السودان: تصاعد الأزمة الإنسانية وتآكل سيطرة المليشيا في دارفور
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
تشهد الساحة السودانية تطورات متسارعة تنذر بمزيد من الانزلاق نحو الكارثة الإنسانية والسياسية، في ظل تصاعد العنف، واتساع رقعة النزوح، واستمرار الانهيار الأمني خاصة في إقليم دارفور.
تصعيد ميداني خطير واستهداف للمدنيين
في واحدة من أعنف الهجمات منذ بدء الصراع، تعرض مستشفى المجلد بغرب كردفان لهجوم دموي أودى بحياة أكثر من 40 مدنيًا، بينهم أطفال وعاملون صحيون.
تزامن ذلك مع استمرار ضربات جوية ومسيرات تستهدف مناطق سكنية في عدد من المدن، ما فاقم الأزمة الإنسانية وفتح الباب أمام اتهامات جديدة بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني.
مجاعة تهدد ملايين السودانيين
في جبال النوبة، باتت المأساة الإنسانية أكثر وضوحًا، حيث يعتمد السكان على أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة وسط انقطاع المساعدات بشكل كامل، وظهور وفيات يومية نتيجة الجوع والأمراض. وتؤكد التقارير أن فصل الأمطار المقبل قد يزيد من حدة الأزمة في ظل عجز المنظمات الإنسانية عن الوصول وضعف التمويل الدولي.
نزوح جماعي وأزمة لاجئين متفاقمة
تجاوز عدد النازحين واللاجئين 4 ملايين شخص منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، مع تدفق مستمر نحو تشاد والدول المجاورة. وتعاني جهود الإغاثة من نقص حاد في التمويل لم يتجاوز 14% من الاحتياجات، مما يهدد حياة مئات الآلاف.
ردود الفعل الدولية والعقوبات
أعرب مجلس الأمن ومفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عن قلقهم من الانتهاكات بحق المدنيين، محذرين من انزلاق الأوضاع نحو جرائم ضد الإنسانية. وفي خطوة تصعيدية، أعلنت الولايات المتحدة دخول حزمة عقوبات جديدة ضد السودان حيّز التنفيذ، تشمل وقف القروض والمساعدات العسكرية وحظر تصدير السلع ذات الطابع الأمني.
في المقابل، طالبت الحكومة الانتقالية السودانية المجتمع الدولي بفرض عقوبات على قوات الدعم السريع وداعميها الإقليميين، وتصنيفها ضمن قوائم الإرهاب.
تمويل الحرب عبر الذهب
أصبحت عمليات تهريب الذهب المصدر الأبرز لتمويل الحرب، حيث تشير التقديرات إلى تهريب أكثر من نصف إنتاج البلاد (نحو 80 طنًا عام 2024)، لدعم شراء الأسلحة والطائرات المسيرة لدى طرفي الصراع.
انهيار أمني في نيالا وهروب قيادات
في نيالا، عاصمة جنوب دارفور، شهدت المدينة اشتباكات عنيفة وفوضى أمنية عارمة مع استمرار القتال بين فصائل الدعم السريع ومسلحين قبليين. ووقعت سلسلة من الجرائم ذات الطابع العرقي، أبرزها مقتل رموز من قبيلة الزغاوة وإصابة آخرين، وسط اتهامات مباشرة للدعم السريع بالمسؤولية.
كما وقعت اشتباكات في سجني دقريس وكوبر بنيالا أسفرت عن هروب سجناء، بينهم ضباط من الجيش ومواطنون وعناصر من الدعم السريع، ما زاد المشهد تعقيدًا.
مصادر محلية أكدت فرار نائب قائد الدعم السريع عبد الرحيم دقلو من المدينة بعد فشل مساعيه في احتواء الأوضاع، بينما أفادت معلومات بأن القائد حميدتي غادر إلى تشاد ومنها إلى أبو ظبي، تاركًا قواته في حالة من الفوضى.
تلخيص محاور الأزمة
-القصف الجوي واستهداف المدنيين تصعيد دموي واستهداف البنى التحتية
المجاعة وفيات يومية وجبال النوبة في كارثة إنسانية.
-نزوح أكثر من 4 ملايين لاجئ ونازح وضعف التمويل.
-الانهيار الأمني فوضى عارمة بدارفور وهروب قيادات الدعم السريع
الموقف الدولي عقوبات أمريكية وتحذيرات أممية من جرائم إبادة
تمويل الحرب تهريب الذهب مصدر رئيسي لتمويل الطرفين
في النهاية يقف السودان على شفا كارثة إنسانية كبرى، في ظل تعقيدات المشهد العسكري والسياسي، وسط غياب أي مؤشرات لحل قريب، وتفاقم المأساة الإنسانية التي يدفع ثمنها المدنيون الأبرياء.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: السودان أخبار السودان الدعم السريع أمريكا حميدتي البرهان الجيش السوداني
إقرأ أيضاً:
مئات الوفيات وآلاف الإصابات.. الكوليرا تجتاح السودان والصحة العالمية تحذّر!
تشهد ولايات إقليم دارفور غربي السودان أزمة صحية حادة، مع تفشي وباء الكوليرا بوتيرة متسارعة في مناطق النزوح، وخاصة في جبل مرة ومخيمات النازحين مثل طويلة ونيالا.
وأعلنت المنسقية العامة للنازحين في دارفور عن تسجيل 5,060 حالة إصابة مؤكدة بالوباء، إلى جانب 225 حالة وفاة حتى الآن، وسط توسع رقعة التفشي إلى مناطق جديدة، وفق تصريحات المتحدث باسم المنسقية آدم رجال.
وأكد رجال أن وتيرة انتشار الكوليرا غير مسبوقة، مع زيادة مقلقة في أعداد الإصابات اليومية، خاصة في مراكز النزوح ومخيمات النازحين.
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة الصحة العالمية تسجيل نحو 100,000 حالة إصابة بالكوليرا في السودان منذ يوليو 2024، محذرة من تفاقم الأزمة بسبب استمرار الحرب الأهلية وانتشار سوء التغذية.
وأشار المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إلى أن العنف المستمر تسبب في مجاعة ومعاناة واسعة في السودان، وأن جميع الولايات أبلغت عن تفشي الوباء.
وأوضح أدهانوم أن هناك حملات تطعيم جارية في عدة ولايات لمكافحة الكوليرا، لكنه نبه إلى أن الفيضانات الأخيرة قد تزيد من مخاطر تفاقم سوء التغذية وانتشار أمراض أخرى مثل الملاريا وحمى الضنك.
وذكر أن تقارير من مدينة الفاشر تفيد بأن السكان يلجؤون إلى أكل علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة، مع معاناة ملايين السودانيين من الجوع، محذراً من أن نحو 770 ألف طفل دون الخامسة قد يعانون من سوء تغذية حاد هذا العام.
من جانبها، أكدت شبكة “أطباء السودان” تجاوز عدد الإصابات حاجز 6,000 حالة في دارفور، مع تسجيل 103 وفيات في منطقة طويلة شمال دارفور حتى مطلع أغسطس 2025.
واعتبرت الشبكة أن تفشي الوباء بهذه الكارثية يعكس الانهيار الممنهج للنظام الصحي في الإقليم، نتيجة حصار قوات الدعم السريع التي عطلت سلاسل الإمداد وتوقفت برامج الرعاية الأساسية، كما أدى الحصار إلى نقص الدواء وتشريد ونزوح مئات الأطباء والكوادر الطبية.
وحملت الشبكة قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن انتشار الكوليرا، مؤكدة حرمان المؤسسات الرسمية والمنظمات الإنسانية من التدخل العاجل لوقف تمدد الوباء، وطلبت من المجتمع الدولي والمنظمات الأممية والهيئات الحقوقية اتخاذ مواقف حازمة ضد قيادات الدعم السريع لضمان وصول المساعدات الطبية والإنسانية دون قيود وحماية المدنيين من سياسات التجويع والترويع.
وفي ولاية شمال كردفان، تواجه عشرات الآلاف من السودانيين أوضاعًا إنسانية صعبة، دفعتهم للنزوح إلى مدينة الأبيض، عاصمة الولاية، بسبب الحرب وانتشار الكوليرا.
وأكدت حكومة الولاية استقبال أعداد كبيرة من النازحين من مناطق شمال بارا والخوي وجنوب الأبيض، وسط تسجيل وفيات وإصابات متزايدة بمرض الكوليرا. وصرح مفوض العون الإنساني محمد إسماعيل أن أكثر من 600 أسرة، بما يقدر بنحو 30 ألف شخص، نزحوا من مناطق النزاع، مشيراً إلى أن القرى المستهدفة لا تشهد أنشطة عسكرية حاليًا، لكنه وصف حالة النزوح بأنها كبيرة، مع وصول سكان قرى مثل أم زين مشيًا على الأقدام أو على الدواب.
ويأتي هذا التفشي الكارثي في ظل استمرار الحرب الأهلية التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتي أثرت بشكل كبير على الخدمات الصحية والأوضاع المعيشية للسودانيين، مع تفاقم أزمة النزوح داخلياً وخارجياً.