فاجعة زليتن الليبية.. هل تحولت إلى ورقة سياسية بين الحكومتين المتنازعتين؟
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
أثار الصراع الحكومي بين الدبيبة وحماد حول الفاجعة البيئية التي وقعت في مدينة زليتن الليبية وتحويلها إلى ورقة سياسية للمتاجرة والابتزاز، بعض الأسئلة عن تأثير الأمر على معالجة أزمة المنطقة في حالة العجز الحكومي الفعلي عن الدعم.
وتعرضت زليتن (غرب ليبيا) إلى أزمة ارتفاع منسوب المياه الجوفية ما أغرق عشرات البيوت وتسبب في هجرة مئات العائلات إلى خارج المدينة، إضافة إلى تلوث المياه هناك وتسببها في بعض الأمراض الصحية وسط تحذير من منظمة الصحة العالمية والمركز الليبي للأمراض.
صراع حكومي
ورغم معاناة أهالي المنطقة من الأزمة إلا أن الأزمة تحولت إلى صراع نفوذ بين الحكومتين ما أدى إلى غياب الدعم الرسمي ومعالجة الأزمة، كون كل حكومة تريد إثبات سيطرتها ونفوذها على المدينة وليس معالجة أزمتها.
واستعانت حكومة الدبيبة بفريق استشاري بريطاني للوقوف على الأزمة وطرح حلول لمعالجتها وكذلك توجيه تعليماته للمجلس البلدي هناك بتوفير عدد من المساكن البديلة للمهجرين جراء الأزمة، وهو ما اعتبره البعض متاجرة إعلامية فقط تفتقد لأي دعم على أرض الواقع.
في حين، استعانت حكومة حماد المكلفة من البرلمان بفريق من خبراء بشركة "آيكون" المصرية للاستشارات الهندسية لبدء الدراسات حول ظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن وتقديم التقارير الفنية والعلمية حول الظاهرة وكيفية إيجاد حلول عاجلة لها.
وفي المقابل، أكد رئيس لجنة الطوارئ ببلدية زليتن، مصطفى البحباح، استمرار تفاقم الأزمة وعدم صرف ميزانية طوارئ لدعم المدينة من قبل أي من الحكومتين.
فهل تحولت "فاجة زليتن" إلى ورقة سياسية وابتزاز ومتاجرة بين الحكومتين؟ وما تأثير ذلك على أزمة المدينة؟
غياب الميزانية والدعم
وقالت عضوة المجلس البلدي في زليتن، خلود بوسنينة، إن "أسباب الأزمة لم تعرف حتى الآن وإن الفرق الموجودة هي فرق استشارية فقط، لذا فقد طالب الفريق البريطاني بوقت يصل إلى أربعة أشهر حتى يتم الوقوف على الأسباب وطبيعة المشكلة ومن ثم الحلول".
وأكدت في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أنه "حتى الآن لم يصل إلى البلدية أي دعم من حكومة الدبيبة سوى سيارات شفط المياه ووجود المركز الوطني للأمراض لرش البرك الراكدة خوفا من انتشار الأمراض، وتتحجج الحكومة بنهاية سنة مالية وأنه لا توجد أموال للدعم رغم أن ما يحدث هو كارثة كبيرة"، وفق قولها.
وأوضحت أن "حكومة حماد أرسلت سيارتي إسعاف و5 سيارات رش، واعتمدت صك ميزانية طوارئ للمدينة بـ10 ملايين دينار، لكن حتى الآن لم تسيّل الأموال. لذا فإن تنازع الحكومتين يؤثر سلبا على الدعم ويؤخره، فالكارثة وقعت منذ شهر ونصف وحتى الآن لا توجد ميزانية فعلية أو دعم حكومي، فهذا أكبر دليل على تأثير الصراع بين الحكومتين".
"منطقة منكوبة ونرفض تسييس الأزمة"
في حين أكد رئيس لجنة متابعة أزمة زليتن بالمجلس الأعلى للدولة، عبدالله جوان أن "معرفة أسباب الأزمة يحتاج إلى تقارير رسمية قائمة على دراسات ونتائج العينات سواء من الفرق الليبية أو الأجنبية والمصرية الزائرة للمدينة الآن، وهي الجهات المختصة بمعرفة طبيعة المشكلة وتداعياتها".
وأوضح في تصريحاته لـ"عربي21" أن "المجلس الأعلى للدولة أعلن زليتن مدينة منكوبة بناء على زيارة رئيس المجلس ووفد مرافق له للمدينة واللقاء مع لجنة الطوارئ هناك والوقوف على المأساة والكارثة البيئية عن قرب عبر ما رأوه من تدمير المنازل والبرك الراكدة وزيادة منسوب المياه الجوفية يوما بعد يوم".
وبخصوص صراع الحكومتين، قال جوان: "نرفض أن تتحول الأزمة في زليتن إلى ورقة سياسية أو متاجرة أو تسييس وهي لم تصل إلى هذه الدرجة بين الحكومتين حتى الآن، ونود ألا تتحول الأزمة إلى صراع سياسي وحكومي، وحقيقة الدعم موجود من الحكومتين وموضوع تسييل ميزانية يحتاج إلى معرفة الأسباب والمعالجة وتكلفتها ومن ثم تتحرك الحكومات".
وتابع: "حتى الآن يوجد دعم معلن من الحكومتين وإن لم يصل إلى الدرجة المطلوبة لكنه موجود، ونحن نركز على توفير المساعدات الإنسانية للمتضررين ومنع تحول الأزمة إلى التسييس"، وفق تصريحه.
"توظيف سياسي"
من جانبه، قال عضو مجلس النواب عن زليتن، محمد خليل، إن "أزمة المدينة أزمة اجتماعية واقتصادية وبيئية لكن من الوارد جدا أن تتحول إلى أزمة سياسية ويتم توظيفها سياسيا، ووجود حكومتين في البلاد يؤثر على إدارة أي أزمة في ليبيا".
وأكد لـ"عربي21": "نحن بصفتنا جهة تشريعية، اعتبرنا المنطقة منكوبة لأن ما حدث فيها فاجعة، ومهمتنا حث الحكومة المكلفة من البرلمان على التعاطي بشكل عام مع أي أزمة تمر بها البلاد، أما قضية تسييل الأموال التي اعتمدتها الحكومة فهي مسؤولية مصرف ليبيا المركزي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الصراع الدبيبة زليتن ليبيا المياه الجوفية كارثة ليبيا كارثة صراع المياه الجوفية زليتن المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى ورقة سیاسیة بین الحکومتین حتى الآن
إقرأ أيضاً:
كيف تحولت الجزائر وتونس إلى قبور للحرية وسط تصاعد لحملات القمع؟
نشرت صحيفة "لكسربس" الفرنسية تقريرًا سلّطت فيه الضوء على تدهور أوضاع حرية التعبير في الجزائر وتونس، موضحةً كيف تحوّلت ضفتا الجنوب من البحر المتوسط إلى "قبور للحرية".
وأوضحت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، بأنه وفي في مشهد يبعث على القلق، تتحول ضفّة المتوسط الجنوبية إلى ساحة تضيق فيها أنفاس الحرية، وسط تصاعد حملات القمع والتضييق على الأصوات الحرة والمثقفين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي يعاني من مرض السرطان، يقبع منذ قرابة ستة أشهر في أحد السجون الجزائرية. أما الكاتب المعروف كمال داود، الحائز على جائزة غونكور لعام 2024 عن روايته الحوريات، فهو الآن ملاحق بمذكرتي توقيف دوليتين صادرتين عن السلطات الجزائرية، إثر اتهامات بـ"المساس بالمصالحة الوطنية" و"انتهاك الخصوصية".
وتناول الصحفيون في مجلة لكسبرس، من بينهم إتيان جيرار وألكسندرا سافيانا وشارلوت لالان، في تحقيق حديث كيف أن النظام الجزائري بقيادة عبد المجيد تبون لا يتورع عن استخدام جميع الوسائل لإسكات منتقديه. فعندما لا يستطيع سجنهم داخل البلاد، يلاحقهم في المنافي؛ فتشويه السمعة وترهيب المقربين وبث مشاعر الذنب، كلها أساليب تعيد إلى الأذهان أدوات الأنظمة الديكتارتورية القديمة، التي تسعى إلى السيطرة الكاملة على جميع جوانب الحياة في الدولة.
تخاذل دولي وصمت فرنسي
ذكرت الصحيفة أنه في مواجهة هذا القمع، يبدو أن فرنسا التي لطالما تباهت بأنها "بلد حقوق الإنسان"، تعجز عن تبني موقف موحد. ففي 7 مايو/ أيار، صوّت نواب حزب "فرنسا الأبية" ضد قرار أوروبي يدعو للإفراج الفوري عن بوعلام صنصال. بل إن بعض نوّاب اليسار هددوا بالامتناع عن التصويت، بدعوى أن لهجة القرار قد تؤدي إلى تصعيد رمزي غير منتج، على حد تعبير النائبة الفرنسية دومينيك فوانيه.
وفي حين يتعرض كمال داود لحملة تضييق لا تنقطع، ينشغل بعض المثقفين بمناقشة "حقوق الأدب" بدل الدفاع عن الحريات الأساسية. وفي هذا المناخ، بدأت تنتشر عبارات التبرير المبطنة: "نعم، ما يحدث غير مقبول، ولكن...". إنه صوت النسبية القاتلة، الذي يحوّل القضايا الإنسانية إلى نقاشات رمادية.
أما في تونس، فالمشهد لا يقل قتامة؛ ففي نهاية ما وصفه مراقبون بـ"الجنون القضائي"، حُكم على أربعين شخصًا من معارضين وصحفيين ومحامين، بالسجن لمدة وصلت إلى 66 عامًا. ومن بين المحكومين غيابيًّا، الفيلسوف الفرنسي المعروف برنار هنري ليفي، الذي حكمت عليه محكمة تونسية بالسجن 33 عامًا، بتهمة المشاركة في مؤامرة ضد أمن الدولة.
وأوضحت الصحيفة بأن هذه المحاكمة، التي تأتي في ظل سياسة قمعية متزايدة من قبل الرئيس قيس سعيد، تُعد مثالاً صارخاً على تراجع الحريات في البلاد التي كانت مهد "الربيع العربي".
وفي خضم كل ذلك، يقف العالم متفرجاً، فلا بيانات استنكار قوية، ولا مواقف دبلوماسية حازمة. الضفة الجنوبية للمتوسط تُدفن فيها الحرية بصمت، بينما تستمر الأنظمة في التنكيل بمثقفيها ومفكريها.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على قول ألبير كامو: "الحرية تظل سجناً طالما هناك إنسان واحد مستعبد على هذه الأرض". واليوم، يبدو أن تلك الكلمات لا تزال تصدح بالحقيقة، في وقت يُعاد فيه رسم خريطة القمع، وسط لا مبالاة مقلقة من المجتمع الدولي.