خطيب الأزهر: الأمة تترقب حفلا تعبديا عظيما تتصل فيه أنوار السماء بأنوار الأرض
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
ألقي خطبة الجمعة اليوم، بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "استقبال شهر رمضان".
شهر رمضان المباركوقال دكتور الغفير، إن الأمة الإسلامية بقلوبها المؤمنة، ونفوسها العاشقة والتواقة، تتأهب الآن لاستقبال أهم وأجل مواسم الخيرات في العام كله، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدًا)، فالأمة تترقب حفلاً تعبدياً عظيماً وهو شهر رمضان المبارك الذى اتصلت فيه أنوار السماء بأنوار الأرض في ليلة طاب هوائها، ورق نسيمها ليبدد الله الظلام ويملأ الأرض عدلاً ونوراً بعد أن كانت ظلماً وجوراً.
ولفت خطيب الجامع الأزهر ، إلى أن شهر رمضان الذى أنزل الله فيه القرآن، يبارك الله فيه العمل ويضاعف فيه الأجر والثواب، تفتح فيه الأبواب، وتصفد الشياطين، وينادي مناد: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر"، ولله فيه عتقاء من النار في كل ليلة من لياليه، فهو ضيف كريم يحل ليمكث أياماً معدودات ثم يرجع من حيث أتي محملاً بأعمال العباد، شاهداً لقوم وشاهداً على آخرين، إلي رب العالمين.
وشدد على أن شهر رمضان هو أجل نفحات الله في الزمان بلا خلاف، وتفسير معني قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن لكم في أيام دهركم لنفحات" أى أوقات يتجلي الله فيها على عباده فيبارك العمل ويضاعف الثواب ويعظم الأجر.
وتابع د.الغفير، بقوله: قال العلماء إن العمل يضاعف بزمان العمل، ومكان العمل، ونية العامل، فالصلاة هنا غير الصلاة في المسجد الأقصى التي تعدل خمسمائة صلاة، وفي مسجد النبي ﷺ تعدل ألف صلاة، وفي المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة، وباعتبار زمان العمل، فركعة تصليها في رمضان خير ممن تصليها في غير مضان، وفي العشر الأواخر من رمضان ركعة خير من غيرها في رمضان، وفي ليلة القدر إذا وفق الله فيها العبد كانت خير ممن صلي ألف شهر.
نفحات الله في شهر رمضانواسترسل : أما باعتبار النية: فهذا عندما يقف اثنان للصلاة في مكان واحد، فتقبل من أحدهما وترفض من الآخر، مشير إلى نفحات الله في شهر رمضان، ومنها أن الله عزّ وجلَّ تجلى فيه على الأمة بالقرآن، ففتح قلوب العباد إلى عبادة رب العالمين، فاستقبال هذه النفحات يجب أن يكون بكامل الطاقة والهمة عسى أن تصيبنا منها نفحة، فرمضان ضيف كريم في نفحاته، فالصيام فُرض على جميع الأمم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
وأوضح أن صيام رمضان هدية من الله للأمة التي يحبها الله ورسوله، كانت الأمم السابقة إذا كذبت رسولها أنزل الله عليهم عذاباً يسمي الاستئصال إلا أمة محمد ﷺ فهي أمة مكرمة لا معذبة، أمة مرفوعة القدر، روى الحاكم أن سيدنا موسي عليه السلام قال: يارب إنى أرى فى الألواح أمة هى خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، رب أجعلهم أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة هم الآخرون فى الخلق، السابقون فى دخول الجنة، رب اجعلها أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة أناجيلهم فى صدورهم يقرأونها وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظراً، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئاً ولم يعرفوه وإن الله أعطاهم من الحفظ شيئاً لم يعطه أحداً من الأمم، رب اجعلها أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول و بالكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتى. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها فى بطونهم ويؤجرون عليها وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها ناراً فأكلتها وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير، وإن الله أخذ صدقاتهم من غنيهم لفقيرهم يأكلونها قال: فاجعلهم أمتى قال: تلك أمة أحمد. قال: رب فإنى أجد فى الألواح أمة إذا همّ أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال: رب اجعلها أمتى. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة هم المشفعون المشفوع لهم، فاجعلهم أمتى. قال: تلك أمة أحمد. قال قتادة: فذًكر لنا أن موسى عليه السلام نبذ الألواح، وقال اللهم أجعلنى من أمة أحمد، فسيدنا موسى عليه السلام طلب وتمني أن يكون من أمة محمد ﷺ.
وبيّن خطيب الجامع الأزهر، أن شهر رمضان شهر غفران الذنوب فتغفر فيه ذنوب العام كله، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، قد خاب وخسر من لم يفوز فيه برضوان الله، إذا مر يوم على العبد ولم يزداد فيه قرباً من الله فقد ظلم نفسه، فمن استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعون، وفي يوم من الأيام صعد النبي ﷺ المنبر وقال: «آمين، آمين، آمين» وفي رواية: صعد رسول الله المنبر فلما رقي عتبة قال: «آمين»، ثم رقى أخرى فقال: «آمين». ثم رقي عتبة ثالثة فقال: «آمين». قيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: آمين، آمين، آمين. فقال: «إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان، فلم يغفر له، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما، فلم يبرهما، فمات، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين، ومن ذكرت عنده، فلم يصل عليك، فمات، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين.
وختم د.الغفير، حديثه ببيان واجب المسلمين نحو رمضان والاستعداد لاستقباله الاستعداد الذي يجب أن يكون، فالاستعداد للضيف يكون قبل النزول، بأن تصفو القلوب وتتعاهد النفوس علي طاعة الله وعبادته حق العبادة حتي نفوز برضوان الله وجناته، فيجب تنقية القلوب والنفوس من الحقد والغل والحسد والبغضاء، فالله عزَّ وجلَّ لا يقبل لحاقد وكاره لغيره.
قال النبي ﷺ (ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا، رجل أم قوما وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارعان). ولا يقبل الله عملاً لقاطع الرحم، فعلينا أن نصل أرحامنا.
وأوصى د. ربيع ، بالتعاهد مع الفقراء والمساكين والمعوزين وذلك بإدخال السرور عليهم قبل شهر رمضان المبارك حتي يستقبلوا الشهر بقلوب مؤمنة فرحة مستبشرة، فعلي كل مسلم أن يعد برنامجاً لنفسه ماذا سيفعل في رمضان، وكفانا كسلاً وإهمالاً، وتفريطاً وتضييعاً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: شهر رمضان المبارك الجامع الأزهر خطيب الجامع الأزهر رمضان
إقرأ أيضاً:
أنظمة التطبيع معاول هدم لكل مقومات النهوض الإسلامي
يمن الأنصار سيظل دوما إلى جانب محور القدس حتى تطهير كامل الأرض العربية من التواجد الاستعماري.
“الثورة” ترصد تفاعل يمن الإيمان والجهاد مع قضية المقدسات في السطور التالية:
الثورة / أمين العبيدي
كانت البداية مع الأخ حسين محمد المهدي الذي تحدث قائلا : إن اليهودَ المتصهينين باعتدائهم على أرض فلسطين وسوريا ولبنان يكشفون للعالم عن وجوههم القبيحة، فقد سلكوا طريق الهلاك والبوار، وركبوا مطية البغي والاستكبار، ومن ركب مطية البغي لم ينل بغيته، ولم يحصل على أمنيته، فدولة المجاهدين في حزب الله ولبنان وسوريا وغزة فلسطين يحوطها الدين، وكلّ دولة يحوطها الدين لا تغلب، كما أن كُـلّ نعمة يحرسها الشكر لا تسلب.
مضيفاً أن الصهيونية اليهودية التي يقودها “نتن ياهو” وأمثاله قد هبطت إلى الدرك الأسفل من الانحطاط الأخلاقي والخُلُقِي، وبَنَتْ جيشها من شذاذ الآفاق، ودربتهم على سفك الدماء وقتل الأبرياء، واحتلال أرض العرب والمسلمين، وزرعت في أفكارهم خيال قيام دولة يهودية على أرض العرب والمسلمين وهيهات أن يتم لهم ذلك.
وتابع: إن الذي يقبل بقيام دولة صهيونية متوحشة تنتهك الحرمات، وتحتل الأرض، وتريد الاستيلاء على المقدسات، فليس على وجه الأرض عاقل يقبل بما ترمي إليه الصهيونية، ولا يوجد قانون يسمح لهؤلاء الشذاذ المتصهينين بشيء مما يطمحون إليه، ومن المستحيل أن يوجد على وجه الأرض عاقل يؤمن بالله ويعترف بحقوق الإنسان، يسمح للصهيونية المتوحشة التي تسفك الدماء ليل نهار بالاستيلاء على غابات مليئة بالسباع الضواري والحيات والأفاعي، فضلًا عن أن يسمح لهذه العصابة الصهيونية المتوحشة بالاستيلاء على شعوب ذات حضارة وأخلاق إنسانية وإسلامية، فكما لا يمكن أن تكون للقضايا صورة مخصوصة ثم تظهر منها بعد ترتيبها نتيجة غير ما تستدعيه القضايا وترتيبها بوجه خاص، كذلك فَــإنَّه لا يمكن أن تكون للأجزاء الكيمائية خصائص ثم يظهر بعد امتزاجها وتركيبها شيء تختلف خصائصه عما يقتضيه تركيب تلك الأجزاء، هذه سنن ثابتة، وترتيباً على ذلك فلا يمكن للصهيونية أن تتحدث عن حقوق الإنسان وهي تقتل الإنسان وتسفك دمه، ولا يمكن أن تتحدث عن دولة يهودية تحمي الحقوق والحريات وتبني نهضة عمرانية وهي تسعى إلى هدم العمران وانتهاك الحقوق والحريات واحتلال الأرض واغتصاب الديار وسفك الدماء على مرأى ومسمع من العالم! وتسعى إلى محاربة الثقافة التي تصونُ القيم وتحترم المشاعر والمعتقدات وتحافظ على بنية الإنسان ثم تزعُمُ أنها تريدُ للإنسان خيراً وهي تحشوه بكل عوامل الشر.. لعمر الحق إن ما تسعى الصهيونية إليه لا يمكن أن يتحقّق أبداً، إن دين الإسلام وحده هو المرشح الوحيد لإقامة دولة إسلامية على الأرض كلها؛ لأَنَّه جاء بنظام يقوم على إصلاح كُـلّ شؤون الحياة الدينية والدنيوية؛ فقد أناط الفلاح بمن يعمل الصالحات ويحمي الحقوق والحريات، ووعد الله الإنسان فيه بالاستخلاف في الأرض (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، فالآية الكريمة توضح نظرية الدولة في الإسلام إيضاحاً مبنيًّا على الإيمان بالله وقواعد المنطق والعقل بعمل الصالحات؛ فالإسلام لا يسعى إلى تعطيل القوى الفكرية والبشرية والتحكم في مصالح الناس والإضرار بعقيدتهم ومصالحهم كما تفعل الصهيونية، فهو يحجم الفساد ويسعى إلى إزالته فَــإنَّما جاء الإسلام ليقيم نظام العدالة الاجتماعية على أَسَاس ما أنزله الله من البينات (وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) (لَقَدْ أرسلنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ).
وتابع قائلاً: الدولة التي جاء بها الإسلام ليس لها غاية سلبية، بل إن هدفها الأسمى هو نظام العدالة الاجتماعية والنهي عن المنكرات واجتثاث شجرة الشر من جذورها، وَالأمة الإسلامية هي المؤهلة لذلك كله، دل على ذلك قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ) أما بنو “إسرَائيل” فقد أخبر الله عن فسادهم ووعد المسلمين باجتثاثهم ودخول المسجد الأقصى وتطهيره من دنسهم ووعد بالنصر عليهم وأمر بقتال من يقاتل المسلمين أَو يحتل أرضهم فقال سبحانه وتعالى: (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) ولن يثني عزائمهم أبداً استهداف زعمائهم من قبل الصهيونية، بل يزيدهم قوة وعزيمة فكل فرد من أفراد هذه الأُمَّــة يؤمن بما جاء به القرآن وبما جاء به محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وكلّ مؤتمن على ذلك وَإذَا عمل به يكون مرشحاً لقيادة الجيوش ومؤهلاً لقتال اليهود والمنافقين؛ فقادة المسلمين كثر في الأُمَّــة فهم كالنجوم كلما غرب نجم سطع آخر وفي الأُمَّــة اليوم بحمد الله ملايين الدكاترة والعلماء في مختلف التخصصات الذين يدينون بدين الإسلام وهم قادرون ومؤهلون على النهوض بالأمة وقيادة الجيوش وبناء دولة إسلامية قادرة على اجتثاث الصهيونية من جذورها وفي مقدمة هؤلاء أنصار الله وحزبه العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والهزيمة والخزي لليهود والمنافقين، ولينصرن الله من ينصره أن الله لقوي عزيز..
طُـوفان الأقصى انتصار للأمة
واكد الأخ شهاب الرميم بقوله : عملية “طُـوفان الأقصى” وما حملته معها من انتصار للقضية الفلسطينية، عمدته دماء الآلاف من الشهداء والجرحى، وسطرته حركات الجهاد وفصائل المقاومة في غزة بانتصارات وتضحيات وصمود ،أثبتت فشل قوات العدوّ الإسرائيلي بعملية الزحف العسكري البري، وعجزه عن تحقيق أي نصر ميداني يذكر على الأرض؛ ما دفعه لتعويض تلك الانتكاسة والفشل بارتكاب المزيد من المجازر المروعة بحق المدنيين من النساء والأطفال إضافة إلى استهداف البنية التحتية والمرافق الخدمية، أهمها القطاع الصحي وفرض حصار مطبق، مستغلاً الصمت الأممي المخزي والخذلان العربي الرهيب، وأمام هذه المستجدات كان على أحرار الأُمَّــة العربية والإسلامية في محور المقاومة دون غيرهم أن يتحملوا شرف القيام بمسؤوليتهم الدينية والأخلاقية لنصرة غزة وفلسطين عُمُـومًا، والمساهمة بشكل كبير في فرض معادلة الضغط على العدوّ ما أمكن والعمل على خنقه اقتصادياً وضربه عسكريًّا، حتى يوقف جرائمه ويرفع حصاره عن غزة والذهاب نحو توسيع دائرة الحرب على مستوى المنطقة كاملة، شاملة الأهداف العسكرية والحيوية للكيان والقواعد الأمريكية المساندة له المتمركزة في ربوع المعمورة، وجعلها مسرحاً للعمليات العسكرية للمحور.
ظاهرة النفاق وخطورتها
من جانبه أشار د. محمد عبدالله شرف الدين إلى أنه ليس (اليهود / المنافقون) ظاهرة عصرية طارئة، ولا قضية تَرَفِيَّةً، لا تمس متغيرات الواقع، وللموضوع ثلاثة محاور، وهي: (المعطيات -العلاقات -النتائج).
أولا: المعطيات:
ملفوظ (اليهود)؛ عبارة عن مفهوم ومصطلح، ولعل أول ظهور للمفهوم (اليهود) في أعمق تأثيل على إثر الانقسام بين أبناء نبي الله يعقوب، فيعد الأبناء المخالفون أول تشكل لتيار منحرف بين أظهر بني “إسرائيل”، واتسع مع مرور العصور حتى بلغ الانحراف الكامل حين دعوة النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وعن المصطلح (اليهود) ارتبط بالمنحرفين عن دعوة الإسلام لنبي الله موسى عليه السلام، وقرن القرآن الكريم بين المصطلح والمفهوم لليهود، ليعبر عن فريق الشر المحض وعند مفهمة مصطلح (النفاق)، وما يشتق منه، قد يتبادر في الذهن ارتباطه بالقاموس القرآني؛ لكن إنعام النظر يشف عن كون الحديث الواسع في القرآن الكريم عن ظاهرة النفاق، وخطرها، والتحذير منها، ليس؛ لأَنَّها وليدة الواقع العربي في مرحلة نزول القرآن الكريم، وإنما لكونها خطر كَبير أسقط ممالك قبل دعوة النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله لقد عانى بنو “إسرائيل” أشد العناء من هجمات قوميات أُخرى عليهم قبل عهد مملكة نبي الله داوود، وكان الأخطر من المهاجمين هم منافقون، يرفعون المعلومات الاستخباراتية للقوميات الأُخرى؛ إذ قلوبهم موالية لأُولئك.
ثانياً: العلاقات:
أما العلاقة بين اليهود وأدوات النفاق العربي؛ فتبدأ من أرض الشام، وتنتهي في أرض الشام، لقد نفي أمية من مكة؛ لفجوره، وحط به المقام عشرين عامًا في الشام بالذات، الشام التي كان يخصها بزيارات سنوية في رحلة الصيف، وهذا يكشف عمق العلاقة بين أمية، وأهل الشام، ولكن من منهم بالتحديد؟
خصت علاقة أمية من أهل الشام بيهودها خَاصَّة، ومن الشام تقاطر اليهود إلى حول المدينة قبل البعثة النبوية، وهي منفى مِن أجلِي من اليهود في عهد النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله، من حول المدينة، فالشام بؤرة خطيرة، وبيئة خصبة لتنامي العلاقة بين النفاق واليهود لقد وجه النبي محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- قبل وفاته جيش أسامة جهة الشام، ففتح الله الشام على أيدي تلاميذ رسول الله، من ربتهم سورة التوبة، ورفع من معنوياتهم غزوة تبوك وفتحت الشام؛ ليختطفها منافقو العرب؛ إذ ولى عمر بين الخطاب يزيداً بن أبي سفيان، وبعد موته ولى أخاه معاوية لعشر سنوات، فضجت العرب من فساده وإفساده، فقال عمر: دعوه، إنه كسرى العرب، لقد اختيرت الشام مهبط منافقي الإسلام، وهو اختيار بعناية تمتد إلى تلك الجذور لقد كان معاوية المتراس الأول لمنع امتداد الفتح الإسلامي إلى الغرب الكافر، ومن بعده بنو أمية كان لمعاوية طبيب، وكان مكيناً في مكانته، وقدره، ناهيك باليهود المجليين من حول المدينة، فهم للاستشارة، وحلحلة المعضلات، وقلب مفاهيم الدين الإسلامي، فلهم خبرة تمتد لآلاف السنين، ولذا قد جعلوا لكل قائم مائلًا، وكان مجلس هشام بن عبد الملك يرتاده يهوداً، للمنادمة، وهتكوا عرض رسول الله في ذلك المجلس، أصبح سرجون بن منصور النصراني كاتب معاوية، واستمر متنقلاً حتى عهد عبد الملك بن مروان، فمثل دوره، كدور سفراء دول الغرب الكافر في عالمنا الإسلامي، وهناك عدد من النصارى عمال على أمصار ولاهم بنو أمية.
إن طبيعة العلاقة بين اليهود والمنافقين تتمثل في أواصر (الأخوة)، فقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، [سُورَةُ الحَشرِ: ١١] وهذه اللفظة ذاتها، نطقها من يطلق عليه رئيس رابطة العالم الإسلامي في السعوديّة العيسي أثناء حديثه عن طبيعة علاقة السعوديّة باليهود؛ إذ قال: وقف أنا وإخوتي من اليهود وفي معاصرتنا قادة النفاق النظام السعوديّ يعطي كيان العدوّ الإسرائيلي في معركة (طُـوفَان الأقصى) ملايين الدولارات، كدعم في مواجهة الحرب ويشارك النظام الإماراتي مع العدوّ الإسرائيلي الاجتياح البري لغزة بفرق متعددة، ناهيك بمشاركة الطيران
ثالثا: النتائج:
ولكن ما نتائج تلك العلاقات؟
قطعاً قطعاً؛ قال تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}، [سُورَةُ الحَشرِ: ١٢] لقد أدبر السعوديّ والإماراتي عند الاعتداء على اليمن لإرضاء اليهود والنصارى، وهَـا هو يدبر في قطاع غزة، فثمة أكثر من أسير إماراتي في قبضة حركة حماس ولا قلق من تجمعهم، فهم في خلاصة جمعهم لا يخرجون من دائرة حزب الشيطان الذي قال الله عنه: {أولَـٰۤىِٕكَ حِزبُ الشَّيطَـانِ ألا إِنَّ حِزبَ الشَّيطَـانِ ٰنِ هُمُ الخَـاسِرُونَ}، [سُورَةُ المُجَادلَةِ: ١٩] لقد اجتمع ثلاثي الشر في غزو العراق، وفشلوا، وفي اليمن تقهقروا، وها هم اليوم في فلسطين ولبنان يجرون ويلات الهزيمة وهَـا هي قمة الرياض المخزية للمرة الثانية، تجر أذيال الذل والعمالة، والتآمر على قضية فلسطين، ولذا ليست بقمة إسلامية؛ إنما قمة النفاق: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ، فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، [سُورَةُ المَائـِدَةِ: ٥٢]، فخاتمتهم الندم الشديد، وما خاتمة زعماء عرب سبقوهم تولياً لليهود والنصارى عنهم ببعيد، فيرونه بعيدًا، ونراه قريباً وكما سجل التاريخ منافقي الأُمَّــة الأوائل في صفحات المقت، والخزي، والعار، والفناء؛ فلن يكون منافقو الأُمَّــة في المعاصرة ببعيدين عن ذلك، والندم على جرائرهم أشد وطأة عليهم واليهود حالهم المزري لا ينفك عن ملاحقتهم، الذل، والخزي، والخوف، والقلق، ويكفيهم جميعًا العذاب النفسي اليوم، فسينفقون، ثم تكون عليهم حسرة، ويغلبون، وهم جميعًا في النار: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَاٰفِقِينَ وَالكَاٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}، [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٤٠] أما نحن أُمَّـة الإسلام؛ فقد حدّدنا مسارنا، وبدقة متناهية، وبتوجيهات مكللة بالعون الإلهي، فقال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٧٦].
الإبادة الجماعية وأنظمة التطبيع
وفي هذا السياق يقول الأخ أحمد المتوكل: الإبادة الجماعية والاستهداف الشامل لكل مقومات الحياة، ومنع دخول الماء والغذاء والدواء هو ما يقوم به العدوّ الإسرائيلي اليهودي بحق الفلسطينيين واللبنانيين في قطاع غزة ولبنان وبمساعدة ودعم من أمريكا والأنظمة العربية المتصهينة، لم يكن (طُوفَان الأقصى) في السابع من أُكتوبر وشماعة استعادة الأسرى هو الدافع الإسرائيلي لاستهداف غزه ولبنان، بل هو امتداد لسلسلة جرائمه الصهيونية على مدى خمسة وسبعين عامًا من احتلاله لفلسطين وتنفيذًا لمخطّطه الإجرامي الخبيث في السعي لإنشاء دولته المزعومة والتي يسميها بدولة “إسرائيل الكبرى”، والتي تمتد من النيل في مصر إلى الفرات في العراق، وتضم جزءًا من مصر وثلثَي السعوديّة وتشمل مكة والمدينة ودول الشام والعراق كان لا بُـدَّ للعدو الإسرائيلي لتحقيق هدفه وإنشاء دولته المزعومة أن يقوم بتغييرات جيوسياسية في المنطقة العربية، وإشعال الثورات والحروب الأهلية لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وتهيئة الأنظمة العربية للتطبيع، وصناعة القاعدة وداعش والجماعات التكفيرية لتهيئة البلدان للاحتلال الأمريكي والإسرائيلي الجدير بالذكر أن النظام السعوديّ هو النظام السبَّاق في قتل المسلمين قبل العدوّ الإسرائيلي، فقد قتل أكثر من ثلاثة آلاف حاج يمني فيما تُعرف بمجزرة تنومة، وذلك قبل احتلال اليهود لفلسطين، وهو أول من سارع في إهداء فلسطين لليهود وسمَّاهم بالمساكين، وهو من شنَّ عدوانه لأكثر من عشر سنوات على اليمن؛ بهَدفِ إفشال ثورة الواحد والعشرون من سبتمبر وإعادة اليمن لحضن التطبيع ومنع سيطرة أنصار الله لمضيق باب المندب وكل ذلك يصب في حماية العدوّ الإسرائيلي ومساعدته في إنشاء دولته المزعومة، ولم يكتفِ النظام السعوديّ عند هذا الحد، بل قام بدعم الجماعات التكفيرية في سوريا والعراق، وإشعال الاقتتال في السودان بمساندة من شريكه الإماراتي.