الجزيرة:
2025-10-08@11:20:27 GMT

الإعلام الصهيوني والتحريض على الأزهر وشيخه

تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT

الإعلام الصهيوني والتحريض على الأزهر وشيخه

منذ أحداث "طوفان الأقصى"، وموقفُ الأزهر الشريف- مؤسسةً وشيخًا- موقفٌ مشرف، ومساند لأهل فلسطين عامة، وغزة خاصة، وفي القلب منهم: المقاومة. وهذه المواقف أزعجت كثيرًا الساسة الإسرائيليين، وإعلامهم، وقد تكرر هجومهم وتحريضهم معًا منذ بداية الأحداث، حيث إن الراصد خطابَ الأزهر وشيخه سيجده خطابًا متواكبًا مع الكوارث المستمرة في غزة.

فقد نشر- مؤخرًا- موقع وقناة الجزيرة مباشر، تفاصيل هجوم القناة (12) الإسرائيلية على الأزهر وشيخه، وعلى مناهج الأزهر كذلك، وقد طالب سياسيون إسرائيليون من قبلُ بالضغط على شيخ الأزهر لإسكاته، أو تغييره، مما يطرح عدة أسئلة هنا:

هل تغيّر الأزهر فتغيرت نبرة الصهاينة ضده، وضد مناهجه؟ وهل المشكلة في المنهج الأزهري كما يزعم الصهاينة؟ وما الذي فعله الأزهر وشيخه فأزعجهم؟ وما العوامل التي تجعل موقف الأزهر وشيخه قويًا؟

الواضح من خطاب الصهاينة أنهم يريدون القول بصراحة: إن الخطاب الإسلامي والمنهج الإسلامي الأصيل يتعارضان مع المصالح الصهيونية، كقوى احتلال، وهو موقف الإسلام نفسه من أي احتلال، أيًا كان نوعه وجنسه وديانته

هل تغيّر الأزهر؟

المتابع هجومَ الإعلام والسياسة الصهيونية على الأزهر وشيخه، يظن أن الأزهر قد تغير، أو غيّر مناهجه وأسلوبه وخطابه، وهو كلام عار تمامًا من الصحة، فالأزهر موقفه ثابت من قضايا الأمة.

والذي ينظر لخطابات الأزهر منذ قرون عديدة، سيجد موقفه من هذه القضايا واحدًا، الذي تغيّر في بعض الأحيان هو موقف بعض شيوخه، بأن تخفّ نبرته، أو يصمت تحت ضغوط، وهو ما لم يحدث مع شيخه الحالي، الذي حوصر إعلاميًا بشكل غير مسبوق في تاريخ المشيخة، لدرجة أن يتم تجرؤ إعلاميي النظام للنيل منه ومن المشيخة والمناهج الأزهرية، دون إتاحة حق الرد المكفول إعلاميًا في كل الوسائل.

والذي تغير حاليًا، هو إسكات جُل المؤسسات الدينية الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، ومن تكلم منها، تكلم في حدود ما ترسمه له سياسة دولته ونظامها، فهذا التغير في الأداء أبرز الأزهر وكأنه وحده من يتولى المهمة، لكن الحقيقة أن الأزهر ثابت على موقفه، وثابت على رسالته ومنهجه، وهو ما يقوم به علماء آخرون وهيئات مستقلة تعبر عن الموقف الإسلامي كما ينبغي أن يكون.

منهج الإسلام أم الأزهر؟

السؤال الأهم هنا: هل هو منهج الأزهر، أم منهج الإسلام؟ فليست المشكلة هنا في الأزهر، لأن الموقف ذاته هو الموقف الراسخ والثابت عن المدارس الإسلامية على اختلاف عصورها، واختلاف مشاربها الفكرية والفقهية.

فمن يرجع للجامعات والمدارس العريقة مثل: الزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب، وبقية المحاضن العلمية في العالم العربي والإسلامي، لو ترك لها التعبير الحقيقي عن موقفها، ومنهجها، فلن يختلف قِيد أنملة عن موقف الأزهر.

الواضح من خطاب الصهاينة أنهم يريدون القول بصراحة: إن الخطاب الإسلامي والمنهج الإسلامي الأصيل يتعارضان مع المصالح الصهيونية، كقوى احتلال، وهو موقف الإسلام نفسه من أي احتلال، أيًا كان نوعه وجنسه وديانته.

وهو ما حاول الاستعمار في كل حين أن يخرج نسخة ممسوخة مسلوخة عن الإسلام، تداهن وتقرّ بشرعية الاحتلال، وتلغي فريضة الجهاد ومقاومة المحتل، حدث ذلك من الاحتلال البريطاني في الهند، بإخراج فرق كالقاديانية وغيرها، وفي بلدان أخرى بأشكال أخرى.

عوامل ثبات الأزهر على موقفه

لا شكّ أن هناك عدة عوامل تسهم في ثبات الأزهر- مؤسسةً وشيخًا – على هذا الموقف القوي تجاه القضية الفلسطينية وقضايا الأمة، لعل أهمها في تصورنا ما يلي:

الميراث الأزهري

من أول العوامل: الميراث الأزهري الأصيل، الذي كلما حاول البعض – تحت الضغوط – الانفكاك منه ردَّه إليه، فلا يُعلم عن الأزهر وتاريخه التخلي عن قضايا الأمة، رغم مروره بسنوات ضعف أحيانًا، لكن يظل الموقف من قضايا العالم الإسلامي ثابتًا، لأنه بالأساس مؤسسة تملكها الأمة ولا تملكها السلطة.

وكانت علاقة السلطة به علاقة إدارية محدودة، وفي أشدّ حالات الاستبداد العسكري في عهد عبد الناصر، كان يترك للأزهر حرية التعبير عن موقفه في قضايا الأمة، دون التدخّل في القضايا الداخلية.

وهذا الميراث هو ما لجأ إليه الشيخ الطيب خروجًا من التضييق على المؤسسة في قضية غزة وفلسطين حاليًا.

فبجانب بياناته القوية المواكبة للأحداث، والمحملة لكل شخص مسؤوليته في الأمة، نراه بمعاونة الفريق العلمي المجتهد، سواء في مجمع البحوث الإسلامية، أو مكتب إحياء التراث بالأزهر، والمؤسسات الأخرى – هذه الجهات العلمية لها دور غير منكور، في البحث والتنقيب عن ميراث الأزهر في هذه القضايا، ومن ذلك: ما صدر عنها في معرض القاهرة الدولي للكتاب، من سلسلة كتب بعنوان: موقف الأزهر من القضية الفلسطينية، في عدة أجزاء – تم جمع بحوث ومقالات قديمة للأزهر وعلمائه عن فلسطين، فالقضية ليست جديدة، والعدوان كما هو، لكن الجديد هو الارتكاز على هذا الميراث الأزهري الضخم.

الموئل الأخير للأمة

يستشعر الأزهر وشيخه، أنهم ملاذ أخير -بعد الله تعالى- في اتخاذ الموقف الإسلامي المناسب في مثل هذه الملمات الكبيرة، ورغم محدودية الإمكانات، لكن في ظل الضعف العام، والسيطرة السلطوية على المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، يظل للأزهر مكانته عند الأمة، ويظل له هيبته عند أنظمة الحكم، وهو ما عبّر عنه رئيس مصر السابق محمد نجيب في مذكراته، حين قال: إن من يريد السيطرة على حكم مصر، لا بد أن تدين له مؤسستان: الجيش، والأزهر.

هيبة المقام

هذا الشعور لدى الأمة، بقيمة وقامة الأزهر، يجعل المشيخة -مؤسسةً وشيخًا- تستشعر هذه المسؤولية، وتتلبّسها هيبة المقام، وهيبة الموقع، لدى الأمة، ولدى المسؤولين، ولدى عدوّ الأمة، كل هذه المشاعر ترفع من درجة الاستشعار بالمسؤولية، والقيام بالواجب الدينيّ نحو قضايا الأمة عامة، وقضية غزة وفلسطين خاصة.

وتحريض وهجوم الإعلام الصهيوني لا يزيدان المؤسسة والشيخ إلا شعورًا بالقيمة والقامة للمنصب والمنهج، وتمسكًا بالدور المنشود منه.

يومًا ما سينتهي هذا الاحتلال، وسيزول، وهو ما عبّر عنه الإمام الأكبر الطيب، في أحد بياناته القوية، وهو ما أغاظ الصهاينة وإعلامهم، وهي عبارة دالة بشكل واضح على أنها موضوعة نصب عين الإمام، ولذا فليس باكيًا – ولا المؤسسة – على رضا أو سخط الصهاينة، أو غيرهم، وهي جملة تدل على صغر حجم الاحتلال في عينه، وعلى عظم الأمة وقدرها عنده، ولذا لا يخشى إلا ربّه وربّها.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: موقف الإسلام قضایا الأمة خطاب ا وهو ما

إقرأ أيضاً:

الجامع الأزهر: علينا الاستعداد الشامل بالإيمان والعلم والصناعة لبناء قوة الردع في مواجهة الأعداء

عقد الجامع الأزهر، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان "عوامل النصر كما صورها الإسلام"، وذلك بحضور كل من؛ أ.د/ جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين سابقا، وأ.د/ حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأدار الملتقى الدكتور أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني للجامع الأزهر.

في بداية الملتقى أكد الدكتور جميل تعيلب، على ضرورة العمل والأخذ بالأسباب المؤدية إلى النصر، حيث أن أولى هذه الأسباب هو وجوب نصرة الله سبحانه وتعالى: "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"، وتتحقق هذه النصرة عبر أداء ما أمر به والامتناع عما نهى عنه، كما أن نصرة الله تكون أيضًا بالأخذ بالأسباب المادية، مستشهدًا بقوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، حيث تشير هذه الآية إلى وجوب الاستعداد بأسباب القوة بما يناسب كل عصر، ولذلك ذكر فيها "من رباط الخيل" كرمز للقوة في ذلك الزمن، بينما في عصرنا هذا، توجد أدوات وأسباب قوة أخرى مختلفة يجب الأخذ بها.

ما حكم لبس السلاسل الفضة للرجال؟.. أمين الإفتاء يُجيبحكم نفقة الابن على الأب المقتدر البخيل.. الإفتاء تجيب

وأوضح الدكتور جميل تعيلب، أن وصف المدافع عن وطنه بالإرهابي هو أمر مرفوض وغير مقبول إطلاقًا، مشيرًا إلى أن المفهوم القرآني: "ترهِبون به عدو الله وعدوكم"؛ يعني هذا اللفظ إحداث الخوف والرادع في قلوب الأعداء لمنعهم من الاعتداء والعدوان على الوطن، لذلك لا عذر لأي شخص في التخلف عن الدفاع عن وطنه ومقدساته، فالدفاع عن الأرض والعرض هو واجب شرعي ووطني عظيم، يستوجب تلبية نداء الحق في حماية الأوطان، مبينًا أن الدفاع الفاعل عن الأوطان يتطلب الثبات والتضحية؛ فالمقاومة الصادقة والمستمرة هي الطريق لنيل التمكين ورد كيد المعتدين قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ".

وشدد فضيلة الدكتور جميل تعيلب، على ضرورة الابتعاد عن الشائعات المغرضة التي تستهدف تفكيك الصف وإثارة الفرقة بين الأمة، قال تعالى:" الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"، حيث أن هذه الشائعات هي سلاح الأعداء النفسي، وأن المطلوب هو اليقظة الإيمانية والاجتماعية في مواجهتها، مضيفًا أن الاستماع إلى القائد في وقت الأزمات، امر هام، لأن الأمة في حاجة ماسة إلى التلاحم ووحدة الصف.

من جانبه بين فضيلة الدكتور حبيب الله، أن قوله تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ" هو خطاب شامل لكل فرد في الأمة، وليس مقتصرًا على مجال واحد، فالآية تدعو إلى الاستعداد والتجهيز المتكامل؛ حيث يعد كل شخص القوة في موقعه: المعلم بتربية الأجيال الواعية، والعامل بإتقان مهنته، والمزارع بتأمين الغذاء، والقائد بحسن الإدارة، والغاية من هذا الإعداد الشامل هي تحقيق الردع ومنع العدو، بحيث لا تسول له نفسه الاعتداء أو التفكير في الإضرار بالأمة، فالاستعداد الكامل قوة وقائية تضمن سيادة الأمة وسلامتها.

وقال فضيلة الدكتور حبيب الله، إن نصر أكتوبر المجيد لم يكن مجرد صدفة، بل كان نتيجة إعداد كامل وشامل، حيث أعد كل فرد في موقعه المخصص ما استطاع من قوة، وهذا التضافر هو ما أثمر النصر المبين، وأشار فضيلته إلى أن لرجال الدين دورًا حيويًا ومحوريًا في هذه المعركة، وكان في مقدمتهم شيخ الأزهر، فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود، إضافة إلى فضيلة الشيخ محمد الغزالي والشيخ محمد متولي الشعراوي،  حيث اضطلع هؤلاء الأعلام بمهمة الإعداد الروحي والتعبئة المعنوية للجماهير وللأبطال على الجبهة، وغرسوا فيهم روح الجهاد والصبر واليقين، مما كان له الأثر البالغ في تحقيق النصر.

وبين الدكتور حبيب الله أن الأمة اليوم تواجه عدوًا يحاربها بكل سلاح ومن كل ناحية، الأمر الذي يوجب علينا استعدادًا خاصًا ومستمرًا، لهذا فالأمة مخاطبة بالجهاد الدائم، مشيرًا إلى أن مفهوم الجهاد لا ينحصر في المواجهة المسلحة فحسب، بل هو العمل المتواصل والاستعداد الدائم في جميع المجالات؛ بهدف بناء قوة رادعة تجعل العدو دائمًا في خشية من الاعتداء، ولتحقيق هذا، يجب الأخذ بكل أنواع القوة، بدءًا من القوة الإيمانية الراسخة التي تمثل الأساس، مروراً بالتسلح بالقوة العلمية والمعرفية، وصولاً إلى تعزيز القوة المادية من خلال التصنيع المتقن، وتنمية التجارة، وتطوير الصناعات المختلفة، مضيفًا أن جزءًا أصيلاً من هذا الاستعداد هو الابتعاد عن الموبقات والآفات المجتمعية كالـمخدرات وغيرها، والعمل على تطهير الصف الداخلي ليكون بنياناً مرصوصاً لا يخترق.

طباعة شارك الجامع الأزهر الأزهر ملتقى الجامع الأزهر للقضايا المعاصرة الأعداء

مقالات مشابهة

  • الجامع الأزهر: علينا الاستعداد الشامل بالإيمان والعلم والصناعة لبناء قوة الردع في مواجهة الأعداء
  • عامان على طوفان الأقصى.. المرتزقة في خندق الصهاينة واليمن في موقع الصمود
  • جنازة مهيبة.. 25 صورة لمشاهد توديع محدث الأمة د. أحمد عمر هاشم بالجامع الأزهر
  • ندوة ثقافية في جامعة الحديدة بعنوان “خطر اليهود الصهاينة على العالم الإسلامي وأساليبهم”
  • اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ومركز الجزيرة للحريات العامة ينظمان مؤتمرا دوليا حول حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة
  • رئيس الشيوخ ناعيا الدكتور أحمد عمر هاشم: العالم الإسلامي فقد قيمة دينية كبيرة
  • صوت الأزهر في وجه الاحتلال.. كيف دعم الدكتور أحمد عمر هاشم القضية الفلسطينية؟
  • محافظ الشرقية ينعى الدكتور أحمد عمر هاشم: رحل أحد كبار علماء الأمة وضميرها المستنير
  • ناعيًا العلَّامة أحمد عمر هاشم.. البحوث الإسلاميَّة: فقدنا عَلمًا من أعلام الأزهر
  • المؤتمر الشعبي اللبناني: خطة ترامب منحازة للعدو الصهيوني وموقف حماس يستحق الدعم