اتفاقية عُمانية أمريكية وُقِعت قبل 190 عامًا
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
أثير- تاريخ عمان
إعداد: د. محمد بن حمد العريمي
تعد العلاقات العمانية الأمريكية حديثة نسبيًا، حيث تعود أقدم إشارة إلى التواصل بين الطرفين إلى الفترة التي حصلت فيها الولايات المتحدة على استقلالها، ففي عام 1783 أخذت السفن الأمريكية تجوب البحار الشرقية بحثًا عن علاقات تجارية مع الموانئ المختلفة في الشرق، وتشير التقارير إلى أن أول سفينة أمريكية وصلت مسقط هي المركب الشراعي (رامبلر) من بوسطن بقيادة القبطان روبرت فولجر وكان ذلك في أوائل شهر سبتمبر 1790 زمن الرئيس الأمريكي جورج واشنطن.
وبدأت العلاقات الرسمية بين الولايات المتحدة الأمريكية والسلطنة في عهد السيد سعيد بن سلطان بعقد اتفاقية للصداقة والتجارة وقعها عن الولايات المتحدة الكابتن أدموند روبرتس مع السيد سعيد سلطان مسقط وعمان في 21 سبتمبر 1833م، وبمقتضاها اتفق الطرفان على تحديد الضرائب المستحقة على البضائع الأمريكية في موانئ مسقط ومقدار الرسوم المفروضة على الإرشاد البحري. كما تم الاتفاق على تعيين عدد من القناصل الذين يتم اختيارهم من قبل الرئيس الأمريكي لكي يستقروا في موانئ مسقط، وكان من بين بنود هذه الاتفاقية هو حماية القناصل، كذلك خولت حاكم مسقط بمراقبة هؤلاء القناصل في حال مخالفتهم قوانين البلاد وإعلام الولايات المتحدة بذلك كي يتم استبدالهم على الفور.
معاهدة الصداقة والتجارة 1833
تعد هذه المعاهدة هي البداية للنشاط التجاري الأمريكي في منطقة الخليج العربي، وبداية العلاقات الرسمية بين الولايات المتحدة الأمريكية والسلطنة في عهد السيد سعيد بن سلطان، وقد وقّعها عن الولايات المتحدة الكابتن أدموند روبرتس مع السيد سعيد سلطان مسقط وعمان في 21 سبتمبر 1833م.
في عام 1832، أرسل الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون، بناءً على نصيحة وزير البحرية ليفي وودبري، إدموند روبرتس باعتباره “عميلًا خاصًا للحكومة”، مفوضًا بالتفاوض بشأن معاهدات الصداقة والتجارة مع دول في آسيا، وكان الهدف هو توسيع التجارة بين هذه الدول والولايات المتحدة.
بين أوائل عام 1832 ومايو 1834، أبحر روبرتس حول العالم، وفي أثناء رحلته، تفاوض على معاهدات مع سلطان مسقط (عُمان) وملك سيام (تايلاند). بعد عودته إلى الولايات المتحدة وتصديق مجلس الشيوخ على المعاهدات، أُرسل روبرتس في عام 1835 إلى مسقط وسيام لتبادل التصديقات.
تضّمنتْ المعاهدة بنودًا تسعة من أبرزها: أن يكون لرعايا الولايات المتحدة حرية البيع والشراء في مسقط وزنجبار، وفي المقابل عليهم أن يدفعوا رسومًا جمركية قدرها (5%) على جميع بضائعهم الواردة إلى مسقط وزنجبار، في حين تُعفى من ذلك البضائع المصدّرة، واعترفت الاتفاقية للولايات المتحدة بحقّ الدولة الأولى بالرعاية.
كما أعطتْ المعاهدة للأمريكيين الحّق في تعيين قنصل لهم في موانئ السلطنة التي لهم فيها مصالح تجارية، وفي 30 سبتمبر 1835م، تبادل روبرتس والسيد سعيد وثائق التصديق على المعاهدة.
أهمية الاتفاقية:
تعد هذه الاتفاقية هي البداية للنشاط التجاري الأمريكي في منطقة الخليج العربي، وظلت سارية المفعول حتى 20 ديسمبر سنة 1958 حين أبطل مفعولها واستبدلت بمعاهدة جديدة للصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية بين الطرفين.
كانت هذه الاتفاقية كسبًا سياسيًا مهمًا بالنسبة للسيد سعيد، لأنها كانت اعترافًا أمريكيًا بأهميته وأهمية بلاده في الوقت الذي بدأت فيه العلاقات الرسمية بين بلاده والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الأهمية المعنوية.
كان وقع هذه الاتفاقية في الولايات المتحدة طيبًا وتمت مصادقة كل من الرئيس أندرو جاكسون Andrew Jaokson ومجلس الشيوخ دون إبطاء لأنها لم تحمل الولايات المتحدة أية التزامات نحو سلطنة مسقط وعمان. كما أن الولايات المتحدة قد أصبحت مرتبطة بصداقة إحدى الدول الآسيوية التي تفخر بامتلاكها أسطولًا كبيرًا كان مؤلفًا مما لا يقل عن 75 سفينة بكامل تجهيزاتها.
عملت الاتفاقية على ازدهار التجارة الأمريكية في ممتلكات السلطنة الأفريقية أكثر من ازدهارها في مسقط، فتزايد عدد السفن الأمريكية التي ترسو في زنجبار والتي تحمل قماشًا قطنيًا أمريكيًا متينًا شاع استعماله في شرق أفريقيا والخليج إلى جانب بيع البارود، في المقابل تحمل زنجبار العاج وصمغ الكوبال الذي يستخدم في تحضير الطلاء، والقرنفل، وغير ذلك من المنتجات.
وخلال الفترة من سبتمبر 1832م إلى مايو 1834م، وصلتْ إلى زنجبار (41) سفينة تجارية، كان من بينها (32) سفينة تجارية أمريكية، في مقابل سبع سفن بريطانية، وواحدة فرنسية، وواحدة إسبانية، أما ما يخص ميناء مسقط؛ فقد وصلته (9) سفن تجارية أمريكية خلال السنة الأولى من المعاهدة.
وفي الوقت نفسه ازدادت بعد معاهدة 1833 صادرات التمور العُمانية إلى الولايات المتحدة بصورة واضحة، وفي الحقبة ما بين 1902 إلى 1913 فإن قيمة التمور العُمانية المباعة في الولايات المتحدة وصلت إلى مائة ألف دولار، وكان انخفاض ثمن هذه التمور مع ازدياد قيمتها الغذائية سببا في ازدياد الاستهلاك الأمريكي لها إذ تقدر واردات التمور عام 1911 بحوالي 16256 طناً سنوياً.
كان لإدموند روبرتس وهو دبلوماسي أمريكي، ولد في 29 يونيو 1784 في بورتسموث في الولايات المتحدة، دور كبير في إقامة التجارة الأمريكية مع مسقط على أسس ثابته أفادت البلدين، ولم يعش روبرتس طويلًا ليجني ثمار جهوده، فقد تُوفي في ماكاو بعد إصابته بمرض ” الزحار” الذي أصابه عند وصوله إلى سيام قادما من مسقط، في 12 يونيو 1836م
المراجع:
الفارسي، عيسى بن محمد. العلاقات العُمانية الأمريكية (1932-1983م)، أطروحة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر، كلية الآداب، جامعة عين شمس، مصر، 2018. إيلتس، هيرمان فريدريك. عمان والولايات المتحدة الأمريكية (مائة وخمسون سنة صداقة)، ترجمة محمد كامل، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، 1985م. إيلتس، هيرمان فريدريك. بعثة أحمد بن النعمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1840م (رحلة السفينة السلطانة الى مدينة نيويورك)، ترجمة صالح البلوشي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2010م. الجنابي، طالب حمّادي. الوجود الامريكي في المنطقة العربية والموقف من المحاولات الوحدوية، مجلة جامعة بابل، العلوم الإنسانية، المجلد 26، العدد 3، 2018. الجنابي، غفّار جاسم. نشاط الولايات المتحدة في عمان وموقف الحكومة البريطانية، مجلة الدراسات التاريخية والحضارية، المجلد 8، العدد 23، يناير 2016. ستيفنسن، ريتشارد. استعراض لبداية العلاقات الأمريكية التجارية والقنصلية مع سلطنة مسقط وعمان 1833-1856، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، عدد يوليو، 1977م. الشيخ، رأفت غنيمي. العلاقات العمانية الأمريكية في القرن التاسع عشر، مجلة المؤرخ العربي، العدد 52، بغداد، 1995.المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة هذه الاتفاقیة السید سعید
إقرأ أيضاً:
هل يحصل الناشط محمود خليل على 20 مليون دولار تعويضًا عن احتجازه في الولايات المتحدة؟
طالب محمود خليل، الناشط المؤيد للقضية الفلسطينية والطالب في جامعة كولومبيا، الحكومة الأمريكية بتعويض قدره 20 مليون دولار، بسبب ما وصفه باحتجازه بشكل تعسفي وخضوعه لإجراءات قانونية بدوافع سياسية، وذلك بعدما أمضى أكثر من 100 يوم رهن احتجاز سلطات الهجرة. اعلان
ووفقًا لمحاميه، فإن الدعوى رُفعت ضد وزارتي الأمن الداخلي والخارجية بموجب قانون المطالبات الفيدرالي الذي يتيح للمواطنين تقديم مطالبات مالية ضد الحكومة قبل التوجه إلى المحاكم.
وأشار خليل في تصريحات لوكالة رويترز إلى أن هدفه من هذه الخطوة هو الدفع نحو التزام رسمي من السلطات الأمريكية بعدم اتخاذ إجراءات قانونية أو إدارية ضد أفراد على خلفية آرائهم السياسية، لاسيما المتعلقة بالصراع في الشرق الأوسط. وقال: "آمل أن يشكّل ذلك رسالة واضحة بأن التضييق على الحريات الشخصية لا يمكن أن يمر دون مساءلة".
من جانبه، اعتبر متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي أن المطالبة "لا أساس لها"، مؤكدًا أن السلطات تصرّفت ضمن صلاحياتها القانونية في ما يخص احتجاز خليل.
يطلب محمود خليل تعويضًا قدره 20 مليون دولار .وتجدر الإشارة إلى أن القضية أثارت اهتمامًا واسعًا بين المنظمات الحقوقية، خاصة بعد صدور حكم من القاضي الفيدرالي مايكل فاربيارز ينص على أن احتجاز خليل يمسّ بحقوقه الدستورية في حرية التعبير.
وتزامن ذلك مع تقارير صحفية، أبرزها تحقيق لمجلة "بوليتيكو"، كشفت فيه أن مسؤولين في الإدارة الأمريكية السابقة استخدموا قاعدة بيانات إلكترونية مثيرة للجدل بهدف تتبع أكاديميين وطلبة شاركوا في أنشطة سياسية أو عبروا عن مواقف متعلقة بالقضية الفلسطينية.
Relatedالسلطات الأمريكية تعتقل الناشط محمود خليل قائد الحراك الطلابي المناصر لفلسطين في جامعة كولومبيا "لن يكون الأخير".. ترامب يعلّق على اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل زوجة الطالب الفلسطيني محمود خليل تصف اعتقاله بأنه اختطاف سياسي بسبب مواقفهوتضمن التقرير الإشارة إلى دور منصة كناري ميشن الإلكترونية في جمع وتحليل بيانات نحو 100 طالب وباحث دولي، تم استهداف بعضهم بإجراءات إدارية مثل إلغاء التأشيرات أو الترحيل.
وتشير القضية إلى تطور جديد في النقاش الدائر حول التوازن بين الأمن القومي وحرية التعبير في الولايات المتحدة، وسط تزايد الجدل بشأن ممارسات الجهات الأمنية تجاه الأفراد المنخرطين في أنشطة أكاديمية أو حقوقية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة