بـ«دروس من حرب غزة».. تايوان تتدرب على صد هجوم صيني محتمل
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
قالت وزارة الدفاع التايوانية الثلاثاء، إن تايوان ستجري المناورات الحربية السنوية هذا العام بمناطق في البحر لمحاكاة كسر حصار وسيناريو يفترض أن الصين “حولت فجأة إحدى تدريباتها الدورية حول الجزيرة إلى هجوم فعلي”، وستشمل التدريبات “الدروس المستفادة من حرب غزة”.
وتجري الصين، التي تعتبر تايوان التي تتمتع بحكم ديمقراطي جزءاً من أراضيها، مناورات دورية حول الجزيرة منذ أربع سنوات للضغط على تايبيه لقبول مطالب بكين بالسيادة عليها رغم اعتراضات تايوان القوية.
وذكرت الوزارة أن تايوان تبدأ تدريباتها السنوية الرئيسية (هان كوانج) هذا الشهر بأنشطة تحضيرية جرى تمديدها من الخمسة أيام المعتادة إلى ثمانية أيام في ضوء عدد السيناريوهات التي تشملها على أن تليها تدريبات قتالية فعلية في يوليو.
وصرح تونج تشيه شينج رئيس إدارة التخطيط القتالي المشترك بالوزارة في إفادة صحفية بأن التدريبات ستكون على كيفية الرد السريع على إحدى التدريبات الصينية التي تتحول فجأة إلى هجوم، وهو أمر بدأ خبراء التخطيط العسكري يشعرون بالقلق إزائه بالنظر إلى دوريتها.
وأضاف تونج أن التركيز سينصب أيضاً على كيفية قيام الأفرع المختلفة للقوات المسلحة بتنسيق الرد فيما بينها على حصار صيني.
“دروس مستفادة من حرب غزة”
وأجرت الصين خلال جولة كبرى من المناورات الحربية حول تايوان في أبريل من العام الماضي ضربات دقيقة وحاصرت الجزيرة.
وتتطلع تايوان منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل عامين إلى استخلاص الدروس المستفادة ودمجها في تدريباتها الخاصة، لا سيما كيفية تمكن القوات الأوكرانية الأصغر حجماً من صد الجيش الروسي الأكبر.
وقال تونج إن تدريبات هذا العام ستشمل هذا الأمر مرة أخرى، بالإضافة إلى الدروس المستفادة من حرب غزة.
الصين: لن نتخلى عن خيار القوة
وقالت الصين، في يناير الماضي، إن موقفها المتمثل في أنها لن تتخلى عن خيار “استخدام القوة” لإخضاع تايوان لسيطرتها، يستهدف التدخل الأجنبي، وعدداً صغيراً ممن وصفتهم بـ”الانفصاليين” في الجزيرة، فيما أبدت استعدادها لتوسيع الآفاق من أجل “الوحدة السلمية”.
وانتخب التايوانيون، في يناير، لاي تشينج-تي من الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان رئيساً جديداً للبلاد، وتعتبره الصين “انفصالياً خطيراً”.
وقال المتحدث الرسمي لمكتب شؤون تايوان تشين بن هوا، خلال مؤتمر صحافي في بكين، إن نتيجة الانتخابات التي أُجريت في تايوان، لا تغيّر حقيقة أن الجزيرة أرض صينية، وأنها ستصبح “موحدة” في نهاية المطاف.
وأضاف تشين: “عدم تخلينا عن استخدام القوة لا يستهدف على الإطلاق مواطنينا في تايوان. نحن نستهدف التدخل من القوى الخارجية، والعدد الصغير من الانفصاليين من أجل استقلال تايوان وأنشطتهم الانفصالية”.
وأشار إلى أن “الرأي العام السائد في تايوان يريد السلام وليس الحرب، والتبادلات وليس البعد، وإسقاط الحزب التقدمي الديمقراطي”.
وتابع: “إذا لم يكف الحزب التقدمي الديمقراطي، ويبتعد أكثر وأكثر عن الطريق الشرير للسعي لاستفزازات (الاستقلال) فلن يؤدي ذلك إلا لدفع تايوان إلى وضع خطير، وسيلحق ضرراً جسيماً بها”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الصين الغزو الروسي لأوكرانيا تايوان حرب غزة وزارة الدفاع التايوانية من حرب غزة فی تایوان
إقرأ أيضاً:
قبسات من نور المحاضرة السادسة للسيد القائد «دروس من القصص القرآني»
إبراهيم عليه السلام .. إمام عالمي ومؤسس المعالم الكبرى للهداية الإلهية
عرض السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الدرس السادس ضمن سلسلة «دروس القصص القرآني»
السيرة الإيمانية للنبي إبراهيم عليه السلام، لنجد أنفسنا أمام نموذج فريد لصياغة الدور الرسالي والقيادي على مستوى البشرية جمعاء. ليس إبراهيم مجرد نبي في سجل الرسالات بل هو ركيزة مركزية في بناء مشروع الهداية الإلهية إمامٌ للناس وقدوة متفردة عبر الأزمان.
منذ خروجه من بابل في العراق إلى الشام كانت الهجرة في مشروع إبراهيم خطوة في سياقٍ إلهي مرسوم إلى الأرض التي وصفها الله بأنها «التي باركنا فيها للعالمين». لم تكن هجرة اضطرار بل كانت بداية مرحلة جديدة في مهمة نبي أعدّه الله ليقود البشرية نحو التوحيد ويفتح آفاقًا للهداية تتجاوز حدود الجغرافيا والزمان.
وحين انتقل إبراهيم عليه السلام ببعضٍ من ذريته إلى مكة لم يكن الحدث انسلاخا من محيط أسري أو إجراء تأديبي كما تروّج له الروايات الإسرائيلية، بل كان تحركًا مقدسًا لتحقيق هدف إلهي عظيم إقامة الصلاة في أرض لا زرع فيهاواستجلاب أفئدة الناس إليها لتكون مكة مركزا للهداية والتوحيد. وقد خلّد القرآن هذا الحدث بدعاء إبراهيم: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم…}.
ما يلفت في الطرح القرآني الذي طرحه السيد القائد هو التركيز على امتحان إبراهيم عليه السلام ونجاحه فيه بدرجة الامتياز: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن…}. لم يكن الامتحان شكليا بل تضمن التحديات النفسية والعملية والمبدئية وجاء النجاح ثمرة التمام في الطاعة والاستقامة.
وفي تتويج هذا الإنجاز قال الله: {إني جاعلك للناس إمامًا}، وهي ليست فقط رتبة شرفية بل تكليف رباني بموقع القدوة والقيادة. إمامة إبراهيم لم تكن منصبًا موروثًا أو خاضعًا لرغبة بشر بل اختيار إلهي نابع من كمال الإيمان والعمل وتأهيل استثنائي للعب دور الريادة.
وحين سأل إبراهيم أن يكون من ذريته أئمة جاء الرد الإلهي الحاسم: {لا ينال عهدي الظالمين}، بهذا الجواب أكد الله أن الإمامة ليست قابلة للتوريث الآلي ولا خاضعة لمزاج الناس أو سياساتهم بل مشروطة بالعدالة والاستقامة. فالهداية مقام طاهر لا يتلاؤم مع الظلم ولا يتسع لمن تلطخت أيديهم بالجور. وهذا المعيار الإلهي يحفظ قدسية المقام الرسالي، ويقطع الطريق على الطغاة مدّعي الزعامة باسم الدين.
من أبرز تجليات الإمامة الإبراهيمية ما أوكله الله إليه من إعمار البيت الحرام، وتجديد دور مكة كقبلة للناس، ومعلم مقدس للتوحيد. بعد أن اندثرت معالم الكعبة بسبب الطوفان في عهد نوح عليه السلام وتحوّلت مكة إلى منطقة مهجورة، أُعيد بناء البيت وتفعيله كمركز روحي، على يد إبراهيم عليه السلام، استجابة لأمر إلهي دقيق: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت…}.
وتأتي الآيات لتربط بين المكان والغاية: {إن أول بيت وُضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين}. فهو بيتٌ عالمي، مركز إشعاع للهداية، يعلو فوق الحدود الضيقة والمصالح السياسية أو الطائفية. وعندما أُمر إبراهيم بالنداء العام للحج: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر…}، كان النداء بمثابة دعوة عالمية إلى التوحيد، في أعظم تجمع بشري دوري، يتجه نحو قبلة واحدة، ويتجرّد من العصبيات، ليشهد الناس منافع روحية ودنيوية، ويلمسوا عظمة مشروع الله في توحيدهم.
ولأن هذا التجمع له دلالات كبرى في وحدة المسلمين، وفي إعادة تشكيل الوعي الإيماني الجمعي، لم يكن غريبًا أن يقلق الطغاة والمستكبرون من الحضور الكثيف السنوي في موسم الحج. يشير السيد القائد إلى اقتراح الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بتوزيع أوقات الحج لتفكيك هذا التجمع؛ لأنهم يرونه خطيرا على مخططاتهم ويخشون أن يتحول إلى نقطة انطلاق لمشروع نهضة توحيدية شاملة.
فالحج حين يؤدى كما أراده الله يصبح عاملا استراتيجيا في إعادة صياغة الأمة، وتذكيرها بمركزيتها وغاياتها الكبرى. إنه ليس مجرد شعيرة سنوية، بل حلقة من سلسلة الهداية التي بدأها إبراهيم عليه السلام، وما زال المسلمون مدعوين إلى إحيائها.
إن الخاتمة التي يخلص إليها السيد القائد تتجاوز السرد التاريخي لتلامس الحاضر والمستقبل: إبراهيم عليه السلام لم يكن فقط نبيا في عصره،بل إمامًا للأمم،رمزًا مستمرًا للهداية،وشخصية يقتدي بها الناس جيلاً بعد جيل. في ذريته النبوة والكتاب، وفيه امتداد إلى محمد صلى الله عليه وآله، خاتم النبيين، وبه تتجسد المعاني الحية للإيمان المتكامل.
بهذا الفهم، لا تكون سيرة إبراهيم مجرد قصة، بل مشروعًا إلهيًا متجددًا، ومعيارًا للأمة في اختيار قادتها، ومعلمًا لهويتها، وعنوانًا لعلاقتها بالله، قائمة على التوحيد، والاستقامة، والعدل، والطهارة من الظلم.