خليل الحية للجزيرة: الاحتلال لن يحصل على أسراه إلا بأثمان ثلاثة
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
قال خليل الحية نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة إن المقاومة الفلسطينية لا تزال تلاحق جيش الاحتلال بأماكن وجوده في قطاع غزة بما تملكه من قدرات، مشددا على أن إسرائيل لن تحصل على أسراها إلا بأثمان ثلاثة، هي إغاثة الشعب ووقف العدوان وتبادل الأسرى.
وأكد الحية -خلال مقابلة مع الجزيرة- أنه برغم فداحة الخسائر بين المدنيين والمنشآت، ومحاولة التهجير وقتل الشعب عبر حرب التجويع، فإن الاحتلال فشل فشلا ذريعا في الوصول لأهدافه باسترجاع الأسرى والقضاء على قدرات المقاومة بخلاف أكاذيب ومزاعم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وأضاف القيادي بحماس أن الشعب الفلسطيني لا يزال يحتضن مقاومته التي لا تزال متلفحة بشعبها وهي تلاحق الاحتلال بما تملكه من قدرات وبإرادة قوية وعزيمة صلبة، دون استسلام أو استكانة، مشددا على أن الاحتلال ينتظره في رفح ما عرفه في كل المواقع السابقة بالشمال والوسط.
وحول الوضع الإنساني الذي تعيشه غزة، قال الحية إن هناك حالة مأساوية يعيشها شعب غزة والتي يفرضها الاحتلال عبر سياسة الإبادة الجماعية بالتجويع، وقد رسب العالم والمنظومات الدولية في اختباره الأخلاقي أمام جرائم الاحتلال تلك، وفي إلزامه بإيصال المساعدات للمدنيين الذين يعانون تلك المجاعة.
وبشأن المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، قال الحية إن ما قدم من إطار للاتفاق تراجع عنه الاحتلال الأسبوع الماضي، مشددا على أنه لا يمكن التوصل لاتفاق والاحتلال يرفض عودة النازحين والانسحاب.
اتفاق باريسوأوضح الحية أن الاحتلال صاغ اتفاق باريس بما يخدم مآربه، وتراجع عن تفاهمات جوهرية من بينها وقف العدوان والانسحاب من وسط القطاع، كما رفض عودة النازحين ثم سحب من النصوص ما يمكن أن يقول إنه سينهي الحرب والعدوان.
وأضاف أن نتنياهو حريص على إطالة أمد المعركة بأكاذيب وآمال لن يصل إليها، عبر الحديث عن مطالب غير مقبولة من حماس، في الوقت الذي يرفض فيها إيقاف العدوان وإدخال المساعدات وعودة النازحين لمنازلهم، وهو ما يعني بوضوح عدم الجدية في تلك المفاوضات.
وشدد الحية على أن حماس لن تقبل بأي حال ضغوط الاحتلال السياسية والعسكرية، ولا من غيره، مؤكدا أنه كما فشل الاحتلال في بسط سيطرته على مناطق الشمال والوسط، فسيفشل كذلك في بسط سيطرته على مدينة رفح.
ولفت إلى أن حماس قبلت بالمضي قدما في المفاوضات بعد تلقيها تطمينات من أطراف عدة بأنها ستؤدي إلى وقف للعدوان، لكن الأيام الأخيرة شهدت تراجعا عن تلك التطمينات، مضيفا أن المقاومة والشعب مصرون على استعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
وشدد الحية على أن الاحتلال لن يحصل على أسراه إلا بأثمان ثلاثة، هي إغاثة أهالي قطاع غزة ووقف العدوان وتبادل الأسرى، مضيفا أن نتنياهو لا يريد استعادة أسراه بل يهدف إلى قتلهم حتى يطيل أمد الحرب لينجو بنفسه.
وحول اتساع دائرة المواقف الدولية الداعمة لإعلان دولة فلسطينية، اعتبر الحية ذلك تفاعلا إيجابيا لكنه متأخر، مضيفا أن العالم أدرك اليوم أنه بدون دولة فلسطينية كاملة السيادة وتوافق وطني عليها وعودة اللاجئين فإن المنطقة لن تهدأ.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: على أن
إقرأ أيضاً:
غزة.. وجهٌ آخر للنصر
منذ اندلاع «طوفان الأقصى»، والعالم يشهد أعظم اختبارات المعنى والصبر في غزة، تلك البقعة الصغيرة التي فرضت على الاحتلال تحديات لم يعرفها من قبل. في محرقة لا مثيل لها، انهارت الجدران، لكن الإنسان لم ينكسر. سقط الجسد، لكن الروح ظلّت تقاتل. والآن، وفي لحظة فارقة، يُطرح السؤال الجوهري: من ينتصر حقًا؟ ومن ينهزم فعلاً؟ تشير التقديرات إلى أن محرقة غزة تقترب من نهايتها بصفقة تبادل أسرى وهدنة طويلة، تمهيدًا لتحولات سياسية إقليمية، أبرزها تفكك حكومة نتنياهو وإنضاج «طبخة أمريكية» تعيد تموضع الاحتلال. لكن الحقيقة الأعمق تكمن في أن وقف الحرب لا يعني نهاية المعركة، وأن النصر لا يُقاس بإحصاءات القتلى أو تغيّر الخرائط.
في حروب التحرر- كما يوضح كل من كلاوزفيتز وغرامشي وماو تسي تونغ- لا يُقاس النصر بامتلاك الأرض، بل بامتلاك الوعي. الهزيمة في نظرهم ليست خسارة عسكرية، بل انكسار في الإرادة، بينما النصر يتجلى في بقاء الشعلة مشتعلة، في استمرار المقاومة رغم الفقد. هذا ما فشلت فيه عصابات الاحتلال رغم الإبادة والدمار. من الزاوية القرآنية، نستحضر صلح الحديبية، الذي رآه الصحابة «دنية»، لكن الله وصفه بأنه «فتحٌ مبين»، فالنصر ليس دومًا في الظاهر، بل في تمهيد الطريق، وفي صبر يقود إلى التمكين.
وغزة، بما قدّمت، لا تمهد لوقف إطلاق النار فقط، بل لفتح جديد في وعي الأمة وسرديتها. الاحتلال لم يُسقط غزة، لم يُنه المقاومة، ولم يستعد توازن الردع. بالمقابل، فإن المجتمع الصهيوني يتفكك؛ الثقة بالجيش والقيادة تتآكل، والانقسامات السياسية والأخلاقية تتعمق. الجنرال يتسحاق بريك اعترف بأن حرب غزة كشفت انهيار الجيش البري، وفضحت نخبة «القرود الثلاثة» التي لا ترى ولا تسمع ولا تقول الحقيقة، محذرًا من أن تكرار أخطاء الماضي يُنذر بسقوط داخلي يتجاوز كل حسابات الحرب. ورغم المجازر، فإن المقاومة تواصل عملياتها النوعية، وفي الأسبوع الأخير فقط، سقط أكثر من عشرين جنديًا من عصابات الإبادة. إنها رسالة حية: «حجارة داوود» لم تتوقف، والميدان لا يزال يحكم. أما الشعب، فقد تجاوز حدود الاحتمال البشري، ليصنع من الرماد بارودًا، ومن الجراح شعلة لا تنطفئ. الصمود هنا ليس رواية عاطفية، بل معجزة متكررة. والأهم، أن الالتفاف الشعبي حول رجال المقاومة لم يتزحزح؛ أهل الشهداء، العشائر، العائلات، وقفوا سدًا منيعًا ضد الخيانة، ولفظوا المتعاونين. لم تتشقق الجبهة الداخلية رغم الجوع والدمار. بل رسّخت غزة مبدأ: لا حياد في زمن الوضوح الأخلاقي. غزة اليوم تُعيد تعريف النصر: ليس من ينتصر عسكريًا، بل من يبقى واقفًا على الحق، مرفوع الرأس، ملتفًا حول مشروعه، متمسكًا بكرامته. الانتصار هنا في سقوط رواية الاحتلال، في انكشاف زيف دعايته، في تحوّل غزة إلى ضمير عالمي، وفي ولادة وعي مقاوم يصعب كسره. فمن ينتصر في غزة؟ من لا يُهزم، حتى وهو تحت الركام. من لا يبدّل، حتى وهو جائع. من لا ينهزم، حتى وهو يدفن أطفاله بيديه.. «وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» [الحج: 40].
* رئيس مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات