نجحت القيادة السياسية، في تعزيز مسار الإصلاح السياسي خلال الـ 10 سنوات الماضي، إذ أدركت الدولة ضرورة تحقيق إصلاحٍ سياسي يضمن انفتاحًا سياسيًا وحريةً في ممارسة العمل السياسي على النحو الذي يُنظّمه الدستور والقانون بعدما نجحت الجهود في تثبيت ركائز الدولة، والتغلب على التحديات الأمنية.

وحددت الدولة، المرتكزات التي يجب أن تكون أساسا يُبنى عليه هذا الإصلاح السياسي الشامل، وهو ما يتمثل في التالي:

ضمان التعددية الحزبية

واهتمت الدولة بضمان التعددية الحزبية، حيث نص الدستور المصري في مادته 74 على أن للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية، بإخطار ينظمه القانون، وعدم جواز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي، وكفل القانون حرية تأسيس الأحزاب وممارسة نشاطها بكل حرية ودون تعرض للقمع أو التضييق، بما سمح بتأسيس قرابة 100 حزب حتى الآن، سعيًا إلى خلق مناخ ديمقراطي حر يعزز من المشاركة السياسية الفعالة للمواطنين سواء كناخبين أو مرشحين، أو حتى الانضمام للأحزاب السياسية كل وفق أيديولوجيته الخاصة.

ضمان التمثيل النيابي

يعد تمثيل الفئات الاجتماعية مؤشرا مهما لمدى قدرة النظام السياسي على استيعاب وتمثيل هذه الفئات بما يتناسب مع كثافتها العددية وقوتها الانتخابية بالمجتمع، بخلاف كونها معيارا لمدى قدرة النظام على تطبيق قيم ومبادئ الديمقراطية والمواطنة بين أبناء الشعب.

لذلك، حرصت الدولة على أن تكون المجالس النيابية ممثلة لكافة الفئات والاجتماعية، فنص قانون 140 لسنة 2020 على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن 25% من مقاعد مجلس النواب، التزاما بالمادة 10 من الدستور.

وحدد القانون أن تتضمن كل قائمة انتخابية عددًا من الصفات يجب أن تتوافر بمرشحي القوائم، وذلك التزاما بالمادتين 243 و244 من الدستور واللتين أكدتا أنّ الدولة يجب أن تعمل على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة والمصريين المقيمين في الخارج تمثيلًا ملائمًا في مجلس النواب.

تأسيس الغرفة الثانية لمجلس النواب مجلس الشيوخ

وبحسب الخبراء والسياسيون، فإن التجارب السابقة أكدت أهمية وجود غرفة ثانية للسلطة التشريعية تعاون مجلس النواب لإنجاز العملية التشريعية وسن القوانين بطريقة تضمن الشفافية والاستفادة من الخبرات الوطنية، ولتحقيق هذا الفرض، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو 2020 قانون تنظيم مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020، والذي جاء إعمالا للتعديلات الدستورية التي وافق عليها الشعب في 2019.

ويضمن مجلس الشيوخ زيادة التمثيل المجتمعي وتوسيع المشاركة وسماع أكبر قدر من الأصوات والآراء، ويسهم في تطوير السياسات العامة للدولة وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية من خلال المساعدة في إنجاز التشريعات وسن القوانين بطريقة أفضل تضمن حسن الدراسة والمناقشة، والاستفادة القصوى من الخبرات المختلفة.

الحوار الوطني

أرادت الدولة نقل الإصلاح السياسي نقلة نوعية كبيرة وبلورته بشكل أشمل من خلال توجيه الدعوة إلى عقد الحوار الوطني في أبريل 2022 وانطلاقه بشكل فعلي بعد المرحلة التحضيرية في مايو 2023 بين القوى السياسية والاجتماعية كافة حول أولويات وقضايا العمل الوطني للوصول إلى نظام سياسي أكثر احتوائية، وأكثر تمثيلية، وأكثر تشاركية نظام تعددي يتمتع أطرافه بحقوق كاملة متساوية في التعبير والوصول للمواطنين والمشاركة في المؤسسات التمثيلية، بصورة تمكن الأطراف المكونة للمجتمع السياسي من التعبير والمشاركة بحرية دون أن تستفيد من ذلك قوى التطرف والإرهاب التي لفظها المجتمع إلى غير رجعة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حدث آخر 10 سنوات الإصلاح السیاسی مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

ورطة إسلامي الإصلاح من الدّاخل المغاربةُ مع التّطبيع

شكّلت لحظة توقيع اتفاق التطبيع بين الدّولة المغربية والكيان الصهيوني (10 ديسمبر 2022م) محطة مهمة في مسار العلاقة بين "إسلاميي الإصلاح من الدّاخل" والسلطة؛ فكلّ المراقبين يجمعون على أنّ قرار التطبيع كان اختيارا استراتيجيا للدولة، صُنع في مستويات عليا لا تمتلك الحكومة تجاهها سلطة تقريرية. وهذا يوضّح أنّ الحكومة في المغرب ليست جزءا من صناعة هذا النّوع من الاختيارات. ومع ذلك، لم يكن جوهر الإشكال في طبيعة القرار ولا في خلفياته، بل في الكيفية التي اختارت بها الدولة تمريره سياسيا: إسنادُ التوقيع إلى رئيس حكومة ينتمي إلى التيار الإسلامي، هو سعد الدين العثماني، الذي راكم تاريخا طويلا من الخطاب الرافض للتطبيع.

هذا الاختيار لم يكن شكليا ولا عرضيا؛ فقد مثّل لحظة كاشفة لتعقيدات موقع "إسلاميي الإصلاح من الدّاخل" داخل النسق السياسي المغربي؛ فهؤلاء، منذ ولوجهم الحياة السياسية المؤسسية، ظلّوا يتأرجحون بين منطقين متناقضين: منطق المرجعية الأخلاقية الذي يضعهم في موقع الممانع لبعض اختيارات الدولة، ومنطق الاندماج في بنية السلطة بما تفرضه من براغماتية ومرونة تصل أحيانا حدّ التنازل عن "الثوابت الخطابية". وقد أظهر حدث التوقيع هذا التناقض بأوضح صورة، إذ بدا هؤلاء، في اللحظة الحاسمة، جزءا من البنية التي كثيرا ما انتقدوها، بل أدواتٍ لتنفيذ قرار يناقض خطابهم تجاه واحدة من أهم القضايا التي يشتغلون عليها؛ أقصد القضية الفلسطينية.

لقد قرأتْ شرائح واسعة من الرأي العام خطوة التوقيع باعتبارها رسالة سياسية تذكّر ـ من ينسى ـ أنّ القيادة الفعلية للسياسات الاستراتيجية لا تكون عبر صناديق الاقتراع، بل عبر مؤسسات أعلى لا تتغير بتغير الحكومات. ومن جهة أخرى، كانت الرسالة موجهة إلى الإسلاميين أنفسهم: إمكانية إدماجهم الكامل في منطق الدولة، ولكن دون أن تدخلهم إلى مطبخها، ومن جهتهم؛ قدرتُهم ـ حين تدعو الحاجة ـ على اتخاذ قرارات تتعارض جذريا مع مرجعيتهم، ومع الوجدان الذي يجمع قواعدهم الشعبية، والخطاب الشعبوي بعد ذلك كفيل بتهدئة الاحتجاجات وسطهم.

هؤلاء الإسلاميون، منذ وصولهم إلى الحكومة، بنوا جزءا كبيرا من شرعيتهم على خطاب “الإصلاح من الداخل”، وهو خطاب يفترض الحفاظ على جسور التواصل مع مؤسسات الدولة، وتجنّب أي مواجهة قد تُفقدهم الثقة التي على أساسها سُمح لهم بالمشاركة. ولهذا، يصبح الامتناع عن التوقيع قرارا يهدد البنية الكاملة لمشروعهم السياسي، لا مجرد موقف أخلاقي تجاه قضية محددة.وتكشف هذه الرسالة عن واحدة من أعقد الإشكاليات التي طبعت مسار هؤلاء الإسلاميين في المغرب: علاقتهم المرتبكة بالسلطة؛ فهُم، منذ صعودهم السياسي، وجدوا أنفسهم داخل معادلة دقيقة: القبول بقواعد اللعبة السياسية التي تضع السلطة الفعلية خارج نطاق الحكومة، مقابل الحصول على موقع مؤسساتي يضمن لهم حضورا سياسيا، وتأثيرا محدودا، ولكن مع الاعتراف نظريا وعمليا بأنّهم مجرّد "مُنفّذين" لمشاريع "القصر". هذه المعادلة وفّرت لهم نوعا من المشاركة لكنها جعلتهم أبعد النّاس عن المشاركة في اتخاذ القرار المتعلقة بالمفات الاستراتيجية، بل وحتى في ملفات لليست لها هذه الصبغة.

لذلك، فإنّ السؤال الذي طرحه الكثيرون: “هل كان بإمكان العثماني أن يمتنع عن توقيع الاتفاقية؟” لا يمكن فصله عن هذه البنية المعقّدة. فمن الناحية النظرية، كان بإمكان رئيس الحكومة أن يرفض التوقيع أو أن يقدّم استقالته، وبذلك كان سيتحوّل إلى رمز للممانعة، وربما إلى بطل أخلاقي في نظر جمهور واسع. غير أنّ هذا الخيار، في السياقات السلطوية المغربية، يكاد يكون مستحيلا؛ فهؤلاء الإسلاميون، منذ وصولهم إلى الحكومة، بنوا جزءا كبيرا من شرعيتهم على خطاب “الإصلاح من الداخل”، وهو خطاب يفترض الحفاظ على جسور التواصل مع مؤسسات الدولة، وتجنّب أي مواجهة قد تُفقدهم الثقة التي على أساسها سُمح لهم بالمشاركة. ولهذا، يصبح الامتناع عن التوقيع قرارا يهدد البنية الكاملة لمشروعهم السياسي، لا مجرد موقف أخلاقي تجاه قضية محددة.

إلى جانب ذلك، تبرز الخلفيات الفكرية والشخصية للعثماني كعامل حاسم؛ فالرجل يمثّل تيارا شديد الإصلاحية يميل إلى المهادنة والتوافق وترك كلّ ما من شأنه أن يقود إلى الصدام مع الفاعل الرئيسي في السياسة والاجتماع المغربيين. وهذا النمط من القيادة يفهمُ خيار الرفض رديفا للمغامرة، وليس امتدادا لطبيعته السياسية. ومن ثمّ، فإنّ القول بأنّ العثماني “كان يمكن أن يمتنع” يظل احتمالا نظريا لا ينسجم مع المسار الذي شكّل سلوكه السياسي، ولا مع طبيعة اللحظة التي كانت تتطلب انسجاما مع منطق الدولة أكثر مما تتطلب انسجاما مع الخطاب الحزبي.

لقد تحولت حادثة التوقيع، في النهاية، إلى مرآة كاشفة لعلاقة هؤلاء الإسلاميين بالسلطة: علاقة قائمة على المشاركة من دون قدرة، وعلى المسؤولية من دون صلاحيات، وعلى الإدماج المشروط الذي يجعل وجودهم داخل المؤسسات رهينًا بحدود لا يملكون تجاوزها. وهذا ما فتح الباب لنقاشات واسعة حول مستقبل الإسلاميين في الدولة، وحول مدى قدرتهم على الحفاظ على هويتهم السياسية وهم يتحركون داخل نسق لا يمنحهم سوى هامش محدود من المبادرة.

وهكذا، يتجدد الاستشكال: هل يمكن لجماعة سياسية ذات مرجعية أخلاقية أن تظل فاعلا في نظام يُلزمها بالتنازل عن جزء من هذه المرجعية كلما فرضت ذلك اعتبارات السلطة؟

مقالات مشابهة

  • مصر تعزز التحول الأخضر بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء المستدام
  • سوريا ترحب بتصويت مجلس النواب الأمريكي لإلغاء “قانون قيصر”
  • ورطة إسلامي الإصلاح من الدّاخل المغاربةُ مع التّطبيع
  • الشرقاوي: المشاركة الواسعة في انتخابات النواب تعزز الثقة في المسار الديمقراطي
  • الشديفات يسأل: أين أنتم عن هذه الفئات؟
  • الأمم المتحدة.. حقوق الإنسان أساس خارطة الطريق السياسية في ليبيا
  • برلمانية: تراجع التضخم خطوة تعيد الانضباط للأسواق.. ورسالة ثقة في مسار الإصلاح الاقتصادي
  • مجلس النواب اليمني يرفض التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية ويدعو لعودة التوافق والحوار
  • مباشرة الحقوق السياسية.. عقوبات تصل للحبس والغرامة وحرمان من الترشح
  • كجوك لممثلي المجتمع التجاري: القيادة السياسية تدعم بقوة مسار الثقة والشراكة والمساندة للقطاع الخاص