تسارع وتيرة انتعاش القطاع الخاص في الإمارات
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
مصطفى عبد العظيم (دبي)
أخبار ذات صلةواصل القطاع الخاص غير المنتج للنفط في الإمارات، انتعاشه المتسارع منذ بداية العام الجاري، مع استمرار النمو الحاد في تدفقات الطلبات الجديدة خلال شهر مارس 2024، وارتفاع تفاؤل الشركات إلى أعلى مستوياته منذ ستة أشهر، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات العالمي.
وأظهرت أحدث البيانات الصادرة عن دراسة المؤشر الخاص بدولة الإمارات والتابع لـ« ستاندرد أند بورز جلوبال» تحسن ظروف الأعمال في القطاع الخاص غير المنتج للنفط بوتيرة قوية في شهر مارس، مشيراً إلى أن الطلب القوي ظل سمة رئيسة للنمو في الاقتصاد غير المنتج للنفط، حيث شهدت الشركات التي شملتها الدراسة ارتفاعاً حاداً آخر في حجم الطلبات الجديدة.
وسجل مؤشر مدراء المشتريات الرئيس للإمارات، والذي يقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط، 56.9 نقطة في شهر مارس الماضي مقارنة مع 57.1 نقطة في شهر فبراير.
وارتفع مستوى التفاؤل تجاه نشاط الأعمال المستقبلي إلى ثاني أقوى مستوى خلال أربع سنوات بعد سبتمبر 2023، بفضل الطلب القوي والأرباح العالية وخطط التسويق مرتبطة بالتوقعات الإيجابية، وفي الوقت نفسه، رفعت الشركات أعداد موظفيها بوتيرة أعلى من متوسط السلسلة للشهر الثاني على التوالي.
ووفقاً للمؤشر سجلت كثير من الشركات التي شهدت تدفقات زيادةً أكبر في إنفاق العملاء والحملات التسويقية، كما زادت مبيعات التصدير، ولكن بشكل طفيف، وفي المقابل، قامت الشركات غير المنتجة للنفط برفع مستويات إنتاجها إلى درجة كبيرة.
وسجل ما يقرب من31 % من الشركات المشاركة نمواً في النشاط خلال فترة الدراسة الأخيرة، وبالإضافة إلى ارتفاع الطلبات الجديدة، أشارت الشركات إلى المشاريع الجارية والأنشطة الترويجية كمُحركات للنمو.
وعلى الرغم من زيادة إنتاجها، واجهت الشركات في كثير من الأحيان صعوبات لإنجاز الأعمال الجديدة، مما أدى إلى أكبر زيادة مُسجلة في الأعمال المتراكمة، إلى جانب الزيادة التي حدثت في شهر يونيو 2018.
ومع ذلك، واجهت الشركات ضغوطاً كبيرة على أعباء العمل، في ظل تقارير تفيد بوجود تأخيرات إدارية وزيادة القيود على التوريد بسبب أزمة الشحن في البحر الأحمر، ونتيجة لذلك، أشارت بيانات الدراسة إلى أسرع تراكم مُكرر للأعمال المتراكمة.
وشهد مخزون مستلزمات الإنتاج تباطؤاً بالنمو، وكان هذا مرتبطاً بشكل عام بتراجع جهود التخزين، حيث أفاد العديد من الشركات بوجود مستلزمات إنتاج كافية لتلبية الطلبات الجديدة.
ولم تشهد الشركات غير المنتجة للنفط سوى زيادة متواضعة في تكاليف مستلزمات الإنتاج في شهر مارس، وهي أضعف زيادة في عام 2024 حتى الآن وذلك نتيجة لضعف الزيادة في أسعار المشتريات.
وفي الوقت نفسه، انخفضت أسعار البيع بأكبر معدل منذ ثلاث سنوات ونصف، وهو ما ربطته الشركات بالمنافسة المتزايدة والحاجة إلى الاحتفاظ بالعملاء.
وقال ديفد أوين، خبير اقتصادي أول لدى ستاندرد أند بورز جلوبال ماركيت، أن الصورة العامة للقطاع الخاص غير المنتج للنفط في الإمارات ظلت وردية في نهاية الربع الأول، حيث تشير القراءة الأخيرة لمؤشر مدراء المشتريات البالغة 56.9 نقطة في شهر مارس إلى تحسن قوي في ظروف الأعمال، مع استمرار نمو تدفقات الطلبات الجديدة ومستويات النشاط بشكل حاد.
وأضاف: «ومع ذلك، ينبغي إيلاء الاهتمام الكامل لمؤشر الأعمال المتراكمة في الدراسة، والذي سجل أعلى قراءة مكررة له منذ بدء الدراسة في عام 2009 (حيث لم يسجل هذه القراءة إلا في شهر يونيو 2018)، وهو مؤشر رئيس للضغوط على القدرة الإنتاجية»، مشيراً إلى أن« أزمة الشحن في البحر الأحمر أيضاً أحد العوامل التي تم الإبلاغ عنها».
وأوضح أنه «في حين أن الزيادة في الأعمال المتراكمة تعتبر مؤشراً على حال الأعمال التجارية، إلا أن حجم الطلب المكبوت من شأنه أن يدعم نمو النشاط لفترة أطول بمجرد حل هذه المشكلات».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: القطاع الخاص الإمارات الانتعاش الاقتصادي مؤشر مديري المشتريات الطلبات الجدیدة القطاع الخاص فی شهر مارس
إقرأ أيضاً:
الإصلاح الضريبي في سوريا يبدأ بعد عقود من المحاباة والفساد
دمشق – عانى السوريون لسنوات طويلة من النظام الضريبي الذي كان سائدا في عهد نظام بشار الأسد المخلوع، حيث صُمّم -وفقًا لرؤية العديد من الخبراء- لحماية مصالح كبار التجار ورأسمالية المحاسيب التي كانت تهيمن على البلاد؛ فأعفى النظام بذلك أصحاب الثروات المرتبطين بالسلطة من المساءلة، في حين أرهق كاهل صغار التجار والصناعيين بضرائب تُفرض دون معايير واضحة، الأمر الذي أدى إلى هجرة آلاف الصناعيين والتجار من البلاد.
وفي إطار التعامل مع هذه التركة الثقيلة، عقدت لجنة الإصلاح الضريبي، برئاسة وزير المالية السوري محمد يسر برنية، الأسبوع الماضي، أول اجتماع لها منذ الإعلان عن تشكيلها مطلع الشهر الجاري.
وأكد الوزير لوسائل الإعلام، عقب الاجتماع، أن النظام الضريبي الحالي "غير قابل للاستمرار، لأنه لا يخدم الرؤية الاقتصادية للبلاد، ولا مصالح القطاع الخاص، ولا مفهوم العدالة، فضلًا عن عدم قدرته على دعم عجلة الصناعة في البلاد".
وأوضح أن اللجنة اتفقت على المحاور الأساسية للإصلاح الضريبي، والتي تشمل تخفيض الشرائح الضريبية، وتبسيط الإجراءات، وتوحيد الضرائب.
شراكة مع القطاع الخاصوأشار برنية إلى أن الدولة حريصة على أن "تكون شريكا فاعلا للقطاع الخاص، وليست مجرد جهة جباية"، مؤكدا أن الإصلاحات الضريبية الجارية ستأخذ وقتها الكافي لتتبلور بصورة سليمة ومتوازنة، تضمن ملاءمتها لجميع الأطراف على المدى الطويل، وليس لفترة محدودة تمتد لعامين أو ثلاثة فقط.
وشدد الوزير على ضرورة تجنّب الاستعجال أو القفز على المراحل، داعيًا إلى اعتماد نهج تدريجي في بناء نظام ضريبي عصري يخدم مصلحة سوريا ويدعم عجلة الصناعة، مع السعي إلى توفير نظام واضح وشفاف يمنح المستثمر الثقة الكاملة بأنه سيخدم مصالحه.
كما أشار إلى أنه تم بالفعل إلغاء عدد من الرسوم، وهناك توجه لإلغاء المزيد من الضرائب، مع العمل على توحيد النظام الضريبي والانتقال إلى ضرائب أقل عددًا وأكثر توحيدًا.
إعلانوفي ختام تصريحاته، شدد برنية على أن سوريا ماضية نحو أن تصبح "من أكثر الدول تنافسية من حيث نظام الضرائب الحديث".
تنشيط صناعات
وفيما يتعلق بالإصلاحات الضريبية الجارية، يرى الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي أنها تستند إلى دراسات تهدف إلى إعادة تنشيط صناعات محلية تمتلك سوريا خبرة طويلة فيها، مثل صناعة النسيج، إلى جانب تحفيز صناعات جديدة وواعدة مثل التكنولوجيا، والتي لا تزال البلاد تفتقر إلى بنى تحتية كافية لها.
ويربط قضيماتي نجاح تعديل النظام الضريبي برؤية الحكومة وخططها الإستراتيجية، سواء على المدى المتوسط (5 سنوات) أو الطويل (10 سنوات). ويؤكد أن تخفيض الضرائب أو الرسوم يجب أن يتم وفق 3 معايير رئيسية:
حجم الإنتاج المحلي، الفترات الزمنية (المواسم). الحالة العامة للاقتصاد، بما في ذلك حجم الاستثمارات المتوقعة واحتياجات السوق المحلي من المنتجات القابلة للتصنيع الداخلي.ويشير الخبير إلى أنه كلما اقتربت البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتج معين، يمكن حينها رفع الضرائب عليه تدريجيًا، والعكس صحيح.
ويوضح أن سوريا، في الوقت الراهن، بحاجة للاستيراد، مما يتطلب ضرائب ورسومًا منخفضة، مؤكدًا ضرورة تعديل قيم تلك الضرائب بشكل دوري استنادًا إلى مراجعات منتظمة للواقع الاقتصادي.
ويضرب مثالًا بالضرائب الزراعية، التي يجب أن تتغير تبعًا للمواسم والمحاصيل، مشددًا على أن النظام الضريبي يعد ملفا شائكا يرتبط بالظروف المتغيرة بشكل مباشر.
وفيما يتعلق بالأثر المتوقع لهذه الإصلاحات على البيئة الاستثمارية والقطاع الخاص في سوريا، يشير قضيماتي إلى ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، نظرًا لما قد تحققه من فوائد عديدة، من أبرزها تقليص الهدر في القطاع العام، وتقديم نموذج إداري فعال من خلال القطاع الخاص.
ويشدد على ضرورة الحفاظ على دور الدولة الرقابي، لا سيما فيما يخص الأسعار وتوفير المنتجات الأساسية في السوق، مؤكدًا أن هذه الشراكة تمكّن الدولة من الخروج من دور "الجباية" التقليدي، وتقي القطاع العام من الخسارة كما كان على عهد النظام المخلوع.
ويرى قضيماتي أن تطبيق هذه الشراكة مستقبلًا قد يتم من خلال تأسيس شركات قابضة يديرها القطاع الخاص بمساهمة رمزية من الدولة، مقابل منح تسهيلات ونسب من الأرباح.
وعن الحاجة لزيادة الإيرادات الحكومية وتخفيف العبء الضريبي عن المواطن في آن واحد، يرى الخبير أن تحقيق هذه المعادلة يتطلب توفر عدة معايير، في مقدمتها "انتهاء ثقافة الرشوة والمحسوبيات".
ويؤكد أنه إذا تم "ضبط الاقتصاد"، فلن تواجه الدولة عجزًا في الموازنة، خاصة أن سوريا بلد غني بالثروات الباطنية التي من شأنها أن تخفف العبء المالي، إلى جانب الشراكات مع الدول الأخرى لتمرير خطوط الغاز والنفط والاستفادة من عائداتها.
ويخلص قضيماتي إلى أن الحكومة مطالبة بزيادة إيراداتها بشكل مدروس خارج إطار ما يُعرف بالإيرادات الضريبية أو الرسوم التقليدية.