عندما أمر الرئيس الأميركي جو بايدن جيشه ببناء ميناء إنساني عائم قبالة سواحل غزة، استنكر الباحث فرانسوا أوديت، مدير المرصد الكندي للأزمات وعمل المنظمات الإنسانية، ما اعتبره ستارا دخانيا، مؤكدا أن الجيوش منظمات مجهزة ومنظمة، ولكنها ليست منظمات إنسانية.

وأوضح الخبير، وهو أيضا مدير معهد مونتريال للدراسات الدولية -في مقابلة مع صحيفة ميديابارت- أن المنظمات غير الحكومية وجدت أصلا لمنع أن يدعي نفس الرجال الذين يطلقون القنابل ويهاجمون السكان المدنيين، نفاقا أنهم يرغبون في حماية السكان، لأنه لا يمكن الجمع بين الأمرين.

وعند سؤاله عن سبب انتقاده الشديد لمشروع الميناء المؤقت الذي أعلنته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والإمارات، قال فرانسوا أوديت إن عبارة "عرض بوكان" الكندية التي تعني إصدار أصوات لإخفاء ما يحدث خلفنا، تنطبق تماما على هذا المشروع الذي سيشغل وسائل الإعلام والجمهور في الغرب، وبالتالي يحول الانتباه من خلال التركيز على مبادرة تبدو جديرة بالثناء وجذابة، بعيدا عن دور الغرب بقيادة الولايات المتحدة، وعجزه عن جعل إسرائيل تستمع لصوت العقل، ومطالبتها بالتوقف عن معاقبة وتجويع السكان المدنيين.

ونبه إلى أن الإنكار الغربي يتمثل في عدم الالتفات إلى مسؤولياته وقدراته الفعلية على تطويع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لوقف هذه الحرب التي هي أقرب إلى الانتقام، وقال إن الغرب يقدم مشاريع جديدة للاختباء وراء عجزه السياسي.

وأكد الخبير الكندي أن هذا نفاق كبير، لأن غالبية الدول الغربية تدعم إسرائيل سياسيا وعسكريا، وفي الوقت نفسه تعلن عن برامج إنسانية، مشيرا إلى أن هذا النفاق واضح بشكل خاص في حالة الولايات المتحدة، التي تعلن أن نتنياهو يضر إسرائيل أكثر مما ينفعها، وأن إسرائيل أصبحت معزولة، ورغم ذلك يواصل الرئيس جو بايدن تسليحها لمواصلة هذه الحرب.

وبالنظر إلى الوضع الحالي في قطاع غزة، فإن أمن السكان المدنيين -حسب الخبير- يجب أن يشمل وقف إطلاق النار وفتح المعابر للسماح بإيصال الغذاء، ولم تقل أي منظمة إنسانية غير حكومية أن هذا الميناء العائم فكرة جيدة، بل يبدو أنه مشروع سياسي أكثر مما هو عملية إنسانية.

وهذه المبادرات السياسية مع الجيش الأمريكي -كما يرى الخبير- ستتحول إلى فشل عملي، كالسيناريوهات المماثلة في أفغانستان والعراق وهايتي، لأن الجيوش ليست منظمات إنسانية، ولذلك فالأولوية هي إلزام إسرائيل بأن تضمن أمن المدنيين وحصولهم على الرعاية الصحية والغذاء.

وختم أوديت بأن ما يبدو صارخا في هذا الصراع هو عجز القوى الغربية عن فرض المعايير التي وضعتها، مثل اتفاقية جنيف، مؤكدا أننا "إذا لم نلزم حلفاءنا ومن وقعوا تلك المعايير، فإن التاريخ سيكرر نفسه، وسيظل السكان المدنيون الضحية الأولى للنزاعات المسلحة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

«حشد» تدق ناقوس الخطر بشأن الإبادة الجماعية بغزة وتطالب باستجابة إنسانية عاجلة

أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد»، ورقة موقف حقوقية بعنوان: «الاستجابة الإنسانية المطلوبة للناجين ضحايا الإبادة الجماعية في غزة - في ضوء المعايير الدولية وميثاق اسفير»، أعدّتها المحامية والباحثة الحقوقية رنا ماجد هديب، تناولت فيها الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها الناجون من الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة، في ظل العدوان العسكري الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر 2023، والانهيار التام في المنظومة الخدمية والإنسانية، واستمرار الصمت الدولي المخزي تجاه الجرائم المرتكبة.

وقالت الهيئة في ورقتها إن الاستجابة الدولية الحالية لا ترتقي لمستوى الكارثة الإنسانية والجرائم التي تُرتكب، مطالبة بتوفير استجابة شاملة ترتكز على المبادئ الإنسانية الأساسية، وتستند إلى المعايير الدولية المعتمدة، خاصة ميثاق اسفير والمعايير الدنيا للاستجابة الإنسانية في حالات الكوارث.

الانتهاكات في قطاع غزة ترتقي إلى جريمة إبادة جماعية

أكدت الورقة أن الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ بداية عدوانه الواسع على قطاع غزة، ارتكب جرائم ممنهجة تستوفي الشروط القانونية لجريمة الإبادة الجماعية المنصوص عليها في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، لا سيّما في ضوء الاستهداف الواسع للمدنيين والأعيان المدنية، والتدمير الممنهج للبنية التحتية، ومنع دخول المساعدات، وتجويع السكان عمداً.

ووفقًا للبيانات الواردة في الورقة، فقد أسفر العدوان حتى منتصف مايو 2025 عن:

- استشهاد أكثر من 70.000 فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال.

- إصابة أكثر من 123.000 آخرين بجراح متفاوتة، كثير منهم بإعاقات دائمة.

- تدمير أكثر من 88% من المباني السكنية والمنشآت الصحية والتعليمية والخدمية.

- نزوح داخلي قسري لما يزيد عن 1.9 مليون شخص، يعيشون في ظروف غير إنسانية، بلا مأوى أو خدمات أساسية.

- وفاة المئات جراء الجوع ونقص الدواء وانتشار الأمراض، لا سيما في المناطق الشمالية التي تعرضت لحصار وتجويع ممنهج.

قصور واضح في الاستجابة الإنسانية الدولية

أبرزت الورقة فشل النظام الإنساني الدولي في الاستجابة الفورية والفعالة للكارثة الجارية في غزة، إذ افتقرت الجهود إلى التنسيق، والشفافية، والكفاءة، ووقعت تحت تأثير الضغوط السياسية، خاصة مع استمرار سياسات التمييز في توزيع المساعدات، ومنع دخول المواد الإغاثية عبر المعابر.

كما أشارت الورقة إلى تقاعس الجهات الأممية في توفير المأوى والغذاء والرعاية الصحية والنفسية للضحايا، في وقت يعاني فيه الناجون من آثار نفسية واجتماعية جسيمة، تتطلب استجابة متعددة الأبعاد، تتضمن:

- دعم الصحة النفسية والدعم الاجتماعي.

- ضمان المأوى الآمن والمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي.

- توفير الغذاء الكافي والمغذي دون تمييز أو ابتزاز.

- ضمان الوصول للخدمات الصحية الأساسية والمتخصصة.

ميثاق اسفير كمرجعية ملزمة

شددت الورقة على أهمية اعتماد ميثاق اسفير كإطار مرجعي ملزم لضمان الاستجابة الإنسانية، كونه يحدد المعايير الدنيا لتوفير الكرامة والحماية للناجين، من خلال أربعة محاور رئيسية:

- الحق في الكرامة الإنسانية.

- الحق في المساعدة.

- الحق في الحماية والأمن.

- الحق في المشاركة في صنع القرار.

وحذّرت الورقة من أن غياب تطبيق هذه المعايير في غزة يجعل المجتمع الدولي في موقع التواطؤ أو التقصير الجسيم، ما يستوجب تصحيح المسار فورًا، والتوقف عن تسييس المساعدات الإنسانية.

توصيات عاجلة للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية

اختتمت الورقة الحقوقية بتوصيات استراتيجية وعملية، طالبت فيها بما يلي:

- اعتراف المجتمع الدولي بأن ما يجري في غزة هو جريمة إبادة جماعية، ومحاسبة مرتكبيها أمام العدالة الدولية.

- توفير استجابة إنسانية عاجلة وشاملة، تتجاوز الإغاثة المؤقتة، وتشمل إعادة الإعمار والدعم النفسي والاجتماعي طويل الأمد.

- رفع الحصار فورًا، وضمان فتح المعابر بشكل دائم ومنتظم، وتيسير دخول المساعدات دون عوائق أو اشتراطات سياسية.

- إشراك منظمات المجتمع المدني المحلي والجهات الحقوقية في آليات الإغاثة وتوزيع المساعدات، ومراقبة أدائها.

- تعزيز آليات الرقابة الدولية على توزيع المساعدات، لمنع التلاعب أو الفساد أو الاستغلال السياسي.

في ختام موقفها، طالبت الهيئة الدولية «حشد» الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والمحكمة الجنائية الدولية، ومنظمات الإغاثة الدولية، والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، بضرورة التحرك الفوري لإنهاء هذه المأساة المتفاقمة، ووقف الانتهاكات الجسيمة، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.

وأكدت أن الكرامة الإنسانية للضحايا ليست محل تفاوض، وأن الصمت الدولي شجع الجناة على مواصلة جرائمهم، داعية إلى إعادة الاعتبار للعدالة الإنسانية، وتفعيل أدوات القانون الدولي لحماية المدنيين في غزة.

اقرأ أيضاً«حشد» تشيد بقرار منظمة الصحة العالمية وتدعو لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة

«حشد»: استهداف المستشفيات في قطاع غزة جريمة حرب تتطلب تدخلاً دولياً صارماً وفورياً

مقالات مشابهة

  • كارثة إنسانية بغزة.. يوسف أبو كويك من غزة: المجاعة تحصد أرواح الأطفال وسط صمت دولي|فيديو
  • «حشد» تدق ناقوس الخطر بشأن الإبادة الجماعية بغزة وتطالب باستجابة إنسانية عاجلة
  • الأمم المتحدة تطالب بفتح المعابر إلى غزة
  • المستشار الألماني يصف مجزرة المدرسة بغزة بـ"مأساة إنسانية وكارثة سياسية"
  • الاحتلال يقصف 241 مركز إيواء بغزة.. ومجزرة جديدة بحق المدنيين
  • داخلية غزة: العدو يسعى لإحلال الفوضى بغزة بتجويع المدنيين
  • كاتبة إسرائيلية: الدولة التي تتخلى عن مختطفيها لدى حماس ليست بلدي
  • بينها الميناء وساحة الجندي.. مرافق حيوية بغزة تكتظ بخيام النازحين
  • كيف تستغل إسرائيل أوامر الإخلاء لارتكاب الجرائم وتهجير السكان بغزة؟
  • رئيس أركان جيش الاحتلال: حرب غزة ليست بلا نهاية وحماس تعاني ضغط كبير