أربيل- قرر الحزب الديمقراطي الكردستاني مقاطعة انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقررة في العاشر من يونيو/حزيران القادم، بعد تأجيلها عدة مرات من قبل المحكمة الاتحادية، بسبب شكاوى أطراف كردية على قانون الانتخابات في الإقليم.

وحسمت المحكمة الخلاف بإلغاء مقاعد الكوتا الـ11 وبإجراء الانتخابات في دوائر متعددة بدلا من الدائرة الواحدة، وبإشراف بغداد.

وأعلن المكتب السياسي للحزب -في بيان له- عدم مشاركته في هذه الانتخابات "لأنها تجري وفق قانون مفروض من بغداد ويمنع السلطات القضائية في إقليم كردستان من الإشراف عليها، وهو ما يخالف الدستور العراقي".

الحزب الديمقراطي الكردستاني اعتبر قرارات المحكمة الاتحادية خرقا للدستور العراقي (الأوروبية) خرق الدستور

وقال البيان إن المحكمة أخرت البت في أمر الشكوى المقدمة ضد قانون انتخابات الإقليم دون مسوغ قانوني، ثم أعلنت عن قراراتها دون مراعاة للحقوق الدستورية لشعب الإقليم.

واعتبر الديمقراطي الكردستاني قرارات المحكمة الأخيرة امتدادا لسلسلة قراراتها غير الدستورية ضد الإقليم خلال السنوات الأربع الماضية، "وتم تحذير الرأي العام من ذلك". وعدّها خرقا فاضحا وخطيرا للدستور وإجهاضا للنظام الديمقراطي في الإقليم، ومحاولة للعودة بالعراق إلى نظام الحكم المركزي، منتقدا هيكل المحكمة الاتحادية بشكلها الحالي، وفق البيان ذاته.

وهدد الحزب، وهو الإطار التنسيقي الشريك الرئيسي في تشكيلة الحكومة العراقية الحالية، بالانسحاب من العملية السياسية في بغداد، باعتباره طرفا فيها.

وجاء في البيان "نضع أطراف تحالف إدارة الدولة أمام مسؤولياتهم الوطنية في تطبيق الدستور وجميع بنود الاتفاق السياسي والإداري الخاص بتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، وبعکسە لا یمکننا الاستمرار في العملیة السیاسیة".

واكتفى الاتحاد الوطني الكردستاني غريم الحزب الديمقراطي ومنافسه في كردستان العراق، بإعلان موقف مختصر على لسان ناطقه الرسمي سعدي بيرة بأنه سيشارك في انتخابات برلمان كردستان وفق الموعد المحدد الذي حدده رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني، دون ذكر تفاصيل أخرى.

تصحيح المسار

وقال عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني ومسؤول تنظيماته هيمن هورامي للجزيرة نت إن "الحزب لن يشارك في الانتخابات التي فرضتها مؤسسة غير دستورية على إرادة الشعب الكردستاني".

وأضاف أن "قرار الحزب هو تصحيح المسار الدستوري الخاطئ الذي نقل العراق من مجتمع متعدد المكونات إلى آخر يُدار من قبل طرف واحد". وقال "لقد عارضنا قرارات المحكمة الاتحادية في السنوات الأربع الماضية".

وكان لهذا القرار ردود فعل عراقية ودولية مختلفة، فقد أعربت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي، عن قلقها من مقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني للانتخابات التشريعية في إقليم كردستان.

وقالت في منشور على منصة إكس "نحث الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان على ضمان أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وذات مصداقية، يجب أن يكون لجميع مواطني الإقليم صوت في تحديد مستقبلهم".

من جانبها، اعتبرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" في بيان لها أنه من الضروري إجراء الانتخابات في وقتها المحدد في العاشر من يونيو/حزيران المقبل، وذكر البيان أيضا "ندعو جميع الأطراف إلى العمل من أجل مصلحة الشعب والتوصل إلى حل".

من جهته، أعرب عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني عن أسفه من إعلان الحزب الديمقراطي الكردستاني مقاطعة الانتخابات.

وكتب على منصة إكس "نحث قيادة هذا الحزب الوطني العريق على مراجعة هذا القرار ونتوسم بأخينا جناب السيد مسعود البارزاني الخير بالعدول عن هذا الموقف والاستمرار بالمنهج الديمقراطي الذي سرنا عليه سوية بعد التغيير وتحملنا لأجل إنضاجه المكابدات والتضحيات والمحن".

أول انتخابات برلمانية أجراها إقليم كردستان العراق كانت عام 1992 (غيتي) مصير مجهول

وتواجه انتخابات إقليم كردستان العراق بعد موقف الحزب الديمقراطي مصيرا مجهولا، باعتبار أن الحزب هو الذي فاز بالمركز الأول في جميع الانتخابات التي جرت على مستوى الإقليم والعراق من بين الأحزاب الكردية، منذ عام 1992 وحتى آخر انتخابات جرت في العراق عام 2021.

ويُعتبر الحزب الطرف الرئيسي في تشكيل حكومة إقليم كردستان ويسيطر على أغلب المؤسسات الحكومية والأمنية والعسكرية.

وفي لقاء مع الجزيرة نت، قال المحلل السياسي العراقي علي البيدر إنه "في ظل هذا الانسحاب وهذه الضغوط على الإقليم ومحاولة إفراغه من محتواه وسحب صلاحياته التي منحها له الدستور العراقي، أتصور لن تكون هناك انتخابات في الإقليم في الموعد المذكور".

وأضاف أنها أزمة في بنيوية النظام السياسي في العراق، وتحد كبير سيواجه العملية السياسية برمتها، وهذا يؤكد أيضا أن اعتراضات المكون والأحزاب السنية سابقا لم يكن من فراغ، وسيخلق حالة من فقدان الثقة بين المكونات داخل الساحة السياسية في العراق.

واعتبر البيدر أن انسحاب الحزب الديمقراطي الكردستاني من العملية السياسية بداية تصعيد قد يقود إلى خيارات غير مرضية للأطراف الشيعية، "مثلا أن نذهب إلى إجراء عقد مجتمعي وسياسي جديد أو تعديل دستوري على أقل تقدير".

يُذكر أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يملك في المجلس الوطني العراقي (البرلمان العراقي) 32 مقعدا، وهو الرقم الأعلى بين مقاعد الأحزاب الكردية في بغداد، كما يشغل مناصب مهمة، منها منصب نائب رئيس المجلس الوطني العراقي، ووزارة الخارجية في حكومة محمد شياع السوداني، مع مناصب وزارية أخرى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الحزب الدیمقراطی الکردستانی المحکمة الاتحادیة کردستان العراق إقلیم کردستان انتخابات فی

إقرأ أيضاً:

الإعلام ساحة حرب: التسقيط يهيمن على الانتخابات العراقية

2 يونيو، 2025

بغداد/المسلة:  تتكرر في العراق، مع اقتراب كل موسم انتخابي، حملات إعلامية محمومة تتحول فيها المنابر الإعلامية إلى ساحات صراع تُدار بعناية لتشويه الخصوم وتسقيطهم.

وتُستخدم في هذه المعارك أدوات النفوذ والمال العام، حيث تُشترى الأصوات وتُوجه الروايات لخدمة أجندات سياسية بعينها.

وتتحول مؤسسات إعلامية، كانت تبدو محايدة، إلى أبواق هجوم شرس تستهدف أفراداً أو أحزاباً، في توقيت يتزامن مع ذروة الحملات الانتخابية.

وتشير هذه الظاهرة إلى خوف الأطراف السياسية من منافسيها، مما يدفعها لتجييش أجهزة الدولة والموارد العامة لضمان التفوق في صناديق الاقتراع.

وتكشف الأحداث التاريخية القريبة عن نمط متكرر لهذه الحملات.

وشهدت انتخابات 2018، على سبيل المثال، تصاعداً في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتشهير بالمرشحين، حيث تحولت صفحات ترفيهية إلى منصات دعاية انتخابية.

وتكررت هذه الظاهرة في انتخابات 2021 البرلمانية، حيث سجلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مشاركة 25 مليون ناخب مؤهل، لكن نسبة التصويت لم تتجاوز 42.15%، ما يعكس انخفاض الثقة بسبب حملات التسقيط وشيوع الفساد.

وبرزت في الانتخابات المحلية لعام 2023 مظاهر مماثلة، حيث استخدمت أحزاب المال العام للترويج عبر لافتات وصور مرشحين لا تربطهم علاقات محلية بالمحافظات المستهدفة.

وسجلت تقارير انتهاكات تتعلق باستخدام موارد الدولة والبلطجة السياسية، حيث منعت عناصر مسلحة مرشحين من الترويج لحملاتهم .

وتعكس هذه الحملات أزمة ثقة عميقة بين الناخبين والنخب السياسية.

ويؤكد مراقبون أن استمرار استخدام المال العام والنفوذ الحكومي في التسقيط يهدد نزاهة العملية الديمقراطية.

ويطالب ناشطون بتشريعات صارمة لضبط التمويل الانتخابي ومراقبة الإعلام، لضمان انتخابات حرة ونزيهة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • انتخابات القضاة بالمكسيك.. بدعة ديمقراطية أم خدعة سياسية؟
  • خلال حضوره إطلاق المجلس الاقتصادي الكندي -الكردستاني .. رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار يؤكد ..
  • كوريا الجنوبية تفتح صناديق الاقتراع في انتخابات رئاسية استثنائية
  • الإعلام ساحة حرب: التسقيط يهيمن على الانتخابات العراقية
  • حزب طالباني:توزيع المناصب مناصفة مع حزب بارزاني يسرع في تشكيل حكومة الإقليم
  • نائب: المحكمة الاتحادية ستحسم قضية رواتب الإقليم
  • ائتلاف المالكي:عدم التزام حزب بارزاني بقانون الموازنة وقرارات المحكمة الاتحادية وراء أزمة رواتب الإقليم
  • فوز ناوروتسكي في جولة إعادة انتخابات بولندا الرئاسية
  • حزب عراقي يدرس خيار مقاطعة الانتخابات لعدم قدرتها على إحداث التغيير
  • الجيل الديمقراطي ينظم صالونًا سياسيًا بعنوان «تحديات الانتخابات البرلمانية 2025»