بوابة الوفد:
2025-06-24@17:32:11 GMT

صعيدى فى «تايسونز كورنر»!

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT

رغم أنه من أغلى المناطق الأمريكية بشكل عام سواء من ناحية المعيشة وأسعار الفنادق والمطاعم أو الشوبنج إلا أنه من أقرب المناطق إلى قلبى. ليس هذا لأننى أقيم فيه مثلا، ولا حتى أجرؤ على الحلم بالإقامة فيه، ولا طبعا أتسوق منه لا سمح الله، حيث إن الأسعار فيه ليست فلكية ولكنها فاقت الفلك والنجوم وتجاوزت كل حدود الممكن، احب هذا المكان فقط لكن لأنه يكتظ يوميا بعدد كبير من الأشقاء العرب، أو قل الأثرياء العرب إن شئت الدقة.


ولعلك تسأل نفسك أو ربما تسألنى فى سرك: وما علاقتك أنت أيها الصعلوك بالأثرياء العرب؟! طبعا من حقك تسأل، وهو سؤال وجيه جدا، ولن أفعل مثلما يفعل مدعو الديمقراطية عندما يقولون: من حقك تسأل ومن حقى الامتناع عن الإجابة، لا لا أنا لست منهم. الإجابة بكل بساطة هى أننى بعد مرور أقل من أسبوعين على سفرى خارج مصر أشعر بحنين جارف للغة العربية، وأفتقدها، وأخشى على أذنى من اعتياد الاغتراب، فأبحث عن أى مكان قد تترامى إلى اذنى فيه ولو بعض الكلمات العربية.
عندما كنت فى أمريكا مؤخرا وبعد أيام قليلة من وصولى هناك داهمنى حنين للغة العربية, فذهبت منذ أيام إلى (تايسونز كورنر) ولعله من الأماكن القليلة فى الولايات المتحدة الأمريكية الذى تستطيع أن تلقى فيه السلام باللغة العربية وتكون على ثقة أنك ستستمع للرد بنفس اللغة. كأنك فى مول العرب مثلا أو سيتى ستارز أو كايرو فيستيفال. توقع عادى هنا أن تستمع إلى اثنين يحكيان باللهجة الخليجية المحببة التى يغلب عليها طابع اللغة العربية الفصحى، أو أب وأم يعانيان مع أطفالهما الصغار الذين لا يطيعون الأمر بسهولة، عكس الأطفال الأمريكيين فى نفس السن حيث تكفى نظرة من الأب أو الأم ليعود الصغير إلى رشده ويكف عن المناكفة مع أخيه أو أخته.
عذرا، الكلام أخذنى ونسيت أن أقول لك إن حى (تايسونز كورنر) المتميز يقع فى مقاطعة «فيرفاكس» بولاية فيرجينيا المتاخمة لواشنطن دى سى من جهة (يبعد ٢٠ كيلو تقريبا من واشنطن) ولولاية ماريلاند من جهة أخرى حيث يطلق على الولايات الثلاثة واشنطن العظمى وهو ما يعادل عندنا القاهرة الكبرى، أى الجيزة والقاهرة والقليوبية! وحتى لا تتسرع مثلى وتظن أن «تايسونز كورنر» مسماة بهذا الاسم مثلا لسكن الملاكم الأمريكى الشهير تايسون بها أؤكد لك أن الاسم يعود إلى شخص يدعى وليام تايسون، قام بعد انتهاء الحروب الأهلية بشراء قطعة أرض كبيرة ليقيم فيها مجموعة من المتاجر الصغيرة قام بتأجيرها واختص نفسه بركن صغير أطلق عليه تايسونز كورنر، ليبيع فيه التفاح وعصير التفاح. وفى عام ١٩٦٣ حدث تطور رهيب عندما دخلت منطقة تايسونز ضمن التخطيط الحضرى الجديد يعنى بالبلدى البلية لعبت مع الحاج تايسون ودخلت أرضه كردون المبانى وتحولت من مفترق طريق ريفى إلى منطقة حضرية تجارية عملاقة.
ومع هجرة كبرى الشركات العملاقة إلى ولاية فيرجينيا وجدت تلك الشركات ضالتها المنشودة فى إقامة مكاتب لها بتايسونز كورنر للاستفادة من قربها من العاصمة الأمريكية.
ليس غريبا طبعا أن يكون عدد السائحين الذين يفدون إلى تايسونز كورنر يوميا ربما يفوق عدد السائحين سنويا لدول بأكملها. فنادق الحى من أربعة إلى سبعة نجوم وهى محجوزة قبلها بشهور وربما بسنوات، أما زوار المولات التجارية الموجودة فى تايسونز كورنر فالأقلية منهم هم من يتبضعون من المكان وهم غالبا الأثرياء من أشقاء الخليج، أما الأغلبية منهم بمن فيهم الأمريكان أنفسهم فهم مثلى زوار «كحيتى» تخصص فرجة فقط، وهذا سبب آخر يجعلنى أحب وبشدة «تايسونز كورنر»!
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: هشام مبارك المناطق الأمريكية أقرب المناطق الأثرياء العرب

إقرأ أيضاً:

مفارقة تريفين: عندما تصطدم الهيمنة المالية بالاستقرار الاقتصادي

كنت أتصفح الشبكة العنكبوتية قبل أيام عندما صادفني هذا الموضوع الشيّق الذي أعترف بأنني لم أكن أعرف عنه من قبل، فقررت البحث فيه. بداية لم أشعر بأن له علاقة بموضوع اهتمامي هذه الفترة في الثقافة المالية، لكن وجدتني مخطئة تماما.

الموضوع ببساطة يدور حول إحدى المفارقات الاقتصادية التي تواجه العالم الحديث، والتي تعرف بـ«مفارقة تريفين»؛ نسبة إلى الاقتصادي روبرت تريفين.

وتتلخص هذه المفارقة في الصراع بين المصلحة الوطنية قصيرة المدى للدولة التي تُستخدم عملتها كعملة احتياط عالمية وبين الاستقرار الاقتصادي طويل المدى للعالم بأسره.

فعندما تُستخدم عملة ما «مثل الدولار الأمريكي» كعملة احتياطية عالمية يجب أن تكون هذه العملة متوفرة بكميات كبيرة في الأسواق الدولية؛ حتى تلبي احتياجات التجارة والتمويل عبر الحدود. ولكي يحصل ذلك يجب على الدولة المصدّرة للعملة «في حالتنا: الولايات المتحدة الأمريكية» أن تُغرق العالم بالدولارات، وغالبًا ما يتحقق هذا عن طريق عجز مستمر في ميزان المدفوعات، أي أن أمريكا تستورد أكثر مما تصدّر، وتنفق أكثر مما تجني.

لكن هذا العجز المستمر -رغم فائدته في المدى القصير؛ لضمان توفر السيولة العالمية- يؤدي على المدى البعيد إلى إضعاف الثقة في الدولار، وتهديد الاستقرار المالي الأمريكي، وربما حتى حدوث أزمة ثقة عالمية، وهنا تكمن المفارقة: لا يمكن للدولار أن يكون عملة العالم، ويظل في الوقت نفسه عملة وطنية مستقرة وقوية.

وقد أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مرارًا إلى هذا الخلل منتقدًا العجز التجاري الضخم دون أن يتطرق غالبًا إلى حقيقة أن هذا العجز -وإن كان يزعج الداخل الأمريكي- يخدم في الوقت ذاته النظام المالي العالمي.

من المنظور المالي؛ تذكّرنا مفارقة تريفين أن المصالح قصيرة المدى ليست دائمًا في صالح المصالح طويلة المدى، سواء على مستوى الدول أو الأفراد.

وما يُهدد الاستقرار غدًا قد يبدو «مفيدًا» اليوم، لكنه في الحقيقة يؤسس لأزمات مستقبلية.

ولكن ما علاقة هذه المفارقة بموضوع الثقافة المالية الفردية؟ العلاقة وثيقة؛ لأن ما يُقال في الاقتصاد العالمي ينطبق علينا كذلك في حياتنا المالية الشخصية بمعنى أن الإفراط في الاستدانة أو الإنفاق غير المدروس قد يلبّي حاجاتنا الفورية، لكنه يؤسس لأعباء مالية طويلة المدى، والتوازن بين الحاضر والمستقبل هو لبّ الثقافة المالية الواعية.

حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية

مقالات مشابهة

  • ماذا تعرف عن الفتق؟
  • أسامة عباس: أنا مش مقتنع أن الفن يقدر يأمن حياتي وأسرتي
  • الجالية العربية في كاليفورنيا.. مخاوف أمنية بعد عقود من الاستقرار
  • إيران في وجه العدوان
  • عندما يقول النجوم “كفى”.. لماذا ترك 11 من كبار مشاهير السوشال ميديا؟
  • نتنياهو : إسرائيل قريبة من تحقيق أهداف الحرب على إيران
  • مفارقة تريفين: عندما تصطدم الهيمنة المالية بالاستقرار الاقتصادي
  • ستونز: اعتقدت أنني لن أعود لكرة القدم مرة أخرى
  • احتفال بالثقافة العربية في برلين
  • مقتل 8 أشخاص بعد تحطم منطاد هواء ساخن في البرازيل