أسير مفرج عنه للجزيرة نت: معاناة أسرى سجون الاحتلال تضاعفت في رمضان
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
جنين – لأول مرة منذ 21 عاما، يجتمع عبد الفتاح الشلبي (51 عاما)، من مدينة جنين شمال الضفة الغربية، مع عائلته على مائدة الإفطار الرمضاني بعد خروجه من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ووسط عدد كبير من أفراد العائلة، يقول الشلبي إنه يحس بأجواء رمضان أخيرا بعد عقدين من الزمن، في وقت يمد إليه كل واحد من العائلة صنفا مختلفا من الطعام، وهم يقولون "جرب ورق العنب يا عبد"، "ما رأيك بكأس من الخروب؟"، "تفضل هذا الأرز سيعجبك جدا".
أفرج عن الشلبي قبل حوالي 10 أيام من سجن النقب الصحراوي بعد قضاء محكوميته، حيث عاش قبل خروجه معاناة الأسرى الفلسطينيين بصيام شهر رمضان هذا العام، في ظل الإجراءات التعسفية التي تنتهجها إدارة السجون الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد الأسرى.
وكان من ضمن هذه السياسات عدم معرفتهم بثبوت هلال شهر رمضان، حيث صام الأسرى بناء على خبر من محامٍ زارهم قبل دخول الشهر الفضيل بيومين، وقال لهم إن رمضان فلكيا يصادف يوم الاثنين، وبناء على كلامه بدؤوا صيامهم.
وبينما يتناول الشلبي طعامه رفقة أشقائه الخمسة وعائلاتهم، يتذكر اليوم الأول من رمضان، وكيف اقتصرت وجبة الإفطار حينها على صحن أرز واحد لسبعة أشخاص في الغرفة وعلبة لبن صغيرة لكل واحد منهم.
يقول الشلبي "نظام السجن لا يتغير سواء في رمضان أو في الأيام العادية، يوزع الطعام 3 مرات خلال اليوم، في الصباح يكون الفطور وهو علبة لبن زبادي صغيرة لكل فرد بالغرفة، وعدد من شرائح خبز التوست، في حين يقتصر الغداء على صحن من الأرز لسبعة أشخاص، والعشاء هو قطع من النقانق الجاهزة، بالطبع في رمضان كنا نجمع هذه الأطعمة ونأكلها على موعد الفطور".
ويضيف "إدارة السجون تحارب الأسرى بقلة الطعام، كيف لشخص أن يصوم كل هذه الساعات ويفطر على 4 أو 5 ملاعق من الأرز، أو قطعة توست، حتى نوعية الطعام تتعمد مصلحة السجون أن تكون سيئة، لا تحتوي على عناصر نحتاجها نحن الصائمين، مع العلم أن كميات الطعام ونوعيته أصبحا هكذا منذ بداية الحرب على قطاع غزة".
قبل موعد الإفطار، كان الشلبي يجري عددا من التحاليل الطبية في أحد مشافي مدينة جنين بسبب آلام شعر بها قبل خروجه من الأسر، وأظهرت التحاليل إصابته بضعف في الدم، ونقص في بعض الفيتامينات المهمة في الجسم كفيتامين "دي" و"بي12″.
يقول الشلبي "كانت نسبة دمي 15، أما اليوم وبعد إجراء التحليل فقد انخفضت حتى 10، وهي نسبة منخفضة جدا لأي شخص بالغ، فخلال أيام رمضان التي قضيتها في السجن هذا العام وهي 15 يوما، أحسست بضعف عام في جسدي، وكانت تصيبني آلام شديدة في معدتي بشكل شبه مستمر، طبعا لست الوحيد الذي عانى من هذه الآلام، غالبية الأسرى كانوا يشتكون من الألم، ولم يسمح لأي منّا بالذهاب إلى عيادة السجن".
أصعب رمضان على الأسرىيصف الشلبي حال الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال بـ"الصعب"، فالزيارات العائلية ممنوعة، والأخبار حول الوضع في قطاع غزة ومدن الضفة الغربية شحيحة جدا، وتعامل السجانين قاسٍ، والتعذيب مستمر منذ 6 شهور.
ويوضح "أكثر ما يؤلمنا نحن الأسرى هو التفتيش العاري، خلال أقل من شهر قاموا بعملية التفتيش العاري لأسرى النقب قرابة 6 مرات، وكل هذه العمليات كانت تحدث ليلا، كما أن الضرب والشتم كان بشكل شبه يومي، ولا يوجد أي تواصل بين الأسرى وعائلاتهم، إضافة لمنعنا من الخروج لساحة السجن، أو ما يسمى بالفورة".
وكانت إسرائيل قد فرضت إجراءات عقابية جماعية على الأسرى الفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تمثلت في قطع الكهرباء ومصادرة ممتلكات الأسرى، ومنعهم من الشراء من دكان السجن "الكنتينا"، وسحب الأجهزة الكهربائية وأجهزة المذياع، وقطع الماء عن غرف الأسرى.
ومع دخول شهر رمضان، زادت معاناة الأسرى بشكل مضاعف بسبب قلة الطعام وشح المياه ومنع رفع الأذان وإقامة الصلاة وقراءة القرآن، ويتحدث الشلبي عن هذه المعاناة بكثير من الحزن فيقول "طوال السنوات السابقة التي عشتها في السجن، كان هذا أصعب شهر رمضان يمر علينا، هل يتخيل أحد أن لا نجد الماء للوضوء طوال اليوم إلا ساعة واحدة خلال النهار، حتى حمامات الغرف لا تتوفر فيها النظافة والطهارة الكافية بسبب شح المياه".
ويضيف "بعد الأسبوع الأول من رمضان سمحوا لكل غرفة بأن يدخل إليها مصحف واحد، مع بقاء المنع على أداء الصلاة بشكل جماعي ولو داخل الغرفة، وطبعا الأذان ممنوع تماما، كانوا يضربون من يمسكونه يؤدي الصلاة جماعة".
وكان المحامي خالد محاجنة الناشط في الدفاع عن الأسرى في الداخل الفلسطيني قد كتب على صفحته على تطبيق إنستغرام أن "الأسرى يفطرون بعد موعد الإفطار بنصف ساعة أو أكثر، وذلك لعدم توفر الإضاءة في الأقسام المختلفة في السجون الإسرائيلية، التي تتعمد إضاءة الأقسام عند الساعة السادسة والربع مساءً".
وقال محاجنة "كل الصائمين في العالم يفطرون مع أذان المغرب إلا أسرى سجون الاحتلال الذين تمنع إدارة السجون عنهم إنارة الأقسام، مما يضطر بعضهم لتأخير إفطارهم لعدم تمكنهم من الإفطار في الأقسام المعتمة"، وأكد أن كلامه هذا شهادة لبعض أسرى سجن مجدو خلال زيارته لهم خلال الأسبوع الماضي.
ويعيش أهالي الأسرى حالة قلق دائم على أبنائهم في ظل عدم تمكنهم من زيارتهم أو الاتصال بهم. ويحاول عبد الله جبجي من مخيم عسكر منذ بداية شهر رمضان الحصول على خبر عن ابنه سائد، الذي يقضي حكما بالمؤبد في سجن النقب الصحراوي، ويقول "اتصلت بالصليب الأحمر، قلت لهم إذا كانت الزيارات ممنوعة على الأقل انقلوا لنا أخبار أولادنا في الأسر".
ويتساءل جبجي "نريد أن نعرف إن كانوا بخير أم لا؟ كيف يصومون؟ وكيف يفطرون؟ هل يعرفون مواعيد الصلاة وموعد أذان المغرب؟ إذا كان الصليب الأحمر لا يستطيع أن ينقل لي أخبار ابني فلمن ألجأ؟".
ويؤكد جبجي أنه منذ بداية الحرب على قطاع غزة لم يتمكن من سماع صوت ابنه الأسير سوى مرة واحدة من خلال اتصال كان لمدة دقيقة، أخبرهم فيها أنه بخير ومشتاق لهم، قبل أن ينقطع بعدها الاتصال.
ويقول إنه يحاول معرفة أخباره من خلال الأسرى الذين تم الإفراج عنهم، رغم أن الأخبار التي ترد من السجون لا تطمئن بشكل عام، "هذا أصعب رمضان يمر علينا نحن أهالي الأسرى، ولا أبالغ إن قلت إننا لم نشعر قط بأجواء رمضان من شدة قلقنا على حالة أولادنا في الأسر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات سجون الاحتلال شهر رمضان منذ بدایة
إقرأ أيضاً:
تفاعل على المنصات بعد إعلان أبو عبيدة عن محاصرة مكان احتجاز أسير إسرائيلي
واحتجزت المقاومة الفلسطينية في غزة الجندي الإسرائيلي متان تسانجاوكر، إثر هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، من داخل مستوطنة نير عوز المحاذية لقطاع غزة، وكان محتجزا مع أسرى أفرجت عنهم كتائب القسام سابقا، منهم الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، الذي أخبر أسرته بأن حالة تسانجاوكر النفسية متدهورة، وأن مكان احتجازهم تعرض للقصف أكثر من مرة.
وكان الجندي الأسير قد علق على الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة لمكان احتجازه، في مقطع فيديو بثته كتائب القسام في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وفي تطور جديد يتعلق بمصيره، قال أبو عبيدة في وقت سابق إن "قوات الاحتلال تحاصر مكان الأسير تسانجاوكر"، متعهدا بأن العدو لن يتمكن "من استعادته حيا، وإذا قتل خلال محاولة تحريره، فإن جيش الاحتلال سيكون المتسبب في مقتله".
وبعد تصريح أبو عبيدة، نشرت كتائب القسام صورة للأسير وهو طريح فراش المرض ويتلقى العلاج، وكتب أسفل الصورة باللغات العربية والعبرية والإنجليزية "لن يعود حيًا".
وعلى إثر ذلك، خرجت والدة تسانجاوكر في مظاهرة حاشدة بمدينة تل أبيب، وعلّقت على التطورات الأخيرة التي تخص مصير ابنها، بالقول إن "قرار توسيع العملية العسكرية سيكون ثمنه حياة ابني متان وباقي الرهائن، ولا أستطيع تحمل هذا الكابوس".
إعلان لن يخرج أسير واحدووردت تعليقات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن إعلان أبو عبيدة عن محاصرة جيش الاحتلال لمكان احتجاز الأسير تسانجاوكر، ورصدت بعضها حلقة (2025/6/8) من برنامج "شبكات".
غرّد عادل مختار يقول: "هدف بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية) من الحرب هو تصفية الأسرى الإسرائيليين والتخلص من ملفهم نهائيا، حتى يتسنى له الاستمرار في حرب مفتوحة على غزة بلا نهاية، هروبا من محاكمته".
وقال أكرم الصلاحي: "لن يفهم الاحتلال الإسرائيلي أنه لن يخرج أسير واحد تحت ضغط السلاح".
أما طارق الجندي، فرأى أن "الصهاينة يعلمون علم اليقين أنه منذ عملية النصيرات لن يكون هناك أسرى محررون بالقوة.. فقط عن طريق المفاوضات".
ومن جهته، علق عبد الرقيب بقوله إن "نتنياهو قرر إعدام الأسير متان بعد أن حافظت كتائب القسام على حياته لمدة 611 يوما من الحرب. نتنياهو لا يريد استعادة الأسرى، بل يريد البقاء في الكرسي، ولو على حساب حياة جميع الإسرائيليين".
ويذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفى تنفيذه أي محاولة لإنقاذ الجندي الأسير، وقال إنه لا يعلم بأي نشاط عملياتي في المنطقة التي يعتقد أنه محتجز فيها.
8/6/2025