جريدة الرؤية العمانية:
2024-06-16@11:07:57 GMT

الإبادة.. ودروس من حرب غزة

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

الإبادة.. ودروس من حرب غزة

 

محمد بن سالم التوبي

 

الإبادة المتواصلة من قبل أدعياء الديموقراطية متواصلة وتعمل ليلاً نهارًا على تصفية الأبرياء في قطاع غزة، ولا يزال إلى اليوم يقف العالم مشدوها لما يحصل من قتل مروّع وإبادة شاملة لكل ما يدب على الأرض في غزة الجريحة المكلومة في نسائها وأطفالها الذين قتلوا بدمٍ باردٍ من قبل أعداء الإنسانية وأعداء الحرية وبسلاح أمريكي وصمت عربي لا يمكن وصفه إلّا بالصّمت البشع الذي تتسع فيه الشقّة بين الشعوب وحكّامها.

الإبادة التي يصرُّ عليها حكّام الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية الأخرى دليل على تغلغل الصهيونية حتى في اختيار الحُكّام ببعض الدول أو تأثيرهم بطريقة أو بأخرى في اختيار حكّام يؤمنون بالصهيونية أو أختها الماسونية، حتى يستطيعوا خدمة أهدافهم وتوسّعهم في الكثير من البلدان، وبالتالي يتحكّمون في قراراتها والسيطرة على إمكانياتها بما يحقق مصالحهم ومصالح بعض الدول التي تقف معهم وبعض الحكام الذين يخدمون سياساتهم وتوجهاتهم.

في غزّة يقوم الصهانية بقتل الجميع لأنهم يعلمون علم اليقين أن هؤلاء الذين شدّوا وثاقهم مع الله لن تهزمهم الدبابات ولا تكسر شوكتهم الصواريخ، باعوا أرواحهم لله فقويت بالله شوكتهم وسدّد الله رميهم، وهكذا ديدن من يمد حبله مع الله جلّت قدرته فإن الله ناصره ومؤيده، وما الأرواح التي لاقت ربّها إلّا أنها أرواح أراد الله لها أن تكون في الجنة فمنزلة الشهيد عند الله عظيمة.

هذه الإبادة أحد الدروس العظيمة التي كشفت مدى إزدواجية المعايير التي تقوم عليها الديمقراطية الغربية التي تشدّقت بها في المحافل الدولية ووضعت من أجلها القوانين وعقدت لها القمم الدولية والاجتماعات الأممية فبان عوارها وظهر زيفها واتضح للناس كذبها.

لقد اهتزّت صورة العالم الغربي الذي ظهر عبر نصف قرن من الزمن وكأنه حامي حمى الديمقراطية وبطل الحُرّيّة، وقد اكتنزت دفاتر الأمم المتحدة بالقوانين التي تسعى لحماية الناس الأبرياء والنساء والأطفال في السلم قبل الحرب، وتسمّنت أروقة المنظمة في نيويورك ولاهاي وجنيف وحتى بروكسل (مقر الاتحاد الأوربي) من المذكرات القانونية على مدى عقود طويلة وهي تناقش أفضل السبل لحماية الحقوق الإنسانية.. لكن بالحرب على غزة احترقت مذكّرات الحقوق الإنسانية في السّلم والحرب بدبّابات واشنطن وصواريخ باريس وجواسيس لندن.

أعطت حرب غزّة أكبر دروسها في الصبر الذي وهبه الله تعالى لأهلها من مقاتلين ونساء ورجال وأطفال؛ فالطفل منهم عن عشرة من الرجال، والنساء نماذج مشرفة لنساء الأبطال الذين ذكرهن التاريخ في حروبه، وكيف وقفت المرأة عبر الزمن موقف الحرية والكرامة، وسجل لها التاريخ بطولات ومواقف تشهد لها، وفي غزة وفي عصرنا هذا مواقف النساء عظيمة وصبرها على كل ما تلاقيه يجب أن يسجل بماء الذهب، فترى الواحدة منهن وكأنها ترى أبناءها يتخيّرون الجنة التي يريد من حديثها وصبرها ودعواتها وسعادتها باستشهاد فلذة كبدها.

وهكذا ينصر الله عباده المُتَّقين فيجعل من أطفالهم أبطالًا يعدّهم ليوم النصر الكبير، وهكذا هُن نساء المجاهدين الذين أراد الله لهم النصر المبين لا يمكن إلّا أن يكُنّ نساء عظيمات يقِفْنَ وراء هؤلاء الفتية الذين تمكن القرآن من قلوبهم، فشدّوا على أنفسهم من أجل حرّيتهم المنشودة ومن أجل دينهم العظيم ومن أجل قرآنهم المبين ومن أجل شرف هذه الأمة التي وعدها الله بالنصر والتمكين- إن هي أخلصت إلى ربها، وإن هي حققت ما أراده الله منها- وأول ما أراده الله هو العمل على طاعته والابتعاد عن ما لا يرتضيه جلّت قدرته.

دروس غزة كثيرة جدًا- ولقد ذكرت الكثير منها في سياق مقالات سابقة- لكن ونحن في أول أيام شهر رمضان المبارك نستذكرُ معارك الإسلام العظيمة وصبر رسول الله عليه الصلاة وأزكى التسليم وصحابته الكرام في معارك الحق التي واجهها رسول الإنسانية من أجل نُصرة هذا الدين، ولتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

لقد تعلمنا في هذا الدين العظيم أخلاق الحرب التي كانت- وما زالت- نبراسًا للمسلمين ومنهجًا عظيمًا يجب أن تتعلم منه الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والكيان الغاصب الذي تديره الصهيونية المتخلية من كل صور الأخلاق والقيم البشرية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الجنرال الصهيوني بحماية الخفير العربي

كل تسريب عربي يخص العدوان على غزة، مخزٍ، وكل تفصيل عربي رسمي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يدل على أسباب تخاذل النظام العربي للفلسطينيين في غزة، والكشف عن مراتب الانهيار العربي التي وصلتها سياسات الأنظمة منفردة ومجتمعة، في الجامعة العربية وقراراتها، أو فيما يُسرب عن تنسيق عربي مع أمن وجيش الاحتلال المحاصر قادته باتهامات أمام المحكمة الجنائية الدولية وأمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب و إبادة جماعية وضد الإنسانية والمصنف قبل أيام من قبل الأمم المتحدة على اللائحة السوداء لانتهاكه حقوق الأطفال.

مجرم حرب
الشعارات التي يحملها زعماء العسكر حماة الأنظمة وحدود الإبادة الفلسطينية، تعرت بشكل مطلق
ينجح الجنرال الصهيوني، مجرم الحرب، وقاتل آلاف الأطفال والنساء ومرتكب الإبادة الجماعية بالوصول لعاصمة عربية للاجتماع بنظرائه من جنرالات العرب لبحث “انتصارات” جيش الاحتلال على الشعب الفلسطيني وبعد ساعات من ارتكاب مجزرة مخيم النصيرات في غزة.

فبعد تسريب موقع أكسيوس، عن اجتماع رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، في العاصمة البحرينية المنامة، مع قادة عسكريين برعاية أمريكية، بعد كل جرائم الإبادة الصهيونية في غزة، وتغول عدوان الاحتلال في الضفة والقدس، وغداة مجزرة النصيرات، يأتي الفرج لمجرم الحرب الصهيوني من عواصم عربية، ومن جنرالات جيوش عربية لم تقطع تعاونها وتنسيقها الأمني والعسكري مع جيش مجرم يواصل ارتكاب الفظاعات والجرائم بحق الشعب الفلسطيني، فما الذي يفهم من اجتماع الجنرال الصهيوني مع عسكر العرب؟



ببساطة يفهم أن الإحجام العربي عن الانضمام لكل حملات ودعاوى قضائية دولية تحاكم مجرمي الحرب الإسرائيليين وتحاصر دولة الاحتلال، لا تخص الجانب العربي الرسمي، ويفهم أن التخاذل والتقصير في منع الإبادة الجماعية في غزة، مردها أمنيات عربية رسمية وصهيونية وأمريكية وغربية مشتركة لهزيمة الفلسطينيين ومقاومتهم، وكل الحديث العربي عن فلسطين والشعارات التي يحملها زعماء العسكر حماة الأنظمة وحدود الإبادة الفلسطينية، تعرت بشكل مطلق.

عدوان المؤسسة الصهيونية
طيلة أشهر العدوان يستصرخ الفلسطينيون ضمائر العرب والشعوب الحرة حول العالم، للوقوف جانب قضيتهم لكبح جماح عدوان المؤسسة الصهيونية عليهم، كما هي صرخاتهم الممتدة طيلة عقود النكبة والاحتلال، سُجلت خلالها كثير من المواقف المشرفة غير العربية ، من أمريكا اللاتينية وجامعات الولايات المتحدة وبريطانيا وإيرلندا إلى جنوب افريقيا وكولومبيا وتشيلي وغيرها من المواقف التي اتخذها نجوم ونخب مختلفة بالانحياز الفعلي الى جانب الشعب الفلسطيني وفي شوارع وقارات المعمورة كلها.

أما في العواصم العربية، لم يتم تسريب خبر واحد عن استقبال آلاف الجرحى الفلسطينيين من غزة ضحايا العدوان، أو تسريب خبر كسر الحصار وإدخال قوافل المساعدات المكدسة على الحدود العربية، نعم سمعنا وشاهدنا عن تسريب ابتزاز آلاف الفلسطينيين المحاصرين في غزة من قبل الأمن المصري والتربح بملايين الدولارات من وراء تصاريح العبور من غزة إلى مصر، وعن قوافل إمداد الاحتلال بمواد غذائية براً وجواً.

ولم يستدع الفلسطينيون وممثلو مقاومتهم للاجتماع مع قادة عسكريين عرب لبحث العدوان والتصدي له، بل يجري تنسيق عالي المستوى بين أجهزة الأمن العربية مع مجرمي المؤسسة التي تقوم بإبادتهم.. ومن ثم يحمل الجنرال العربي تهديد المجرمين لينقله للضحايا ويبتزهم ويضغط عليهم للرضوخ.

فلا شيء أوضح من التآمر الحاصل على غزة وعلى القضية برمتها مما نشهده هذه الأيام، والجوانب العربية ” المهمة ” في رصد ومتابعة ما يجري فلسطينياً يتقاطع تماماً مع الخندق الاسرائيلي والأمريكي.

وكما ينظر الجنرال الصهيوني لغزة ولقضية شعب تحت الاحتلال على أنها قضية أمنية يجب بحثها لتوفير الأمان للمشروع الصهيوني بإخضاع الفلسطينيين واستسلامهم لقدرهم كما فعل أسلافهم في النظام العربي ومؤسسته العسكرية، يكشف اجماع المنامة أن الجنرال الصهيوني الموزع مهامه لخفراء الأنظمة العربية في تأمين عدوانه، أن مهام عسكر العرب، أوامر صهيونية دون تجميل ومجاملة وبلاغة عربية ممجوجة، وكما في المنامة مشتركات عميقة مع تل أبيب وجنرالاتها أكثر بكثير من علاقة هؤلاء مع فلسطين وشعبها وأكثر من العلاقة مع شعوبهم للأسباب التي تفرضها مصالحهم المباشرة مع المؤسسة الصهيونية ومشروعها الاستعماري.



ترى هل يتخيل أحد منا، ما يتفوه به واضع النياشين العربية على كتفيه أمام محاضره الصهيوني، هل يسمع منه كلام عن نجاح المؤسسة الصهيونية بتدمير “أوكار الإرهاب” في غزة وعن تحقيق نصرٍ مؤزر لتذليل عقبات طريق السلام، وهل يهز الجنرال العربي رأسه مع ابتسامة إعجاب بتحقيق الإبادة؟
وهل استمع الجنرال العربي لبراعة خطط الجرائم وكيفية الاستفادة منها عربياً؟

دون شك ليس في جعبة الجنرال العربي شيئاً يمس بأمن المحتل وليست لديه خطط وشرح غير ما تقدمه أجهزته وعسكره من بطش وقمع وتحطيم واضح على مجتمعات عربية، هاليفي غير ممتعض من إجراءات مصرية وأردنية وبحرينية تُشعره أن جرائمه ستتوقف وسيحاسب عليها من هذه الهياكل العربية، بل تحاول هذه الهياكل أن تكون طوق نجاة للمجرمين والقتلة الذين يتحسسون رؤوسهم عند التفكير بزيارة عواصم دولية.

أخيراً، كشف اجتماع المنامة أن الجنرال الصهيوني المثقل عنقه بكل جرائم الإبادة الجماعية وآخرها مذبحة النصيرات، كان طليقاً و”حراً” في حضرة الخفراء العرب وبحمايتهم بغض النظر عن كل الجرائم وعن قرارات محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية .

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • هنية يوجه كلمة بمناسبة عيد الأضحى: نحن في خضم ملحمة تاريخية والمقاومة أبدعت
  • الإعلام الحكومي: منع الاحتلال إدخال الأضاحي للقطاع انتهاك واضح للحقوق الإنسانية
  • خواطر
  • الجنرال الصهيوني بحماية الخفير العربي
  • ملك الأردن: لقد فشلنا في تحقيق الحل الوحيد الذي يضمن أمن الفلسطينيين والإسرائيليين
  • توجيه تهمة الإبادة الجماعية لفرنسية استعبدت طفلة إيزيدية
  • ملك الأردن: لقد فشلنا في تحقيق الحل الوحيد الذي يضمن أمن الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة والعالم
  • الملك يلقي كلمة في جلسة بقمة مجموعة السبع بإيطاليا
  • على حافة الغابة البدائية: الحلقة (25)
  • أحكام الحج ودروس وعِبر من حِجة الوداع.. هكذا علم الرسول المسلمين عباداتهم