الفلسطينيون بين حكم الأرض وعدالة السماء
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
لم يظهر مصطلح جرائم الحرب إلا فى نهايات القرن الـ19 وبداية القرن العشرين، حيث تم صك القانون الدولى الإنسانى، والذى يعرف أيضاً بقانون النزاعات المسلحة، وفقاً للأمم المتحدة.
وركزت اتفاقيات لاهاى فى 1899، و1907 على منع الأطراف المتحاربة من استخدام أساليب وطرق معينة كأساليب للحرب. أما اتفاقيات چنيف 1864، والاتفاقيات اللاحقة، فقد تبنت بروتوكولات إضافية ركزت على حماية الأشخاص غير المنخرطين فى القتال، أو الذين لم يعودوا منخرطين فيه، كذلك انتهاكات الحرب.
تشمل جرائم الحرب انتهاكات القانون الدولى الإنسانى، ويجب أن تحدث تلك الجرائم فى مكان وسياق نزاع مسلح، سواء كان هذا النزاع دولياً أو محلياً، ضد مدنيين أو عسكريين وتؤدى إلى تحميل مرتكبيها مسئولية جنائية فردية.
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تجريم الإبادة الجماعية وحددت مواد القانون الذى صدر فى 15 يناير 1951، وفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر، الأفعال التى تؤسس لجريمة الإبادة الجماعية بأنها تعنى أياً من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلى أو الجزئى لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، ويعاقب القانون على جريمة الإبادة الجماعية أو التآمر على ارتكابها، أو التحريض المباشر والعلنى عليها، أو محاولة ارتكابها، أو الاشتراك فيها.
إن جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب هى أخطر أنواع الجرائم التى تترك أثراً يدوم ويلحق الضرر بسلامة وأمن المجتمعات والمناطق والبلدان بعد عقود من ارتكابها، ويتبوأ «الإنتربول» مكانة تمكنه من قيادة وتعزيز الجهود المبذولة لمساعدة سلطات إنفاذ القانون والمحاكم الجنائية الدولية ومكاتب الادعاء العام الوطنية على مكافحة جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
احترام القانون الدولى والالتزام بالمبادئ الأخلاقية يلزم اعتقال بنيامين نتنياهو وقادة الحرب فى إسرائيل ومحاكمتهم بتهمة قيادة حرب مدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر الماضى، خلفت آلاف الشهداء والمصابين معظمهم أطفال ونساء، وتسببت فى دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب أعمال الإبادة الجماعية التى ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين.
لقد تمادى الكيان الصهيونى فى جرائمه بحق المدنيين الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ، وبحق البنى المدنية من مدارس ومستشفيات ومنازل ودور عبادة، وبحق المدنية التى تداس على دقيقة فى فلسطين بأقدام همجية وتنهش كل ثانية بأنياب الصهاينة السوداء، ولذلك فقد حان الوقت لوقف القتل، ومحاكمة المعتدى على جرائمه أمام المحاكم الدولية وعلى انتهاك القانون الدولى.
إن قيام قوات الاحتلال الإسرائيلى باستباحة الدم الفلسطينى هو نتيجة الإفلاس القانونى والأخلاقى الذى يخيم على المجتمع الدولى وصمته المريب، حيال المذابح التى ترتكبها الصهيونية فى الأراضى الفلسطينية.. هؤلاء يستبيحون الدماء الفلسطينية دون حسيب أو رقيب تحت رعاية وحضانة أمريكية تشهر حق الڤيتو لحماية إسرائيل فى كل مناسبة.
يجب ألا يفقد الأطفال الفلسطينيون الذين ينتظرون الشهادة كل يوم الأمل فى صحوة الضمير الإنسانى وسط صمت المجتمع الدولى وعدم احترامه للقانون الإنسانى، ويحصل ذلك الصمت الرهيب والكيل بمكيالين فقط فى غزة.. لماذا؟ لأنهم جزء من الشعب الذى ابتلى باحتلال أرضه وتهجيره منها من قبل عصابات إجرامية لديها ترخيص دولى بتأسيس دولة على حساب شعب آخر والإتيان من بعيد بمغتصبين وتوطينهم مكان أصحاب الأرض الحقيقيين، بحماية مجتمع دولى ظالم لم تحركه عذابات 75 عاماً من الظلم الواقع على الشعب الفلسطينى.
إن ما نشاهده من هول وفظاعة ما تقترفه آلة الدمار الصهيونية بحق الأطفال والنساء والشيوخ فى قطاع غزة، والإرهاب الممنهج من جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، وعدم تمكين الشعب الفلسطينى من تقرير مصيره والاعتراف بحقه المشروع فى دولته المستقلة وعاصمتها القدس، يجب أن توضع له نهاية فإن لم تنصفهم عدالة الأرض المفقودة، فحتماً ستنصفهم عدالة السماء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب حكاية وطن القانون الدولي الإنساني الجمعية العامة للأمم المتحدة الإبادة الجماعیة القانون الدولى جرائم الحرب
إقرأ أيضاً:
هيومن رايتس ووتش: قطاع غزة يدخل مرحلة جديدة من "الإبادة الجماعية"
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الخميس، إنّ خطة حكومة الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تدمير ما تبقى من البنية التحتية المدنية في قطاع غزة وحشر السكان الفلسطينيين في رقعة جغرافية ضيقة، تمثل تصعيداً خطيراً في سياق الجرائم المستمرة، وتشمل جرائم ضد الإنسانية، وتطهيراً عرقياً، وأفعال إبادة جماعية.
وأشارت المنظمة إلى أنّ السلطات الإسرائيلية، التي تمنع منذ 75 يوماً دخول الغذاء والوقود والمساعدات الطبية إلى غزة، وافقت على خطة تشمل تسوية المباني بالأرض وتهجير سكان القطاع بالكامل إلى "منطقة إنسانية" واحدة، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حركة "حماس" بحلول منتصف أيار/مايو الجاري.
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش" أنّ مواجهة هذا التصعيد في الحصار والتدمير والتهجير القسري تتطلب تحركاً دولياً حازماً، داعيةً الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي إلى وقف مبيعات الأسلحة والمساعدات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي، وفرض عقوبات محددة على المسؤولين الإسرائيليين، ومراجعة الاتفاقيات الثنائية، بما في ذلك إمكانية تعليقها.
وقال المدير التنفيذي المؤقت للمنظمة٬ فيديريكو بوريلو: "يتفاخر المسؤولون الإسرائيليون بخطط تدفع بمليوني فلسطيني إلى منطقة محدودة، فيما يُحوّل باقي القطاع إلى أرض غير صالحة للسكن. هذه التصريحات بمثابة ناقوس خطر يجب أن يُسمع في واشنطن، ولندن، وباريس، وبروكسل. لقد تجاوز الحصار الإسرائيلي نطاق التكتيك العسكري، ليُصبح أداة إبادة جماعية".
من جهتها، حذرت الأمم المتحدة من أنّ غزة تمر بأسوأ أزمة إنسانية منذ بدء الحرب، في حين أكد خبراء الأمن الغذائي العالميون أن مجاعة وشيكة تهدد واحداً من كل خمسة أشخاص في القطاع.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ غزة تشهد واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العالم، مشيرة إلى وفاة ما لا يقل عن 57 طفلاً بسبب سوء التغذية منذ بدء الحصار.
ورغم هذه التحذيرات، أكد وزير الحرب الإسرائيلي٬ يسرائيل كاتس في نيسان/أبريل الماضي، أنّ "لا مساعدات إنسانية ستدخل غزة"، بينما صرّح وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير قائلاً: "طالما أن الرهائن محتجزون، فلا مبرر لإدخال غرام واحد من الطعام".
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنّ 58 أسير لا يزالون محتجزين في غزة، يُعتقد أن 23 منهم أحياء.
وبينما تطالب المنظمة الفصائل الفلسطينية بالإفراج الفوري عن الأسرى المحتجزين، دعت "هيومن رايتس ووتش" الاحتلال الإسرائيلي بدورها إلى الإفراج الفوري عن الفلسطينيين المحتجزين بصورة غير قانونية.
وفي خطوة تصعيدية، وافق المجلس الوزاري الأمني المصغّر، بقيادة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، على خطة حملت اسم "عربات جدعون"، تنص على تهجير جزء كبير من سكان غزة واحتلال القطاع بالكامل، على أن يبدأ تنفيذها بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط.
وقد صرّح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأنّ إسرائيل "ستُخلي غزة من سكانها وتحتلها بالكامل"، داعياً إلى تدمير القطاع وتهجير سكانه إلى دول ثالثة.
وحذّرت "هيومن رايتس ووتش" من أن تزامن هذه الخطط مع التدمير الشامل للمنازل والبنى التحتية واستخدام التجويع كسلاح، يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بل إلى أفعال إبادة جماعية، ما يستدعي تفعيل "واجب المنع" بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948.
وأشارت إلى أن مسؤولية المنع لا تتطلب إثبات وقوع إبادة جماعية، بل يكفي وجود خطر جدي.
كما ندّدت المنظمة بخطط الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة لتوكيل متعاقدين عسكريين خاصين بتوزيع المساعدات في غزة، مؤكدةً أنّ هذه الخطط "ترسخ التهجير القسري وتستخدم المساعدات كأداة ضغط سياسي".
وبيّنت أن 90% من العائلات في غزة تعاني من شح المياه، في وقت يتواصل فيه منع إدخال الوقود الضروري لمحطات التحلية والآبار منذ بداية آذار/مارس الماضي، ما دفع السكان إلى الاعتماد على مياه ملوثة وساعات من الانتظار للحصول على القليل من الماء أو الطحين الفاسد.
وأكدت أن السلطات الإسرائيلية جعلت من إيصال المساعدات مهمة شبه مستحيلة، خصوصاً مع تكثيف أوامر الإخلاء والقصف، مما أجبر 95% من منظمات الإغاثة على وقف عملياتها أو تقليصها بشكل كبير منذ منتصف آذار/مارس الماضي.
ولفتت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي تجاهل ثلاث مجموعات من التدابير المؤقتة أصدرتها محكمة العدل الدولية ضمن القضية المرفوعة ضدها من جنوب أفريقيا بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.
وحذّرت المنظمة من أن استمرار دعم الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح والدبلوماسية رغم ارتكابها لجرائم جسيمة، يعرّض الحكومات المتورطة، لا سيما في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، لخطر التواطؤ القانوني.
كما دعت إلى مراجعة الاتفاقيات الثنائية مع الاحتلال الإسرائيلي، وفي مقدمتها "اتفاقية الشراكة" بين تل أبيب والاتحاد الأوروبي، واتفاقية الشراكة التجارية بين المملكة المتحدة والاحتلال ومخطط "خارطة الطريق 2030" بين لندن وتل أبيب، وشطب البنود التي تحمي إسرائيل من المساءلة.
واختتم بوريلو قائلاً: "اتفاقية الإبادة الجماعية تلزم الدول بمنع الإبادة قبل معاقبة مرتكبيها. التراخي في مواجهة سياسات التجويع والتدمير التي تنفذها إسرائيل في غزة يُعد خيانة للالتزامات القانونية والأخلاقية للدول الموقعة على الاتفاقية".