شيخ الأزهر: لطف الله يشمل غير المؤمنين وجميع المخلوقات
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن المقصود بقوله تعالى "الله لطيف بعباده"، أن الكافر يستمتع بلطف الله مثلما يستمتع به المؤمن تماما، ولهذا قال "بعباده" ولم يقل "بالمؤمنين"، وكذلك الأمر بالنسبة للعصاة والمذنبون والمجاهرون بالمعاصي وغيرهم، جميعهم يتمتع بلطف الله تعالى، مؤكدا أن لطف الله تعالى شامل، وكأنه لم يدع عذرا لعبد من العباد كي ينكر ألوهيته.
وأوضح شيخ الأزهر، خلال الحلقة الثامنة من برنامج "الإمام الطيب"، أن الله تعالى قد سمى "الكافر" ظالما، لأن الكفر هو أشنع أنواع الظلم، لأنه سلب حق من الحقوق لأعظم مستحق للحقوق، حيث أن الكافر قد أنكر وظلم من يرزقه ويلطف به ويرعاه وييسر له الأمور، ويعطيه العقل، ثم يعطيه التفكير والأدلة، إلا أنه ورغم ظلمه وكفره مشمول بلطف الله تعالى مثله مثل المؤمن.
وحول شمول لطف الله لجميع الكائنات الأخرى، حتى الحيوان النبات والجماد، بين فضيلته أن لطف الله يشمل كل مخلوقات الله بما فيها الحيوان والنبات والجماد، فالله يلطف بكل شيء يدب على وجه الأرض ويتحرك، من حيث ولادته ومعيشته وسعيه على رزقه، وغيرها، لأنه لو ترك لشأنه لن يستطيع أن يفعلها، لافتا فضيلته أن لطف الله يمتد أيضا إلى الجبال والبحار والمحيطات وغيرها من الجمادات، إلا أن لطف الله بها ليس لطفا لذاتها، بل هو لطف عائد على الإنسان من حيث تسخيرها له، فقد سخر تعالى له البحار لكي يشرب الماء، والجبال ليتمتع بما في بطونها من كنوز ومعادن، وهكذا، وبما يؤكد أن لطف الله بالكائنات الأخرى لا يكون لذاتها وإنما من حيثها تسخيرها لخدمة الإنسان واللطف به.
وردا على سؤال "هل الجبال تسبح الله سبحانه تعالى؟"، أكد فضيلته أن الجبال تسبح الله تعالى طبقا للنص القرآني " وإن من شيء إلا يسبح بحمده" وقوله "يسبح لله ما في السموات وما في الأرض"، إلا أننا لن نستطيع أن نعرف كيفية تسبيحهم فالله وحده يعلم كيفية هذا التسبيح، مشددا على أن "الرزق" للجميع، مؤمن وكافر، أوضح شيخ الأزهر أن رزق الله للجميع، مصداقا لقوله تعالى "لو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة"، وأن هو امتداد للطف للمؤمنين وغيرهم على السواء، بما في ذلك الحيوانات والجمادات وكل المخلوقات، فقد خلقها الله تعالى مسبحة عابدة عارفة له، وهذا معلوم من الدين بالضرورة وفي إنكاره إنكار للنص القرآني.
وحول إذا ما كان لطف الله تعالى يشمل أهلنا في قطاع غزة رغم ما يعانون من تجويع وإبادة، بين شيخ الأزهر أن ما يحدث في غزة هذا فيه لطف، ومن ذلك أن القضية الفلسطينية قد أعيدت إليها الروح والحياة مرة أخرى، مؤكدا أن حياة النبي "صلى الله عليه وسلم" وصحابته الكرام كانت مليئة بالكفاح والتحديات، لكنه وفي خلال 80 عاما كان دينه يعلم الإنسانية كلها العدل والرحمة والتفكير والتصحيح في كل شيء، في العقائد والأخلاق والآداب وكل شيء، مؤكدا أن هذا وعد الله "وعد الله لا يخلف الله وعده"، فلكل شيء ثمن، ولنا العبرة في قصة السيدة زينب حين قتل أخوها الإمام الحسين فقالت "اللهم تقبل منا هذا القربان القليل"، وهذا ابن بنت رسول الله فكيف يكون قليلا، إلا أنه بالنسبة لألطاف الله ونعمه وهكذا هو شيء قليل، ولعل ما يحدث لأهلنا في غزة الآن شيء قليل مقارنة بما سيغمرهم من لطف كبير في المستقبل القريب إن شاء الله.
وفي نهاية الحلقة، أوضح فضيلته أن نصيب العبد من اسم الله "اللطيف" هو أن يتفكر في معنى هذا الاسم وهو "اللطف" وأن يتدرب على اكتساب هذا الوصف بما تطيقه بشريته، وأن يكون لطيفا مع العباد، وأن يفكر كثيرا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم "تبسمك في وجه أخيك صدقة" وهذا من اللطف، وأيضا "الكلمة الطيبة صدقة" بمعنى أن يكف أذاه وشره عن الناس، وكل هذا فيه معنى اللطف، ولكنه لا يأتي إلا بالتدرب، وفي شهر رمضان فرصة أن يتدرب شيئا فشيئا، حتى يأتي منه هذا التطلف بشكل تلقائي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شیخ الأزهر إلا أن
إقرأ أيضاً:
تفسير قوله تعالى صم بكم عمي فهم لا يعقلون.. علي جمعة يوضح
فسر الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف معنى قوله – تعالى-: «صم بكم عمي فهم لا يعقلون»؟، موضحا: إن ذلك يعني أنهم يتلقون كلام الرسل ولا يستجيبون له، ويرون المعجزات بأعينهم، و يحضرونها بأحوالهم وأنفسهم، كأنهم لا يرون ولا يسمعون ولا يتكلمون.
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء أنهم رفضوا الحق، وساروا وراء هوائهم الذي غلب عليهم، قال – تعالى-: « أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلً»، (سورة الفرقان: الآية 43).
وأوضح أن الله – تعالى- تكلم عن هذا الصنف من البشر الذي لا يقتنع بأي نوع من الأدلة مسموع أو مرئي أو ملموس ولا بالدليل الحاضر ولا المعجزة البينة ولا بشيء من الدليل القويم والمستقيم؛ فوصفهم بهذه الأوصاف.
معنى قوله تعالى «يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله»:
و في وقت سابق، نبه الدكتور على جمعة،أن الله – سبحانه وتعالى- يقول: « يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا»، ( سورة النساء: الآسة 108).
وأفاد «جمعة»، عبر فيديو تم بثه على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى « فيسبوك»، أن الله – سبحانه وتعالى- يصف في هذه الآية حالة من الحالات النفسية، التي يمر بها البشر، ويأمرهم بخلافها.
وأبان أن المولى – عز وجل- يأمر المسلمين باعتبار أنهم يتبعون هذا القرآن الكريم، وأنهم يطلبون الهداية منه؛ بِأَلَّا يكونوا كذلك، وإن كان واحدًا منهم كذلك، فعليه أن يقاوم نفسه، وأن يدربها، وأن يربيها، على خلاف ما هو عليه.
ونوه أن الله – سبحانه وتعالى- يتكلم في هذه الآية الكريمة عن طائفة المنافقين؛ لكن في الوقت نفسه، هو يتكلم إليك، يجب عليك أن تتصف بالصدق، والمصداقية، والشفافية؛ فهو يكره العكس منك ويحب خلافه.
وتابع أن الإثم ما حاك في القلب، وَخِفْتَ أن يطلع عليه الناس؛ فكل شيء تريد أن تخفيه راجع نفسك فيه.
وتساءل : "ما الذي يجعلك تخجل؟، وما الذي يجعلك تدبر الأمر بليلٍ؟، وما الذي يجعلك غير قادر على أن تواجه الخلق؟".
وأجاب : " لو كان الأمر مستقيمًا؛ لَمَا خفت، وَلَمَا ترددت، وَلَمَا أخفيت، ولكن الإنسان يخجل، والإنسان أيضًا يريد أن يدبر الأمر بليل.
وواصل أنه إذا أردت أن تُخْفِيَ الخير عن الناس، فهذا قد يُقْبَل؛ لَكِنَّ المصيبة أن يكون ما تدبره شَرًّا، فتجمع بين خِسَّتَيْن: خِسَّة الإخفاء، وَخِسَّة الشر.
ونبه أن الآية الكريمة تحذرنا من أمرين؛ وليس من أمر واحد، الأول: أَلَّا تتعود على الإخفاء، والثاني: أَلَّا تشتغل بالشر.