يوسف السباعي أديب مصري وعسكري سابق. ولد عام 1917 واغتيل يوم 18 فبراير/شباط 1978 في العاصمة القبرصية نيقوسيا إثر مشاركته ضمن الوفد المصري الزائر للقدس ضمن مباحثات السلام المصرية-الإسرائيلية.

نُشرت له عدة روايات ومجموعات قصصية، حُولت بعضها إلى أعمال سينمائية، وكان مسؤولا رفيع المستوى في عدة مناصب ثقافية مصرية ودولية، أهمها وزارة الثقافة المصرية، كما كان الأمين العام لمنظمة التضامن الأفريقي الآسيوي، نشطت كتاباته في الفترة بين 1947 و1972.

المولد والنشأة

ولد يوسف محمد محمد عبد الوهاب السباعي في حي الدرب الأحمر، أحد أقدم الأحياء المصرية يوم 17 يونيو/حزيران 1917 في أسرة أدبية بامتياز. إذ عمل والده محمد السباعي كاتبا ومترجما عن اللغة الإنجليزية.

فقد أسهم والده في إثراء المكتبة العربية بترجمته كتابي "الأبطال" و"عبادة البطولة" للفيلسوف والمؤرخ الأسكتلندى توماس كارليل، ومسرحيات للأديب الإنجليزي وليام شكسبير، وكتب للكاتب الإنجليزي هنري سبنسر، فضلا عن مواظبته على الكتابة والنشر في مجلة البيان.

ولعل اهتمام السباعي الأب بالأدب قد انتقل إلى الابن الأكبر يوسف، الذي ظهر نبوغه الأدبي في المرحلة الثانوية، فأنشأ مجلة حائطية في مدرسة شبرا الثانوية، وشرع في كتابة القصص القصيرة ونشرها فيها.

ومع وفاة الأب المبكرة في حياة يوسف السباعي، الذي لم يكن قد تجاوز الـ15 من العمر، يظهر التأثر بالحياة الأدبية والارتباط بإرث السباعي الأب، في حياة الابن من خلال الاهتمام الشديد بالكتابة والأدب، والدخول إلى الحياة الثقافية في سن مبكرة.

فضلا عن إكماله قصة الفيلسوف التي بدأ الوالد في كتابتها ولم ينهها، فظلت مسودة حتى ساعد الابن في إخراجها إلى النور، كما سعى إلى جمع أعمال والده المترجمة وضمها في مجلد واحد.

يوسف السباعي نشأ في أسرة مشهورة بالعلم الأدب (مواقع التواصل الاجتماعي) الدراسة والتكوين العلمي

أكمل يوسف تعليمه الثانوي، قبل أن يلتحق بالكلية الحربية عام 1935 ويتفوق على أقرانه فيها، ثم التحق فور تخرجه بسلاح السواري، الذي تحول بعد ثورة 1952 إلى سلاح المدرعات المصرية، وتدرج فيه إلى أن أصبح قائدا لإحدى السواري، ثم معلما في الكلية الحربية، ومديرا لمتحف التاريخ الحربي حتى تقاعده برتبة عميد.

التجربة الأدبية

في ظل خوضه غمار الحياة العسكرية كان تركيز يوسف السباعي ينصب على الحياة الأدبية كذلك، فبعد تخرجه من الكلية الحربية عام 1937 شرع في كتابة القصص ونشرها، ولكن حياته الأدبية الفعلية بدأت في النصف الثاني من الأربعينيات، مع نشره مجموعته القصصية أطياف عام 1946، والتي ضمت عدة قصص سابقة له، مثل قصة "فوق الأنواء"، التي كتبها في فترة دراسته الثانوية.

وبداية من هذا التاريخ تتالت أعمال يوسف لتضم أكثر من 30 عملا أدبيا بين المجموعات القصصية، والأعمال الروائية، وتفجرت موهبته وشهرته وحاز إعجاب الجمهور، وتحدث عنه النقاد، وتحول عدد من أعماله إلى أعمال سينمائية أسهمت في تأجيج شهرته، فمن لم يقرأ له شاهد فيلما، أو قرأ نقدا هنا أو هناك، وبذلك تربع  يوسف السباعي على عرش مشاهير الأدباء في عصره خلال عقدي الخمسينيات والسبعينيات من القرن الـ20.

تعرض عميد الأدب العربي طه حسين بالتحليل والنقد لروايتين من أعمال يوسف السباعي، وهما رواية "إني راحلة" المنشورة عام 1950، والتي تحدث عنها في أحد مقالاته، ورواية "رد قلبي" المنشورة عام 1954، والتي أشار إليها في كتابه "نقد وإصلاح".

ولعل هذه الإشارة إلى الروايتين من عميد الأدب العربي تُظهر مقدار الشهرة التي حظي بها يوسف السباعي في ظل سنوات إنتاجه الأدبي، إذ لم يكن من السهل على واحد من جيل الأدباء الشيوخ أن يتناول في حديثه النقدي أحد أعمال الأدباء الشباب.

وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي وجهها له، فقد أثنى طه حسين على انسيابية كتابة يوسف وموهبته وجدارته بالكتابة الروائية، خاصة الرومانسية التي شغلت عقل عميد الأدب العربي، وعدّ السباعي واحدا من نجباء الأدباء في عصره، وكذلك كان حديثه عن رواية "رد قلبي"، إذ أثنى فيها على لغة السباعي السلسة وبنائه الانسيابي للحدث.

ولعل شهرة يوسف السباعي فارسا للكتابة الرومانسية قد أسهمت في تعزيز شهرته، إذ كانت النظرية الأدبية على موعد مع تغلغل جيل الواقعية في الخمسينيات والستينيات، لا سيما مع تجاوز نقاد النظرية الأدبية في أوروبا مرحلة الرومانسية عقب الحرب العالمية الثانية، ودخول مصر أيضا مرحلة تاريخية جديدة بعد ثورة 1952.

فقد أصبحت الرومانسية الكلاسيكية عاجزة عن التعبير عن روح الإنسان وما يدور حوله من عالم متسارع، وهو ما شجع يوسف السباعي على إصدار روايته "رد قلبي"، التي حاول من خلالها وصف التغير الاجتماعي خلال مرحلة الثورة، مازجا بين أدوات الأدب الرومانسي والواقعية الاجتماعية، وهي التجربة التي أشاد بها طه حسين، ولكن أخذ عليها النهاية الدرامية كما لو كانت مكتوبة لجمهور السينما، وليس لجمهور الأدب.

التجربة الثقافية المؤسسية

إضافة إلى كونه كاتبا وأديبا، أسهم السباعي في إنشاء نادي القصة والمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وجمعية الأدباء، كما شغل عدة مناصب صحفية أهمها منصب وزير الثقافة عام 1973، ورئيس مؤسسة الأهرام، ونقيب الصحفيين، فضلا عن حصوله على جائزة الدولة التقديرية، كما شغل رئاسة تحرير عدة صحف مصرية، وعُين أمينا عاما لمنظمة التضامن الأفريقية الآسيوية.

يوسف السباعي كان أديبا وسياسيا وعسكريا (مواقع التواصل الاجتماعي)

لا تنفصل التجربة المؤسسية والشهرة الأدبية عن تجربة يوسف السباعي العسكرية، فقد كانت علاقته وثيقة برأس النظام المصري متمثلا في الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر في فترة الخمسينيات والستينيات، ومن بعدها قربه الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.

وفي شهادته على هذه الفترة يسرد محمود الورداني في كتابه "الإمساك بالقمر"، فترة تولي يوسف السباعي منصب وزارة الثقافة، إذ يرى ذلك التعيين "حركة سياسية من نظام السادات لإحكام قبضته على قطاع الثقافة"، لا سيما بعد اعتصام طلاب الجامعة عام 1972، وتحالف مجموعة من الكتاب لكتابة بيان يرفض حالة اللاسلم واللاحرب.

وكان من الواضح أن المثقفين المصريين هم المعارضة الحقيقية لنظام السادات، ولذلك سعى -كما يرى الورداني- "إلى إحكام قبضته من خلال تعيين السباعي في الوزارة، والذي سعى بدوره لفصل العديد من الكوادر غير المرغوب فيها من قبل النظام، أو التي أبدت معارضة، وسعى إلى تجفيف منابع اليسار المصري من المجالات الثقافية".

وهناك من يرى أن "احتكار المناصب الثقافية" هو أحد المؤثرات في عملية الاغتيال التي تعرض لها يوسف السباعي، إذ ظهر في تلك المرحلة وكأنه "رجل السادات الأوحد"، والمعبر عن سياساته الخارجية، ولذلك كان استهدافه استهدافا للسياسات الخارجية المصرية.

المؤلفات

ليوسف السباعي مؤلفات أدبية كثيرة من أشهرها:

نائب عزرائيل – رواية – 1947م. يا أمة ضحكت – قصص – 1948م. أرض النفاق – رواية – 1949م. إني راحلة – رواية – 1950م. أم رتيبة – مسرحية – 1951م. السقا مات – رواية – 1952م. بين أبو الريش وجنينة ناميش – قصص – 1950م. الشيخ زعرب وآخرون – قصص – 1952م. فديتك يا ليل – رواية – 1953م. البحث عن جسد – 1953م. بين الأطلال – رواية. رد قلبي – رواية – 1954م. طريق العودة – رواية – 1956م. نادية – رواية – 1960م. رافق السباعي الرئيس المصري السادات في سفره إلى القدس لإتمام مباحثات السلام (مواقع التواصل الاجتماعي) الاغتيال

في نوفمبر/تشرين الثاني 1977 سافر السادات إلى القدس لإتمام مباحثات السلام مع إسرائيل، مما دعا معظم الدول العربية إلى مقاطعة مصر، ونقل مقر جامعة الدول العربية من مصر إلى تونس، وقد رافق الرئيسَ يوسفُ السباعي ممثلا عن جريدة الأهرام، ومرافقا صحفيا باعتباره رئيس التحرير.

وبعد أشهر قليلة سافر إلى العاصمة القبرصية لحضور مؤتمر منظمة التضامن الأفريقية الآسيوية التي كان يشغل منصب أمينها العام، فتم اغتياله يوم 18 فبراير/شباط 1978 بـ3 رصاصات في الرأس من مجموعة مسلحة يُعتقد أنها فلسطينية، كما يُعتقد أن الاغتيال كان ردا على مشاركته في زيارة القدس.

أزمت هذه الواقعة العلاقات الدبلوماسية المصرية-القبرصية، لا سيما مع هروب منفذي العملية بعد احتجازهم رهائن من المؤتمر وتهديدهم بتفجير المكان وقتل الجميع ما لم توفر لهم السلطات طائرة تسهل فرارهم.

ومع رغبة مصر في إلقاء القبض على منفذي العملية، وإرسالها إلى فرقة خاصة مسلحة، دارت اشتباكات بينها وبين الجيش القبرصي مما خلف ضحايا في الطرفين، واتهمت مصر السلطات القبرصية بالتقصير في حماية وفدها، بينما اتهمت السلطات القبرصية مصر بإرسال قوات عسكرية داخل أراضيها من دون إذن واضح، وتم عقب ذلك تسليم الجناة إلى القاهرة وكذلك تسليم الرهائن من القوة المصرية الخاصة التي تم إرسالها لإلقاء القبض على الجناة.

وفي يوم 19 فبراير/شباط 1978 أقيمت مراسم جنازة رسمية لدفن يوسف السباعي في مثواه الأخير، وقد حضر الجنازة نائب رئيس الجمهورية حينها محمد حسني مبارك، ووزير الدفاع المشير محمد عبد الغني الجمسي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات مباحثات السلام یوسف السباعی السباعی فی

إقرأ أيضاً:

رسالة من عباس إلى ترامب تتضمن استعداد لـاتفاق شامل مع إسرائيل

بعث رئيس السلطة محمود عباس، اليوم الأربعاء، رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأبدى فيها استعداده للعمل من أجل التوصل إلى "اتفاق سلام شامل" مع إسرائيل، يحقق الأمن والاستقرار للجميع.

وبحسب الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، فقد عبّر عباس عن بالغ شكره وتقديره لجهود ترامب الناجحة في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، مضيفا أن "الاتفاق خطوة ضرورية وهامة لنزع فتيل الأزمات التي يعاني منها العالم، ما ينعكس إيجابا على أمن واستقرار منطقتنا".

وتابعت عباس قائلا: "وقف الحرب على غزة يشكل خطوة إضافية في جهود ترامب المهمة، الساعية لإحلال السلام العادل والشامل بيننا، وبين الإسرائيليين، وفي العالم أجمع، وإعطاء الأمل لشعوب منطقتنا بأن السلام يمكن أن يتحقق، وأن العدالة يمكن أن تسود، إذا ما توفرت الإرادة والقيادة التي تمثلونها".

ويرتكب الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت نحو 188 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

التفاوض فورا
وقال عباس إنه "مستعد بالكامل للعمل عن كثب مع الرئيس ترامب والأطراف العربية والدولية ذات العلاقة، للتفاوض فورا، من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل (مع إسرائيل) وتنفيذه، ضمن إطار زمني واضح وملزم ينهي الاحتلال، ويحقق الأمن والاستقرار للجميع، سلام عادل ودائم، قائم على الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية (للعام 2002)".



وأكد عباس في رسالته "استعداد دولة فلسطين للعمل مع الرئيس ترامب والمملكة العربية السعودية، والدول العربية والإسلامية، وشركائنا الأوروبيين والدوليين، من أجل تحقيق وعد السلام، وصولا إلى تحقيق الأمن والاستقرار للجميع".

صنع تاريخ جديد
وقال: "معكم، يمكننا تحقيق ما كان يبدو مستحيلا: فلسطين معترف بها حرّة ذات سيادة وآمنة، وإسرائيل معترف بها وآمنة، ومنطقة تنعم بالسلام والازدهار والتكامل".

وأردف قائلا: "يحدونا الأمل والثقة بقدرتكم على صنع تاريخ جديد لمنطقتنا يعيد السلام المفقود منذ أجيال طويلة".

وخلال مؤتمر صحفي مقتضب مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" مارك روته، على هامش قمة الحلف المنعقدة بمدينة لاهاي الهولندية أعرب ترامب الأربعاء، عن اعتقاده بأن التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب بقطاع غزة "بات وشيكا جدا"، على خلفية "القوة" التي أظهرتها واشنطن بضرب منشآت نووية داخل إيران.

وفي 13 يونيو/ حزيران الجاري، شنت إسرائيل بدعم أمريكي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، وردت طهران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وبعد أن هاجمت بدورها منشآت نووية بإيران، أعلنت الولايات المتحدة في 24 يونيو الجاري وقفا لإطلاق النار بين طهران وتل أبيب.

مقالات مشابهة

  • ترامب: إسرائيل أرسلت عملاء إلى المواقع النووية الإيرانية التي تعرضت للقصف للتأكد من تدميرها
  • رسالة من عباس إلى ترامب تتضمن استعداده لـاتفاق شامل مع إسرائيل
  • رسالة من عباس إلى ترامب تتضمن استعداد لـاتفاق شامل مع إسرائيل
  • وزير الداخلية شارك في جلسة حوارية نظمتها جامعة القديس يوسف
  • العرابي: إيران اكتسبت قوة ليست فى نفس الوضع التي كانت إسرائيل تستهين به من قبل العمليات العسكرية
  • بعد الهدنة.. إيران تنفي رواية "إطلاق الصواريخ على إسرائيل"
  • عراقجي يؤكد وقف إطلاق النار: شكراً لقواتنا التي استمرت بمعاقبة إسرائيل
  • ترامب عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران: اتصلتا بي من أجل السلام
  • ترامب: على إسرائيل وإيران السير نحو السلام
  • بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟