عميرة أيسر تعتبر إيران واحدة من أقوى الدول في منطقة الشرق الأوسط وأصلبها نظاماً، إذ قررت تحدي العنجهية والهيمنة الأمريكية منذ اندلاع الثورة الإيرانية المباركة سنة 1979م، التي أسقطت شاه إيران واستطاع نظامها الصمود رغم كل الدسائس والمؤامرات والأزمات التي تعرضت لها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وداعميهم في المنطقة، الذين يكنون العداء الاستراتيجي لطهران نظراً لأنها الداعم الأساسي للمقاومة، ضدّ الاستعمار الغربي لدول الشرق الأوسط، فايران ونظراً لأنها تعيش في محيط جيواستراتيجي متقلب و متوتر وخطر، وموازين القوى فيه غير ثابتة، فإنها لجأت لتكوين تحالفات خارج نطاقها الجغرافي والاقليمي مع دول تتبنى نفس وجهة نظرها في القضايا الإقليمية والدولية، وتربطها معها مصالح مشتركة، وتريد التخلص من الهيمنة والغطرسة والامبريالية الصهيوأمريكية، فالتطورات الحاصلة في منطقة القوقاز ووسط أسيا ودخول العديد من الدول الإقليمية القوية كتركيا في تكتلات وتفاهمات ثنائية مع المحور الغربي، دفع إيران للبحث عن إيجاد دور مركزي لها في الإقليم، عن طريق الانضمام لتكتلات عالمية ودولية وقارية قوية، وخاصة في المجال التجاري والاقتصادي والأمني،  لذلك فإن القيادة السّياسية في طهران قد قررت الاتجاه شرقاً باتجاه الصين والهند وروسيا، وتوقيع اتفاقيات استراتيجية بعيدة المدى وتشمل جميع الميادين رغبة منها في أن تكون أحد الأعمدة الرئيسية المؤثرة في صناعة الاقتصاد البديل للاقتصاد الرأسمالي الممثل في أمريكا والمنظومة الأطلسية الغربية، ومنظمة شنغهاي تعتبر واحدة من أهم وأقوى التكتلات الاقتصادية والأمنية القارية، التي تنافس منظمة أسيان والاتحاد الأوروبي، من حيث الأهمية والتأثير الاقتصادي والمالي والنفوذ السّياسي الكبير، وتضم العديد من الدول ذات التوجه الاستقلالي في المنظومة العالمية كالصين والهند و كازاخستان وقرغيزستان و روسيا وباكستان وطاجكستان وأوزباكستان وإيران، ودول تمتلك صفة عضو مراقب كأفغانستان  وتم أنشاؤها في مدينة شنغهاي الصينية بتاريخ 15 يونيو/ حزيران عام 2001م، ومنذ انشاءها ركزت جهودها على قضايا الأمن الإقليمي، و الحركات الانفصالية القومية و التطرف الديني، كما أن التنمية الإقليمية باتت من أهم أولوياتها.

كما ذكر موقع bbc Newsعربي، بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول 2022م، في مقال بعنوان(“منظمة شنغهاي للتعاون، هل هي أداة روسيا والصين لمواجهة الهيمنة الغربية ؟”) فايران التي تستهدفها الولايات المتحدة الأمريكية  وإسرائيل  بشكل متكرر، وتحاول دائماً جعلها دولة ضعيفة ومهزومة ومفككة عن طريق محاولة إشعال ثورات داخلية ضدها تأتي لإسقاط الحكم المناوئ للسّياسات الأمريكية، والمدافع عن حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية، قد قطعت أشواطاً كبيرة في تطوير وتحديث ترسانتها العسكرية، أصبحت شريكاً مهماً لروسيا في الحرب على أوكرانيا من خلال تزويدها بالعديد من الأسلحة والمعدات العسكرية التي كان لها أثر بالغ في تغيير موازين القوى على الأرض وفي كثير من مناطق الاشتباك، والصراع بين الجانبين، فالمحاولات المتكررة من قبل واشنطن لشيطنة النظام الايراني وتأليب الرأي العام العالمي ضدّه، والدعم اللامحدود المقدم من طرفها لكل الجماعات الإرهابية في النطاق  الجغرافي لإيران، والشعور المتنامي لدى الإيرانيين بأن أمريكا تضيق عليهم عن طريق استعمال سياسية الخناق الاستراتيجي، وذلك عن طريق إقامة مجموعة من القواعد العسكرية الدائمة لها في المحيط الإقليمي لإيران، كل هذه الأسباب دفعت إيران للانضمام للدول السّاعية لإيجاد نظام دولي عادل ومتوازن، تستطيع من خلاله أن تكون دولة مؤثرة في العلاقات الدولية، فتعدد مراكز الإدارة للأزمات الدولية تجعل حلها يتم بشكل أسرع وبأقل تكفلة مادية ومعنوية على عكس النظام الحالي الذي ترك عدة أزمات دولية دون حل لعشرات السنين، كالصراع بين الكوريتين أو القضيتين الفلسطينية والصحراوية، لذلك وادراكاً منهما لأهمية ذلك، فإن انضمامها لمنظمة شغنهاي ليس إلاّ خطوة في طريق طويل من أجل الافلات من أحادية الرؤية والتوجه العالمي، والمعايير المزدوجة المتبعة من طرف النظام الدولي، الذي يحتاج لإصلاح جذري عميق. كما ذكر موقع Sky Newsعربي، بتاريخ 10أوت/أغسطس2022م، في مقال بعنوان (في الحاجة لإصلاح النظام الدولي). فالولايات المتحدة الأمريكية التي تقف ولا تزال ضد كل الدول والمؤسسات الدولية والأممية التي تعارض هيمنتها على  العالم، ترى في منظمة شنغهاي للتعاون أحد أذرع الدول المارقة كما تسميها، التي يجب السيطرة عليها، وتطبيق سياسة الاحتواء ضدّها حتى تفقد فعاليتها الإقليمية والدولية، كبديل للتحالفات الأمريكية في القارة الأسيوية، والاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي تربطها بعدد منهم كاتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي والتي تم توقيعها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2015م، مع إحدى عشرة دولة مطلقة على المحيط الهادي وهي: استراليا، وبروناي، تشيلي، اليابان، ماليزيا، المكسيك، نيوزيلندا، سنغافورة، فيتنام، والهادفة لتطويق الصين، كما صرح بذلك الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما حينما قال :” ان واشنطن لن تسمح لدول مثل الصين أو غيرها بكتابة قواعد الاقتصاد العالمي، كما أضاف في ذات السّياق” عندما يعيش أكثر من 95 بالمئة من مستهلكينا المحتملين خارج حدودنا، فلا يمكن أن نجعل دولاً كالصين تكتب قواعد الاقتصاد العالمي”، و” يضيف ينبغي لنا أن نكتب هذه القواعد وأن نفتح أسواقاً جديدة للمنتجات الأمريكية في الوقت الذي نرسي فيه معايير عالية لحماية عالمنا إلى جانب الحفاظ على بيئتنا”. كما ذكر مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 13 مارس/ أذار 2016م، في مقال بعنوان (” الاحتواء والمشاركة، الاستراتيجية الأمريكية في أسيا). فالولايات المتحدة الأمريكية المتغلغلة استراتيجياً في  العديد من الدول الأسيوية،  لن تسمح لروسيا أو الصين أو حتى إيران بتشكيل مراكز نفوذ وقوى في وسط و شرق وغرب وجنوب شرق أسيا، لخنقها وتضييق حركة أساطيلها البحرية التجارية عن طريق مضايق كهرمز ومضيق عدن أو باب المندب، لأنها تعتبر القارة الأسيوية بمثابة مفتاح من مفاتيح سيطرتها على دول المنطقة، وبالتالي فإنها تعتبر منظمة شنغهاي امتداداً طبيعياً لهذه الدول، وأحد أهم أذرعها لتحدي النفوذ الأمريكي في أسيا، ووسيلة من وسائل الضغط السّياسي و الاقتصادي والأمني على مصالحها الجيواستراتيجية مع دول كاليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة والفلبين، وهي الدول المعروف عنها بأنها تدور في فلك المنظومة الغربية الأمريكية، لذلك فإن طهران مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتنويع حلفاءها والمنظمات الإقليمية المنظمة إليها، لأن ذلك سيعطيها دوراً في المستقبل يفوق حدود منطقة أسيا والشرق الأوسط، وعليها تبني استراتيجية ملأ الفراغ من المناطق الجغرافية التي انسحبت منها أمريكا، وهي الدولة الباحثة عن تدمير الدولة الإيرانية والحد من نفوذها المتزايدة بأية طريقة كانت. كاتب جزائري

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تبحث مع مدير عام منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الجهود المشتركة لتعزيز الأمن الغذائي في إطار البرنامج القُطري للمنظمة وتفعيل الأكاديمية الإقليمية للقي

التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، السيد/ شو دونيو، مدير عام منظمة الأغذية والزراعة (ألفاو)، وذلك على هامش انعقاد المؤتمر العالمي الثالث لممثلي المنظمة رفيعي المستوي (GWC) بالعاصمة الجديدة.

وفي مستهل اللقاء، رحبت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالمدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، مؤكدة على الدور الحيوي الذي تقوم به المنظمة على الصعيد العالمي والإقليمي، لتعزيز جهود الأمن الغذائي، وخلق شراكات دولية بناءة من أجل تنسيق الجهود للتغلب على التحديات التي تواجهها الدول.

كما أعربت عن تقدير الحكومة المصرية للعلاقات المشتركة مع منظمة الأغذية والزراعة وحرصها على تعظيم الاستفادة من الشراكة الناجحة مع المنظمة، بما يدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مضيفة أن الإطار الاستراتيجي للشراكة مع الأمم المتحدة 2023-2027، الموقع في مايو 2023، يمثل الإطار المنظم للعمل المشترك مع هيئات الأمم المتحدة، عبر خمسة مخرجات رئيسية تشمل الاستثمار في رأس المال البشري، والتنمية الاقتصادية الشاملة، والاستدامة البيئية، والحوكمة الرشيدة، وتمكين المرأة.

واستعرض الجانبان جهود الشراكة من خلال البرنامج القطري بين الحكومة ومنظمة الفاو 2023-2027، الذي يمثل ركيزة أساسية لتعزيز التعاون في مجالات الأمن الغذائي، ودعم التنمية الزراعية، ورفع كفاءة استخدام الموارد، والحد من آثار التغير المناخي على المجتمعات الريفية، بما يتسق مع الأولويات الوطنية.

وتناولت «المشاط»، خلال الاجتماع دور «الفاو»، في دعم التعاون الثلاثي وتعاون بلدان الجنوب–الجنوب، مشيرة إلى أهمية التجارب المختلفة للدول النامية في نقل المعرفة والممارسات الناجحة، مؤكدة اهتمام مصر بتوسيع نطاق التعاون في مجالات ريادة الأعمال الزراعية والغذائية، بما في ذلك دعم الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وتطرقت خلال اللقاء إلى الدور الذي تقوم به الوزارة في إدارة وحوكمة الاستثمارات العامة وكذلك الإشراف على تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، مشيرة إلى عزم الحكومة تعزيز التحول في الاقتصاد المصري إلى القطاعات الإنتاجية، من خلال نموذج اقتصادي يستند إلى القطاعات ذات القيمة المضافة.

كما أشارت إلى جهود الدولة في تعزيز الأمن الغذائي باعتباره أولوية رئيسية وأمن قومي، وذلك من خلال زيادة الرقعة الزراعية، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية للتوسع في الممارسات الزراعية المبتكرة والذكية، فضلًا عن تطوير البنية التحتية لتخزين الحبوب والقمح، والتوسع في آليات التمويل المبتكر وتمكين القطاع الخاص بمختلف قطاعات الدولة.

كما استعرضت الوزيرة الجهود المشتركة بين الجانبين في عدد من الملفات الحيوية، من بينها برنامج «نُوفّي»، الذي يمثل نموذجًا عالميًا لتمويل العمل المناخي وفق أولويات التكيف والتخفيف وزيادة الصمود. وأكدت تطلع مصر إلى تعزيز التعاون مع الفاو للاستفادة من شبكاتها الإقليمية في جذب الاستثمارات الخاصة ودعم المشروعات الخضراء.
وتناول الاجتماع الجهود القائمة مع منظمة الفاو، في إطار التعاون مع القطاع الخاص ودعم الشركات الناشئة بمجال الأمن الغذائي، مشيرة إلى أهمية عضوية واستضافة مصر للأكاديمية الإقليمية للقيادة التي تعمل على إعداد قيادات المستقبل في مجال النظم الزراعية المستدامة، في ضوء ترسيخ الدور الإقليمي لمصر كمركز للمعرفة وتبادل الخبرات والتعاون جنوب جنوب في قضايا الأمن الغذائي والتنمية الزراعية.

مقالات مشابهة

  • المستشار الألماني: أوكرانيا وحدها من تقرر شكل التسوية الإقليمية التي تقبل بها
  • وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تبحث مع مدير عام منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الجهود المشتركة لتعزيز الأمن الغذائي في إطار البرنامج القُطري للمنظمة وتفعيل الأكاديمية الإقليمية للقي
  • الخارجية الأمريكية: فرض عقوبات تستهدف الدعم السريع في السودان
  • الخارجية الأمريكية تعلن تفرض عقوبات تستهدف الدعم السريع في السودان
  • الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات جديدة على أطراف متورطة بدعم قوات الدعم السريع في السودان
  • ترامب يحذر الدول التي تغرق الولايات المتحدة بالأرز الرخيص
  • وزيرة التخطيط تُشارك في ورشة العمل الإقليمية لإدارة الديون لعام 2025 التي تنظمها «الإسكوا»
  • «حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»
  • عاجل- رئيس الوزراء يشارك في المؤتمر السنوي لممثلي المكاتب الإقليمية والقطرية لمنظمة الفاو
  • مستشار سابق لترامب: العقوبات الأمريكية على موسكو عمقت التحالف الروسي الصيني