يشهد العام 2024 موجة تاريخية من الانتخابات في 80 دولة، بما في ذلك عدد من الدول الكبرى، وذلك بمشاركة أكثر من 2 مليار ناخب، حيث ستساهم هذه الممارسة الديمقراطية في تشكيل المشهد الجيوسياسي العالمي في ظل هيمنة الاستقطاب، وتصاعد تحديات الحوكمة، والتشتت الجيواقتصادي. وستنعكس نتائج تلك الانتخابات على الاقتصاد الكلي، والأسواق المالية، والنظام الدولي، كما قد تؤثر على الانضباط المالي والاستدامة على المدى البعيد.

التحلي بمنظور استشرافي يتغلب على الشكوك الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية

ويساهم تداخل العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، إلى جانب انتخابات 2024، في تشكيل المشهد العالمي وديناميكيات السوق، وستنعكس نتائج هذه الانتخابات على التعاون الدولي، و الاستقرار الاقتصادي، وأداء الأسواق.

وللتغلب على الشكوك الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية يجب اتباع نهج التخطيط الاستراتيجي، والتحلي بمنظور استشرافي للتعامل مع التعقيدات التي يفرضها العالم الحديث وفقًا لوجهات نظر قادة الفكر لدى مجموعة بنك الكويت الوطني التي اطلعت عليها «الأسبوع».

وتوقع هؤلاء أن يكون 2024 عاماً انتخابياً مزدحماً، حيث سيشارك سكان أكثر من 80 دولة ومنطقة، بما يمثل أكثر من نصف سكان العالم، في العملية الديمقراطية. وتتضمن الدول التي ستتجه إلى صناديق الاقتراع هذا العام كلاً من الهند والولايات المتحدة وإندونيسيا وباكستان وروسيا والمكسيك وجنوب إفريقيا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وسيدلي نحو ملياري ناخب بأصواتهم في تلك الانتخابات. وقد أجرت بعض الدول، مثل: بنجلاديش، وتايوان، وباكستان، وإندونيسيا، وإيران، ومصر، وروسيا انتخاباتها بالفعل.

مؤشر المخاطر الجيوسياسية التاريخيالتشتت الجيواقتصادي أدى لارتفاع معدلات التضخم

ويتأثر المشهد الجيوسياسي العالمي بتزايد تحديات الاستقطاب والحوكمة، مما قد يؤدي إلى تحول ميزان القوى، حيث إن بعض الأحداث الجيوسياسية، مثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يكون لها وقع هائل على الأسواق العالمية من خلال التغيرات في السياسات المالية، والعلاقات التجارية، والتدابير التنظيمية. وقد يؤدي التشتت الجيواقتصادي والصراع على السلطة إلى ارتفاع معدلات التضخم، وتعطل سلاسل التوريد، وتزايد تقلبات السوق. كما يساهم تداخل القضايا الجيوسياسية والعوامل الاقتصادية في تشكيل ديناميكيات السوق وتحديد أطر التعاون الدولي.

وأدى استمرار التوترات الجيوسياسية إلى تشكيل تحالفات وتكتلات جديدة تتحدى النظام العالمي القائم، فيما أثّر تزايد الصراعات الإقليمية والعقوبات المالية على الاستقرار الاقتصادي. وكان التشابك بين القضايا الجيوسياسية والاقتصادية من أبرز العوامل الجوهرية التي أدت إلى انقسام الدول ما بين أطراف فائزة وأخرى خاسرة، وتكيّف عدد منها مثل الهند والمكسيك مع تغير وتبدل أنماط التجارة. وقد أدى التنافس التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة، إلى جانب الصراعات الجيوسياسية، إلى إعادة تشكيل ديناميكيات الاقتصاد العالمي.

الأسواق المالية الناشئة والمتقدمة تواجه تحديات

وتواجه الأسواق المالية، سواء الناشئة أو المتقدمة، تحديات شديدة نتيجة للدورة الانتخابية العالمية المقبلة، حيث تتزايد الضغوط التي يتعرض لها الانضباط المالي على خلفية تصاعد الشعبوية واللجوء إلى اتباع سياسة التمويل بالعجز. وشهدت مستويات الدَّين العام ارتفاعاً ملحوظاً، ما قد يؤثر سلباً على الاستدامة المالية على المدى الطويل ويؤدي إلى تذبذب الأسواق المالية. وتساهم المخاطر الجيوسياسية، إلى جانب الحالة الضبابية التي تحيط بالأوضاع الاقتصادية، في خلق بيئة معقدة تؤثر على المستثمرين والشركات، الأمر الذي ينعكس بدوره على دورات السوق والقرارات الاستثمارية.

للانتخابات الأمريكية أهمية بالغة لآفاق الاقتصاد العالمي

وتحمل الانتخابات الأمريكية أهمية بالغة لآفاق الاقتصاد العالمي، نظراً لأن التحولات التي تطرأ على السياسات المتعلقة بمجالات مثل التجارة والسياسات المالية التنظيمية قد تؤثر على أسعار الفائدة، وأسواق العملات، وأسواق الأوراق المالية. وقد تترتب على نتائج الانتخابات الأمريكية آثار بعيدة المدى على العلاقات الدولية وديناميكيات السوق، كما قد تؤثر الأحداث الجيوسياسية على توقعات النمو الاقتصادي، ما ينعكس بدوره على تقييمات الأصول وأداء الأسواق.

التغييرات الإيجابية في التحول إلى الطاقة النظيفة.. مشروط

من جهة أخرى، قد تؤثر تطورات المشهد الجيوسياسي على منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة الكويت، وذلك من خلال التغيرات التي قد تطرأ على أسعار النفط وديناميكيات التجارة العالمية. وتلعب الجهود الدبلوماسية والاستقرار الجيوسياسي دوراً جوهرياً في تشكيل النتائج الاقتصادية للدول المصدرة للنفط. ويمكن لنظام دولي مستقر وهادئ أن يؤدي إلى إحداث تغييرات إيجابية في مجال التحول إلى الطاقة النظيفة وجهود التعاون الاقتصادي، في حين أن التوترات الجيوسياسية قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة التحديات الاقتصادية.

اقرأ أيضاًتقرير: ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة 3.2% يضغط على الاحتياطي الفيدرالي

الخارجية الأمريكية: التقرير الأممي حول الجوع في غزة مؤلم

«الجارديان» تسلط الضوء على تقرير أممي حول تعذيب الفلسطينيين في سجون الاحتلال

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: روسيا الانتخابات الاقتصاد العالمي الهند الأسبوع باكستان جنوب أفريقيا المكسيك إندونيسيا بنك الكويت الوطني الولايات المتحدة الامريكية الاستقرار الاقتصادي آفاق الاقتصاد العالمي الممارسة الديمقراطية المشهد الاقتصادي العالمي التخطيط الإستراتيجي الأسواق المالیة فی تشکیل إلى جانب قد تؤثر

إقرأ أيضاً:

4 يمينيين ومعتدل ويساري.. كيف سيكون المشهد الانتخابي الإيراني؟

طهران- أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية عن قائمة أسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة يوم 28 يونيو/حزيران الجاري، بعد رحيل الرئيس إبراهيم رئيسي إثر تحطم مروحيته في التاسع من مايو/أيار الماضي.

ووافق مجلس صيانة الدستور على أهلية 6 مرشحين، وهم: مسعود بزشكيان، ومصطفى بور محمدي، وسعيد جليلي، وعلي رضا زاكاني، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، ومحمد باقر قاليباف.

ولم تخلُ القائمة من المفاجآت، حيث رفض مجلس صيانة الدستور -وللمرة الثانية- ترشح مستشار المرشد الأعلى والرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني، الذي بدأ حملته الانتخابية غير الرسمية منذ ترشحه قبل 10 أيام. كما رفض المجلس ترشح جميع وزراء الحكومة الحالية.

انتماءات المرشحين مسعود بزشكيان: المرشح اليساري الوحيد، والذي أعلن التيار الإصلاحي أنه أحد مرشحيه الرسميين. مصطفى بور محمدي: لا ينتمي إلى حزب، لكن يمكن تصنيفه بالأصولي السابق والمعتدل الحالي، حيث إنه كان وزيرا لدى كل من الرئيسين السابقين محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني. سعيد جليلي: يميني متشدد، كان أمينا عاما للأمن القومي ويُعرف بمواقفه المناهضة للاتفاق النووي، وانسحب في الانتخابات السابقة لصالح الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي. علي رضا زاكاني: يميني وهو عمدة بلدية طهران، وانسحب في الانتخابات السابقة لصالح رئيسي. أمير حسين قاضي زاده هاشمي: يميني ونائب الرئيس في الحكومة الحالية. محمد باقر قاليباف: يميني ورئيس البرلمان الحالي.

وتعليقا على هذه القائمة، يقول المحلل السياسي مصطفى فقيهي إنه رغم تفاجؤ الكثيرين من استبعاد لاريجاني، فإن الأمر -برأيه- ليس مفاجئا، حيث بدا استبعاده محتملا، ولكن ما أدهشه هو تأييد أهلية بزشكيان.

وأوضح للجزيرة نت أن بزشكيان كان عضوا في البرلمان ونائبا لرئيس البرلمان ووزيرا للصحة في عهد الرئيس السابق محمد خاتمي، وكان اسمه من بين المرشحين الثلاثة الذين دعمتهم جبهة الإصلاح.

ودعمُ هذه الجبهة له ومقاطعتها لانتخابات عامي 2021 و2024، جعلا فقيهي واثقا من "عدم أهلية بزشكيان"، لكن تأييده يشكل حدثا كبيرا في المشهد الانتخابي الإيراني، "وهو ما يزيد مرة أخرى من احتمالات وصول الإصلاحيين والمعتدلين إلى السلطة".

وباعتقاده، فإن المشهد الانتخابي يبدو كأنه مماثل لما شهدته الانتخابات السابقة، بمشاركة 4 مرشحين أصوليين وواحد معتدل وآخر إصلاحي، لكن الفارق هو أن الأصوليين الرئيسيين، أي قاليباف وجليلي، يبدو من غير المرجح أن يتنحيا لصالح بعضهما بعضا، "إلا إذا أُمروا من مستويات أعلى"، على عكس انتخابات 2021، عندما انسحب جميع المنافسين الأصوليين لصالح رئيسي.

من اليمن: وزير الداخلية السابق مصطفى بور محمدي، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، والأمين العام السابق للأمن القومي سعيد جليلي (وكالات) فرصة كبيرة

ويرى المحلل السياسي فقيهي أن أصوات جليلي وقاليباف ستنقسم في الانتخابات المقبلة لصالح الإصلاحي بزشكيان، كما أن عدم استقالة زاكاني وقاضي زاده يزيد الأمر صعوبة على الأصوليين.

ومن جهة أخرى، يرى أن مصطفى بور محمدي شخصية تشبه المعتدل علي أكبر ولايتي في انتخابات 2013، الذي هيأ الأجواء لفوز روحاني في المناظرات، ويمكن لبور محمدي أيضا أن يلعب هذا الدور لبزشكيان. وبشأن بزشكيان، يقول فقيهي إنه يمكن أن تكون لديه فرصة كبيرة جدا للفوز في الانتخابات، حيث إنه من القومية التركية الأذرية، ويمكنه أن يحصل على جزء كبير من أصواتهم.

كما أنه كان يمثل مدينة تبريز الأذرية في البرلمان لسنوات عديدة، وبالنسبة لأهالي هذه المنطقة، فإن وجود شخص من منطقتهم في القصر الرئاسي مهم جدا، حسب المتحدث نفسه.

وفي ظل هذه الظروف، يوضح فقيهي أن الانتخابات يمكن أن تنتقل إلى الجولة الثانية، مثل انتخابات 2005، وعدّ وجود بزشكيان في هذه الجولة خطيرا جدا، ورجح وصول جليلي أو قاليباف إليها. وأضاف أن قاليباف انتُخب في الانتخابات البرلمانية التي أجريت قبل 4 أشهر، بحصوله على 400 ألف صوت في طهران، أي على ثلث أصواته في الدورة السابقة.

وتابع أنه إذا لم تتم الموافقة على ترشح بزشكيان، لتمكن قاليباف من استقطاب أصوات جزء من الإصلاحيين، لكن الموافقة ستؤدي إلى ذهاب أصوات مؤيدي النظام والرئيس الراحل إلى جليلي وأقصاها 6 ملايين، وتذهب البقية لقاليباف، في حين لن يتجاوز عدد أصواته 5 ملايين صوت.

وحسب فقيهي، فإذا تمكن بزشكيان من الحصول على 6 ملايين صوت، فإنه سيمر إلى الجولة الثانية، وسيفوز فيها عبر إثارة الأصوات الرمادية، وفي حال تجاوزت نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة 60%، "فإن الرئيس سيكون مسعود بزشكيان".

جولة ثانية

من جانبه، تحدث الخبير السياسي أحمد زيد آبادي عن مفاجأة قائمة المرشحين، وهي رفض ترشح علي لاريجاني وكل وزراء الحكومة الحالية.

وقال زيد آبادي للجزيرة نت إنه كان يتوقع أن يؤيد صيانة الدستور أهلية أحد وزراء الحكومة الحالية الذين ترشحوا بدلا من زاكاني أو قاضي زاده، في حين أن رفض أحمدي نجاد وآخوندي كان متوقعا، معتبرا أن هذه القائمة تضم مرشحين من جميع الأطياف في النظام.

وبخصوص بزكشيان، قال الخبير السياسي إنه الأوفر حظا بين قائمة الإصلاحيين، موضحا أن آراءه عند الأقليات القومية -ولا سيما الآذريين والأكراد والإصلاحيين- قد تأخذه إلى الجولة الثانية.

واستبعد زيد آبادي أن يتمكن جليلي من استقطاب أصوات الأصوليين، وقال إن زاكاني وقاضي زاده ليسا جادين، لكن قاليباف -الذي يمتلك قاعدة أصوات الأصوليين- أو بور محمدي -الذي يمكنه استقطاب التكنوقراطيين- سيتأهلان للجولة الثانية.

مقالات مشابهة

  • فرنسا تستعد لـ 30 يونيو بأقصر حملة انتخابية في «الجمهورية الخامسة»
  • رئيس اتحاد غرف الإمارات: قرار مجلس الوزراء تشكيل فريق عمل لتطوير الاتحاد نقلة نوعية
  • أخنوش يشدد على استغلال العائدات الاقتصادية لصالح الأهداف الاجتماعية
  • روسيف: دول البريكس ستسهم في تقليل الصدامات الاقتصادية العالمية بـ 31.5% من الإنتاج العالمي
  • وكيل وزارة المالية أستاذ المالية العامة بجامعة صنعاء الدكتور يحيى السقاف لـ”الثورة”: تقليص فجوة التضخم، وجذب المدخرات وتشجيع الاستثمار الزراعي والصناعي لمواجهة إجراءات بنك عدن
  • الأوضاع الاقتصادية تسهم في تشكيل النظام العالمي الجديد.. ابحث عن الصين
  • «اقتصادية قناة السويس»: المنطقة وجهة الاستثمار العالمي وتتيح فرص عمل للشباب
  • 4 يمينيين ومعتدل ويساري.. كيف سيكون المشهد الانتخابي الإيراني؟
  • اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. هل يُعيد تشكيل المشهد السياسي للقارة؟
  • «QNB» يرجح تزايد تدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة بدعم «الفيدرالي» لدى تبنيه سياسات تيسيرية بأمريكا