قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إنّ شكر الله سبحانه وتعالى لعباده نوعين، الأول الشكر النظري بالثناء على أفعالنا، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تمدح المؤمنين، ومن ذلك قوله تعالى «قد أفلح المؤمنون، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة»، والنوع الثاني هو الشكر العملي، ومن ذلك أنّ الله تعالى يجازي بالكثير على القليل، وقد وردت في القرآن أيات كثيرة تؤكد هذا المعنى، مثل قوله تعالى «مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم»، فالثواب عند الله تعالى يعطي 700 ضعف، وقد يضاعف مرة أخرى، وهذه الآيات تدفع الإنسان دفعا لعمل الخير مهما كان صغيرا.

وأوضح الإمام الأكبر في الحلقة الخامسة عشر من برنامج «الإمام الطيب»، أنّ الله تعالى كريم كرم لا حدود له ولا يستوعبه عقل الإنسان من سعته ومن فرط إكرامه لعبده، ومن ذلك قوله «من جاء بالحسنة فله خير منها»، وقوله: «من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة»، فوصف الله تعالى بالشكر في هذه الآية معناه الجزاء الكثير على العمل القليل.

وأضاف أنّ العبد مهما فعل من حسنات، فإنّها لا تساوي شيئا أمام النعيم المقيم الذي يجازيه الله تعالى به، فلا نسبة بينهما على الإطلاق، لأن هذا محدود وهذا لا محدود، ولا تستطيع أن تنسب المحدود إلى اللا محدود. 

وأوضح شيخ الأزهر أنّ الحمد هو الثناء على الجميل وأنّه سبحانه وتعالى حميد مجيد غفور شكور، لكن الشكر فيه معنى أبعد وهو الشكر على جميل فعل بك، موضحا أنّ الشكر الحقيقي هو الشكر الإلهي، أما شكر العبد فلا يمكن أن يكون حقيقيا لأنه شكر مبادلة، والشكر الحقيقي هو الذي ليس فيه انتظار ولا مقاصة ولا مبادلة، وكل هذا محاط بشكر العباد، أما الشكر الحقيقي هو شكر المستغني وهو شكر الله تعالى، فهو شكر من لا ينتظر ثواب، بل بالعكس هو متصدق، والعبد رغم شكره فهو لا يستحق هذا الشكر، وإنما هو فضل من الله تعالى عليه، أما شكر العبد لله فهو شكر يستحقه الله تعالى.

وأكد أنّ العبد يجب أن يداوم على الشكر، بمعنى أن يكون شكورا، على ألا يكون شكره مجرد ترديد لعبارة يقولها، كقوله «اللهم لك الحمد والشكر» عندما تأتيه نعمة، ولكن لا بد أن يكون الشكر من جنس النعمة، بمعنى إذا أوتي مالا فلن يكون شكره بأن يقول «اللهم لك الحمد والشكر»، وإنما يكون شكر نعمة المال بالإخراج من هذا المال مالا، كإخراج الزكاة والصدقات، فأنت بهذا تشكر الله تعالى على هذه النعمة.

وتابع أنّ المؤمن مأمور بصلة رحمه والتصدق عليهم، مصداقا لقوله تعالى: «وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا»، فالآية بها أمر واضح، فعلى الإنسان التصدق على ذوي قرابته.

واختتم فضيلة الإمام الأكبر أنّ للعلم أيضا زكاة، فالعالم يجب عليه أن يعلم غيره، هذه هي زكاة علمه، وإن لم يفعل ذلك فيكون غير شاكر على هذه النعمة، والطبيب الذي أوتي علم الطب، يجب أن يكون شكره من جنس النعمة، وهو أن يعالج الفقراء ويهتم بهم، مضيفا أنّ هناك شكر آخر وهو شكر الناس، مصداقا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»، فشكر العبد للعبد أمر مطلوب شرعا وكفى بهذا الحديث تبريرا لأن يكون هذا الفعل من فضائل الأعمال.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: شيخ الأزهر الإمام الطيب الأزهر شكر الله النعم الله تعالى شکر الله یکون شکر أن یکون

إقرأ أيضاً:

الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة

عقد الجامع الأزهر، حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي بلغة الإشارة للصم وضعاف السمع ومتلازمة داون، تحت عنوان: «شرح سورة الشرح»، وحاضرت فيه الدكتورة منى عاشور، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية وعضو المنظمة العربية لمترجمي لغة الإشارة.

تفاصيل شرح سورة الشرح

وأوضحت الدكتورة منى عاشور، أن سورة الشرح من السور المكية التي فيها من البشارات للرسول ﷺ ولجميع أمته، يقول تعالى: ( أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ) يعن : أما شرحنا لك صدرك ونورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا، وكما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا واسعا سمحًا سهلًا لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق، وفي قوله تعالى(وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ () ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ ()، والوزر هو الهم والحمل الثقيل الذي كان يحمله صلى الله عليه وسلم الذي أنقض ظهره وكاد يُودي به، هو هم الدعوة إلى الله تعالى وحرصه الشديد على هداية أمته وخوفه عليهم من الكفر، ومنه قوله تعالى في سورة الكهف (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)، فالله سبحانه وتعالى شرح صدره لتحمل أعباء الدعوة من البلاغ وتحمل الأذى الذي كان يلاقيه من قومه فلم يوقفه عن الدعوة شئ وأيضًا خفف الله تعالى عنه.

وذكره بأن ما عليه إلا البلاغ فلا يضره ذنب من عصَى ولا كُفر من كَفر.وأضافت الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية: وفي تفسير قوله تعالى(وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ)، قال قتادة : رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله، وفي قوله (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (*) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )، فيها بشارة عظيمة لكل مبتلًى، فقد أخرج ابن جرير عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) قال رسول الله ﷺ: أبشروا، أتاكم البشر، لن يغلب عسر يسرين، وفي قوله تعالى (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ )، أي ولا تكن يا محمد ممن إذا فرغوا وتفرغوا أعرضوا عن ربهم وعن ذكره، فتكون من الخاسرين، وفيها كذلك من الحث على العمل الديني والاجتهاد فيه والاستزادة من النوافل والخشوع ودوام ذكر الله تعالى واتصال العبد بربه.

بالإضافة إلى الحث على العمل النافع الدنيوي وأن يكون الوقت مستثمَرا في النافع المفيد، يقول ابن مسعود رضي الله عنه [إني لأمقت أن أرى الرجل فارغاً لا في عمل دنيا ولا آخرة]، وفي قوله تعالى (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)، أي: أعظِم الرغبة في إجابة دعائك وقبول عباداتك.

مقالات مشابهة

  • الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة
  • مصادر الأخبار
  • ما معنى حديث "يا عباد الله أغيثوني" ومدى صحته والعمل به؟
  • حكم ترك الصلاة خلف إمام بدعوى كونه متصوفا
  • «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة
  • صلاح عبد الله يوجه الشكر للشركة المتحدة بعد استجابتها لأحمد عزمي
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن مصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها
  • بعد انتشار مقاطع لتلاوة القرآن بالموسيقى.. بيان عاجل من دار الإفتاء
  • عاجل | نصر الله: الشكر للحكومة اللبنانية ووزارة الصحة ومؤسسات الدفاع المدني الذين أبلوا بلاء حسنا