أيام مع المكتبات ومعارض الكتاب
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
منذ تفتح القلب على المطالعة وشغفه بالكتب، كانت المكتبات هي المصدر الوحيد لشراء بغيتنا من هذه الكائنات الورقية، وكانت مكتبة أبي الفضل بن عباس في نزوى، تبيع الكتب الأدبية والفقهية، وبعض الصحف المحلية اليومية والمجلات الدورية، وكنت أتابع منها «مجلة الغدير»، ومن الكتب الأدبية اشتريت منها كتاب «أشعار الشعراء الستة الجاهليين» للأعلم الشنتمري، ولكن يبدو أن يدا امتدت إليه بعد ذلك ففقدته، كما أخذت منه «شرح مسند الإمام الربيع بن حبيب»، للشيخ عبدالله بن حميد السالمي في ثلاثة أجزاء، وغيرها من الكتب التي ما زلت أحتفظ ببعضها، وبعضها الآخر طوتها الأيام.
وحين بدأت في العمل بمسقط نهاية الثمانينات، كانت مجموعة من المكتبات، هي الوجهة المفضلة لي، قبل أن تتحول إلى مكتبات لبيع القرطاسيات والأدوات المدرسية، وأخرى تغلق أبوابها عن بيع الكتب، أذكر من بينها مكتبة في محلة دارسيت، قريبة من مبنى بلدية مسقط، منها اشتريت كتاب «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» للأنصاري، وهو كتاب مرجعي في علم النحو، يشرح إعراب المفردات والجمل وموقعها من الإعراب، واشتريت من مكتبة أخرى في روي، نسخة من رواية «البؤساء» في خمسة أجزاء كبيرة، للكاتب الفرنسي فيكتور هوجو، بترجمة منير البعلبكي، ومن مكتبة ابن كثير في روي أخذت تفسير «في ظلال القرآن»، الصادر عن دار الشروق بمصر، ومن مكتبة الاستقامة أخذت كتاب «نثار الجوهر»، لمؤلفه أبي مسلم البهلاني، وكانت نسخة مصورة، كتب أصلها بخط يد المؤلف، وفي الوادي الكبير كانت «مكتبة الأخطل»، واحدة من المكتبات التي ترفد القارئ بالروايات والكتب الصادرة حديثا عن دور النشر العربية، ومنها أخذت رواية «أبطال وقبور» لأرنستو ساباتو، ثم جاء إقبال حبيب رحمه الله بمكتبته المتميزة: «ركن الكتاب»، التي أخذت تعرض الكتب الصادرة حديثا، وكأنه يعرض تحفا نادرة، وقد تميزت مكتبة «ركن الكتاب» عن غيرها بأرفف خشبية تعرض فيها الكتب، وكان الأستاذ إقبال محبا لهذه التجربة، ويرى أن الكتاب يجب أن يعرض بهذه الصورة، والزائر لمكتبته يشعر أنه داخل جناح راق يعرض أحدث الإصدارات المتنوعة، الصادرة عن دور النشر في العواصم العربية، وقد جمعتني به لقاءات وجلسات كثيرة، وزرته في مقر مكتبته بالقرم، وكلما التقيت به أراه منهمكا أمام شاشة حاسوبه المحمول، يقلب المواقع الإلكترونية، بحثا عن إصدارات حديثة يقدمها للقارئ.
خلال تلك الأيام كنا نسمع عن إقامة بعض العواصم العربية لمعرض سنوي للكتاب، وكنا نحلم أن نراه في مسقط، ولكن لكل شيء زمنه الخاص به، ولا يتحقق إلا في زمنه المحدد، ولعل اللبنة الأولى لإقامة معارض الكتب في مسقط، كانت في عام 1991م، حيث افتتح معرض للكتاب أقيم في فندق الشيراتون بروي، شاركت فيه مكتبات مثلت بعض دور النشر العربية، ومنه اشتريت مجموعة من الأعمال الأدبية، ولا يزال ذلك المعرض أشبه بطيف مخبوء في الذاكرة.
وفي عام 1992م افتتحت الدورة الأولى لمعرض مسقط الدولي للكتاب، كان حدثا ثقافيا كبيرا، ومعرضا باهرا بدور النشر التي شاركت فيه، ولأول مرة نرى ذلك الاحتشاد الكبير من دور النشر العربية، أما بالنسبة للتجربة العمانية، فأغلب العارضين في الجناح العماني هي المؤسسات الرسمية كوزارة التراث القومي والثقافة في مسماها القديم، أو مكتبات تجارية تعرض ما لديها من كتب عمانية أو عربية، حينها لم أكن أفرِّق بين دار نشر أو مكتبة، فالمهم هو توفر الكتب.
في الدورة الأولى لمعرض مسقط الدولي للكتاب، استضافت اللجنة المنظمة دولة اليمن لتكون ضيف شرف المعرض، وكان من بين المدعوين الشاعر اليمني الكبير: عبدالله البردوني، كان وجود الشاعر البردوني في مسقط محل بهجة كبيرة بين الشعراء الشباب، وهو شخصية أدبية مشهورة، كانت أيام البردوني في مسقط قد أضفت حالة من النشوة الثقافية والشعرية بين الكتاب والأدباء، وما زلت أذكر تلك الجلسة المسائية مع الشاعر البردوني عند البحر، نظمها مجموعة من الأدباء العمانيين الشباب، وقد التقيت به في مسقط مرتين، الأولى كانت متزامنة مع افتتاح معرض مسقط للكتاب، والثانية في أسبوع ثقافي يمني استضافته مسقط، كانت اليمن حاضرة خلال ذلك الأسبوع، بكتبها وبعض من أدبائها، وفي صدارتهم الشاعر البردوني، وفي تلك الزيارة ظفرت منه بحوار صحفي، أجريته في مقر إقامته ببيت الضيافة بمسقط.
وتأتي تجربة أخرى لمعرض مسقط الدولي للكتاب، وتتم استضافة شعراء ونقاد مشهورين، من أمثال الناقد الراحل الدكتور جابر عصفور، وقد ألقى محاضرة داخل المعرض، في مساحة خصصت لإلقاء المحاضرات، ولعل تجربة معرض الكتاب في بداياته لم تكن مؤقته بزمن محدد، حتى تم تحديد زمنه، وأصبحنا ننتظره كل عام، فالعشرة الأيام وهي مدة إقامة المعرض فرصة للشغوف بمطالعة ومتابعة الكتب الصادرة حديثا وقديما، ويأخذ منها ما يروق له، بحسب قدرته الشرائية، حتى أصبح المعرض اليوم، من بين المعارض العربية المهمة.
مساء الأربعاء الماضي، افتتحت الدورة الجديدة لمعرض مسقط الدولي للكتاب، في دورته الثامنة والعشرين، موصولة بدورات سابقة، وفي كل تجربة تضيف الجهات المنظمة شيئا جديدا، وكل تجربة تخدم اللاحقة بأفكار جديدة، حتى أصبحت دور النشر تعرض في مسقط، وهي مطمئنة من نجاح المعرض، فالمجتمع العماني قارئ ويحب شراء الكتب.
وخلال الأيام الماضية ترددت على زيارة المعرض في مقره الجديد، بتجربة جديدة تشعر الزائر بالجهد المبذول في تنظيمه، والاشتغال على برنامج ثقافي متميز، خاص بالكبار والصغار، ليصبح المعرض تظاهرة ثقافية حقيقة، يجد فيه الزائر بغيته، ليس في عدد دور النشر المشاركة، التي تبلغ نحو 847 دار نشر حول العالم، وليس في مقره بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض، بل في إدخال بعض النظم الحديثة، بما يواكب الطفرة العلمية والتقنية الحديثة، وبما يحمله للزوار خلال الأيام القادمة من فعاليات ثقافية متنوعة، ويمكن القول: إن معرض مسقط الدولي للكتاب حالة ثقافية متجددة، يستحق المكث فيه، ويستحق أن نحوم بين أجنحة دور النشر كفراش يحوم في حقل مزهر.
أما المؤلفات العمانية، فيشهد المعرض كل عام إنتاجا وفيرا من الإصدارات، أشبه بالحصاد الثقافي، تقدم فيه دور النشر العمانية، وبعض المكتبات المشتغلة بطباعة الكتب، تقدم أحدث إصداراتها، وفي هذا العام سيل من الكتب العمانية، انهمرت بعذوبتها على القارئ، ليختار منها ما يريد، والحديث عن الكتب والمكتبات ومعارض الكتب، ممزوج دائما بحنين خاص، تسري لذته في الوجدان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: معرض مسقط الدولی للکتاب دور النشر فی مسقط
إقرأ أيضاً:
رسميًّا.. ضوابط جديدة للمدارس الخاصة والدولية بشأن توزيع الكتب
كتب- أحمد الجندي:
وجَّهت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تعليمات رسمية إلى كل المديريات التعليمية بمختلف المحافظات، تتضمن مجموعة من الضوابط الجديدة التي تنظم آلية توزيع الكتب المدرسية في المدارس الخاصة والدولية.
وتهدف هذه التوجيهات إلى ضمان تقديم خدمة تعليمية بمستوى عالٍ من الجودة، والحفاظ على الحقوق المادية والأدبية للوزارة، ضمن استعداداتها المكثفة لانطلاق العام الدراسي الجديد 2025/ 2026.
إلزام المدارس بحصر دقيق لأعداد الطلاب
وطالبت الوزارة جميع المدارس الخاصة على اختلاف أنواعها (عربي، لغات، دولي)، بإعداد بيان تفصيلي بعدد الطلاب المقيدين فعليًّا في كل صف دراسي، على أن يتوافق هذا الحصر مع التراخيص الرسمية الممنوحة لتلك المدارس.
وشددت الوزارة على ضرورة أن يكون هذا الحصر دقيقًا ومحدثًا؛ ليعكس الواقع الفعلي للطلاب في كل مرحلة تعليمية.
شراء الكتب من مخازن المديريات وفقًا للكثافات المعتمدة
وأوضحت وزارة التربية والتعليم أن كل مدرسة خاصة أو دولية ملزمة بشراء الكتب المدرسية الصادرة عن الوزارة من مخازن المديرية التعليمية التابع لها نطاق المدرسة، بناءً على الأعداد الفعلية المقيدة لديها وبما يتماشى مع الكثافات المرخص بها في كل صف، ويجب سداد القيم المالية المستحقة للكتب بالكامل، على أن يتم ذلك قبل بدء العام الدراسي، وبحد أقصى في الأول من أغسطس من كل عام، استنادًا إلى الإحصاء الفعلي لأعداد الطلاب بكل مرحلة دراسية.
إيصال سداد الكتب شرط أساسي لتسجيل الطلاب
وألزمت الوزارة مخازن الكتب التابعة للمديريات التعليمية بإصدار إيصال رسمي يؤكد سداد المدرسة قيمة الكتب المطلوبة، ويُرسل هذا الإيصال إلى الإدارة التعليمية المعنية بشؤون الطلاب، مرفقًا ببيان يوضح أعداد وأنواع الكتب التي تم شراؤها.
وتقوم الإدارة التعليمية المختصة بمراجعة عدد الكتب التي قامت المدرسة بشرائها، ومقارنتها بعدد الطلاب المسجلين لديها، وبناءً على ذلك يتم اعتماد تسجيل الطلاب في سجلات الإدارة التعليمية فقط وفقًا لعدد الكتب التي تم شراؤها فعليًّا، والمسجل في إيصال السداد، دون النظر إلى أي بيانات أخرى.
لا قيد للطلاب بأعداد تفوق الكتب المشتراة
وأكدت الوزارة، في خطابها، أن تسجيل الطلاب لن يُعتمد في أية مدرسة إذا زاد عددهم عن الأعداد المطابقة للكتب التي تم شراؤها من مخازن المديريات التعليمية، مشددةً على أن عدم الالتزام بذلك يُعد مخالفةً صريحةً قد تترتب عليها آثار قانونية؛ حيث لن يُعترف بأي تسجيل لأعداد تفوق ما تم إثباته من خلال فواتير شراء الكتب.
توجيهات صارمة بالتنفيذ والمتابعة
واختتمت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني توجيهاتها بتأكيد صارم على جميع الجهات التابعة بضرورة الالتزام الكامل بكل التعليمات الصادرة، وتنفيذها بدقة شديدة، محذرةً من أي تقاعس قد يؤدي إلى المساءلة القانونية.
اقرأ أيضاً:
77 % نسبة النجاح.. محافظ القاهرة يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية
مراجعة ليلة الامتحان.. الأسئلة المتوقعة في امتحان اللغة الأجنبية الثانية بالثانوية العامة 2025
تحذير لطلاب الثانوية العامة: تجنبوا مشروبات السهر والتركيز لهذه الأسباب
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
وزارة التربية والتعليم توزيع الكتب المدارس الخاصةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
الثانوية العامة
المزيدأخبار رياضية
المزيدإعلان
رسميًّا.. ضوابط جديدة للمدارس الخاصة والدولية بشأن توزيع الكتب
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
34 25 الرطوبة: 26% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك