من مآسي حرب السودان: الاتجار بالنساء
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
عثمان ميرغني
من الفصول المأساوية المظلمة في حرب السودان الراهنة، الانتهاكات والعنف الجنسي ضد النساء. على مدى أشهر الحرب، صدرت تقارير وشهادات وروايات عن حالات الاغتصاب والعنف الجنسي واختطاف فتيات صغيرات واستعبادهن، رافقتها إدانات دولية واسعة، وسط ذهول وغضب واسعين بين السودانيين. خلال الأيام القليلة الماضية عادت القضية إلى السطح مجدداً مع نشر تقارير وشهادات جديدة توثق وتدين هذه الظاهرة الخطيرة والبشعة.
قصص أشبه بكوابيس، وروايات تدمي القلب تسمعها وتكاد لا تصدق من هول ما تسمع.
في مقطع صوتي متداول أخيراً يحكي رجل عن تجربة تاجر شاهد في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور سوقاً لبيع بنات مختطفات من شمال السودان وكانت من بينهن صبية صغيرة عمرها 11 سنة تبكي بينما يساوم رجال قال إنهم من النيجر وتشاد لشرائها. أشفق عليها التاجر وقرر إنقاذها فدفع ما يعادل نحو 4900 دولار، وأخذها إلى بيته وأسرته فاهتموا بها وعلموا أنها من منطقة الخرطوم بحري وحصلوا منها على رقم هاتف أهلها وتواصلوا معهم لإبلاغهم بإنقاذ ابنتهم من مصير مظلم مجهول.
وجود مثل هذه السوق وثقته أيضاً شهادات سكان وهيئات من دارفور، ومنظمات حقوقية دولية معنية بحقوق الإنسان. فقد نشر «المركز الأفريقي لدراسات السلام والعدالة» تقريراً مفصلاً هذا الأسبوع عن الاستعباد الجنسي وعن سوق لبيع النساء في «خور جهنم» بدارفور أورد فيه روايات مرعبة عن اختطاف المسلحين نساءً من مناطق الحرب في شمال السودان وبشكل خاص من الخرطوم وضواحيها، واقتيادهن إلى دارفور، حيث يجري استعبادهن جنسياً، وبيع بعضهن لذات الغرض، والمساومة في بعض الحالات مع أسر بعضهن لدفع فدية مقابل الإفراج عنهن.
وقال مساعد محمد، مدير المركز، إن تقريرهم مصحوب بأدلة، وروايات شهود عيان، ومقابلات مع 45 من الضحايا والشهود وأسر ناجيات من الخطف تم تحريرهن إما بواسطة الجيش السوداني وإما من خلال عمليات دفع فدى للخاطفين.
وفي إطار الإعداد للتقرير الذي استغرق ثلاثة أشهر من البحث الميداني، تواصل باحثون من المركز مع مواطنين من مدن وبلدات وقرى عدة في دارفور ونقلوا شهاداتهم مع حجب أسمائهم الحقيقية حفاظاً على سلامتهم.
استناداً إلى التقرير فإن البحث قاد إلى إفادات حول مشاهدة نساء وفتيات على متن سيارات بعضهن مقيد بالسلاسل ما يرجح خطفهن من مدينة الخرطوم. ونقل عن أربعة مدنيين من المقيمين بمنطقة كويم الملاصقة للبوابة الغربية لمدينة الفاشر بشمال دارفور، أنهم شاهدوا أكثر من 70 سيارة ماركة «تويوتا» نصف نقل محملة بصناديق وأشياء أخرى، وأكثر من 10 سيارات بها فتيات وفي أيديهن السلاسل. وذكر أحد سكان المنطقة أن الظاهرة رصدت للمرة الأولى في مايو (أيار) 2023، أي بعد أسابيع قليلة من اندلاع الحرب في الخرطوم، ثم أخذت في التنامي في شهر يونيو (حزيران).
المؤكد أن الظاهرة متواصلة مع استمرار الحرب وتوسعها في مناطق أخرى، إذ تحدثت تقارير أخرى عن حالات اختطاف بواسطة المسلحين من ولاية الجزيرة التي اقتحمت «قوات الدعم السريع» حاضرتها، مدني، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأكد الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة على لسان الشفيع محمد علي المدير التنفيذي لجمعية تنظيم الأسرة بالسودان، أنه وبعد مرور 10 أشهر على الحرب «ارتفعت معدلات العنف ضد النساء بشكل مخيف للغاية، خصوصاً العنف الجنسي المتصل بالصراع، وعمليات الخطف، والإخفاء القسري، وإجبار النساء على مساعدة المسلحين بالإكراه».
ولأن كل التقارير الدولية والمحلية وجّهت الاتهام لـ«قوات الدعم السريع»، رأينا بياناً من هذه القوات هذا الأسبوع يرد بالنفي على تقرير صادر من «شبكة المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي» أحصى 104 حالات اختطاف قسري لنساء وفتيات صغيرات في السن. وقالت «الدعم السريع» إنها «ملتزمة بالقانون الدولي والإنساني»، وإنها «تتابع تصرفات الأفراد ولن تسمح بأي تجاوزات». لكن وزارة الخارجية السودانية قالت إن تقرير الشبكة يعضد ما جاء في البيان الصادر عن 32 من خبراء حقوق الإنسان والمقررين الخاصين للأمم المتحدة في قضايا حماية المرأة والطفل ومكافحة العنف الجنسي.
الثابت أن هذه الحرب أفرزت ظواهر كثيرة هزّت السودانيين، وستبقى آثارها لوقت طويل بعد أن تنتهي. فهناك أسر لا تعرف حتى اللحظة مصير بناتها المختفيات، وأسر تحاول أن تدفن أحزانها وتتكتم على الاعتداءات التي تعرضت لها النساء، وذلك بسبب الخوف من العار في المجتمع السوداني الذي يتعامل بحساسية عالية مع قضايا الشرف وينبذها بوصفها دخيلة عليه، ومتصادمة مع قيمه. لذا فإن هذه القضية ستكون من بين القضايا التي تحتاج إلى انتباه خاص من جهات الاختصاص لتوفير الدعم النفسي والطبي للضحايا وأسرهن، والتوعية بشكل عام في سبيل التصدي لمثل هذه الظواهر، لأنه لا يمكن الحديث عن اجتثاثها ما دامت هناك حروب تظهر فيها أسوأ أمراض النفس البشرية.
فالسودان ليس وحيداً في هذا المجال، وقد عانت مجتمعات ودول أخرى منها، بل إن السودان ذاته عانى من هذه الممارسات في مناطق صراعات قديمة وبشكل خاص في حرب دارفور بمراحلها المختلفة. صحيح أن الصدمة اليوم أكبر لأنها وصلت إلى مناطق أوسع، وجهات لم تعرفها وتألفها من قبل، ما يعني ضرورة تسخير جهود وموارد لدعم المنظمات والهيئات العاملة في مجال محاربة هذه الظواهر ومساندة ضحاياها.
الانتهاكات الواسعة التي حدثت ليس من المقبول لأي جهة أن تصفها بأنها مجرد «تفلتات» لا سيما أنها حدثت على نطاق واسع وبطريقة بدت ممنهجة وانتقامية أحياناً. وواهم مَن يعتقد أن الجروح الغائرة التي خلفتها هذه الحرب ستندمل بسرعة، أو أن السودانيين سينسون بسهولة. طريق التعافي سيكون صعباً، والمحاسبة القانونية لا بد أن تكون جزءاً من هذا الطريق.
الوسومعثمان ميرغنيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: عثمان ميرغني
إقرأ أيضاً:
جمعية القصة والرواية في اتحاد الكتاب تستعيد نصوصاً قديمة عن مآسي العهد البائد
دمشق-سانا
شكلت الجلسة الأولى لجمعية القصة والرواية في اتحاد الكتاب العرب بعد إعادة هيكلته فرصة للأدباء لقراءة قصصهم التي تناولت المآسي التي تجرّعها السوريون في زمن العهد البائد.
وتنوعت هذه القصص في مضامينها وأساليبها، حيث قرأ الأديب أسامة آغا قصة بعنوان “اجتياح” تتحدث عن شخص من حلب يتخيل أنه يهرب من الواقع المرير المفروض على المدينة في تلك الحقبة، بينما تحدثت القصة التي قرأها الأديب منصور حاتم بعنوان “حقيقة موت عطا” عن شخص يهرب إلى لبنان من وطأة الحرب، فيما قرأ القاص خلف الزرور قصة بعنوان “حقيقة موت عطش السايق”، وتناولت مأساة إنسان عجز عن مد العون لأهالي بلدته عندما استبيحت كرامتهم على يد الأجهزة الأمنية، زمن النظام البائد.
وبين رئيس جمعية القصة والرواية عماد نداف في تصريح لـ سانا أنه تم خلال الجلسة أيضاً رفع توصية للاتحاد تتعلق بحصر موافقة النشر للاتحاد من دون الحاجة لوزارة الإعلام، وإعادة دراسة الكتاب الذين رفض انتسابهم لاتحاد الكتاب السابق، رغم أن لديهم عملين أدبيين منشورين.
ولفت إلى أن هناك توصية أخرى بتبني الاتحاد لنشر النصوص التي كانت تمنع سابقاً، وتناولت مأساة الإنسان السوري في المرحلة السابقة.
كما تحدثت الأديبة فدوى عبود عن تجربتها في الأدب وفي لجان التحكيم، وأشارت إلى مقومات القصة الحديثة، ودعت إلى إطلاق مسابقة أدبية تخلد أسماء السوريين الراحلين الذين ناصروا الثورة، أمثال فدوى سليمان ومحمد فارس.
وفي مداخلات بعد الانتهاء من قراءة القصص دعا عدد من الحضور إلى تطوير اتحاد الكتاب حيث بين المسرحي داوود أبو شقرة أنه مع عقد أي مؤتمر استثنائي جديد لاتحاد الكتاب، وأن تثبيت أي زميل جديد يجب أن يكون وفق معايير واضحة يقرها الاتحاد.
بينما دعا الأديب سامر منصور إلى ما سمّاه لمّ شمل ثقافي قبل عقد المؤتمر الاستثنائي، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالنصوص التي لم تكن تنشر سابقاً.
اتحاد الكتاب 2025-05-08Zeinaسابق أكثر من 22800 طفل يستفيدون من حملة تعزيز اللقاح الروتيني في السويداء انظر ايضاً نشأة المسرح العربي… محاضرة في فرع حمص لاتحاد الكتابحمص-سانا قدم الكاتب المسرحي تمام العواني لمحة موجزة عن تجارب المسرحيين الكبار في سورية ومصر …
آخر الأخبار 2025-05-08أكثر من 22800 طفل يستفيدون من حملة تعزيز اللقاح الروتيني في السويداء 2025-05-08وزير الاقتصاد والصناعة لـ سانا.. نعمل على نموذج اقتصادي يلائم سوريا الجديدة ومصلحة شعبها 2025-05-08تفقد سير الامتحانات في الثانوية الزراعية والبيطرية بحمص 2025-05-08وزير الأوقاف يبحث مع القائم بأعمال سفارة أذربيجان تعزيز التعاون في الشؤون الإسلامية 2025-05-08وزير المالية: نشكر قطر على المنحة الكريمة المقدمة لتسديد جزء من فاتورة الأجور والرواتب الحالية والبالغة 29 مليون دولار أمريكي شهرياً 2025-05-07غرفة تجارة دمشق تبحث فرص التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) لتعزيز الاستثمار ودور القطاع الخاص في سوريا 2025-05-07الرئيس الشرع خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي: لا مبرر لبقاء العقوبات بعد إسقاط النظام.. ماكرون: فرنسا ستساعد في رفعها 2025-05-07بحث سبل تعزيز التعاون في مجال النقل البري بين سوريا والأردن والعراق 2025-05-07وزير الإعلام يبحث مع وزير التنمية الإدارية وصحفيين وفنانين تطوير المؤسسات الإعلامية ودور الفن في المجتمع 2025-05-07وزارة التنمية الإدارية تنظم ورشة تدريبية لتعزيز التنظيم المؤسسي
صور من سورية منوعات تطبيق موبايل يوصل صوت الصم للحصول على خدمات الإسعاف 2025-04-27 صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |