راجمة الصواريخ الروسية "توس- 1 إيه" (Tos-1A) المشهورة باسم "الشمس الحارقة" سلاح روسي صممته وطورته الشركة الروسية "أومسك ترانسماش" (Omsk Transmash)، ويعتبر الأشد فتكا وتدميرا بعد السلاح النووي.

راجمة الصواريخ "توس-1 إيه" قادرة على إطلاق حزمة صواريخ ذات نوعين من الرؤوس الحربية، حرارية وحارقة، وقد أثبت هذا السلاح قوته التدميرية في عدد من بؤر التوتر عبر العالم، مثل أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها، وخلّف آثارا مروعة في كل الحروب التي استخدم فيها نظرا لقدرته على حمل صواريخ ذات رؤوس حربية وقودية هوائية شديدة التفجير.

خصائص ومميزات

يبلغ وزن راجمة الصواريخ الروسية "توس – 1 إيه" نحو 45 طنا، وهي مثبتة فوق هيكل دبابة من نوع "تي-90 إس"، في حين كانت النسخ السابقة تثبت على هيكل دبابة "تي-72″، كما يمكنها الانطلاق بسرعة تبلغ نحو 60 كيلومترا في الساعة.

تتميز راجمة الصواريخ "توس- 1 إيه" بعدة خصائص تجعل منها سلاحا فتاكا على مستوى المعارك البرية، ومنها:

لديها قدرة على إلحاق خسائر فادحة بصفوف قوات العدو، وعزل المناطق التي تستهدفها وقطع خطوط الإمداد عنها بفضل قوتها النارية العالية القادرة على حرق مواقع عسكرية في ثوان معدودة. وتعد نموذجا مطورا لراجمة "توس-1″، ويمكن تجهيزها للإطلاق في غضون 90 ثانية فقط، ويتراوح مداها ما بين 400 و6 آلاف متر. لديها 24 أنبوبا (30 أنبوبا في النسخة القديمة) مما يجعلها قادرة على إطلاق 24 صاروخا خلال مدة زمنية تقدر بـ6 ثوان في حالة الإطلاق المزدوج، و12 ثانية في حالة الإطلاق الفردي. الراجمة مجهزة أيضا بمركبة دعم مرافقة لها في أثناء المعارك تحمل 48 صاروخا آخر. تستطيع إطلاق صواريخ حرارية من عيار 220 ملم مجهزة بمحركات تشتغل بالوقود الصلب ومزودة على الأقل بنوعين من الرؤوس الحربية (الحارقة والحرارية) ذات قذائف فراغية، تعرف بـ"المتفجرات الوقودية الهوائية"، تعمل على تحويل الهواء إلى نيران مشتعلة وتخلف دمارا كبيرا، لأن لديها موجة انفجار أكبر بكثير بالمقارنة مع الأسلحة التقليدية. تستطيع "الشمس الحارقة" الدوران 360 درجة لحظة إطلاقها الصواريخ، ويتحكم في عملية الإطلاق نظام إلكتروني يمكّن راجمة الصواريخ الروسية من تحديد أهدافها بدقة عالية. وبفضل قدرتها على إطلاق الصواريخ في كل الاتجاهات بمدى يبلغ 6 كيلومترات، يمكن لراجمة الصواريخ الروسية تغطية مساحة قتال تصل إلى 40 كيلومترا مربعا. تتميز أيضا بسرعة المناورة في أثناء خوضها المعارك وقدرتها على التخفي في ساحات القتال كونها مزودة بنظام توليد دخان يوفر لها غطاء يحول دون تحديد موقعها بدقة من طرف قوات العدو. تتيح قاذفة الصواريخ الروسية "توس- 1 إيه" إمكانية حمل 3 أفراد، وهم السائق والقائد والمدفعي. راجمة الصواريخ الروسية تتيح إمكانية حمل 3 أفراد، وهم السائق والقائد والمدفعي (رويترز) أول استخدام "للشمس الحارقة"

يعود أول استخدام لراجمة الصواريخ الروسية في نسختها القديمة التي كانت تسمى "توس- 1″ ولقبها الروس بـ"بوراتينو" (شخصية كرتونية قديمة)، إلى الفترة ما بين 1988 و1989، في وادي بنجشير ضد المقاتلين الأفغان، خلال الحرب الروسية الأفغانية.

وفي سنة 1999، استعملها الجيش الروسي في الحرب الشيشانية الثانية، حينما تمت محاصرة العاصمة غروزني. وقد أبانت حينها الراجمة الروسية عن قدرات تدميرية كبيرة، فقد أدت تفجيراتها إلى نسف مبان وأحياء سكنية بكاملها، كما عملت على تفجير ألغام كان قد زرعها مقاتلون شيشان، تحولت على إثرها العاصمة الشيشانية إلى أرض قاحلة مدمرة بالكامل.

أما "توس-1 إيه" النسخة المطورة لـ"توس- 1″، فقد دخلت الخدمة لأول مرة بشكل رسمي من طرف الجيش الروسي عام 2001.

وفي سنة 2014، حصلت القوات العراقية على راجمات "توس- 1″، التي اقتنتها من روسيا الاتحادية، واستخدمتها في قتالها ضد تنظيم الدولة الإسلامية خلال معركة جرف الصخر. ولا يزال استخدام هذه النسخة من راجمة الصواريخ الروسية متواصلا في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا على مستوى إقليم ناغورني قره باغ.

وفي سوريا استخدم الجيش السوري بدوره راجمة الصواريخ "توس-1 إيه" في حربه ضد المعارضة المسلحة في البلاد، حيث نشرها في مواقع مختلفة من بينها مدينة حماة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، وقّعت "قوات الحماية الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية" (CBRN defence) الروسية عقدا لتلقي ما يصل إلى 20 راجمة صواريخ "توس-1 إيه".

واستخدم الجيش الروسي راجمة الصواريخ الروسية مرة أخرى، في نسختها المطورة "توس- 1 إيه"، خلال حرب روسيا على أوكرانيا في مقاطعة ساراتوف، ولعبت دورا كبيرا في إلحاق خسائر مروعة بالقوات الأوكرانية.

وحسب تقارير عسكرية روسية، تبقى المهمة الرئيسية للراجمة "توس- 1 إيه" هي القضاء على القوات المعادية عبر تدمير الآليات والمدرعات ومعدات الدفاع الجوي، وتخريب معاقل العدو المحصنة وتدمير المخابئ وغيرها، عن طريق "إشعال الحريق باستخدام أحدث أنظمة البرامج للإشارة الطبوغرافية".

الراجمة الروسية تؤدي إلى تدمير كل ما في موقع الانفجار وقتل واختناق الكائنات الحية (رويترز) المتفجرات الوقودية الهوائية.. قوة تدميرية هائلة

حينما تطلق منظومة "الشمس الحارقة" الصواريخ الحرارية، المزودة بالرؤوس الحربية، ذات القذائف الفراغية التي تعرف بـ"المتفجرات الوقودية الهوائية"، تنتشر سحابة كبيرة من الغازات الساخنة ذات الضغط العالي والقابلة للاشتعال في الهواء، وتبدأ هذه الغازات في التسرب داخل المباني والكهوف وغيرها قبل أن تُحدث انفجارا ناريا قويا بعد تفاعلها مع مادة متفجرة ثانوية.

يؤدي الانفجار الناري إلى تدمير موقع الانفجار والمباني المحيطة به والخنادق بشكل كامل، مع اشتعال النار في الهواء، فتمتص الأكسجين من المكان المحيط بالانفجار وحتى من داخل رئتي الإنسان، مما يتسبب في حروق مميتة واختناقات للضحايا تؤدي إلى موتهم.

كما أن امتصاص الأكسجين الموجود في الهواء جراء الانفجار ينتج هجوما للضغط الجوي بهدف تعويض الضغط السلبي الذي يحدثه الانفجار، مما يؤدي إلى تدمير وإبادة كل ما هو موجود في مكان الانفجار ومحيطه، فيقتل الضحايا مباشرة ويشوه جثثهم بشكل مروع، وتتكسر عظامهم وتتمزق أعضاؤهم ويتعرضون لنزيف داخلي، مما يجعل الدروع الواقية وخوذة الرأس الصلبة التي يرتديها الجنود عديمة الفعالية أمام قوة هذا السلاح الفتاك.

وقد تبنى الاتحاد السوفياتي سابقا هذا السلاح وطوره، بعد فترة وجيزة من استخدامه لأول مرة من طرف الولايات المتحدة الأميركية، التي تعتبر أول من استعمل هذا النوع من السلاح، ووظفته في عديد من الحروب التي خاضتها في مناطق متعددة عبر العالم كحرب فيتنام وحربها ضد حركة طالبان ومطاردة الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن في جبال أفغانستان.

"توسوشكا" نسخة مطورة لـ"الشمس الحارقة"

"توس- 2" وتلقب أيضا بـ "توسوشكا" (Tosochka) هي أحدث جيل من أنظمة قاذفات اللهب أو قاذفة الصواريخ الروسية "توس- 1 إيه" الملقبة بـ"الشمس الحارقة". وقد كشف عن هذه النسخة الجديدة لأول مرة خلال العرض العسكري الروسي بمناسبة يوم النصر في مايو/أيار 2020.

وخلافا لـ"توس- 1 إيه" المثبتة فوق هيكل دبابة من نوع "تي- 90 إس"، يتم تثبيت "توس- 2" فوق شاحنة عسكرية 6 في 6 مصفحة، من صنع وتصميم شركة "أورال" (Ural) الروسية. وتحتوي "توس- 2" على 18 أنبوبا (3 صفوف من 6 أنابيب) تسمح لها بإطلاق 18 صاروخا، على عكس سابقتها التي بها 24 أنبوبا.

وتتميز "توس- 2" هي الأخرى بقدرتها على إطلاق صواريخ حرارية عيار 220 ملم، تعمل بالوقود الصلب، بمدى إطلاق يتراوح ما بين 3500 متر و100 ألف متر، عكس "توس- 1 إيه" التي يتراوح مداها ما بين 400 متر و6 آلاف متر.

وتتوفر "توس- 2" على آلية رفع خاصة مرتبطة بها، ولا تحتاج إلى مركبة مرافقة لها كما هي الحال بالنسبة لـ"توس- 1 إيه"، وتحتاج هي الأخرى لـ90 ثانية فقط من أجل إعدادها لإطلاق أول صاروخ، ويشتغل بها طاقم من 5 أفراد، وهي مجهزة بمعدات ملاحة حديثة، ويمكنها إطلاق حزمة صواريخ من أماكن وعرة غير مجهزة لعملية الإطلاق.

وتستطيع الانطلاق بسرعة تصل إلى 100 كيلومتر في الساعة.

وتحدثت مصادر إعلامية -من بينها وكالة الأنباء الروسية تاس- عن أن القوات الروسية نشرت راجمة الصواريخ "توس- 2" في أوكرانيا تمهيدا لاستخدامها في القتال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الشمس الحارقة على إطلاق ما بین

إقرأ أيضاً:

مباحثات مصرية إيرانية بشأن تعزيز العلاقات الثنائية والملف النووي

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الإيراني عباس عراقجي سبل تعزيز العلاقات الثنائية بينهما، وتطورات الملف النووي الإيراني.

 

وقالت الخارجية في بيان، الأحد، إن اتصال جمع بينهما، السبت، تناول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

 

وأضافت أن عبد العاطي ثمن وتيرة اللقاءات والاتصالات بين الجانبين خلال الفترة الأخيرة، معربا عن التطلع لمواصلة التشاور والتنسيق بين البلدين حول الموضوعات الثنائية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التعاون، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.

 

وتطرق الاتصال، وفق البيان، إلى آخر مستجدات الملف النووي الإيراني.

 

وأكد عبد العاطي أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وبناء الثقة وتهيئة الظروف بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية.

 

كما أكد أهمية استئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.

 

وفي سبتمبر/أيلول الماضي أعلنت الرئاسة المصرية توصل إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اتفاق لاستئناف التعاون بينهما، بوساطة مصرية.

 

وكان البرلمان الإيراني أقر في 26 يونيو/حزيران الماضي قانونا ينص على وقف التعاون مع الوكالة التي تتهمها طهران بالضلوع في أنشطة تجسس وتوفير ذريعة لعدوان عسكري إسرائيلي وأمريكي ضد إيران.

 

كما ينص القانون على منع دخول مفتشي الوكالة إلى البلاد وتعليق أنشطة التفتيش.

 

وكانت طهران وواشنطن خاضتا عدة جولات من مفاوضات غير مباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني قبيل عدوان شنته إسرائيل بدعم أمريكي على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، فيما ردت إيران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ بالستية وطائرات مسيّرة.

 

وفي 22 يونيو الماضي هاجمت الولايات المتحدة منشآت إيران وادعت أنها "أنهت" برنامجها النووي، فردت طهران بقصف قاعدة "العديد" الأمريكية بقطر، ثم أعلنت واشنطن في 24 يونيو وقفا لإطلاق النار بين تل أبيب وطهران.

 

وتتهم إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

 

وتعد إسرائيل الدولة الوحيدة بالمنطقة التي تملك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال فلسطين وأراض بسوريا ولبنان.


مقالات مشابهة

  • تدشين توزيع سلال غذائية لـ 2000 أسرة فقيرة في ريمة
  • وظائف مشروع الضبعة النووي 2025 بمرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة
  • تصاعد التنمر الإلكتروني بين الأطفال في كل الدول الأوروبية: أيها الأشد معاناة؟
  • مباحثات مصرية إيرانية بشأن تعزيز العلاقات الثنائية والملف النووي
  • تعاون دفاعي.. الصين وروسيا تنفذان ثالث تدريب مشترك لاعتراض الصواريخ
  • الصين وروسيا تجريان مناورات ضد الصواريخ الباليستية
  • «لا يستهدف طرف ثالث».. الجيشان الصينى والروسى يجريان ثالث تدريب مشترك لاعتراض الصواريخ
  • تحذير..درع تشرنوبل النووي يفقد قدرته على الاحتواء
  • طهران ترفض رسائل أمريكية للتفاوض حول النووي
  • تقرير أممي: عام 2024 الأشد حرارة تاريخيا في العالم العربي