عربي21:
2025-05-25@05:37:06 GMT

لقاء هنية-دحلان.. الضرورات الملحة

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

من نافلة العمل السياسي الطبيعي أن تحدث انزياحات سياسية (براغماتية) وأيديولوجية للحركات السياسية (المقاومة خصوصا) عندما تنتقل من هامش العمل السياسي إلى مركزه، ذلك أنه في فعل العمل المقاوم يرتفع منسوب الأيديولوجيا وينخفض منسوب السياسية باعتبارها فن الممكن أو باعتبارها فعلا فيه كثير من البراغماتية والواقعية.



ينطبق الأمر نفسه ـ وإن لأسباب مختلفة ـ على الدول والحركات السياسية عندما تتعرض لضغوط سياسية أو اقتصادية أو عسكرية قاهرة، فتضطر إلى تقديم تنازلات أو القيام بتحالفات تبدو مستحيلة في ظل ظروف طبيعية.

على سبيل المثال، لم تعد مصر مع السيسي كما كانت أثناء حكم مبارك، فالأول عمد على استرضاء إسرائيل، وكان ثمن ذلك موقف متخاذل مستمر مع إسرائيل ضد غزة.

تدرك الحركة ذلك، لكنها مع كل فرصة تقدم خطابا إعلاميا مادحا لمصر، وقد ظهر هذا الخطاب واضحا أثناء الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة على الرغم من تعاون مصر مع إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات إلى القطاع، والتخاذل المضمر مع إسرائيل في القضاء على "حماس" عسكريا وسياسيا، والسبب في ذلك أن مصر هي المنفذ الوحيد للقطاع على العالم الخارجي، ومن هنا تبقى العلاقة مع القاهرة على الرغم من سلبياتها محورا رئيسا في المعادلة الاستراتيجية لحركة "حماس".

ضمن معادلة علاقات الضرورة، جاء لقاء محمد دحلان (القيادي السابق في حركة "فتح" ورئيس "التيار الإصلاحي" المدعوم مصريا وإماراتيا وإسرائيليا) مع إسماعيل هنية في الدوحة قبل نحو أسبوع.

صحيح أن حركة "حماس" تصالحت مع دحلان قبل سنوات قليلة لاعتبارات مصرية ولاعتبارات متعلقة بتوسيع دائرة التحالفات في بيئة فلسطينية منقسمة بقوة وطنيا، لكن هذا التصالح لم يترجم إلى عمل سياسي مشترك، إذ بين الجانبين هوة "وطنية" وسياسية وأيديولوجية كبرى لا تسمح لهما أن يكونا في سلة واحدة، فضلا عن محاولة دحلان (قائد جهاز الأمن الوقائي آنذاك) عام 2006 إجراء انقلاب على الحركة لمنعها من السيطرة على القطاع بعد فوزها في الانتخابات التشريعية.

لدحلان مصلحة في الانفتاح على حماس لسببين رئيسيين:

الأول، أنه ابن غزة، حيث العلاقات الجهوية ما تزال تلعب دورا في العمل السياسي الفلسطيني، وفي هذا تتلاقى المصالح: دحلان يرغب بإعادة حضوره في القطاع خصوصا أن لديه مؤيدين كثرا لا يزال يقدم لهم إلى الآن الكثير من المساعدات، وحماس لديها مصلحة في كسب شخص بمستوى قوة دحلان بحيث يكون جزءا من معادلة غزة لا من معادلة السلطة (العامل الجهوي).

حركة "حماس" تصالحت مع دحلان قبل سنوات قليلة لاعتبارات مصرية ولاعتبارات متعلقة بتوسيع دائرة التحالفات في بيئة فلسطينية منقسمة بقوة وطنيا، لكن هذا التصالح لم يترجم إلى عمل سياسي مشترك، إذ بين الجانبين هوة "وطنية" وسياسية وأيديولوجية كبرى لا تسمح لهما أن يكونا في سلة واحدة، فضلا عن محاولة دحلان (قائد جهاز الأمن الوقائي آنذاك) عام 2006 إجراء انقلاب على الحركة لمنعها من السيطرة على القطاع بعد فوزها في الانتخابات التشريعية.الثاني، الرغبة في انشاء مركز سياسي داخل الجغرافية الفلسطينية بعيد خروجه من الضفة، ومن شأن هذه القاعدة أن تكون منطلقا لإعادة توسيع حضوره في الضفة الغربية.

لهذه الأسباب، يبدو لقاء هنية-دحلان مجرد لقاءٍ عابر يدخل ضمن مقتضيات السياسة الطبيعية، إلا أن تصريحات دحلان عن ضرورة وجود قيادة تحكم غزة بعيدا عن "حماس" والسلطة الفلسطينية مؤشر على أن اليوم التالي للحرب سيكون مختلفا عما قبله من الناحية السياسية في غزة.

قد يبدو التصريح مبالغا فيه من الناحية السياسية، فلا يمكن تصور غزة دون حماس، ليس فقط بسبب قوتها وجذرها الاجتماعي فحسب، بل أيضا لأنها نجحت في البقاء أمام آلة الحرب الإسرائيلية الضخمة المستمرة منذ أشهر، بل أيضا نجحت في تكبيد العدو خسائر بشرية كبيرة.

وإذا كانت الحرب امتدادا للسياسة وإن بوسائل أخرى، فإن صلابة حماس في الحرب سيجعلها بالضرورة جزءا من المعادلة السياسية مهما كان شكلها المقبل.

المعطيات المتناثرة تشير إلى أن محمود عباس وافق على تشكيل حكومة خبراء، شرط قبول "حماس" بمنظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، وتبني القرارات الدولية في القضية الفلسطينية، بما في ذلك اتفاقات أوسلو، والتنازل عن الكفاح المسلح.

كما تشير هذه المعطيات إلى موافقة "حماس" على الانضمام للمنظمة والاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967، والتنازل عن مكانها في حكومة الخبراء إذا تم تشكيلها، طالما سيكون لها حضور في المنظمة كمؤسسة حاكمة عليا تعلو فوق التنظيمات السياسية المتنوعة.

توسيع دائرة المنظمة وتشكيل قيادة وطنية تحكم غزة خطوة مهمة في إطار مسار الوحدة الوطنية الفلسطينية، غير أن المشكلة لا تكمن هنا، وإنما في الخلفية الموجبة لهذه التطورات.

بعبارة أخرى، إذا كان الهدف من توسيع المنظمة وتشكيل حكومة خبراء محايدة فصائليا في غزة يكمن في الرضوخ للمطلب الأميركي ـ الإسرائيلي ـ المصري، فإن هذه العملية ستنتهي بالضرورة ولو بعد حين إلى عودة الصراع بين "حماس" والسلطة في ظل غياب مشروع استراتيجي وطني موحد يتفق عليه الجميع.

ثمة مشكلتان رئيسيتان تعترضان أي خطوة باتجاه الوحدة الوطنية:

الأول، أن السلطة الفلسطينية أصبحت هي السلطة الحاكمة الفعلية في الضفة وليس منظمة التحرير، وبالتالي إن أي خطوة نحو إعادة تفعيل المنظمة وجعلها المؤسسة الحاكمة العليا سيلقى رفضا من رام الله، وهو ما لن تقبل به "حماس" ومعها "الجهاد الإسلامي".

الثاني، يتعلق بموضوع مقاومة الاحتلال، فالسلطة تصر على المقاومة الشعبية كسبيل وحيد لنيل حق تقرير المصير، في حين أن "حماس" تصر على العمل المسلح (على الأقل في هذه المرحلة قبل انتهاء الحرب)، وإذا ما قبلت الحركة بمطلب السلطة فسيكون لديها شروط مقابل ذلك، منها ما يتعلق بإعادة تنظيم الصفوف الشعبية في الضفة، ومنها ما يتعلق بالمفاوضات السياسية مع الاحتلال، وفي كلتا الحالتين ستصبح "حماس" شريكا في الحكم، وهذا خط أحمر بالنسبة لعباس.

في ضوء هذه المعطيات، ربما جاء لقاء هنية-دحلان ضمن فاصل تاريخي محوري، بحيث يستفيد كل طرف من الطرف الآخر لتعزيز حضوره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه علاقات فلسطينية السياسة فلسطين علاقات سياسة رأي فصائل مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مأساة مفجعة .. قصة طبيبة أطفال فقدت 9 أبناء تحت أنقاض منزلها في غزة

في مشهد مأساوي يختزل عمق الفاجعة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة، فقدت طبيبة الأطفال في مستشفى ناصر الطبي، آلاء النجار، أبناءها التسعة دفعة واحدة، إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلها في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، ما أدى إلى تدميره بالكامل واشتعال النيران داخله. 

السجن 20 يوماً لضابط احتياط إسرائيلي رفض المشاركة في العدوان على غزةأول رد من حماس على دعوة قصف غزة بالنوويمصر والسعودية وفرنسا .. تحرك دبلوماسي ثلاثي قوي في باريس لإنهاء مأساة غزةنزع السلاح وتفكيكها مقابل الحكم .. مقترح فرنسي سعودي لإنهاء الحرب في غزةجيش الاحتلال ينفذ 75 غارة جوية على مواقع متفرقة بقطاع غزةهندسة التجويع.. حماس تحذر من إقامة ما يشبه معسكرات اعتقال جنوب غزةالجارديان: الضغوط وحدها لا تكفي لإجبار نتنياهو على إنهاء الحرب ضد غزةغزة تموت.. الجوع يفتك بـ 29 طفلًا ومسنًاصمت العالم ينكسر.. غزة تفضح النفاق الدولي تجاه إسرائيل| تقرير خاص

وبينما كانت الطبيبة تؤدي عملها في قسم الأطفال، جاءها النبأ الصاعق باستشهاد أبنائها الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و16 عامًا.

وأفادت مصادر محلية وشهود عيان لوسائل إعلام محلية أن فرق الدفاع المدني انتشلت جثامين تسعة شهداء من تحت ركام المنزل، بينهم ثمانية أطفال بدت عليهم آثار الحريق والتفحم الكامل. وأوضحت المصادر أن الأطفال الشهداء هم: "يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين"، إلى جانب طفلين آخرين من العائلة تم التعرف عليهم في وقت لاحق.

السجن 20 يوماً لضابط احتياط إسرائيلي رفض المشاركة في العدوان على غزةأول رد من حماس على دعوة قصف غزة بالنوويمصر والسعودية وفرنسا .. تحرك دبلوماسي ثلاثي قوي في باريس لإنهاء مأساة غزةنزع السلاح وتفكيكها مقابل الحكم .. مقترح فرنسي سعودي لإنهاء الحرب في غزةجيش الاحتلال ينفذ 75 غارة جوية على مواقع متفرقة بقطاع غزةهندسة التجويع.. حماس تحذر من إقامة ما يشبه معسكرات اعتقال جنوب غزةالجارديان: الضغوط وحدها لا تكفي لإجبار نتنياهو على إنهاء الحرب ضد غزةغزة تموت.. الجوع يفتك بـ 29 طفلًا ومسنًاصمت العالم ينكسر.. غزة تفضح النفاق الدولي تجاه إسرائيل| تقرير خاص

وأكد منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة في غزة، استشهاد جميع الأشقاء التسعة، موضحًا أن والدهم أُصيب بجروح نتيجة القصف ونُقل إلى المستشفى في حالة حرجة. ووفقاً لشهود العيان، دخلت الطبيبة النجار في حالة من الانهيار العصبي، وسط أجواء من الصدمة والحزن العارم بين زملائها في مستشفى ناصر.

ويأتي هذا القصف ضمن سلسلة الغارات العنيفة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدينة خان يونس منذ أسابيع، في إطار تصعيد عسكري شامل على مناطق جنوب القطاع، أدى إلى مئات الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، وسط اتهامات متكررة للاحتلال بمواصلة سياسة الاستهداف العشوائي والبنية السكنية، دون أي اعتبار لحياة المدنيين.

وقد وثّقت منظمات حقوقية وإنسانية عشرات المجازر المماثلة التي استهدفت منازل كاملة، مما أدى إلى محو أسر بكاملها من السجل المدني، في وقت تستمر فيه المعاناة اليومية لأهالي غزة في ظل الحصار الخانق وغياب أي أفق للحلول السياسية أو التدخلات الدولية الفاعلة.

طباعة شارك خان يونس قطاع غزة غزة جنوب غزة إسرائيل قصف غزة الاحتلال

مقالات مشابهة

  • إيهود باراك: إعادة احتلال غزة كارثة إستراتيجية
  • قناة إسرائيلية: الأجهزة الأمنية ترى فرصة مناسبة لصفقة مع حماس
  • قناة عبرية: إجماع بالأجهزة الأمنية على إمكانية التوصل لصفقة مع حركة الفصائل الفلسطينية
  • إجماع في جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية على إمكانية التوصل لصفقة مع حماس
  • مأساة مفجعة .. قصة طبيبة أطفال فقدت 9 أبناء تحت أنقاض منزلها في غزة
  • سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية في لبنان منتصف يونيو المقبل
  • تفاصيل لقاء الرئيس عباس مع الفصائل الفلسطينية في لبنان
  • سقوط 16 قتيلا في غارات إسرائيلية على غزة
  • نتنياهو يسحب الوفد المفاوض من الدوحة.. وعائلات الأسرى الإسرائيليين تعلّق
  • صحيفة: إسرائيل تواصل امتصاص الضغوط الدولية لوقف حرب غزة