مسؤول الحوار السياسي بـ«التنسيقية»: لدينا خبرات قادرة على ابتكار حلول غير تقليدية
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
أكدت النائبة مارسيل سمير، عضو مجلس النواب، مسئول لجنة الحوار السياسى بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن دعوة القيادة السياسية للحوار الوطنى الاقتصادى جاءت فى توقيت مهم، وذلك لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، التى ألقت بظلالها على جميع دول العالم، إضافة إلى جهود تعزيز الوضع الاقتصادى. وأوضحت مسئول لجنة الحوار بتنسيقية شباب الأحزاب، فى حوار مع «الوطن» أن «التنسيقية» تولى الملف الاقتصادى أهمية كبيرة، وظهر ذلك جلياً من خلال سلسلة من ورش العمل والندوات واللقاءات، التى جرى عقدها منذ الدعوة للحوار الوطنى.
فى البداية، كيف تستعد تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين للمشاركة فى النسخة الثانية من الحوار الوطنى؟
- لدينا فى تنسيقية شباب الأحزاب عدد كبير من الخبراء والمتخصّصين فى الملف الاقتصادى، وظهر ذلك فى مشاركات «التنسيقية» بالمرحلة الأولى من الحوار الوطنى، حيث كانت الأوراق المقدّمة من الزملاء معدة بشكل علمى، بعد دراسة جيّدة للقضية المطروحة.
«التنسيقية» تلعب دوراً فعالاً فى مواجهة الشائعات ضد الاقتصاد الوطنى.. و«رأس الحكمة» بداية الطريق لاستثمارات واعدةوالتوصيات تضمّنت آليات تنفيذ مستدامة، بالإضافة إلى أن التنسيقية حريصة على وضع ترتيب أولويات الأفكار والمقترحات للقطاعات الاقتصادية المختلفة، التى من المخطط أن تبدأ بجذب الاستثمارات، وتوفير المعلومات بشأنها، بالإضافة إلى وضع آليات لمواجهة ترويج الشائعات ضد الاقتصاد المصرى.
ويمكن القول هنا إن فكرة وجود لجنة قانونية وفنية مشكلة بمجلس الوزراء، لدراسة عروض استثمار فى مشروعات مهمة وملهمة للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى، على التقدّم بمقترحاتهم وأفكارهم الاستثمارية والاقتصادية بشكل عام، خاصة أن هناك تنفيذاً فعلياً لمخرجات المرحلة الأولى من الحوار الوطنى، من خلال مجموعة العمل التى تم تشكيلها من المكتب الفنى التابع لرئيس مجلس الوزراء ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، كما أنها تتابع تنفيذ هذه المخرجات مع الوزارات المعنية، وذلك بعد إعداد خطة تنفيذية واضحة المعالم.
كيف ترى تنسيقية شباب الأحزاب دعوة القيادة السياسية لتخصيص نسخة الحوار الوطنى هذا العام لمناقشة الملف الاقتصادى؟
- فتح الحوار الاقتصادى أمر مهم جداً فى ظل المتغيرات الاقتصادية التى تحدث حولنا، والحلول دائماً تحتاج إلى مشاركة وطنية واسعة لتخطى الأزمة الاقتصادية، ومصر لديها خبرات قادرة على ابتكار حلول مبتكرة وغير تقليدية، نعبر من خلالها الأزمة الاقتصادية وغيرها، كما أن فلسفة مشاركة بيوت الخبرة فى الحوار الاقتصادى ستنعكس بشكل واضح على مخرجات الحوار النهائى، وبدأ الحوار بالموضوعات التى تُعد عاجلة بالنسبة للاقتصاد الوطنى.
ونأمل أن تنعكس مخرجاته بشكل سريع على أرض الواقع، وتجرى الاستعدادات حالياً من أجل رسم خطة مناقشات المرحلة المقبلة لجلسات المحور الاقتصادى بالحوار الوطنى، والتفاعل مع تحديات التوقيت الراهن بمقترحات بنّاءة، والتى استقر الرأى بشأنها أن تكون بحضور الخبراء والمتخصّصين من كل الاتجاهات والمدارس الاقتصادية، للتركيز على أطروحات ومبادرات قصيرة ومتوسطة الأجل، قابلة للتطبيق، وذلك جنباً إلى جنب مع دعوة الحكومة فى كل الجلسات المقبلة، وذلك بناءً على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، ليكون بشكل أعمق وأشمل وأكثر فاعلية فى المرحلة المقبلة، لما تمر به الدولة والمجتمع من ظروف اقتصادية دقيقة.
كيف يمكن أن يساعد المشروع الاستثمارى لتطوير رأس الحكمة فى تعزيز الوضع الاقتصادى؟ وما انعكاسات ذلك على السوق المصرية؟
- مشروع رأس الحكمة هو بداية الطريق، وجاء كرسالة واضحة بأن هناك فرصاً استثمارية واعدة فى مصر، فى قطاعات مهمة، مثل السياحة، والمناخ الاقتصادى مهيّأ لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية فى مشروعات شراكة بين الدولة والقطاع الخاص، وهذا ما تضمّنته استراتيجية الدولة 2052، ووثيقة سياسة ملكية الدولة، وذلك بالإضافة إلى مبلغ 35 مليار دولار، الذى تحصل عليه مصر كاستثمارات مباشرة، بما ينعكس بشكل كبير فى الحساب الختامى المقبل فى ما يتعلق بالديون وفوائدها، بجانب التأثير على سعر الصرف الأجنبى، الأمر الذى ينعكس بالتالى على أسعار السلع والخدمات.
كيف تسهم ورش العمل والندوات التى أطلقتها تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين مؤخراً فى دعم الوضع الاقتصادى؟
- تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بما فيها من خبرات متنوعة واهتمامات بكل القضايا الوطنية، حرصت على أن تنظم ورش عمل وندوات فى مختلف الموضوعات، فخلال معرض الكتاب، مزجت فى ندواتها بين الموضوعات الثقافية والقضايا الوطنية، وخلال الانتخابات الرئاسية، قامت بدور وطنى فى تثقيف المواطن المصرى وتعريفه بحقوقه فى المشاركة بالاستحقاقات الدستورية، وانعكس ذلك على المشاركة الفعلية، والآن تواصل عملها من خلال عقد المزيد من ورش العمل واللقاءات المتعلقة بالملف الاقتصادى، بالتوازى مع أعمال الحوار الوطنى.
وأود التأكيد هنا على أن الحوار أمر معتاد داخل التنسيقية، إذ يعمل أعضاؤها على مائدة مستديرة لمناقشة الأفكار من أجل الوطن، بما يؤكد أن الحوار أسلوب عمل التنسيقية منذ نشأتها، وجميع قضايا الحوار الوطنى سبقتها ورش عمل تحضيرية فى «التنسيقية»، ينتج عنها تقديم أوراق عمل وتوصيات متفق عليها من الأعضاء، بعد أن يتم الاستماع إلى جميع الآراء ومناقشتها، فى إطار عام نعمل جميعاً من أجله، دون النظر إلى فكر حزبى أو أيديولوجيا معينة أو معتقد دون الآخر.
دور الأحزابيمكن القول إن الإشارة إلى المشكلات، واقتراح الحلول، هو دور أصيل للأحزاب السياسية، وأيضاً منظمات المجتمع المدنى المعنية بهذا الملف، وبالتالى تصدر عنها بيانات داعمة لموقف الدولة فى قضية معينة، أو المواقف الناقدة لبعض الأمور، وهذا اتضح جداً فى الرد على مخاوف المواطنين، من خلال طمأنتهم، وتوضيح العائد الاقتصادى للمشروعات التى تقوم بها الدولة، كما أن الحياة الحزبية ليست مقتصرة على الجانب السياسى وحسب، بل هناك دور متكامل للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى، يتمثل فى نقل صوت المواطن للدولة ومؤسساتها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التنسيقية ندوات وورش عمل الأمن الغذائى تنسیقیة شباب الأحزاب والسیاسیین الحوار الوطنى من خلال
إقرأ أيضاً:
العراقيون بين حاجتهم إلى التغيير وإرادتهم المعطلة
آخر تحديث: 14 يونيو 2025 - 10:20 صبقلم: فاروق يوسف تنسف الكثير من الوقائع فكرة انتمائنا نحن العراقيين إلى العصر الحديث. هناك تناقض مريع بين استعمالنا للهاتف الخلوي وإيماننا بتقديس الموتى من الأولياء والصالحين الذين نعتقد أنهم سيشفعون لنا في الحياة الآخرة، وبين استعمال السيارات رباعية الدفع والمسيرات الجنائزية التي يغلب عليها اللطم والعويل والمشي كيلومترات على الأقدام من أجل استحضار لحظة مر عليها أكثر من 1400 عام. لكن هناك انتخابات ومجلس نواب وسلطات ثلاث يشرف عليها نظام تعددي مادته الطوائف المتناحرة أما أسلوبه الديمقراطي فهو اختراع محلي يتناسب مع حاجة الأحزاب المهيمنة على السلطة إلى الشرعية أمام العالم. ليس ذلك خبرا مثيرا غير أنه الخبر الوحيد الممكن. ستكون هناك انتخابات، ولكنْ هناك اتفاق على أن تلك الانتخابات التي يُنفق عليها رسميا نصف مليار دولار لن تُحدث تغييرا في بنية النظام السياسي في العراق. سيظل الوضع على ما هو عليه. الأحزاب الحاكمة اليوم ستعود من خلال أغلبيتها البرلمانية إلى حكم العراق. تحتاج تلك الأحزاب إلى شرعية صورية تمكّنها من الاستمرار وهو ما تحصل عليه من خلال شراء الأصوات. في عراق فقير لا بد أن تُشترى الأصوات بأبخس الأثمان. بطانية أو مدفأة أو كيلوغرامات من العدس أو دجاجة مجمدة، ذلك ما انتهى إليه العراق الجديد بعد أكثر من عشرين سنة على سقوط نظام صدام حسين الاستبدادي إثر احتلال العراق عام 2003. وهو ما يعني أن العراقيين لم يربحوا في الحدود الدنيا حرية أصواتهم. كانوا مكمّمين من قبل وهم اليوم يبيعون أصواتهم أي أنهم من غير أصوات. ولكنْ هناك فرق ما بين أن يُجبر المرء على الصمت وبين أن يضع صوته في خدمة مَن يفسد عليه حياته. العراقيون يذهبون إلى الانتخابات لإضفاء شرعية على الفاسدين.ولكن هل يكون الشعب موقع إشفاق في هذه الحالة؟
يسعى مقتدى الصدر وهو زعيم تيار شعبي كبير إلى أن يلعب لعبة مزدوجة. فهو من جهة يدعو أتباعه إلى عدم المشاركة في الانتخابات لأن نتائجها ستذهب إلى جيوب الفاسدين الذين سبق لهم واحدا بعد الآخر أن نددوا بالفساد، وهو من جهة أخرى لا يدعو إلى تغيير النظام. سبب ذلك الخطاب المزدوج يكمن في أنه أولا يسعى إلى تبرئة تياره من الفساد الذي أدى إلى استمرار الدولة العراقية الناشئة في فشلها وثانيا أنه لا يملك برنامجا سياسيا بديلا يتيح له الاستمرار في الحفاظ على مكتسباته ومكتسبات تياره من نظام المحاصصة الطائفية الذي أقامه الأميركان على حطام النظام السياسي السابق الذي ودّع العراقيون مع رحيله دولتهم الحديثة التي ناهز عمرها التسعين سنة.
تناقض ليس غريبا عن الحياة العراقية العامة التي هي ثمرة تلاقح عاطفة شديدة الاشتعال وقسوة هي الظاهرة التي زادتها الأحزاب قوة وأكسبتها تاريخا تخلل كل مفاصل التحولات السياسية الكبرى التي شهدها العراق في القرن العشرين. وإذ يحن العراقيون إلى ما يسمّونه “الزمن الجميل” في مواجهة حاضرهم الكئيب، فإنهم لا يراجعون تلك الثنائية بطريقة نقدية بل يمرّون خفافا بالصور الوردية المقتطعة بطريقة انتقائية من ذلك التاريخ الذي عصف بهم من الداخل ومكنهم بيسر من أن يحولوا مجتمعهم المدني المتحضر إلى مجموعات متناحرة من الطوائف والأعراق والأديان والعصبيات القبلية والحزبية.
لقد أثبتت التجربة المرة عبر أكثر من عشرين سنة أن التراجع عن الظواهر المدنية والقيم الحضارية ممكن في العراق لا بسبب الاحتلال الخارجي بل بسبب مجموعة الأخطاء التي كانت جزءا من البنية الداخلية للحياة العراقية التي رافقت قيام الدولة العراقية الحديثة. ولو لم يكن الأمر كذلك لما تمكن حزبيو الزمن الطارئ من الهيمنة على ثروات العراق وإنفاقها بما يناسب شهواتهم الشخصية.
وليس صحيحا أن الشعب العراقي غير قادر على إحداث تغيير كبير في حياته الشاملة بدءا بجانبها السياسي. لقد أكدت تجربة الاحتجاجات المليونية التي بدأت في تشرين 2019 أن كلمة الشعب الرافضة والمتمردة والموحدة قادرة على العصف بالنظام السياسي القائم بدليل أن النظام اضطر إلى إسقاط حكومة عادل عبدالمهدي والاستعانة بمصطفى الكاظمي لتشكيل حكومة بديلة. غير أن ما لا يمكن إنكاره أن النهاية المحبطة لتلك الاحتجاجات كانت قد حدثت لا بسبب عمليات القتل الممنهج التي نفذتها الميليشيات فحسب بل وأيضا بسبب افتقار المحتجين إلى الإيمان بقيادة موحدة. لم يتعلم العراقي سوى الإذعان للقوة. كلما كانت الدولة قوية كلما كانت الأمور تجري بطريقة حسنة. لقد كان حدثا إعجازيا أن تقع تلك الاحتجاجات وأن تتمكن قيادتها من ضبطها في ذلك الزمن القصير. ليس العراقيون منضبطين إلا في ظل الفوضى التي تبرمجها النظريات الخيالية. وهنا يكمن السر في تمكن الأحزاب من تمرير فسادها تحت شعارات دينية زائفة.