سمير فرج: عملية إيران الأخيرة شو إعلامي.. صواريخ فاضية
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
كشف اللواء دكتور سمير فرج، المفكر الإستراتيجي، أن ضحايا العملية العسكرية التي شنتها إيران على إسرائيل يوم السبت الماضي، هي إصابة فتاة بدوية لم تمت.
وتابع خلال لقائه مع الإعلامي أحمد موسى، مقدم برنامج على مسئوليتي، المذاع على قناة صدى البلد، أن وزير الخارجية الإيراني اعترف بإبلاغ أمريكا بموعد الضربة الإيرانية على إسرائيل قبل 72 ساعة.
ولفت اللواء دكتور سمير فرج، المفكر الإستراتيجي، إلى أن الضربة الإيرانية كانت من أجل الشو الإعلامي وتهدئة الداخل الإيراني، قائلا: صواريخ إيران طلعت فاضية من غير ذخائر.
واستطرد اللواء دكتور سمير فرج، المفكر الإستراتيجي، أن إيران لو دخلت في حرب مباشرة مع إسرائيل «هتتبهدل» ولكنها تريد بناء قوتها العسكرية والنووية والحصول على القنبلة التي تريدها.
وواصل أن إيران هي العدو الأول لإسرائيل في المنطقة لأن الأخيرة هي القوة النووية الوحيدة في المنطقة ولا تريد لأي دولة أخرى امتلاك السلاح النووي.
واختتم اللواء دكتور سمير فرج، المفكر الإستراتيجي، أن العملية العسكرية الإيرانية الأخيرة في إسرائيل أعادت قبلة الحياة لنتنياهو الذي فشل في الحرب على غزة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اللواء دکتور سمیر فرج المفکر الإستراتیجی
إقرأ أيضاً:
رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (1 من 3)
في هذا الملف الخاص، نقدم للقراء رحلة فكرية وثقافية استثنائية، تبدأ من قلب أوروبا، مرورًا بآسيا، وصولًا إلى قلب العالم الإسلامي في القاهرة. النص الذي بين أيدينا اليوم هو الجزء الأول من ورقة ثلاثية ينشرها الكاتب جمال سلطان على "عربي21"، بالتزامن مع نشرها على صفحته الشخصية على منصة فيسبوك، ليسرد قصة المفكر الإسلامي الذي اتهمه الأزهر بالجاسوسية، قبل أن تتكشف الحقيقة لاحقًا ويكرمه العلم والأدب الإسلامي.
تُظهر هذه السيرة كيف يمكن للمعرفة والثقافة والبحث الصادق أن تحوّل حياة الإنسان، وكيف أن التماس الجوانب الإنسانية والدينية والفكرية في الحضارات المختلفة يمكن أن يقود إلى تحولات روحية عميقة، رغم كل العراقيل والشبهات التي قد تواجه الباحث المستقل.
الجزء الأول يروي نشأة الباحث المجري "جيولا يوليوس جرمانوس"، مساره الأكاديمي، اهتمامه باللغات الشرقية، أولى لقاءاته بالإسلام، وهجرته الفكرية من بودابست إلى إسطنبول، ثم الهند، وصولًا إلى مصر والأزهر الشريف، حيث بدأت رحلة اختبار وفهم الإسلام على أرض الواقع، قبل أن يواجه اتهامات بالعمالة والجاسوسية.
هذه الورقة ليست مجرد سيرة، بل قراءة في التلاقح بين الفكر الأوروبي والإسلامي، وتجربة فردية تتحول إلى درس عام في الانفتاح، والبحث، والتسامح، وحماية الحقائق العلمية من الأوهام السياسية والاجتماعية.
البداية من بودابست
في العام 1884 ولد في العاصمة المجرية "بودابست" الطفل "جيولا يوليوس جرمانوس"، من أسرة مسيحية متدينة، أمضى فترة تعليمه بتفوق حتى تخرجه من الجامعة المجرية في العام 1903، فقررت الجامعة إرساله في بعثة "منحة" إلى إسطنبول لدراسة اللغة التركية، وحيث تتصل المجر ثقافيا وحضاريا بالدولة العثمانية على امتداد حقبة كبيرة من التاريخ، بل إنها لسنوات طويلة كانت جزءا من الدولة العثمانية، وما زالت حتى اليوم الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية قوية بين تركيا والمجر.
استطاع "جرمانوس"، بشخصيته الجادة والمحبة للعلم، أن يحذق اللغة التركية القديمة "العثمانية" في عامين، قراءة وكتابة ومحادثة، وكانت إسطنبول في تلك الفترة تعج بالحركات السياسية والتنظيمات المتمردة على السلطان عبد الحميد، فتواصل الشاب "جرمانوس" مع نشطاء في حركة "تركيا الفتاة" المعارضة من باب الاستطلاع ومعرفة ما يجري، وتم رصد اتصالاته، فألقي القبض عليه بتهمة التآمر، إلا أن الحكومة النمساوية ـ من خلال قنصلها العام في إسطنبول ـ تدخلت لدى الباب العالي، فتم العفو عنه وترحيله إلى بلاده، حيث كانت النمسا في ذلك الوقت تعتبر من حلفاء الدولة العثمانية وتحتفظ بعلاقات طيبة مع السلطان عبد الحميد خان.
في إسطنبول قرأ "جرمانوس" تفسيرا للقرآن الكريم باللغة التركية، فكان أول تماس له مع الإسلام من خلال نصوص أهله، وليس من خلال جهود المستشرقين الأوربيين، مثل أستاذه المستشرق الشهير"جولد تسيهر" الذين اعتادوا الطعن في الإسلام وتقديم صورة مشوهة عنه، حكاها هو بالتفاصيل بعد ذلك، وكان اطلاعه على القرآن شعاعا فكريا لازمه بعد ذلك عشرات السنين وانتهى به إلى الهداية إلى دين الإسلام.
التحول الثقافي والمعرفي الذي ولد معه في إسطنبول، دفع الباحث الشاب إلى الاهتمام بشكل كبير بتعلم اللغتين: الفارسية والعربية، لكي يتعرف أكثر على الثقافة الإسلامية، واعتمد في تعلم العربية بشكل خاص على نفسه، من خلال المعاجم المتوفرة، فاستطاع القراءة في العربية، دون تبحر في معرفة قواعد النحو والصرف والبلاغة وغيرها، لكن المسؤولين عن التعليم اهتموا بتطوره العلمي وقرروا تكليفه بتدريس اللغات الشرقية في معهد عال متخصص في آداب الشرق، ثم انتقل إلى الجامعة في بودابست في العام 1912، أستاذا للغات الشرقية : العربية والفارسية والتركية، ثم رئيسا لهذا القسم حتى تقاعده بعد أربعين سنة، وحظي باحترام ومكانة كبيرة في بلده بعد جهوده الضخمة في الترجمة من العربية إلى المجرية والعكس، حتى أن الجامعة أوجدت "كرسيا" باسمه في الجامعة.
أول صدمة له في مصر، أنه عندما كان يحدث عمال الميناء المصريين باللغة العربية الفصحى كانوا يضحكون منه، ويحدثونه باللهجة العامية، وبعض تعليقاتهم كانت تحمل سخرية، مما أثر في نفسيته، وكتب إلى زوجته رسالة يقول فيها أنه كان يخشى أن يسخر منه أهل مصر لضعف لغته العربية، ففوجئ بأنهم يسخرون من اللغة نفسها. في تلك الأوقات كان الباحث المجري الشاب تغشاه رؤى أثناء نومه تثير دهشته، حكاها في مذكراته وكتبه تصله بأجواء الشرق المسلم، كما كانت تنتابه موجات شوق شديدة لزيارة مكة ورؤية البيت الحرام الذي اطلع على صور نادرة له في مناسبك الحج، حتى أرسل له شاعر الهند الكبير "طاغور" دعوة لزيارة الهند وتدريس مادة "الحضارة" في جامعاتها، فسافر إلى هناك عام 1929 وبقي فيها ثلاث سنوات يتنقل بين مدن : دلهي ولاهور وحيد آباد، يتعمق أكثر في قراءاته حول الإسلام، ويخالط طبقات المجتمع الهندي المسلم كلها، وخاصة الفقراء منهم، فتأثر بشدة من اعتزازهم بدينهم، ومحافظتهم عليه، وطيب قلوبهم وكرمهم، رغم فقرهم الشديد، وعيشهم في أكواخ من القش، وكان إذا زار بعضهم يضيفونه بكرم وحب كبيرين رغم أنه غريب وغير مسلم.
لحظة من لحظات الإشراق
حتى كان يوم جمعة ذهب إلى مسجد "دلهي" الكبير، ثم استقبل المصلين وأعلن إسلامه أمامهم ، ونطق بالشهادتين نطقا عربيا مبينا، ثم اعتلى المنبر فخطب فيهم، فلما نزل داهمته حشود من البشر ـ كما يحكي في مذكراته ـ، من يحتضنه، ومن يقبله ، ومن يقبل رأسه، ومن يقبل ثيابه، وهي موجة من الفرح والنشوة العارمة بهدايته إلى الإسلام هزت أركانه، ووصفها وصفا بليغا في كتابه "الله أكبر"، واختار لنفسه اسم "عبد الكريم"، وأصبح "عبد الكريم جرمانوس"، وعندما سألوه عن أسباب هدايته للإسلام قال: "هي لحظة من لحظات الإشراق، لأن الإسلام دين الذهن المستنير، وإن أصحاب التفكير الحر ليجدون في هذا الدين السمح، عقيدة وشريعة ما يستولي على الإعجاب، وما يهدي إلى الإقناع، وعندي أنه سيكون معتقد الأحرار كلما تخلصوا من ربقة النشأة، ووطأة التقليد، وأنا أعرف كثيراً من المستنيرين يجلون الإسلام ديناً، ويكنون في سرائرهم إيماناً وإذعاناً".
في الرحلة الهندية تعرف على شاعر الهند الإسلامي الكبير ـ قبل انفصال باكستان ـ محمد إقبال، وجرت بينهما مسامرات ومحاورات عن أحوال المسلمين، وكان لقاؤه بإقبال من المعالم التي أثرت فيه بعمق، وصفها بأنها أسعد أوقات حياته، لشفافية الشاعر الكبير وعمق ثقافته وحبه العارم لدينه وحنانه على أمة الإسلام.
قضى "عبد الكريم" في الهند ثلاث سنوات مترعة بالحركة والدراسة والتدريس، حتى رغب في أن يذهب إلى مصر لتعلم اللغة العربية بعمق في الأزهر الشريف، فسافر ونزل من سفينته في الإسكندرية، ويحكي عن أول صدمة له في مصر، أنه عندما كان يحدث عمال الميناء المصريين باللغة العربية الفصحى كانوا يضحكون منه، ويحدثونه باللهجة العامية، وبعض تعليقاتهم كانت تحمل سخرية، مما أثر في نفسيته، وكتب إلى زوجته رسالة يقول فيها أنه كان يخشى أن يسخر منه أهل مصر لضعف لغته العربية، ففوجئ بأنهم يسخرون من اللغة نفسها.
حظي وجوده في القاهرة باحتفاء عدد كبير من الأدباء والكتاب، وكان للطفه ودماثة أخلاقه سريع الوصول إلى صداقات الناس، والتقى بالعديد من وجوه النخبة المصرية وقتها، مثل عبد الوهاب النجار وأحمد أمين ومحمد حسين هيكل وإبراهيم المازني، ومحمود تيمور، ومحمد رجب البيومي وغيرهم، والتحق بالأزهر لبدء الدراسة، فاحتفى عدد من طلبة العلم بهذا "المجري" الأشقر الذي أتى للتزود بالعلم في الأزهر الشريف، إلا أن بعض مرضى النفوس أطلقوا الشائعات حوله، وسربوا لبعض المشايخ أن هذا الرجل إنما هو جاسوس أجنبي يستبطن الإلحاد ويظهر الإسلام وينبغي الحذر منه وإبعاده عن الأزهر، والمؤسف أن شيخ الأزهر وقتها الشيخ الظواهري اقتنع بكلامهم، وطرد عبد الكريم من الأزهر على خلفية اتهامه بالجاسوسية.
وبعد فترة من الوقت تكشفت الحقائق لشيخ الأزهر، وأدركوا خطأ ما فعلوه، فاعتذروا له، وقربوه منهم، وقرروا منحه عضوية مجمع البحوث الإسلامية، أرفع مؤسسة علمية بالأزهر بعد هيئة كبار العلماء، وظلت عضويته فيه قائمة حتى وفاته.
ونستكمل الحديث غدا بإذن الله ...