صحفيون أم موظفو علاقات عامة؟.. مجلة إسرائيلية تنتقد انحياز الإعلام المحلي لرواية الجيش
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
قالت مجلة "972+" إن المراسلين العسكريين في وسائل الإعلام الإسرائيلية الكبرى تجاهلوا باستمرار التحقيق في سلوك الجيش وتصرفاته، مما يعني أن أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول تعد فشلا بالنسبة لهم أيضا.
وأشارت المجلة -في مقال لسيباستيان بن دانيال- إلى أن الصحافة الإسرائيلية ظلت طوال فترة الحرب محاكاة ساخرة للصحافة، وقدمت للمواطن الإسرائيلي العادي مقالات لا تحصى عن غضب سكان غزة على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولكنها لم تقدم له شيئا عن حقيقة أن القصف الإسرائيلي والحصار المكثف أدى إلى مقتل أكثر من 12 ألف طفل، وجعل أجزاء كبيرة من قطاع غزة غير صالحة للسكن، ولا عن تشريد الملايين، وخلق الظروف الملائمة للمجاعة، فضلا عن عدم تضامن الصحفيين الإسرائيليين مع أكثر من 120 صحفيا فلسطينيا استشهدوا خلال الهجوم الإسرائيلي.
وأشار الكاتب بسخرية إلى عكيفا نوفيك، مذيع الأخبار البارز ومراسل هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان"، الذي قال إن دور الصحفيين هو رفع الروح المعنوية الوطنية، وعليه فإن ما يريد الجمهور الإسرائيلي أن يسمعه هو أنه لا يوجد أناس أبرياء في غزة، وأن جيش إسرائيل الجبار ينتصر، وأن العالم كله معاد للسامية، وأن الضغط العسكري وحده هو الذي سيؤدي إلى إطلاق سراح المحتجزين خلافا لكل الأدلة، وأن إطلاق الجنود الإسرائيليين النار على 3 محتجزين، وهم يلوحون بالأعلام البيضاء، أيضا خطأ حماس.
تمجيد مستمر للجيشوذكر بن دانيال بأن تنازل وسائل الإعلام عن المسؤولية لم يبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول، إذ لم يعرف الإسرائيليون سوى القليل عما يفعله جيشهم منذ سنوات، عندما تمركز المزيد من الجنود في الضفة الغربية لمواكبة الأعداد المتزايدة من المستوطنين والحفاظ على نظام الفصل العنصري الذي يدفع الفلسطينيون ثمنه تحت وطأة الجيش الإسرائيلي، ولكن الإسرائيليين أيضا يدفعون ثمنا مقابله.
وقبل يومين فقط من هجوم حماس على جنوب إسرائيل -كما يقول الكاتب- نقلت وحدتان من قوات الكوماندوز من سياج غزة إلى الضفة الغربية، وتُركت القوات المتبقية بالقرب من غزة غير مستعدة على الإطلاق للهجمات التي تلت ذلك.
ولا يكتفي المراسلون العسكريون في إسرائيل بعدم الإبلاغ عن مثل هذه القضايا فحسب، بل يواصلون تمجيدهم للجيش، ويأخذون تصريحات المتحدث باسمه على محمل الجد، مما يقنع الجمهور زيفا بأن كل شيء على ما يرام، ويعني أن فشل وسائل الإعلام في التدقيق في أداء الجيش لعب دورا رئيسيا في دفع إسرائيل إلى كارثة 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وضرب الكاتب مثلا بتغطية أمير بوهبوت، المراسل العسكري لموقع والا الإخباري اليميني، وقال إنها تمجيد لرئيس المخابرات العسكرية أهارون حاليفا وخططه التي يفترض أنها منيعة، إضافة إلى عشرات المقالات التي ليس من بينها واحد ينتقد أو يحقق في أنشطة الجيش، ولكن بعضها ينتقد جنود الاحتياط الذين هددوا، في سياق احتجاجات العام الماضي، بعدم الحضور إلى الخدمة.
واستطرد بن دانيال في تغطيات صحف مثل "يديعوت أحرونوت" و"يسرائيل هيوم" التي لا تختلف كثيرا، ثم أشار إلى صحيفة "هآرتس" وقال إنها أكثر انتقادا من غيرها للجيش، ولكنها تركز فقط –حسب رأيه- على الجرائم الشنيعة التي يرتكبها الجنود في غزة والضفة الغربية، وتكون عادة في صفحات الرأي الخاضعة للاشتراك، وبالتالي لا يقرأها سوى 5% من الإسرائيليين، خلافا لصحيفتي "يديعوت أحرونوت" و"يسرائيل" هيوم المجانيتين.
وفي المناسبات القليلة التي تنشر فيها المواقع الإخبارية الإسرائيلية "تقارير استقصائية" لمراسلين عسكريين، تكتفي بتقديم تقارير عن التحقيقات الداخلية للجيش بدلا من إجراء تحقيقات مستقلة، كما حدث مع التحقيق في إطلاق النار على المحتجزين الثلاثة.
ثمن طمس الحقيقةمنذ حوالي عقد من الزمن، نشرت مجلة "972+" سلسلة من التقارير الاستقصائية بعنوان "ترخيص بالقتل"، استكشفت الحالات التي حققت فيها شعبة التحقيقات الجنائية في الشرطة العسكرية، وشملت جرائم قتل المراهقين الفلسطينيين الذين أطلق الجنود الإسرائيليون النار عليهم في الظهر أو الرأس، كما شملت التزوير والكذب في التحقيقات، وذلك في وقت كان فيه الإبلاغ عن مثل هذه الحوادث ممنوعا بسبب الرقابة الشديدة.
وأشار الكاتب إلى أنه اكتشف أن المراسلين غالبا ما يكررون ما يقوله لهم المتحدث باسم الجيش، وفي بعض الأحيان يزيلون النسبة إليه، وينشرون الرسائل كأخبار، وضرب مثالا بتغريدة مراسل وزارة الدفاع البارز، ألون بن دافيد، عندما أطلق جندي النار على فلسطيني معاق عقليا، قائلا إن "إرهابيا أطلق النار على الجنود، وقُتل بعد ذلك". وهي كذبة صححها فيما بعد.
وفي كل حالة قمت بالتحقيق فيها –يقول الكاتب- نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي معلومات كاذبة يتم ترديدها دون إسناد، وفي بعض الأحيان يعمل هؤلاء المراسلون كممثلي علاقات عامة للجيش، خاصة عندما تتم دعوتهم لمشاهدة تدريب عسكري بسلاح جديد قد يحتاج إلى التسويق قبل تصديره.
وإنصافا للعديد من المراسلين الإسرائيليين، يشير سيباستيان بن دانيال إلى أنهم إذا حققوا في إطلاق الجيش النار على الفلسطينيين في الضفة الغربية أو القصف في غزة، سيصبحون عاطلين عن العمل، لأن الجمهور ببساطة لا يريد سماع مثل هذه الأخبار.
وخلص الكاتب إلى أنه عندما تكون البلاد بلا نظام قضائي يشرف بشكل فعال على الجيش، وليس لديها نظام للرقابة العامة على ميزانيته، ولا يتعرض الضباط للمساءلة عن سلوكهم الإجرامي، حتى عندما تكون المخالفات واضحة، فإنه يجب على الصحفيين ملء هذا الفراغ، لأن الصحافة الصارمة مطلب لأي مجتمع سليم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بن دانیال النار على إلى أن
إقرأ أيضاً:
عاجل- غضب أوروبي عارم: استدعاء جماعي للسفراء الإسرائيليين بعد إطلاق نار على دبلوماسيين في جنين
أطلق جنود إسرائيليون النار باتجاه وفد دبلوماسي ضم نحو 25 سفيرًا وممثلًا عربيًا وأوروبيًا، خلال زيارة رسمية إلى مخيم جنين في شمال الضفة الغربية. وقد أدانت كبيرة الدبلوماسيين الأوروبيين الحادث كما طالبت الخارجية الإيطالية توضيحات حول ملابسات ما جرى.
إطلاق النار على وفد دبلوماسي عربي وغربيلا تزال حادثة إطلاق النار على وفد دبلوماسي عربي وغربي في مخيم جنين تثير المزيد من الاستهجان إذ قال وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس إنه قرر استدعاء سفير تل أبيب لدى مدريد بسبب ما وصفه الوزير أعمالا لا يمكن التسامح فيه وأكد أنه ينتظر توضيحات ومحاسبة للذين أقدموا على هذه الفعلة.
وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أنه سيستدعي السفير الإسرائيلي لدى باريس عل خلفية حادث إطلاق النار وقال إنه أمر غير مقبول معربا عن دعمه للموظفين الدبلومسيين في الضفة الغربية في ظل ظروف صعبة.
وهو نفس الموقف الذي اتخذته بريطانيا وكذلك الخارجية الإيطالية والوزير أنتونيو تاياني. حيث طالبت روما بتوضيح ملابسات ما جرى، مشيرة إلى أن "تهديد الدبلوماسيين أمر غير مقبول".
جولة ميدانية للاطلاع على الأوضاع الإنسانية
الوفد، الذي كان في جولة ميدانية للاطلاع على الأوضاع الإنسانية في المنطقة، تعرض لإطلاق نار دون تسجيل إصابات، مما أثار موجة من الاستنكار في الأوساط الدبلوماسية.
وأوضحت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن الوفد كان برفقة صحفيين قرب البوابة الحديدية التي نصبها الجيش الإسرائيلي على مدخل المخيم الشرقي عندما تعرض لإطلاق النار.
وضم الوفد سفراء من مصر، والأردن، والمغرب، والاتحاد الأوروبي، والبرتغال، والصين، والنمسا، والبرازيل، وبلغاريا، وتركيا، واسبانيا، وليتوانيا، وبولندا، وروسيا، وتركيا، واليابان، ورومانيا، والمكسيك وسيريلانكا، وكندا، والهند، وتشيلي، وفرنسا، وبريطانيا وعدد من ممثلي الدول الأخرى، حسب "وفا".
وقد أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، الاستهداف الاسرائيلي، وقالت إنه يعد خرقًا خطيرًا لأبسط القواعد الدبلوماسية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا لعام 1961، والتي تنص على حماية البعثات والوفود الدبلوماسية.
ونشرت الخارجية مقطعًا مصورًا على منصة "إكس" يسمع فيه أصوات إطلاق النار على الحاجز، ووصفتها بأنها محاولة للترهيب.
من جهته، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا قال فيه إن الوفد الدبلوماسي وصل إلى منطقة يُمنع دخولها في مخيم جنين، وتجاوز المسار المتفق عليه مسبقًا، والذي حُدد نظرًا لتواجده في منطقة قتال نشطة يُحظر دخولها.
وزعم البيان أن الجنود الموجودين في المنطقة "لم يكونوا على علم بوجود بعثة دبلوماسية بالقرب منهم، وبالتالي قاموا بإطلاق النار في الهواء، وليس باتجاههم مباشرة، بهدف إبعادهم. ولم تقع أي أضرار أو إصابات".
وتابع أنه، وبعدما اكتشف الجنود وجود البعثة، أطلق قائد فرقة الضفة الغربية، العميد يكي دولف، تحقيقًا في الحادثة. كما يتولى قائد الإدارة المدنية، العميد هشام إبراهيم، إيضاح المسألة للسفراء وإطلاعهم على النتائج الأولية للتحقيق بهذا الخصوص.
وأردف البيان: " نعتذر عن الإزعاج الذي تسبب به الحادث".
ضغوط على المجتمع الأوروبيالمؤسسات الأوروبية، بما في ذلك البرلمان الأوروبي، بدأت تتعرض لضغوط من الرأي العام والمجتمع المدني لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل، خصوصًا في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة ومخيمات الضفة الغربية، والذي أوقع آلاف الضحايا الفلسطينيين، أغلبهم من المدنيين، حسب تقارير موثقة. وفي ضوء هذه الأحداث، يبدو أن الحادث الأخير في جنين قد يكون نقطة تحول جديدة، ليس فقط في نظرة أوروبا إلى سياسات إسرائيل الأمنية، بل في إمكانية إعادة النظر في التعاون السياسي والعسكري معها.
أخيرًا، فإن هذه الحادثة تبرز الحاجة الملحة لإعادة تقييم آليات الحماية الدولية للبعثات الدبلوماسية في مناطق النزاع، وضمان أن لا يكون الدبلوماسيون هدفًا أو رهينة للعمليات العسكرية. كما تسلط الضوء على خطورة الاستهتار المتواصل بالقانون الدولي، وتدفع باتجاه تحرك أوروبي أكثر تنسيقًا في وجه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.