“قضية الـ 60 عاما” بين الكويت وإيران للواجهة مجددا.. ومطالب بحل جذور الأزمة
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
بعد توليه مقاليد الحكم في الإمارة الخليجية خلال ديسمبر الفائت، زار أمير الكويت الجديد، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، دول الجوار ابتداء من الرياض وانتهاء بأبوظبي، وحصل على دعم كامل لقضايا بلاده الخلافية مع إيران والعراق.
وخلال جولات الشيخ مشعل في العواصم الخليجية، دائما ما يصدر بيان مشترك بين الكويت والدول الخمس الأخرى بمجلس التعاون في كل رحلة لـ”التأكيد” على ملكية الكويت للثروات الطبيعية في حقل الدرة المتنازع عليه مع إيران، و”التأكيد” أيضا على أهمية التزام العراق باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله.
وخلال اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون في الرياض يوم 3 مارس الجاري، أكد المجلس الوزاري الخليجي في بيان على أن “حقل الدرة يقع بأكمله في المناطق البحرية للكويت”.
وقال البيان إن الدولتين “لهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات الطبيعية في تلك المنطقة، وفقا لأحكام القانون الدولي واستنادا إلى الاتفاقيات المبرمة والنافذة بينهما”، مؤكدا “رفضه القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعينة بين السعودية والكويت”.
ورغم أن الخارجية الإيرانية قالت إن البيان الخليجي المشترك “غير بناء”، فإن طهران اتخذت موقفا تصعيديا في نبرة تصريحاتها، الجمعة، بعد تعليقات لمساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية.
وقال مساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية محمد دهقان في تصريحاته التي أوردتها وسائل إعلام محلية إنه إذا بدأت الكويت باستخراج الثروات من الحقل المتنازع عليه، فإن إيران ستقوم بخطوات مماثلة أيضا.
وحقل الغاز الطبيعي البحري المعروف في إيران باسم “آرش” وفي الكويت والسعودية باسم “الدرة”، تقول طهران إنه يقع ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة، في نزاع بدأ قبل عقود.
ويرى محللان سياسيان من إيران والكويت تحدثا لموقع قناة “الحرة” أن عدم ترسيم الحدود البحرية بين البلاد يمثل أساس هذه المشكلة.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، حسين رويوران، إن منطقة حقل الدرة “مختلف عليها بين إيران والكويت، والسبب عدم ترسيم الحدود البحرية”.
وأضاف رويوران: “طهران لا تقول أن الحقل إيراني، بل ترى إنه يقع في منطقة مختلف عليها ويجب حل الموضوع من خلال حوار إيراني كويتي لتحديد الحدود ورسم خريطة لمسح الحقل”، حسبما ذكر لموقع “الحرة”
واستشهد بتحديد الحدود البحرية بين إيران وقطر من جانب ومع عُمان من جانب آخر.
بدروه، قال رئيس مركز “المدار” للدراسات السياسية والاستراتيجية في الكويت، صالح المطيري، إن القضية “ليست وليدة اليوم بل تعود لـ60 عاما ماضية، لكن الكويت لم تحسم حدود الجرف القاري التابعة لها”.
وأضاف المطيري أن “الحدود لم تحسم مع إيران وتُرك الحقل كما هو لاعتبارات سياسية وأخرى اقتصادية كون الدولتين ليستا في حاجة ملحة لهذه الثروة”، على حد قوله لموقع “الحرة”.
ويعود النزاع الدائر على حقل الدرة إلى ستينيات القرن الماضي حين منحت إيران امتيازا بحريا للشركة النفطية الإنكليزية الإيرانية التي أصبحت لاحقا “بي بي”، فيما منحت الكويت الامتياز إلى “رويال داتش شل”، بحسب فرانس برس.
ويتداخل الامتيازان في القسم الشمالي من الحقل، الذي تقدّر احتياطياته من الغاز الطبيعي بنحو 220 مليار متر مكعب.
وأجرت إيران والكويت طوال سنوات محادثات بشأن حدودهما البحرية الغنية بالغاز، لكنها باءت كلها بالفشل.
والسعودية جزء من النزاع، نظرا إلى أنها تتشارك مع الكويت في المنطقة موارد غازية ونفطية بحرية.
وقال المطيري إن “إيران لديها تحفظا على إشراك السعودية وإن لم يكن واضحا.. تريد المفاوضات ثنائية مع الكويت فقط ظنا منها بأنه ليس هناك حدود مشتركة في هذا الحقل مع السعودية”.
في المقابل، قال رويوران إن “إيران ترفض الاتفاق الكويتي السعودي وترفض الحوار مع البلدين”، مضيفا أن القضية “خاصة بايران والكويت فقط”.
وكانت الكويت والسعودية، وقعتا في مارس 2022، اتفاقا ثنائيا “لتطوير حقل الدرة” البحري والعمل على “استغلال المنطقة المغمورة المقسومة” دون العودة إلى إيران، مما أغضب الأخيرة التي اعتبرت تلك الخطوة “غير قانونية”.
واعتبر رويوران أن ذلك الإعلان يمثل “استفزازا”، لأن الدولتين اتفقتا على الاستثمار في الحقل “دون النظر لإيران”. لكن المطيري يصر على أن “الحقل يقع في المياه الإقليمية للكويت”.
وفي أبريل 2022، دعت السعودية والكويت، إيران إلى التفاوض بشأن الحقل المتنازع عليه، لكن طهران ترفض المحادثات مع الكويت والسعودية كطرف واحد.
وفي يونيو 2023، قال المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خجسته مهر: “نحن جاهزون تماما لبدء عمليات الحفر في حقل آرش”، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء “فارس” الإيرانية.
وفي يوليو، صرح وزير النفط الكويتي السابق، سعد البراك، في مقابلة تلفزيونية، بأن الكويت “ستبدأ التنقيب والإنتاج في حقل الدرة للغاز، من دون انتظار ترسيم الحدود مع إيران”.
“غير واقعية”
والسبت، أفادت صحيفة “الجريدة” الكويتية بأن “تصريحات دهقان جاءت إثر مشادة كلامية بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، ومسؤولين حكوميين اتهموا الخارجية بالتعامل بضعف مع مسألة حقل الدرة”، وسط خلافات بين الحرس الثوري والخارجية في طريقة إدارة هذا الملف، طبقا للصحيفة ذاتها.
ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تكشف عن هويته، قوله إن “دهقان – المقرب من الحرس الثوري – اتهم الخارجية بأن أداءها الذي يكتفي بالتصريحات والضغط على وزارة النفط لعدم بدء الحفريات في هذا الحقل قبل التوصل إلى اتفاق مع الكويت، يضعف موقف إيران”.
وحسب المصدر، فإن شركة تابعة للحرس الثوري كانت عقدت اتفاقية مع وزارة النفط الإيرانية للتنقيب في القسم الذي تعتبره إيران حصتها من حقل الدرة، لكن وزارة النفط علقت تنفيذ الاتفاقية بطلب من الخارجية، وفقا للصحيفة الكويتية ذاتها.
وبينما يعتقد المطيري أن “الخلاف بين الحرس الثوري والخارجية واضح” في إيران، اعتبر رويوران أن تلك التقارير الإعلامية “غير واقعية”.
وتابع رويوران: “القوات المسلحة هي أداة للدفاع للسياسات الوطنية والحدود.. والحرس (الثوري) لا يحدد سياسة خارجية للنظام وإن كانت تصريحات صدرت فهي تبقى فردية لا تمثل موقف الدولة الرسمي”.
واستبعد كلا المحللين أي خطوات تصعيدية على الأرض من قبل الطرفين، إذ قال المطيري إن “هذه مجرد تصريحات ولا يوجد ما يدعو للقلق مثل إجراء عسكري أو أمني من جانب إيران”.
واستطرد المطيري: “تاريخيا الكويت تلجأ للمفاوضات والتفاهمات السلمية في كل قضاياها ولا تبحث عن تصعيد أو فرض أمر واقع؛ لأنها تعتمد على مبدأ حسن الجوار الثابت في سياستها الخارجية”.
أما رويوران، فقال إنه “لا أحد يريد أن يصادر حق الطرف الآخر” في الحقل، مشددا على أن المسح الجيولوجي للموقع “أمر ضروري جدا قبل أن نحدد الاستثمار دون أن نعير انتباها لإدعاء الطرف الآخر”.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: مع الکویت حقل الدرة مع إیران
إقرأ أيضاً:
محكمة الإستئناف تسدل الستار على قضية “مجزرة حي الرحمة” بسلا
زنقة 20 | متابعة
أسدلت محكمة الاستئناف بالرباط الستار على واحدة من أبشع الجرائم التي هزّت المغرب، وذلك بعد أن أيّدت الحكم الصادر في حق المتهم الرئيسي في “مجزرة حي الرحمة” بمدينة سلا، والتي راح ضحيتها ستة أفراد من عائلته، بينهم شقيقه وزوجته وأطفالهما، بعدما أقدم على ذبحهم ثم جمع جثثهم في غرفة واحدة، وأضرم النار في المنزل لإخفاء معالم جريمته الشنيعة.
وقضت غرفة الجنايات الاستئنافية بالسجن المؤبد في حق المتهم، مع تأييد حكم الإدانة الصادر في يوليوز 2024 من طرف غرفة الجنايات الابتدائية، والذي شمل أيضاً غرامة مالية تُقدّر بمليون درهم.
وتعود تفاصيل هذه الجريمة المروعة إلى فبراير من العام 2021، حينما اهتز حي الرحمة على وقع اندلاع حريق مهول في أحد المنازل، قبل أن تنكشف المأساة لعناصر الإطفاء، وهي وجود ست جثث متفحمة ومطعونة، ودماء متجمدة على أرضية الغرف.
في بداية التحقيقات، لم يكن للسلطات الأمنية المغربية أدلة كافية، لكن آثار الطعنات الغائرة في أجساد الضحايا، مع رائحة البنزين المنتشرة في المكان، جعلت فرضية الحريق العرضي تتلاشى أمام احتمال الجريمة المدبرة.
وبعد عمليات بحث وتحقيق دامت لأشهر، تمكنت السلطات الأمنية الإسبانية في 25 ماي 2021، من توقيف المتهم الهارب الذي كان يعمل في إحدى شركات توزيع الغاز في بلدة “كاستيون” جنوب إسبانيا، بعد تنسيق محكم مع المخابرات المغربية، التي ساهمت في رصد تحركاته بدقة.