محمد المجالي: الجميع يحتاج النصيحة والنبي سليمان تعلم من نملة
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
يقول أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الشريعة بجامعة قطر الدكتور محمد المجالي إن جميع الناس بحاجة إلى النصيحة التي تعني إرادة الخير للآخرين وضدها الغش، ويشدد على مسألتي الرفق والإخلاص في تقديم النصيحة.
ويرجح أن كلمة الناصح في اللغة العربية أُخذت من خالص العسل أو خالص أي شيء، مما يعني أن الإنسان يبحث عن الأفضل والأكمل الذي يرضي الآخر وينهض به إلى ما يحب الله سبحانه وتعالى ويرضى.
ولأن المؤمن يعيش وسط مجتمع يهمه أمره فهو بحاجة لتقديم الخير للناس من منطلق قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، ويوضح المجالي أن الشخص قد يقع أو يخطئ، وبالتالي هو بحاجة لمن ينصحه ويوجّهه للأفضل والأصوب.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه تميم بن أوس: "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".
ويوضح محمد المجالي أن النصيحة لله تكون بالدعوة إلى توحيده وإفراده بالعبودية سبحانه وتعالى، والدعوة إليه، والدعوة لرسوله باتباعه ونصرة منهجه والالتزام بهديه، مشيرا إلى أن الرسول الكريم ذكر أئمة المسلمين لاعتبارات خاصة، وأخيرا النصيحة لعامة المسلمين بإرادة الخير لهم.
أشكال النصحووردت في القرآن الكريم أشكال وأنماط كثيرة من النصح، فقد جاء في قوله عز وجل في سورة القصص "وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين".
وكان دافع الرجل الصالح الذي جاء من أقصى المدينة هو إرادة الخير لموسى عليه الصلاة والسلام الذي لم يكن حينها قد أوحي إليه، حسب القصص القرآني.
ويشير أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الشريعة بجامعة قطر إلى أن دعوة الأنبياء لأقوامهم جاءت بصيغة النصيحة، قال سبحانه وتعالى في سورة الأعراف "وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله.."، وقوله تعالى في السورة نفسه "إلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله"، أي أن الأنبياء يريدون الخير لأقوامهم.
وذكر الله عز وجل النصيحة في خطاب الأنبياء مع أقوامهم الكافرين، ليبيّن حرص أي نبي على قومه وأنه يريد بهم الخير.
ومن أشكال النصح التي وردت في القرآن الكريم، نصيحة نوح عليه السلام لابنه الكافر إشفاقا عليه، حيث يقول عز وجل في سورة هود "ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين"، وكذلك نصيحة إبراهيم عليه السلام لوالده الكافر إشفاقا عليه أيضا وخوفا عليه من عذاب الله سبحانه وتعالى.
صفات الناصح والمنصوحويعدد الدكتور المجالي صفات الناصح في التالي: أن يكون مخلصا لله سبحانه وتعالى، وأن يكون ذا علم لما ينصح به، وأن يتحرى الرفق، وأن يكون صبورا على المنصوح، بالإضافة إلى "النصحية لا الفضيحة"، أي أن تكون النصيحة سرا، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعن آداب المنصوح، يؤكد المجالي أن عليه أن يتواضع ويتقبل النصيحة، ويستشهد بنبي الله سليمان عليه السلام الذي قال إنه تعلم من نملة، وأنعم عليه الله سبحانه وتعالى أن يعرف لغتها "حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون" (سورة النمل).
كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول "أشيروا علي أيها الناس".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات سبحانه وتعالى
إقرأ أيضاً:
الخير في العشر الأوائل من ذي الحجة
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
حزم حجاج بيت الله الحرام مؤخرًا أمتعتهم وحقائبهم، متوجهين إلى الديار المقدسة لأداء فريضة ومناسك الحج، في هبة ونفور جماعي إلى تلك البقع الطاهرة، حيث مكة المكرمة والمدينة المنورة وبقية الأماكن المشرفة.
فنعم الوجهة التي قصدوا ونعم المسير الذي ساروه، سائلين الله العلي القدير أن يتقبل منهم، ويجعل حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا وذنوبهم مغفورة، وعودهم محمودا سالما من الشر معصوما.
نعم ها هي الأيام الأولى من شهر ذي الحجة أشرقت بنور ربها، وأزهرت بعطاء خالقها، فهي أيام عظيمة ولها فضل كبير، فما كان من ضيوف الرحمن فيها إلّا مُلبين ومهللين ومكبرين، فتكثر فيها الأعمال الصالحة،
التي فيها أجر وثواب خاصٌ، وتعد من الأيام العظيمة التي فضَّلها الله تعالى على بقية أيام العام.
في هذه الأيام تكون الأجور مُضاعفة والأوقات مباركة، والمسلمون مقبلين على الخيرات، ومتجهين إلى فعلها بما يجودون ويملكون طالبين الحسنات، ومنصرفين عن الشرور والآفات، فنعما هي من أعظم العبادات التي يفرح بأدائها المسلم على كل حال.
إنَّ شهر ذي الحجة هو آخر الشهور الهجرية التي تختتم فيها السنة الهجرية، وفيه الكثير من الأعمال التي حدثت نصرة للإسلام والمسلمين، فوقفة عرفة وأداء الشعائر الدينية، كل ذلك تجردا من أعمال الدنيا الزائفة الزائلة، وطلباً لما عند الله من مغفرة ورحمة وعتق من النيران.
إنَّ حج بيت الله الحرام فريضة على المقتدر والمستطيع له، وهناك الكثير من الذين يتمنون الحج لكن لعدم توفر المال لم يستطيعوا إليه سبيلًا، ونقول لهؤلاء إنَّ الله تعالى لا يُكلف نفسًا فوق طاقتها، فنية المؤمن خير من عمله.
إنَّ الحج مظهرٌ من مظاهر الإسلام العامة والخاصة والظاهرة والباطنة، وهو غاية المسلمين وحاجتهم، وقبلتهم التي يفدون إليها كل عام، تاركين ملذات الدنيا وشهواتها، وراء ظهورهم، متجهين إلى رب رحيم كريم، يدعونه تضرعًا وخيفة، وينادونه بأحب أسمائه تبتلا وتهجدا، ويتوسلون إليه بأعظم صفاته.
والعاقل هو الذي يبقى على العهد والاستقامة والصلاح بعد عودته من الحج؛ لأنه من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه.
والمملكة العربية السعودية الشقيقة تبذل جهودًا كبيرة في جعل الحج راحة لضيوفها، فسخرت إمكانياتها وجندت طاقاتها، من أجل أن يمضي الحج بسلام، وينال حجاج بيت الله الحرام حقوقهم، فتلك الديار يحج إليها المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، على اختلاف ألوانهم ومذاهبهم ومعتقداتهم، ويتحقق للسعودية الخير من هذا التجمع البشري الهائل، الذي لا يتوقف على مدار العام.
ولا شك كذلك أنَّ حكومتنا الرشيدة تقوم كل عام بالتعاون مع السلطات في المملكة العربية السعودية، باستحداث قوانين ونظم جديدة، لتنظيم عملية الحج والعمرة والراغبين فيهما، ومن ذلك تنظيم عمل الحملات والوقوف على أدائها وأعمالها وما تقوم به، وكل ذلك لمصلحة الحاج والمعتمر وخدمة لهم، فالشكر للجهة المعنية وبقية الجهات الحكومية ألأخرى ذات العلاقة.
نعم كلها أيام عديدة وستنتهي أيام الحج وسيعود الحجاج إلى مواطنهم، وستبدأ مرحلة أخرى من مراحل العمل والحياة التي يتجدد فيها كل شيء، متطلعين إلى أن يكون ختامها بعيد سعيد هني على كافة المسلمين.
ونذكر في هذه السانحة بأن مشاركة الفقراء والأسر المعسرة أفراح العيد وإدخال البهجة والسرور عليهم، أمر حض عليه الدين وحثَّ عليه الرسول الكريم، وقبلًا دعا إليه المولى عزَّ وجلَّ.
وبهذه المناسبة يسرنا أن نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات، مهنئين حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وأسرته الكريمة والشعب العُماني كافةً، والمسلمين أجمعين، بعيد الأضحى المبارك، سائلين المولى عزَّ وجلَّ أن يُعيد عليهم العيد أعواما عديدة وأزمنة مديدة، وكل عام والجميع بخير ومسرة.