سودانايل:
2025-06-21@13:03:38 GMT

ويا لها من ذكرياتٍ

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT

ويا لها من ذكرياتٍ
طرفة رواها أستاذنا عبد الخالق محجوب عن قمر الدين علي قرنبع
عبد الله علي إبراهيم
حامد فضل الله \ برلين
العزيز البروفيسور عبد الله علي إبراهيم
سبقني العزيز قمرالدين علي قرنبع بفصلٍ دراسي في كُتّاب المسلميّة وبسنة في جامعة الخرطوم، وغادرت جامعة الخرطوم مفصولاً مع أخرين (ما بليد براي، يازول الفضائح لزومها شنو) ).


حصلت على بعثة من وزارة المعارف (التربية والتعليم حالياً) التي كونت مكتباً خاصاً للبعثات الخارجية غير الحكومة وبإشراف المربي الفاضل متوكل أحمد أمين. اتخذ المسؤولون عن البعثات قراراً حكيماً، بإعطاء الأولوية للطلاب المفصولين من جامعة الخرطوم، لخبرتهم في الدراسة الجامعية، مما يساعدهم أكثر في تحمل الصعوبات التي تواجههم بالخارج، وكما كانت تعلم اللجنة، بأن الفصل من الجامعة وقتها يتم أحياناً تعسفياً. وهكذا وصلت إلى مدينة لايبزج الجميلة بألمانيا الديمقراطية مع بعض الذين تم فصلهم. وقد سبقنا هناك الصحفي الشهير سيّد أحمد نقد الله، والطبيب الاِنساني عبد القادر مشعال "قمّة في التواضع" والتيجاني محمد الأمين (بطل الغرب كما كنّا نسميه) وأصبح واحداً من ألمع علمائنا في مجال الزراعة وعلم الحشرات، والصائم محمد إبراهيم، الذي كان يحضر لشهادة الدكتوراه في القانون بجامعة هومبولت \ برلين الشرقية). وكنا نسمع بالزيارات المعلنة أو الخفية لكبار قادة الحزب الشيوعي السوداني، مثل عبد الخالق محجوب وعبد الرحمن عبد الرحيم الوسيلة، وحسن الطاهر زروق، وأحمد سليمان، ومن النقابين، الشفيع أحمد الشيخ وإبراهيم زكريا، ومحمود بابكر جعفر.
وبعد فترةٍ وجيزةٍ هلّ علينا الصديق العزيز قمر الدين علي قرنبع، بعد أن لحق بقطار المفصولين، وكان قرنبع مشهورٌ بنشاطه الأدبي في جامعة الخرطوم، وكان يشترك مع مجموعة من الطلاب يقدمون مسرحيات بعضها معرّب عن المسرح الاِنجليزي بإشراف العلامة عبد الله الطيب وكانت تقدّم للجمهور عن طريق إذاعة (هنا أم درمان). جاء قرنبع إلى ألمانيا الشرقيّة مبعوثاً من اتحاد الطلاب العالمي، ، وقتها برئاسة الطيب أبو جديري (براغ)، وبتذكية من الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم.IUS
عندما وصل قرنبع مدينة لايبزج راح يصرخ علي السبكي ــ ابن السبكي المشهور بالسمك وحديقة الموردة ــ
(ووب، ووب تاني ما في قراية) وبالفعل دبّ النشاط في حياتنا الثقافية والفنية وليالي السمر البريئ فالصديق كان فكهاً، حلو الحديث، رخيم الصوت وخاصّة عندما يصدح بأغاني الحقيبة الخالدة.
لم تتحقق نبوءة علي السبكي، فقد نال شهادة الصيدلة وأكملت أنا دراسة الطبّ، وحصل قرنبع على شهادة الدكتوراه في التربية، وأكمل كذلك كلّ الذين حضروا معي تأهيلهم الجامعي.
سبقنا قرنبع إلى الوطن، و كنتُ ألتقي به في زياراتي النادرة إلى الخرطوم في معهد الدراسات الاِضافية أو في جامعة أم درمان الأهلية. وفي زيارتي الأخيرة، كان مقعداً وطريح الفراش، ولكن لم تفارقه روحه المرحة وذاكرته الحديدية وتعليقاته الذكية، وبشاشته، فلا تصدق بأنّه يعاني.
وإذا كان يقال بأن المستحيلات ثلاث (الغول والعنقاء والخلّ الوفي) فالمستحيل الرابع: أن تعادي أو تخاصم قرنبع، هذه الشخصية الأسطورية.
العزيز البروفيسور عبد الله، لك عظيم الشكر، ونتمنّى أن لا تحرمنا من مثل هذه اللقطات الرشيقة، والذكريات الحميمة، ونحن نعيش في هذا الزمن الرديء، فأنت مخزن معلومات لا ينضب.
تحياتي لك وإلى الأعزاء في الحوش العابديني.
حامد البرليني
3 مارس 2024
حاشية:
أثناء كتابتي لهذه السطور، اتصل بي من الدوحة مهندس الاتصالات واهب الابن الأكبر لقرنبع والمولود في برلين، ليوصلني مباشرة بوالده في القاهرة، فيا له من تزامنٍ عجيب ومفاجأة سارّة.

hamidfadlalla1936@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: جامعة الخرطوم عبد الله

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: إلتقينا في طريق الجامعة

تستعيد اليوم الجامعات السودانية دورها الطليعي في الاستنارة والوعي وإعادة بناء المشروع الوطني. مستلهمة أبيات عبد المجيد حاج الأمين، التي غناها عبد الكريم الكابلي، “هبت الخرطوم في جنح الدجى ضمدت بالعزم هاتيك الجراح … والتقينا في “طريق الجامعة”، هذه المعاني تظل رمزًا حيًا للنضال الوطني والنهضة المجتمعية التي تقودها الجامعات في بناء المستقبل وشهادة التاريخ .

بالأمس اصدر رئيس الوزراء ، كامل الطيب إدريس، توجيهات لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بعودة الجامعات إلى العاصمة الخرطوم. بعد توقف قسري دام عامين بسبب الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 إثر الانقلاب الفاشل لمليشيا الدعم السريع وداعميها المحليين والإقليميين، لحظة فارقة تعكس تقاطع التحولات السياسية والاجتماعية والتعليمية في السودان.

ولا يمكن فصل هذا القرار عن السياق الأشمل لمحاولات إعادة بناء الدولة، في ظل واقع يتسم بالهشاشة والتعقيد وتعدد التحديات. لكنه يُعبّر في الوقت ذاته عن سعي حثيث لاستعادة رمزية العاصمة كمركز للسيادة والمعرفة والاستقرار، وتعزيز شرعية الدولة ومؤسساتها الأكاديمية.

ومن المهم أن يُنظر إلى هذه العودة ليس فقط كقرار إداري، بل كجزء من مشروع سياسي يسعى لإحياء الدولة من خلال ما تحمله الجامعات من رمزية وطنية ومكانة معرفية في الوجدان الجمعي السوداني. فالجامعات، بما تمثله من فضاءات للنقاش والتفكير والحراك الطلابي، تظل من أبرز المؤسسات القادرة على إعادة تشكيل المزاج الوطني وصياغة رؤى جديدة للمستقبل، في لحظة يتداخل فيها السياسي بالمجتمعي، والرمزي بالواقعي. ومن هنا، تُناط بها مسؤولية التقدم في ركب الاستقرار وإرساء دعائم الأمن والسلام.

ويكتسب هذا القرار أهميته من تزامنه مع مؤشرات أوسع على نية الحكومة الانتقال تدريجيًا من العاصمة البديلة بورتسودان إلى الخرطوم، في مسعى لاستعادة مركزية العاصمة القومية كموقع لصناعة القرار الوطني، وكمركز للحياة المدنية. وتأتي عودة الجامعات في هذا الإطار كمحاولة لإعادة رسم حدود جديدة تعبّر عن انسجام ممكن بين المكونين المدني والعسكري في الوعي العام، بعد أن كانت تلك العلاقة محل تجاذب واستقطاب واسع.

غير أن هذا الطموح، رغم وجاهته، يصطدم بواقع قاسٍ، يتمثل في هشاشة البنية التحتية للجامعات، والمخاوف الأمنية التي تحتاج الي ترسيخ ، وغياب خطة شاملة تضمن عودة آمنة ومستدامة للعملية التعليمية. وقد أدى هذا الواقع إلى انقسام داخل المجتمع الأكاديمي، عبّر عدد من الأساتذة والطلاب عن تحفظاتهم، للعودة بلا ضمانات حيث جاء الرد من وزارة التعليم العالي التي بدأت مجتهده ومهتمة بهذه العودة. .

كما تثير العودة تساؤلات جادة حول مدى استعداد الدولة لتحمل مسؤولياتها تجاه الجامعات وطلابها، من حيث إعادة تأهيل القاعات والمعامل، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وتخفيف الأعباء المالية عن كاهل الطلاب. ويُفاقم من هذا التحدي استمرار نزيف الكفاءات الأكاديمية إلى الخارج، في ظاهرة تهدد بانهيار منظومة التعليم العالي، وتُقوّض فرص إعادة بناء الشبكة المعرفية والمؤسسية للدولة، ما لم يتم تبنّي مقاربة إصلاحية حقيقية تنهض بها النخب وتتوافق بموجبها على مشروع وطني جامع لإعادة بناء العملية التعليمية.

من هنا، تبرز الحاجة إلى تحالفات استراتيجية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء الدوليين، لتوفير الموارد المالية والتقنية اللازمة لإعادة الإعمار. فالجامعات ليست كيانات منعزلة، بل هي مفاصل حيوية في جسد الدولة، تحتاج إلى بيئة حاضنة تضمن استدامتها وتعزيز دورها في مسار إعادة البناء الوطني.

إن عودة الجامعات إلى الخرطوم ليست مجرد استئناف للنشاط الأكاديمي، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على تفعيل الاستجابات العملية، وبناء الثقة المفقودة مع المجتمعات، خاصة فئة الشباب، التي كانت ولا تزال الأكثر تضررًا من الحرب، والأكثر توقًا إلى أفق وطني جامع يعيد دمجهم في مشروع نهضوي يعبر عن تطلعاتهم.

هذا وبحسب مائراه من #وجه_ الحقيقة فإن هذه العودة محطة مفصلية في مسار إعادة البناء . لكنها تحتاج إلى ما هو أبعد من الشعارات والتصريحات، إلى رؤية سياسية متماسكة، وشراكة مجتمعية واعية، واستثمار جاد في التعليم بوصفه أداة للتحول الاجتماعي والمصالحة الوطنية. ذلك وحده هو الكفيل بإعادة الجامعات إلى سيرتها الأولى، كمنارات للمعرفة، ومراكز للإشعاع الفكري والنهضة المجتمعية.
دمتم بخير وعافية.

إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 17 يونيو 2025 Shglawi55@gmail.com

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نهب ودمار هائل تخلفه المليشيا بورشة هيئة نظافة الخرطوم – صور
  • ياسمين عبد العزيز تشارك جمهورها لقطة عفوية
  • الخرطوم.. بدائل لتنظيم مهنة “بيع المشروبات”
  • رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله
  • رئيس جامعة الأزهر يكشف عن منهج رباني للتربية والارتقاء بالروح
  • كريم عبد العزيز يتربع على شباك التذاكر بفيلم "المشروع X"
  • ايرادات السينما أمس.. كريم عبد العزيز في الصدارةيليه ريستارت
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: إلتقينا في طريق الجامعة
  • “الدراسة طيلة فترة الحرب لم تتوقف”.. والي الخرطوم يستقبل مدير جامعة النيلين ويستمع لجهود تأهيل مقارها
  • ذكريات من ماضينا الجميل