قال خليل الحية نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة إن المقاومة الفلسطينية لا تزال تلاحق جيش الاحتلال بأماكن وجوده في قطاع غزة بما تملكه من قدرات، مشددا على أن إسرائيل لن تحصل على أسراها إلا بأثمان ثلاثة، هي إغاثة الشعب ووقف العدوان وتبادل الأسرى.

وأكد الحية -خلال مقابلة مع الجزيرة- أنه برغم فداحة الخسائر بين المدنيين والمنشآت، ومحاولة التهجير وقتل الشعب عبر حرب التجويع، فإن الاحتلال فشل فشلا ذريعا في الوصول لأهدافه باسترجاع الأسرى والقضاء على قدرات المقاومة بخلاف أكاذيب ومزاعم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وأضاف القيادي بحماس أن الشعب الفلسطيني لا يزال يحتضن مقاومته التي لا تزال متلفحة بشعبها وهي تلاحق الاحتلال بما تملكه من قدرات وبإرادة قوية وعزيمة صلبة، دون استسلام أو استكانة، مشددا على أن الاحتلال ينتظره في رفح ما عرفه في كل المواقع السابقة بالشمال والوسط.

وحول الوضع الإنساني الذي تعيشه غزة، قال الحية إن هناك حالة مأساوية يعيشها شعب غزة والتي يفرضها الاحتلال عبر سياسة الإبادة الجماعية بالتجويع، وقد رسب العالم والمنظومات الدولية في اختباره الأخلاقي أمام جرائم الاحتلال تلك، وفي إلزامه بإيصال المساعدات للمدنيين الذين يعانون تلك المجاعة.

وبشأن المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، قال الحية إن ما قدم من إطار للاتفاق تراجع عنه الاحتلال الأسبوع الماضي، مشددا على أنه لا يمكن التوصل لاتفاق والاحتلال يرفض عودة النازحين والانسحاب.

اتفاق باريس

وأوضح الحية أن الاحتلال صاغ اتفاق باريس بما يخدم مآربه، وتراجع عن تفاهمات جوهرية من بينها وقف العدوان والانسحاب من وسط القطاع، كما رفض عودة النازحين ثم سحب من النصوص ما يمكن أن يقول إنه سينهي الحرب والعدوان.

وأضاف أن نتنياهو حريص على إطالة أمد المعركة بأكاذيب وآمال لن يصل إليها، عبر الحديث عن مطالب غير مقبولة من حماس، في الوقت الذي يرفض فيها إيقاف العدوان وإدخال المساعدات وعودة النازحين لمنازلهم، وهو ما يعني بوضوح عدم الجدية في تلك المفاوضات.

وشدد الحية على أن حماس لن تقبل بأي حال ضغوط الاحتلال السياسية والعسكرية، ولا من غيره، مؤكدا أنه كما فشل الاحتلال في بسط سيطرته على مناطق الشمال والوسط، فسيفشل كذلك في بسط سيطرته على مدينة رفح.

ولفت إلى أن حماس قبلت بالمضي قدما في المفاوضات بعد تلقيها تطمينات من أطراف عدة بأنها ستؤدي إلى وقف للعدوان، لكن الأيام الأخيرة شهدت تراجعا عن تلك التطمينات، مضيفا أن المقاومة والشعب مصرون على استعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين.

وشدد الحية على أن الاحتلال لن يحصل على أسراه إلا بأثمان ثلاثة، هي إغاثة أهالي قطاع غزة ووقف العدوان وتبادل الأسرى، مضيفا أن نتنياهو لا يريد استعادة أسراه بل يهدف إلى قتلهم حتى يطيل أمد الحرب لينجو بنفسه.

وحول اتساع دائرة المواقف الدولية الداعمة لإعلان دولة فلسطينية، اعتبر الحية ذلك تفاعلا إيجابيا لكنه متأخر، مضيفا أن العالم أدرك اليوم أنه بدون دولة فلسطينية كاملة السيادة وتوافق وطني عليها وعودة اللاجئين فإن المنطقة لن تهدأ.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على أن

إقرأ أيضاً:

الحرب على غزة كنقطة تحول تاريخية

عبر التاريخ، ثمة أحداث تُسجل نهاية حقبة تاريخية وحضارية وبداية أخرى، بحيث تشكل ذروة قوة دولة أو إمبراطورية ما أو قمة ضعف أخرى. وطالما كانت الحروب هي الأبرز على هذا الصعيد، مثل معركة واترلو التي تعدُّ نهاية إمبراطورية نابليون، أو معركة لينيغراد وفشل حصارها الذي كان أحد أهم منعطفات الحرب العالمية الثانية، وفتح القسطنطينية الذي شكّل نهاية دورة حضارية وانبلاج أخرى، وفشل السلطان سليمان القانوني في فتح النمسا الذي ينظر له المؤرخون كذروة قوة الدولة العثمانية وبداية تقهقرها.

ولا تكتفي هذه الأحداث أو الحروب بأن تكون منعطفات تاريخية وحضارية، ولكنها كذلك كاشفة لمجمل الأوضاع التي عايشتها على طرفَيْ المعركة. وحرب الإبادة التي شُنت على قطاع غزة بعد عملية "طوفان الأقصى" ليست استثناء في هذا السياق، مهما كانت النتائج المباشرة والظاهرة لها على المدى القصير. فهي نقطة تحول عميقة في مسار الصراع مع "إسرائيل"، وكاشفة للأوضاع السائدة، وستحدد على المدى البعيد مصير كل من دولة الاحتلال والمقاومة (والقضية) الفلسطينية والعالم العربي والإسلامي ككل.

إن جزءا أساسيا من أسباب الدموية والوحشية التي تجاوزت كل حدود المنطق والمكاسب العسكرية في هذه الحرب يعود لمحاولة الاحتلال محو صورة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والسعي لبناء الردع مرة أخرى باستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، والحصول على دعم غير مسبوق وغير محدود
بالنسبة لـ"إسرائيل"، فقد انهارت الأركان الرئيسة لاستراتيجيتها الأمنية المعتمدة منذ تأسيسها، من الردع للحرب على أرض العدو، ومن الإنذار المبكر للحسم السريع، وباتت في حاجة ماسة لاستراتيجية بديلة بعد أن أثبتت المقاومة الفلسطينية محدودةُ الموارد وعناصر القوة؛ بأنها ليست قابلة للحرب فقط وإنما للهزيمة كذلك. وبالنسبة لدولة الاحتلال التي طالما ردد منظّروها بأن أول هزيمة قد تتعرض لها ستكون بداية النهاية أو النهاية نفسها، فقد دقت كل نواقيس الخطر، بعد أن شهدت على ما سبق مختلفُ الأطراف والقوى في المنطقة والعالم، الصديقة لدولة الاحتلال قبل أعدائها.

ولذلك فإن جزءا أساسيا من أسباب الدموية والوحشية التي تجاوزت كل حدود المنطق والمكاسب العسكرية في هذه الحرب يعود لمحاولة الاحتلال محو صورة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والسعي لبناء الردع مرة أخرى باستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، والحصول على دعم غير مسبوق وغير محدود من الولايات المتحدة على وجه الخصوص.

كما أن الحرب ستحدد مصير المقاومة الفلسطينية ومعها القضية برمتها، إذ ثمة تلازم كبير بينهما، فبالنظر للسياقات والتغييرات التي طرأت على الحركة الوطنية الفلسطينية في العقود الأخيرة وطبيعة الحرب الحالية، لا يمكن تصفية القضية والمقاومة قائمة، ولا يمكن الحفاظ عليها إن هُزمت الأخيرة.

بعد هذه الحرب، إما أن يُقضى على المقاومة الفلسطينية وتحديدا في قطاع غزة وفق ما تسعى له دولة الاحتلال، وتنتهي بالتالي القضية الفلسطينية كما عرفناها وعرفها العالم منذ القرن الماضي، ويُفتح الباب على إمكانية تصفيتها تماما، وإما أن تخرج واقفة على قدميها رغم التضحيات غير المسبوقة منها ومن الشعب، لنكون جميعا أمام مرحلة جديدة ومتقدمة في الصراع، بغض النظر عن الشكل والأسماء.

وهذه الحقيقة تدركها "إسرائيل" وحلفاؤها، ويثير جنونهم استمرار المقاومة بأشكال مختلفة رغم استخدام كل أدوات القتل والنسف والتدمير على مدى أكثر من عام ونصف، وعدم اقتراب المقاومة من مجرد التفكير برفع راية الاستسلام، ولذلك نرى الوحشية والهمجية في استهداف المدنيين بشكل ممنهج للضغط من خلالهم على المقاومة.

كما أن الحرب كاشفة ومؤثرة في السياق العربي والإسلامي وعلى مستوى المنطقة، خصوصا في الفشل والعجز والتواطؤ الرسمي (باختلاف الدول والمواقف) إزاء الإبادة والحصار والتجويع والتهجير، وهو ما تسجله ذاكرة الشعوب. وكما كانت الحروب السابقة على غزة في علاقة تأثر وتأثير مع الواقع العربي والإقليمي، وخصوصا حرب 2008 التي كانت من ضمن عوامل انفجار الاحتجاجات العربية عام 2010، فإن المواقف الرسمية من حرب الإبادة الحالية ستكون ضمن عوامل التغيير في أكثر من بلد على المدى البعيد.

هذه الحرب ومخرجاتها ستحدد شكل المنطقة برمتها، وليس فقط غزة أو القضية الفلسطينية، لعقود قادمة وربما أطول من ذلك، وستكون إعلانا إما لنهاية العالم العربي والإسلامي كما عرفناه وإما بداية حضارية جديدة له،
على المستوى الإقليمي، ثمة سعي أمريكي- "إسرائيلي" محموم لتغيير المنطقة وإعادة تشكيلها وفق معادلات جديدة، فيتكرر الحديث عن السلام والتطبيع والتعاون مع "إسرائيل" رغم استمرار حرب الإبادة. ما يُسعى له هو مشروع "ناتو شرق أوسطي" كان قد طرحه ترامب سابقا، ولكن بمعادلات جديدة هذه المرة تستهدف إخضاع الجميع للقيادة والرغبات والأهداف "الإسرائيلية". إن المتغير الجذري في الاستراتيجية الأمنية لدولة الاحتلال، ومن ضمنها الحرب الاستباقية وضرب التهديدات المستقبلية المحتملة من الآن في مهدها وإنشاء مناطق عازلة داخل دول الجوار، كلها سياقات تدعم فكرة إعادة رسم الخرائط والمعادلات في المنطقة، والتي لن يكون أحد بمنأى عنها حتى من لا يناصبونها العداء والكراهية حاليا.

الأهم من كل ما سبق، أن الإبادة الحالية لم تكن لتحصل فضلا عن أن تستمر حتى الآن لولا الحضيض الذي وصلته الأوضاع في العالم العربي والإسلامي على المستوى الرسمي تحديدا، من أنظمة استبدادية، وتمزق ونزاعات داخلية، وتجريف للقوى الحية، وهرولة نحو التطبيع، والجسور البرية والبحرية لدولة الاحتلال، وإمدادها بمصادر الطاقة، والتعاون الأمني والعسكري معها؛ من مناورات مشتركة واستضافة لتدريبات جيشها.. الخ، كل ذلك وآلة القتل مستمرة في حصد الأرواح بلا حساب في غزة.

هذه الحرب ومخرجاتها ستحدد شكل المنطقة برمتها، وليس فقط غزة أو القضية الفلسطينية، لعقود قادمة وربما أطول من ذلك، وستكون إعلانا إما لنهاية العالم العربي والإسلامي كما عرفناه وإما بداية حضارية جديدة له، وكثير من الأطراف ذات العلاقة تدرك ذلك وتعيه جيدا، بينما ما زالت بعض النخب والكثير من الشعوب بعيدة عن هذا الإدراك، فضلا عن الفعل.

x.com/saidelhaj

مقالات مشابهة

  • واشنطن تُسلّع المساعدات وتستخدمها كسلاح لإجبار الفلسطينيين على التراجع
  • الحرب على غزة كنقطة تحول تاريخية
  • حماس: الاحتلال فشل مجددا في غزة بعملية خان يونس
  • أبو زهري ينفي موافقة “حماس” على الإفراج عن أسرى “إسرائيليين” مقابل هدنة لشهرين
  • قيادي بحماس: الاحتلال يربك الساحة بأخبار مزيفة للضغط على المقاومة
  • مكتب نتنياهو يتحدث عن تطورات مفاوضات الدوحة.. مناقشات لإنهاء الحرب
  • BBC تتحدث عن مقترح من حماس مقابل هدنة لشهرين.. والنونو: الصفقات الجزئية انتهت
  • هذه مخرجات مفاوضات الدوحة بشأن وقف حرب غزة.. سقف مرتفع
  • “حماس” تدعو قمة بغداد لاتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان ورفع الحصار
  • 3 إصابات إثر اعتداء للاحتلال ببلدة سبسطية شمال نابلس