عتبة الرحمن.. خطيب المسجد الحرام: بـ أمرين تكن على الطريق الموصل لله
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
قال الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني ، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الطاعة والتقوى هما الطريق الموصل إلى عتبة الله الرحمن الرحيم ، والذي تتجلى رحمته سبحانه وتعالى في قوله ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) الآية 156 من سورة الأعراف .
عتبة الرحمنوأوضح " الجهني" خلال خطبة الجمعة الثالثة في رمضان اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن من رحمة الله سبحانه وتعالى وستره لعباده المؤمنين عند الحساب ، فقال ابن عمر رضي الله عنهما سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ ويَسْتُرُهُ، فيَقولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتَّى إذَا قَرَّرَهُ بذُنُوبِهِ.
وتابع: ورَأَى في نَفْسِهِ أنَّه هَلَكَ، قالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وأَنَا أغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وأَمَّا الكَافِرُ والمُنَافِقُونَ، فيَقولُ الأشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) رواه البخاري ومسلم، منوهًا بأن شهر رمضان شهر عظيم حقاً شرّف الله به هذه الأمة المحمدية .
وأضاف: وجعل فيها حدثاً عظيماً يتكرر في حياة الإنسان في كل عام مرة إنها ليلة القدر ، وهي في العشر الأواخر من رمضان على وجه القطع واليقين وفي أوتارها آكد ، فقال عليه الصلاة والسلام : تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر . رواه البخاري ، مشيرًا إلى أنه قد قضى الخالق عزوجل أن يكون كل عمل من أعمال الخير والعبادة والذكر في هذه الليلة بقدر جزاء من عمل ثلاثاً وثمانين سنة وهي ألف شهر لأن ليلة القدر خير من ألف شهر .
لأمة ذات قدرونبه إلى أنه قد أنزل الله في شأنها كتاباً ذا قدر بواسطة ملك ذي قدر على لسان رسول ذي قدر لأمة ذات قدر ، ولأنه يقدر فيها ويفرق فيها كل أمر حكيم ، من أتى فيها بالطاعات صار ذا قدر وشرف عند الله عزوجل ، قال تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا . بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
وأشار إلى أن تلك الليلة الموعودة المشهودة سجلها القرآن الكريم في سجل الخلود ، وإنما أخفيت ليلة القدر كما أخفيت ساعة الجمعة رحمة بهم ليجدوا في العبادة ويجتهدوا في طلبها بالصلاة والذكر والدعاء والتضرع إليه ، فيزدادوا قرباً من الله عزوجل وثواباً ، وعليه أن يكثر من قول اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .
واستطرد: كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من حديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهي من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام، فإذا حصل العفو من الله للعبد ، أعطاه ما ينفعه وصرف عنه ما يضره ، فاتق الله أيها المسلم ولا تفوت فرص حياتك ، واقتد بالصفوة المطهر صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً .
غيرها من ليالي رمضانوأفاد بأنه -صلى الله عليه وسلم - قد كان يجتهد فيها فوق ما كان يجتهد في غيرها من ليالي رمضان ، يشد مئزره ويحيي ليله ويوقظ أهله ، وكان من هديه عليه الصلاة والسلام في هذه العشر الاعتكاف ، وفقهه حبس النفس على عبادة الله تعالى والأنس به ، وقطع العلائق عن الخلائق ، وإخلاء القلب من كل ما يشغل عن ذكر الله عزوجل .
واستشهد بما ورد عن عبدالله بن قيس أنه سمع عائشة - رَضِيَ الله عنها - وذُكر عندها قومٌ يَزِعُمُونَ أَنهم إِذا أَدَّوُا الفرائضَ لا يُبَالُونَ أَن يَنْزَوُوا . فَقَالَتْ : لَعَمْرِي لا يسألهم الله إلا عما افترض عليهم ولكنهم قومٌ يُخْطِئُونَ بالنَّهارِ . وَإِنَّمَا أنتُمْ مِنْ نبيّكُم ونبيكُم منكُم فما رأيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم - ترك قيام الليل إلا أن يَمْرَضَ فَيُصَلِّيَ وهو جَالِسٌ ثم نَزَعَتْ [أي جَاءَتْ بِكُلِّ آيَةٍ في القرآن يُذْكَرُ فيها قيام الليل» رواه المُروَزِيُّ في قيام الليل .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام صلى الله علیه ى الله علیه لیلة القدر فی قول
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر: من علامات غضب الله على الإنسان ضياع عمره فيما لا يفيد
ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "إدارة الوقت وأثرها في بناء الإنسان".
قال الدكتور ربيع الغفير، إن الإسلام أولى قضية الوقت عناية فائقة، حيث شغل الحديث عن الزمان مساحة واسعة من القرآن الكريم، كما جاء الحديث عن الوقت في القرآن الكريم بصيغة القسم، وفي القسم بالزمان دليل على أهميته، كما جاء في سور العصر، الفجر، الليل، والضحى، مشيرا إلى أن الله سبحانه وتعالى جعل الزمان دليلا على خلقه وقدرته وعظمته، ومظهرا من مظاهر جبروته وسلطانه على هذا الكون، بل وأمرنا بالتدبر في ذلك، يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
خطيب الجامع الأزهر: خلق الله للزمان وتقسيمه إلى ليل ونهار مظهر من مظاهر قدرته وعظمتهنتيجة الثانوية الأزهرية برقم الجلوس.. رابط مباشر لبوابة الأزهر الإلكترونية
ربيع الغفير: موقف الأزهر ومصر تجاه فلسطين غير قابل للمزايدة
خطيب الجامع الأزهر: العبد سيسأل يوم القيامة عن عمره عامة وشبابه خاصة.. فيديو
خطيب الجامع الأزهر: الإسلام أولى الوقت والزمان عناية فائقة.. فيديو
وتابع "خلق الله للزمان وتقسيمه إلى ليل ونهار مظهر من مظاهر قدرته وعظمته، لذا يجب على الإنسان أن يولي الاهتمام بنعمة الوقت أهمية كبرى لأن الله سوف يحاسبه حسابًا دقيقًا شاملاً، يقول ﷺ: (لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟).
وبيّن فضيلته الدكتور ربيع الغفير، أن القرآن الكريم أخبرنا أن الإنسان سيندم ندمًا شديداً على تفريطه في عمره، وتضييع شبابه ووقته في غير طائل، فما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: "يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة"، وفي الحديث النبوي الشريف ما يؤكد على عظمة الوقت: (نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ)، وكان لقمان الحكيم يقول لولده: "يا بني إنك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الأخرى، فَدَارٌ أنت إليها تسير أقرب من دار أنت عنها تُبَاعِد".
وأشار خطيب الجامع الأزهر إلى أن الإنسان يبدي ندمه على تفريطه في وقته في موقفين، الأول وهو على فراش موته، تنكشف له الحقائق فيندم فيقول: ﴿رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾، ولكن يكون الجواب الإلهي: ﴿وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، والموقف الثاني حينما يتمنى أهل جهنم أن يعودوا إلى الدنيا، يقول تعالى في وصف الذين كفروا: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾.
وأضاف الدكتور ربيع الغفير أن المتأمل في حديث القرآن الكريم والسنة النبوية عن الوقت وقضية الزمن يصاب بالحزن حين يظهر مصطلح في هذه الأيام بين الشباب، وعامة الناس وهو "قتل الوقت"، قتل الوقت الذي هو الإنسان عينه، وهو رأس ماله الذي سوف يُسأل عنه يوم القيامة.
واستطرد "نحن أمة عمل وجد واجتهاد، ومن علامات غضب الله على الإنسان أن يشغله بغيره عن نفسه فيضيع وقته فيما لا يفيد، لكن يجب على الإنسان أن يقسم وقته إلى ساعات عمل وطاعة وعبادة، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يخلو فيها لنفسه لأجل التأمل والتفكر، وألا ينشغل بغيره عن نفسه. فإن علامة المقت إضاعة الوقت".
ولفت خطيب الجامع الأزهر إلى أن كل المجتمع صار في ظل الأحداث الأخيرة منشغلا بما يجري في العالم أجمع، متأثراً بها غافلاً عن نفسه ووقته، فعليه ألا ينشغل بتلك الأحداث وينسى نفسه، يجب عليه ألا ينشغل بأشياء أعفاه الله من مسئوليتها، وعليه أن ينشغل بما هو مسئول عنه أمام الله يوم القيامة.