بطولات الجرّافة D9 (قصة قصيرة من وحي المعركة)
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
اعتلى جرّافته العملاقة (D9)، هذه الجارفة أو الجرّافة أو قل أم الجوارف.. لا يقف أمامها شيء، تنخلع الأرض من تحتها بما حوت من صخور وشوارع مسفلتة وجدران ومنازل، إذا أتت قرية تبّرت ما فيها وقلبت سافلها على عاليها.. هذا الفريق الهيدرولوجي الميكانيكي المدمّر يأتمر بأمر هذا السائق الذي "تفولذت" روحه ومشاعره إلا بقية باقية تلوح في قلبه بين الحين والآخر.
كانت مهمّة اليوم التي أُوكلت له صباحا أن يزيل مخيمّا من "أكواخ بُنيت من ألواح الزينكو"، أشد الناس فقرا في قطاع غزّة هو هذا الجيب السكّاني، مدقع الفقر والبؤس وشظف الحياة، رجاله يعملون في الحقول القريبة فيوفّرون لقمة العيش بشقّ الأنفس، ينزفون عرقا وتعبا وشقاء طيلة النهار ثم يأوون إلى هذه التي تسمّى بيوتا لهم ليكملوا فيها دورة الليل، كثيرو الأطفال والعيال، لا يتطّلعون إلا إلى مستقبل أفضل لأبنائهم مختلف عما مرّو به من حياة على حافّة الموت والفناء، هم لاجئون منذ سنة 1948؛ جّرتهم من قراهم الأصليّة عصاباتٌ صهيونية لتبني دولتها العتيدة على أنقاض تلك القرى الفلسطينية.
"أنت أيها القائد السائق اليوم بيدك مصائر هذه الحيوانات البشرية، أبناء هؤلاء هم من ارتكبوا الإرهاب في دولتك العظيمة، أبناء هؤلاء هم الذين تجرأوا علينا في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وقاموا بالمذبحة".. هكذا قالوا لنا زعامتنا وهذا ما عهدناهم عليه منذ نشأتنا، "جيناتهم الوراثية جينات مزروع فيها كل أوساخ البهائم المقيتة، ليسوا بشرا في أيّ حال من الأحوال، فلو كذبت علينا زعامتنا، فهذا هو دأب الزعامة السياسية، عادة ما يكذبون، ولكنّ أصول هؤلاء الفلسطينيين مدفون في أعماقها الشرّ كلّه والخبث كلّه.. لذلك أرح ضميرك ولا تجعل له صوتا يزعجك، حتى لو سمعت صوتا فلا تنزعج، أنت تقوم بمهمّة إنسانيّة لا مثيل لها في البشريّة كافّة، أنت تريح البشرية من هذه الحشرات السامّة والافاعي الضارّة، ساوي هذه البيوت الآيلة للسقوط بالأرض، تصالح مع ضميرك ولا تمعن النظر كثيرا فهؤلاء لا يستحقّون منك النظر".
انقضّ على المخيم الصفيحيّ المتهاوي انقضاض الضبع على فريسته دون أيّ سابق إنذار، كان الصباح مبكّرا فهبّ الناس فزعين من نومهم على وقع هذا الصوت المداهم المزمجر، فرّ من فرّ وداهمه السّحق تحت الركام وجنزير الجرافة من لم يستطع النفاذ بريشه، وضع السائق الهمام سماعة في أذنه وفتح على اليوتيوب ليعيد مشاهدة مؤتمر إعادة الاستيطان في غزة بقيادة زعامة حزب ما يسمّى "عظمة إسرائيل"، انتشى عاليا وهو يرى ويسمع صوت الرقص الصاخب والهتافات العظيمة التي تنذر العرب بالموت، وشعارات من خطبوا في ذاك المهرجان: ألقوهم في البحر، أعيدوا الاستيطان إلى غزّة، أقيموا المنتزهات على رمال غزة الصفراء..
أشعل سيجارته، نفث دخانها من فوق أنفه عاليا، تخيّل البيوت التي تتهاوى أمامه جيشا ينتصر عليه ويلحق به شرّ هزيمة ويحقّق بذلك أعظم الانتصارات، هو الآن ينتصر، يعلو عاليا، شعر بأن الجارفة تتحوّل الى طائرة إف 16، يحلّق بها عاليا فيلقي صواريخه المدمِّرة، ويتساءل: لم يُتعبون أنفسهم بمثل هذه الجارفات؟ الطائرات تدمّر بشكل أسرع وتنهي المهمّة بشكل أفضل..
وصل نهاية الخط الذي داسه بنشوة ساديّة عارمة، ويمنّي نفسه بإرسال قصّة "بطولته الباسلة" وهو ينتقم من هذا المخيم المصفّح بالبلاستيك والكرتون، إلى محبوبته ثم هي تقوم بتوزيعها على مجموعات الواتساب والتك توك والانستغرام وبقيّة أخواتها الفاضحات والناشرات لأعظم "البطولات"، وكان لا بدّ من صورة "سيلفي" وهو يعتلي مدمّرته العظيمة وخلفه الدمار الهائل الذي صنعه بيديه "الصغيرتين الجميلتين". لدى محبوبته الآن ألبوم من صور السيلفي التي قام حبيبها بتصويرها، وكان ختام كل عملية تدميريّة يتفنّن فيها في الخراب وسحق المنازل الجميلة والأحياء البديعة فيرسل صورتين؛ صورة قبل ما تفعل جرافته فعلها وصورة بعد أن تظهر تجلياتها الفظيعة، فتذر المكان قاعا صفصفا، يشارك محبوبته في متعته الساديّة ويشربون معا نخب إنجازاته العظيمة.
لم يكن بحسبانه أن مقاوما فلسطينيّا ينتظره براجمة الياسين 105 المدمّرة نهاية الطريق وقبل أن يستدير ليفتح طريقا ثانية على ركام البيوت الصفيحية المحطّمة، وقبل أن يلتقط الصورة التي يمنّي بها نفسه، سبقه فريق التصوير للمقاومة الفلسطينية، ضرب المقاوم لتصيب القذيفة غرفة القيادة فتحيلها من حديد إلى لهب، وكانت الصورة التي وصلت الإعلام وكلّ الآفاق وبكل تأكيد، وصلت الحبيبة ولكنها دون محبوبها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية غزة إسرائيل إسرائيل فلسطين غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هل تذكرون عندما خاطرت سلمى حايك بارتداء كارديغان قصيرة في مهرجان كان؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بهواتف أقل ذكاءً، وأساليب أزياء خالية من التعقيد..فهل كانت سنة 1999 أكثر بساطة؟ مشاعر الحنين إلى حقبة مطلع الألفية الجديدة ما زالت قوية، ولا تُستثنى منها الموضة.
فالإطلالات التي كانت تعتبر جريئة على السجادة الحمراء آنذاك، لا تبدو خارجة عن المألوف في شوارع اليوم، مثل سترة "الكارديغان" المكشوفة على البطن التي ارتدتها سلمى حايك بمهرجان كان السينمائي، في ذلك العام.
الممثلة المكسيكية الأمريكية، التي عُرض لها فيلمين في مهرجان كان حينها، هما: "No One Writes to the Colonel" المقتبس عن رواية لغابرييل غارسيا ماركيز، والكوميديا الفانتازية "Dogma" من إخراج كيفن سميث، نسّقت سترتها ذات الأكمام القصيرة باللون الأزرق الفاتح، على نحو يوحِي بالجرأة مع استخدامها زرّين فقط، وظهور حمالة الصدر من تحتها، مع تنورة طويلة من الساتان بلون مماثل.
ويبدو أن أسلوب حايك اللامبالي في الأزياء لم يكن مصطنعًا أيضًا. فبعد أكثر من عشرين عامًا، كشفت الممثلة المكسيكية الأمريكية أنها هي من اختارت الإطلالة بنفسها.
وصرّحت حايك في مقطع فيديو تستعرض فيه بعضًا من أفضل لحظاتها في عالم الموضة لصالح مجلة "فوغ"، التي وصفت إطلالتها في كان بأنها "تركيبة لافتة للأنظار" بالقول:"لقد كانت مخاطرة.. أخذت سترة من المفترض أن تُرتدى مع قطعة أخرى تحتها لأنها تحتوي على زرّين فقط، وتنورة، وابتكرت أسلوبي الخاص في الموضة".
وأضافت: "لم أكن أعلم أن مجلة فوغ ستعتبرها إحدى إطلالاتي الأيقونية ذات يوم"، موضحة أن تلك الإطلالة كانت نتيجة "إبداعها" في وقت لم تكن تملك فيه الكثير من الموارد لتظهر على السجادة الحمراء.
فخلال تلك المرحلة من مسيرتها، لم تكن سلمى حايك غريبة عن الاستعداد لحفلات المشاهير المبهرة. إذ أخبرت المجلة بأنها كانت تواجه صعوبة في العثور على مصممين يمدّونها بأزياء لحضور المناسبات الكبرى في بداياتها.
وقالت: "لم يكن أحد يعتقد أن مكسيكيّة ستستمر، فلماذا يقدمون لي فستانًا إذن؟".
التنسيق الشخصي المبكروبحلول الوقت الذي ظهرت فيه حايك بسترة خفيفة تناسب السجادة الحمراء، كانت قد قدمت بالفعل عددًا من الإطلالات المبتكرة التي نسّقتها بنفسها. ففي حفل توزيع جوائز "إم تي في" للأفلام العام 1998، زيّنت فستانًا أسود اللون بسيطًا بمجموعة من الفراشات المرسومة على جسدها في إشارة إلى موضة الوشوم المؤقتة في تلك المرحلة، وطريقة ذكية لتجنّب ارتداء مجوهرات باهظة الثمن، بحسب ما أوضحت لمجلة "فوغ". وفي العام السابق، اختارت وضع تاج في أول ظهور لها بحفل الأوسكار، متجاهلة نصائح من قالوا إن ذلك سيكون "سخيفًا"، على حد قولها.
وأضافت في الفيديو: "بدأ الجميع بارتداء التيجان بعد ذلك، ولم أحصل على أي تقدير لابتكار هذه الصيحة".
وقد أصبحت سترتها الكارديغان المثيرة، التي لا تُرتدى فوق أي شيء، من القطع الكلاسيكية المستوحاة من الماضي، إذ روّجت لها علامات تجارية مثل "Reformation"، التي تعرضها منسّقة مع تنانير من الساتان.
وفي العام 2019، انتشر مقطع للممثلة كيتي هولمز على نطاق واسع بفضل سترتها من علامة "Khaite"، كما قدّم مصمّمون مثل جاكيموس تصاميم سترة الكارديغان القصيرة جدا التي بالكاد تغطي شيئا، وكانت من المفضّلة لدى المشاهير مثل عارضتي الأزياء بيلا حديد وهايلي بيبر.
ورغم أن حايك لا يمكنها نيل كل الفضل في ريادة موضة الكارديغان القصير في التسعينيات، حيث ظهرت شخصية روز مكغوان في فيلم "Jawbreaker" بإطلالة مشابه باللون البنفسجي، كما اعتمدتها كل من درو باريمور، وكريستينا أغيليرا، ومينا سوفاري بدرجات ألوان مختلفة، إلا أن اختيارها الجريء لمهرجان كان ما زال يُعد لافتًا، خصوصًا أنّ المهرجان معروف بقواعد اللباس الصارمة.
ورغم أن حايك تملك الآن خيارت واسعة من تصاميم دور الأزياء العالمية لظهورها على السجادة الحمراء، إلا أن تنسيقها الإبداعي لمهرجان كان آنذلك لا يزال يحمل طابعًا خالدًا. وككل ما نحبه من موضة تلك الحقبة، يتميّز بالبساطة، والمرح، ولون أزرق سماوي مبهر.
فرنساأزياءسلمى حايكمشاهيرمهرجان كانموضةنشر الخميس، 15 مايو / أيار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.