موقع النيلين:
2025-05-10@06:45:19 GMT

عن الأمن السيبراني

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT


تركت الثورة العلمية التكنولوجية تأثيراً كبيراً في نظام الاتصالات والمواصلات والإعلام، بل في عموم حياة الناس، لدرجة أصبح ما قبلها لا يشبه ما بعدها، لاسيّما في ظلّ العولمة بوجهها شديد التوحش، وهو الأغلب الشائع، والإيجابي، والمقصود به عولمة العلوم والتكنولوجيا والثقافة والحقوق والعمران والجمال، وإن كان ثمة عقبات أمام البلدان النامية للاستفادة منه.

وبات العلم اليوم مختلفاً بفعل هيمنة وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات والإعلام والطفرة الرقمية «الديجيتال»، خصوصاً في ظلّ الطور الرابع من الثورة الصناعية، التي اتّسمت باقتصادات المعرفة والذكاء الاصطناعي، الذي سيغيّر حياة الناس بالكامل.

وأصبح للعالم الافتراضي حضور كبير، وبقدر ما ساهم في تقريب المسافات والتواصل المباشر بين البشر، فإنه باعد في الوقت نفسه بينهم، لدرجة أن كلّ فرد صار منشغلاً بحاله من دون أن يفكّر بغيره، حتى وإن كان يعيش معه في منزل واحد، مستغنياً عنه بالاتصالات البعيدة عبر العالم.

لقد انتقل الإنسان من عالم المعارف إلى عالم المعلومات، بعد أن كانت المعلومة هي الأساس في المعرفة، وباعتمادها تتوالد الحكمة، حسب الفيلسوف البريطاني، بيرتراند راسل، وصار الإعلام الجديد منتجاً للمعرفة وليس ناقلاً للمعلومات، وغدت الشائعة أحياناً بديلاً عن العلم، والخبر بديلاً عن الرأي، حيث أصبح لزاماً حماية المعلومة من التحريف، أو التشويه، أو السرقة، أو التلاعب، الأمر الذي أخذ منحى خطراً، حين «تطوّر» من انتهاك الأسرار الشخصية إلى اختراق الأمن الوطني، وذلك ما نقصد به الأمن والإعلام السيبراني.

يتنازع رأيان بشأن الإعلام الجديد، والأمن السيبراني، أولهما، محافظ يريد منع، أو تحريم، أو وضع رقابة صارمة وشديدة على وسائل الإعلام الحديث، تحت مبرر «الأضرار» التي قد يسببها، وصولاً إلى «الجرائم» التي قد يرتكبها، ومثل هذا الرأي ينتمي إلى الماضي. وثانيهما، الإعلام المنفتح، الذي يرفض أي نوع من الرقابة التي تستغلّها الحكومات بحجب الآراء والمعلومات والأخبار التي تحدّ من حرية التعبير، من دون أن يعني عدم وجود أضرار، أو ارتكابات خطرة، لكن طرق معالجتها تختلف عن عملية المنع، أو التحريم القديمة.

تلك الآراء والمفاهيم احتوتها محاضرة وحوار مفتوح لي مع طلبة الدراسات العليا في كلية النور الجامعة، وجامعة الموصل، وبحضور إعلاميين وأكاديميين بارزين، ووجدت من الضروري التفريق بين حريّة التعبير، وحريّة التشهير، بإحداث نوع من التوازن، ورفع درجة وعي الرأي العام ومناعته، من دون المساس بحرية التعبير، مع الأخذ في الاعتبار التقنيات الجديدة التي تشكله، مثل الإعلام الرقمي والاقتصاد والحماية، فالأمن السيبراني هو مجموعة الوسائل التكنولوجية والتنظيمية والإدارية، التي يتمّ اتّباعها لمنع الاستخدام غير المصرّح به، أو سوء استخدامه لضمان استمرارية عمل نظم المعلومات وحقّ الوصول إليها من جهة، وتعزيز حماية سريّة الخصوصيات الشخصية، أو العامة المتعلقة بالأمن الوطني من جهة أخرى.

وتساءلت، كيف استخدم تنظيم «داعش» الإرهابي التقنيات الحديثة ليعطّل جميع وسائل الاتصال خلال الخطاب الشهير الذي ألقاه أبو بكر البغدادي، في جامع النوري، بعد احتلال الموصل؟ وهو تساؤل بحاجة إلى إجابات معمّقة بشأن الأمن السيبراني، فلم يعد الصحفي، حسب ألبير كامو «مؤرخ اللحظة»، وهي مهنة محددة يقوم بها من يمتلك مؤهلات معينة، فإنه في الإعلام الجديد بإمكان أي فرد أن يقوم بهذا الدور من خلال الإيميل، والهاتف النقال، ووسائل التواصل الاجتماعي. وأصبح التحكّم في ذلك غير ممكن، بل يقترب إلى مستحيل أحياناً، فما بالك حين تسخّر قوى كبرى إمكاناتها العلمية والتكنولوجية كجزء من الصراع الكوني؟

وفي ذلك وجهان، أحدهما إيجابي، وقد جرت الإشارة إليه؛ والآخر سلبي، وهو خطِر، وثمنه باهظ، لاسيّما حين تتمّ عولمة الكراهية، والتعصّب، ووليده التطرّف ونتاجهما العنف والإرهاب، بما فيه السيبراني.

ظلّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يكرّر: روسيا.. روسيا.. روسيا.. رداً على اتّهام خصومه باختراق روسيا وسائل الإعلام الأمريكية لمصلحته في انتخابات 2016، وقبل ذلك في انتخابات عام 2008 و2012، ويضيف ربما الصين، والخرق وصل إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، ووكالة المخابرات المركزية CIA، وإدارات ووزارات ومؤسسات أخرى. وعن طريق الصدفة تم اكتشاف عمليات الخرق بعد تحقيق أجرته شركة فاير أي، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن 12 إدارة تعرّضت للاختراق السيبراني.

لقد كان موضوع الأمن السيبراني وتُهم الاختراق هو الزاد الذي ملأ الموائد وتغذت عليه إدارة الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، وهو اليوم على أشدّه بين الرئيس جو بايدن، وغريمه دونالد ترامب.

والأمن السيبراني اليوم هو جزء من الصراع الدولي، لأنه يمثّل القوّة الناعمة التي تتغلغل بسرعة خارقة من دون مقدمات لتصل إلى الاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة، وجميع مناحي الحياة، عبر ما يسمّى بالفضاء السيبراني،، والردع السيبراني، والهجوم السيبراني، والجريمة السيبرانية، وهي أسلحة الحرب الجديدة.

لم يعد العالم الورقي قادراً على منافسة العالم الرقمي، فالحضارة لا تعود إلى الوراء، ولا تنظر إلى الخلف، إلّا بالاستفادة من دروس الماضي، وعلينا فهم التطوّر الحاصل والتعاطي معه من دون انتظار، وخارج دوائر العواطف.

عبدالحسين شعبان – صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الأمن السیبرانی من دون

إقرأ أيضاً:

برلماني: زيارة الرئيس السيسي إلى روسيا ومشاركته باحتفالات عيد النصر تعزز دور مصر دوليا

أعرب النائب أحمد الخشن عضو لجنة القيم بمجلس النواب، عن فخره واعتزازه بدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمشاركة في احتفالات عيد النصر في موسكو، مؤكدًا أن هذه الزيارة تعكس مكانة مصر التاريخية ودورها المحوري في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

تقدير القوى العظمى لدور مصر القيادي

أكد الخشن، في تصريح صحفي له اليوم، أن دعوة الرئيس السيسي لزيارة موسكو، تعكس تقدير القوى العظمى لدور مصر القيادي في المنطقة.

وأوضح أن مصر تسعى بشكل دائم إلى إقرار السلام العادل والشامل، وأن مشاركة الرئيس السيسي في هذا الحدث العالمي؛ تعد دليلاً على النجاحات الدبلوماسية التي حققتها الدولة المصرية في بناء علاقات قوية ومتوازنة مع مختلف الدول الكبرى.
 

تعزيز التعاون المصري الروسي

شدد النائب على أن الزيارة تمثل فرصة كبيرة لتعزيز التعاون المصري الروسي في مجالات متعددة، مثل الاقتصاد، والأمن، والطاقة، والتكنولوجيا.

الرئيس السيسي يعقد جلسة مباحثات مع نظيره الروسي على هامش الاحتفال بعيد النصر بموسكو |فيديو

وأضاف أحمد الخشن. أن هذا التعاون من شأنه أن يدعم الاقتصاد الوطني ويحقق التنمية الشاملة في مصر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.

ولفت عضو مجلس النواب، إلى أن مشاركة الرئيس السيسي في هذا الاحتفال تعد أيضًا فرصة لتعزيز تأييد مصر في القضايا الإقليمية والدولية، ومنها ملف الأمن القومي.

واشار إلى أن العالم يشهد تصاعدًا في الصراعات، مما يتطلب تعزيز التعاون المشترك بين مصر ودول العالم لضمان الأمن والاستقرار.

وأكد النائب أحمد الخشن، أن زيارة الرئيس السيسي لروسيا ومشاركته في احتفالات عيد النصر مكسب كبير من مختلف الاتجاهات ويعزز العلاقة بين القاهرة وموسكو.

طباعة شارك السيسي مجلس النواب البرلمان اخبار البرلمان مصر

مقالات مشابهة

  • برلماني: زيارة الرئيس السيسي إلى روسيا ومشاركته باحتفالات عيد النصر تعزز دور مصر دوليا
  • نقابة الصحفيين السودانيين تعرب عن بالغ قلقها إزاء الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الإعلام
  • رئيس جامعة حلوان يلتقي وزير الطيران قبل مناقشة ماجستير عن الأمن السيبراني
  • دور الحكومات «السيبراني» يتصدر مناقشات «جيسيك جلوبال»
  • الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تواصل تنفيذ خطة برنامج تعزيز الأمن السيبراني لموسم حج 1446هـ
  • ماذا نعلم عن جماعتي جيش محمد ولشكر طيبة التي استهدفتهما الهند في باكستان؟
  • وزير التعليم العالي: الأمن السيبراني أولوية قصوى للجامعات لتعزيز الوعي
  • خبراء جوجل يشددون على دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني
  • أيمن عاشور : قضية الأمن السيبراني على رأس أولويات الجامعات لتوعية وتدريب أعضاء هيئة التدريس والطلاب والعاملين
  • الإعلام الحوثي يكشف حجم الخسائر التي لحقت بمطار صنعاء