقلل بيرنز من احتمال هيمنة الذكاء الاصطناعي على التجسس بقوله: "يظل التجسس تفاعلا بين البشر والتكنولوجيا، وتوجد أسرار لا يستطيع سوى البشر جمعها، ويجب على الوكالة أن تمزج بين التقنيات الناشئة والمهارات الإنسانية".

وزاد بأن "الثورة في الذكاء الاصطناعي، وسيل المعلومات المفتوحة المصدر إلى جانب ما يجمعونه سرا، تخلق فرصا تاريخية جديدة لمحللي الوكالة، التي تعمل على تطوير أدوات جديدة للذكاء الاصطناعي للمساعدة في استيعاب كل هذه المواد بشكل أسرع وأكثر كفاءة".

بيرنز شدد على أنه "بينما تستهلك الصين وروسيا الكثير من اهتمامهم، فإنهم لا يستطيعون إهمال التحديات الأخرى، وبينها مكافحة الإرهاب وغزو الفنتانيل (مادة أفيونية اصطناعية تقتل عشرات الآلاف في الولايات المتحدة سنويا)".

اقرأ أيضاً

المخابرات المركزية الأمريكية شكلت وحدة جديدة لجمع معلومات عن قادة حماس 

روسيا.. غزو أوكرانيا

ومتطرقا إلى أبرز القضايا الراهنة، اعتبر بيرنز أن "حقبة ما بعد الحرب الباردة بلغت نهايتها التامة حين غزت روسيا (جارتها) أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022".

وأضاف أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجسد انعدام الأمن حاليا، وإصراره المأساوي والوحشي على السيطرة على أوكرانيا كشف نقاط ضعف روسيا الاقتصادية والعسكرية، وجرها إلى وضع التابع اقتصاديا للصين، كما دفع حلف (حلف شمال الأطلسي) "الناتو" إلى النمو بشكل أكبر وأقوى".

رجح أن "يكون هذا العام صعبا في حرب أوكرانيا، وربما يكون اختبارا للبقاء في السلطة (...) ومفتاح النجاح يكمن في استمرار المساعدات الغربية لأوكرانيا".

بيرنز أوضح أن "هذه المساعدات بالنسبة لأمريكا هي استثمار قليل التكلفة نسبيا مع عوائد جيوسياسية كبيرة لها وعوائد ملحوظة للصناعة الأمريكية".

وحذر من أن "انسحاب الولايات المتحدة من الصراع في هذه اللحظة الحاسمة وقطع الدعم عن أوكرانيا ستكون له عواقب سلبية تاريخية".

واعتبر أن أنه "تحت السطح الكثيف للدعاية والقمع الحكومي الروسيين والتيار الخفي من السخط، تبرز للوكالة فرص للتجنيد لا تأتي إلا مرة واحدة في كل جيل، ولن ندعها تذهب سدى".

اقرأ أيضاً

ما الذي يمكن أن تتعلمه إسرائيل من فشلين للمخابرات الأمريكية؟

الصين.. التهديد الأكبر

وفي حين أن روسيا قد تشكل التحدي الأكثر إلحاحا، فإن الصين هي التهديد الأكبر على المدى الطويل، ولهذا أعادت الوكالة خلال العامين الماضيين تنظيم نفسها لتعكس هذه الأولوية، وفقا لبيرنز.

وأضاف أن "بكين هي المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي ولديها القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للقيام بذلك".

واعتبر أنه "بالنسبة للرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي يميل إلى رؤية الولايات المتحدة كقوة متلاشية، فإن الدعم الأمريكي القوي لأوكرانيا كان مفاجئا".

وأوضح بيرنز أن "استعداد الولايات المتحدة لإلحاق الألم الاقتصادي ببوتين يتناقض بقوة مع اعتقاد الصين أن أمريكا كانت في حالة تدهور نهائي".

وشدد على أن "الدعم المادي (الأمريكي) المستمر لأوكرانيا لا يأتي على حساب (دعمها) تايوان (في مواجهة الصين)، ويرسل رسالة مهمة عن عزم الولايات المتحدة على مساعدة تايوان".

اقرأ أيضاً

المخابرات الأمريكية: منطاد التجسس الصيني جزء من برنامج موسع هذه تفاصيله

إسرائيل.. حماس وإيران

تذكير مؤلم بتعقيد الخيارات التي لا يزال الشرق الأوسط يطرحها على الولايات المتحدة. هكذا علق بيرنز على الحرب المتواصلة في غزة بين "حماس" وجيش الاحتلال الإسرائيلي، المدعوم أمريكيا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وتابع أن "الشرق الأوسط حاليا أكثر تشابكا أو انفجارا من أي وقت مضى.. وتوجد مشاكل صعبة للغاية، منها إنهاء العملية البرية الإسرائيلية المكثفة في غزة، وتلبية الاحتياجات الإنسانية العميقة الفلسطينيين، وتحرير الأسرى (الإسرائيليين في غزة)، ومنع انتشار الصراع إلى جبهات أخرى في المنطقة، وتشكيل نهج عملي لـ"اليوم التالي" في غزة (مستقبل القطاع)".

وأضاف أن "إحياء الأمل في سلام دائم يضمن أمن إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية والاستفادة من الفرص التاريخية للتطبيع مع السعودية ودول عربية أخرى، هي أمور يصعب تخيل احتمالاتها وسط الأزمة الحالية".

بيرنز اعتبر أن "مفتاح أمن إسرائيل والمنطقة هو التعامل مع إيران حول برنامجها النووي وتمكينها العدوان الروسي وكبح الحوثيين".

وأضاف أن بلاده "ليست مسؤولة حصرا عن حل أي من مشاكل الشرق الأوسط المزعجة، لكن لا يمكن إدارة أي منها، ناهيك عن حلها، بدون قيادة أمريكية نشطة".

اقرأ أيضاً

المخابرات الأمريكية: حلم روسيا بإنشاء قاعدة بحرية في السودان تبدد حاليا

المصدر | وليام بيرنز/ فورين أفيرز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: وليام بيرنز المخابرات الأمريكية روسيا الصين حماس إيران الولایات المتحدة اقرأ أیضا وأضاف أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

أميركا والصين تتفقان على تمديد الهدنة التجارية

اتفقت الولايات المتحدة والصين، اليوم الثلاثاء، على تمديد الهدنة التجارية بينهما، عقب محادثات استمرت يومين في العاصمة السويدية ستوكهولم.
وقال لي شينجانج، نائب رئيس وزراء الصين ورئيس وفدها في المحادثات التجارية، إن الجانبين أجريا مناقشات "بناءة وصريحة"، واتفقا على استمرار العمل بمستويات الرسوم الجمركية الراهنة، والتي تبلغ 30% على واردات الولايات المتحدة من المنتجات الصينية، و10% على المنتجات الأميركية المُصدرة إلى الصين.
وأضاف شينجانج أن الجانبين خاضا مشاورات "شاملة ومتعمقة" حول القضايا الاقتصادية الجزئية، وتوافقا على مواصلة "التواصل مع بعضهما البعض في الوقت المناسب بشأن القضايا التجارية والاقتصادية".
يذكر أن مسؤولين صينيين وأميركيين عقدوا جولتهم الأخيرة من المحادثات التجارية في ستوكهولم، يومي الاثنين والثلاثاء، في محاولة لكسر الجمود بشأن أزمة الرسوم الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم.

أخبار ذات صلة ترامب يهدّد بفرض عقوبات جديدة على روسيا ليديكي تقترب من فيلبس بـ «الرقم 22»! المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • الصين تصدر تحذيرًا من حدوث موجات تسونامي بعد زلزال روسيا
  • هجمات لصالح روسيا.. بولندا توجه تهمة الإرهاب لكولومبي محتجز في التشيك
  • لتخفيف التوترات بشأن الرسوم التجارية.. استئناف اليوم الثاني من المحادثات بين الولايات المتحدة والصين
  • أميركا والصين تتفقان على تمديد الهدنة التجارية
  • تراجع أسعار الذهب وارتفاع الدولار وسط ترقب لمصير الهدنة التجارية الأمريكية مع الصين
  • واشنطن تستهلك ربع مخزون “ثاد” في حرب “إسرائيل” وإيران
  • سي إن إن: أميركا استنفدت ربع مخزونها من صواريخ ثاد خلال حرب إسرائيل وإيران
  • 12 يوما تهز البنتاغون.. حرب الاحتلال وإيران تفضح أنظمة الدفاع الأمريكية
  • عطاف يستقبل المستشار الرفيع لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية لإفريقيا
  • كيم يهدد ويحتفل: لا ننسى الصين ولا نتهاون مع الإمبريالية الأمريكية!