د.حماد عبدالله يكتب: إلى أصحاب الأقلام السوداء !!
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
من أهم سمات تفكك أية علاقة سواء كانت علاقة صداقة أو علاقة زوجية أو حتى علاقة مواطنى البلد بإدارته !!
سمة قلة الحياء،وقلة الأدب،ويصل فى بعض الأحيان إلى تشبيه (علو الصوت) أثناء الحديث،والغضب،والخروج،عن الطور !! كل هذه السمات، هى بداية ودليل على إنفراط العلاقة أو تخاذل الإرتباط،وضعفه وإصابته بالوهن!
ولعل ما يشوب الحياة العامة فى مصر،فى الأونة الأخيرة أن كل هذه السمات إتضحت فيما نقرأه فى بعض الصحف الخاصة،وأقصد بالخاصة ما يطلق عليها "المستقلة"، وهذه الإطلاقة،غير صحيحة، فهى ليست مستقلة، لأنها شركة تقيم نشاط صحفى وإعلامى يصدر عنها جريدة أو مجلة أو حتى محطة إذاعة أو تليفزيون، فهى ليست مستقلة ولكنها خاصة !! شبه (دكان) أو (محل)صحفى وثقافى، يبتغى، الإنتشار، والمكاسب،وهناك حسابات ربح وخسارة،ويسعى أصحاب هذه الشركات لإستكتاب أصحاب رأى، وصحفيين كبارًا وصغارًا، يتولون عن أنفسهم تقديم أفكار، ربما تجد من يتبناها، ومن "يتضادها" أو يعارضها، ومن خلال هذه "المرايا" فى المجتمع، نشاهد كل شيىء !! من تجاوزات مقبولة، ومن رأى حر، ومن كشف لعورات المجتمع، ومن فساد سواء على شكل فساد إدارى أو فساد حكومى أو حتى فساد إجتماعى !!
ومن هنا تكون المشاركة الإيجابية، فى قيادة الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية، حيث تضع أمام صاحب القرار أو أمام تجمعات الوطن الدستورية صورة محايدة (من المفروض) أن تكون كذلك، لكى تقوم الحياة فى المجتمع، وبالتالى ينضبط الوطن، ويتناغم عناصره، للصالح العام !!
ولكن، فى الفترة الأخيرة،هناك ريح غاضبة،وريح سوداء أخذت فى (العلو) وأخذت تأخذ من الأرض وترفع لسماء الوطن،كل أنواع (الزبالة) والأتربة والبقايا الملقاه فى الشوارع، حتى وصلنا إلى درجة العمى، وأصبحنا لا نفرق بين ما يجب أن يقال وكيف يقال وأين يقال !!
وإختلط الحابل بالنابل، ولا شيى يحرك الساكن !! فى نقابة الصحفيين أو "نقابة المنشدين" !!
والأكثر من ذلك فى غياب الضوابط والمعايير لما يجب أن يكتب وينشر ويلقى على الأرصفة أمام العامة من مثقفين وغيرهم، ومن متدينين وغيرهم، ومن وطنيين وغيرهم !!
قامت بعض الصحف وبعض الأقلام بالرد، وأصبح "الردح" !! فيما بيننا هو الصفة العامة،فهذا يشتم ويسب مسئول،وهذا يتولى الرد وأصبحت لغة التجريح فيما بيننا هى السمة، وهى الصفة الغالبة على المجتمع الثقافى وعلى رأسهم صحافة الوطن بكل نوعياتها!!
ولعل من سمات التفكك فى الوطن أو فى الأسرة هو ظهور هذه العلامات السيئة والتى تشتهر بصفة " قلة الأدب " " وقلة الحياء " فلا إحترام للكبير ! ولا أحترام للتقاليد، ولا أحترام حتى للعائلة !!
وهناك فى الأدب الشعبى مايقال عن " اللى مالوش كبير، يشتريله كبير " !!
أ.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
ذكرى رحيل يحيى حقي .. أيقونة الأدب العربي التي لا تغيب
تحل اليوم الثلاثاء ذكرى رحيل الأديب الكبير يحيى حقي، أحد أعمدة الإبداع العربي في القرن العشرين، وصاحب البصمة الأعمق في مسيرة القصة والرواية والمقال.. ويستعيد الوسط الثقافي في هذه المناسبة إرثا أدبيا ظل حاضرا في الوجدان الجمعي، لما اتسم به من صدق التعبير وعمق الرؤية وقدرته الفائقة على تصوير المجتمع المصري في تحولاته المختلفة.
ولد يحيى حقي في حي السيدة زينب بالقاهرة لأسرة ذات جذور تركية، وبدأ مسيرته التعليمية في الكتاب قبل أن ينتقل إلى عدد من المدارس حتى حصوله على البكالوريا عام 1921.. التحق بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، وتخرج عام 1925، ليبدأ رحلة مهنية شملت النيابة والمحاماة والإدارة المحلية، قبل أن يشق طريقه إلى السلك الدبلوماسي.
خدم حقي دبلوماسيا في جدة وإسطنبول وروما، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية عاد إلى القاهرة حيث تدرج في مناصب وزارة الخارجية حتى أصبح مديرا لمكتب وزير الخارجية عام 1949، كما عمل سكرتيرا أول في سفارتي مصر بباريس وأنقرة، ثم وزيرا مفوضا لمصر في ليبيا.
ومع زواجه من الفنانة التشكيلية الفرنسية جان ميري، اتخذ مساره تدريجيا نحو العمل الثقافي، فعمل بوزارة التجارة، ثم مستشارا بدار الكتب المصرية، قبل أن يتولى رئاسة تحرير مجلة "المجلة" التي شكلت في ذلك الوقت منصة رئيسية للحراك الفكري والأدبي.
ترك يحيي حقي إرثا أدبيا ثريا اتسم ببساطة الأسلوب وعمق الفكرة، مما وضعه في طليعة رواد القصة العربية الحديثة.. ومن أبرز أعماله رواية "قنديل أم هاشم" الصادرة عام 1944، والتي ترجمت إلى لغات عدة، إلى جانب أعماله الخالدة مثل "البوسطجي"، و"سارق الكحل"، و"أم العواجز"، و"فكرة وابتسامة"، و"صح النوم"، و"عنتر وجولييت"، و"يا ليل يا عين"، و"حقيبة في يد مسافر". وقد تحول عدد من هذه الأعمال إلى أفلام ومسلسلات رسخت حضوره في وجدان الجمهور، وفي مقدمتها "البوسطجي" و"قنديل أم هاشم".
حظى حقي خلال مسيرته الإبداعية بتكريمات وجوائز رفيعة، تعبيرا عن تقدير المؤسسات الثقافية والأكاديمية لعطائه المتميز، من أبرزها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969، ووسام الفارس من الطبقة الأولى من الحكومة الفرنسية عام 1983، والدكتوراه الفخرية من جامعة المنيا في العام نفسه، قبل أن يتوج مسيرته بحصوله على جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي عام 1990، تقديرا لريادته وإسهامه في تطوير فن القصة.
رحل يحيى حقي عن عالمنا عام 1992، غير أن أعماله ما زالت تتردد أصداؤها في وجدان قرائه، شاهدة على عبقرية أدبية فريدة تجدد حضورها مع كل قراءة، ليظل اسمه واحدا من العلامات الخالدة في تاريخ الأدب العربي.