«النواب» يوافق مبدئيًا على تقارير اللجان المشتركة بشأن مشروع قانون التأمين الموحّد
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
وافق مجلس النواب مبدئيا على تقرير اللجنة المشتركة منِ لجنة الشئون الاقتصادية ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والخطة والموازنة عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون التأمين الموحد ومشروع قانون مقدم من النائبة سكينة سلامة وآخرون (أكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس) بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2007.
جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس النواب ، و يستهدف مشروع القانون المعروض رسم قواعد محددة وشاملة لصناعة التأمين فى مصر، وتنظيم قواعد الإشراف والرقابة عليها، ليصبح لدى سوق التأمين المصرى لأول مرة، قانون موحد وشامل ينظم آليات الإشراف والرقابة على ممارسات نشاط التأمين فى مصر.
و قال: تم تجميع القوانين المتعلقة بالتأمين في قانون واحد، حيث توجد عدة قوانين منظمة للتأمين في مصر وهى : قانون صناديق التأمين الخاصة الصادر بالقانون رقم 54 لسنة 1975، وقانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981، قانون التأمين الإجبارى عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2007، بالإضافة إلى المواد من (747) إلى (771) من القانون المدنى المصرى، كما توجد بعض المواد القانونية خاصة بالتأمين موجودة في قوانين أخرى، فمثلاً أحكام التأمين الإجباري وجد جزء منها في قانون المرور، كما استحدثت مشروع القانون المعروض مواد جديدة من ضمنها التغطيات الإجبارية، ولها أهمية في أنها تقدم حماية للمواطنين لم تكن لديهم في السابق، كتغطيات المسئولية المهنية للأطباء والمحامين والمحاسبين.
وأضاف: "كما يهدف مشروع القانون إلى معالجة مشاكل التطبيق العملي لممارسات التأمين الإجباري على مركبات النقل السريع طبقًا للقانون رقم 72 لسنة 2007 ، والذى يستهدف تحقيق قدر من المسئولية المجتمعية لصناعة التأمين من خلال توفير آليات حماية للمضرورين من حوادث مركبات النقل السريع ، ومن جانب آخر مواكبة ما طرأ على ممارسة هذا النوع من التأمين الإجبارى من تغيرات كان أبرزها إنشاء مجمعة تأمين متخصصة بين شركات التأمين، وما لحق ذلك من إدخال آليات التحول الرقمي في مجال إنفاذ أحكامه، والاتجاه نحو زيادة مبالغ التأمين المؤداة من خلاله بالشكل الذى يساعد على رعاية الفئات المستهدفة من أحكامه بشكل كريم فى ظل التغيرات الاقتصادية الحالية".
وقال: تستهدف الحكومة أيضاً من مشروع القانون العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتى تلقى اهتماماً بالغاً من الحكومة المصرية، والهيئة العامة للرقابة المالية، وإنشاء وحدة للتنمية المستدامة داخل الهيئة، والتي من أهدافها التأكيد على شركات التأمين والشركات التي تراقب عليها الهيئة من غير التأمين لتحقيق أهداف التنمية المستدامة أو بعضها، إلى جانب التوسع في التأمين على القروض متناهية الصغر، وإصدار منتجات تأمينية جديدة تخدم الفلاح والعامل.
كما يهدف مشروع القانون التوجه نحو تطبيق إستراتيجية الشمول التأميني للوصول إلى المواطنين الذين لم تصل إليهم الخدمات التأمينية، والعمل على إصدار مجمعة التأمين من الأخطار الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والسيول وتسونامي والأمطار الغزيرة، كما قامت الدولة في ظل أزمة كورونا بتخفيض أو ترحيل قيمة الأقساط المستحقة على عملاء التمويل متناهى الصغر بنسبة 50% وغيرها من التيسيرات؛ ومن جانبها ساهمت شركات التأمين في تغطية تكاليف علاج المصابين من حملة وثائق التأمين بفيروس كورونا لزيادة فعالية النشاط فى الأزمة الراهنة.
كما استهدف مشروع القانون تطوير منظومة التأمين الاختيارى الذى تمثله صناديق التأمين الخاصة، من خلال إجراء تعديلات لتطوير آليات تشكيل مجالس إدارات صناديق التأمين الخاصة، وكيفية عقد وإدارة الجمعيات العمومية لها وزيادة مستوى الشفافية والإفصاح مع تطبيق قواعد الإدارة الرشيدة على إدارة صناديق التأمين الخاصة، والسماح بتأسيس صناديق خاصة وفقاً للأنظمة الثلاثة المعروفة عالمياً وهى : ( المزايا المحددة، والاشتراكات المحددة، والنظام المختلط، الذى يجمع بين النظامين دون إغفال لتحديد آليات ومتطلبات التحول من نظام لآخر)،بالإضافة لإيجاد آليات سريعة وناجزة لتسوية شكاوى ومنازعات أعضاء تلك الصناديق ، مع السماح بإنشاء اتحاد لصناديق التأمين الخاصة ، واستخدام آليات التحول الرقمي لديها بالقدر الذى يتفق وطبيعة تلك الصناديق.
كما يتضمن مشروع القانون العديد من النقاط المهمة لتنشيط القطاع التأمينى، ومن بينها؛ إحالة منازعات التأمين للمحاكم الاقتصادية للفصل فيها، فيما عدا التى يختص بنظرها مجلس الدولة. كما سمح لشركات تأمين الممتلكات بمزاولة بعض الفروع الجديدة مثل الائتمان، والتأمينات الزراعية للمرة الأولى.
واستحدثت اللجنة هذه المادة، على النحو الوارد بالجدول المقارن؛ إذ يتعين النص على حلول الصناديق المنظمة وفقا لأحكام هذا المشروع محل الصناديق القائمة والمنشأة بقانوني الإشراف والرقابة على التأمين في مصر، وقانون التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية الذين سيتم إلغاؤهما وفقا لأحكام المشروع المعروض، لذا يتعين التأكيد على استمرار تلك الصناديق باعتبار أنه سيتم إلغاء سند إنشائها، وهو ما ينطبق أيضا على اتحاد التأمين المُنشأ بالمادة 25 من قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر لذا تم إفراد فقرة أخيرة تضمن حلول الاتحاد المنظم بالمشروع محل الاتحاد القائم.
و نصت المادة المستحدثة " يحل صندوق ضمان حملة الوثائق والمستفيدين منها، المنظم وفق أحكام القانون المرافق محل صندوق ضمان حملة الوثائق والمستفيدين منها لدى شركات التأمين والمسجلة لدى الهيئة المصرية للرقابة على التأمين المُنشأ بالمادة 43 من قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر المشار إليه وتؤؤل إليه جميع حقوقه ويتحمل جميع التزاماته، كما يحل الصندوق الحكومي لتغطية الأضرار الناتجة عن حوادث مركبات النقل السريع، المنظم وفق أحكام القانون المرافق، محل الصندوق الحكومى لتغطية الأضرار الناتجة عن حوادث مركبات النقل السريع، المنشأ بالمادة (20) من قانون التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث مركبات النقل السريع داخل جمهورية مصر العربية المشار إليه، وتؤؤل إليه جميع حقوقه ويتحمل جميع التزاماته.
ويحل اتحاد التأمين المنظم وفق أحكام القانون المرافق محل الاتحاد المُنشأ بين شركات التأمين وإعادة التأمين وجمعيات التأمين وفقا للمادة 25 من قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر المشار إليه، وتؤؤل إليه جميع حقوقه ويتحمل جميع التزاماته.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مجلس النواب الحكومة حوادث مركبات النقل السريع قانون التأمين الموحد صنادیق التأمین الخاصة التأمین الإجباری مشروع القانون قانون التأمین شرکات التأمین من قانون
إقرأ أيضاً:
المصري للدراسات الاقتصادية: مشروع قانون الإيجار القديم لا يصلح إلا بتعويض المتضررين
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، ندوة هامة بعنوان: "قانون الإيجار القديم.. المناقشات وسيناريوهات الحلول"، لمناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم، والوقوف على حجم المشكلة وطبيعتها من خلال تحليل أهم المعلومات والبيانات، واقتراح سيناريوهات الحل بما يحقق العدالة الاجتماعية.
وعرض المركز تحليلا شاملا لقضية الإيجار القديم، تضمن استعراض الجذور التاريخية والتشريعية للمشكلة منذ عام 1920 وحتى التعديلات الأخيرة، وتحليل الوضع الراهن بالأرقام والإحصائيات، وتقييم مشروع القانون المقترح حاليا بمجلس النواب، وانتهاء بتقديم رؤية متكاملة ومجموعة من الحلول المقترحة لمعالجة القضية.
1.8 مليون أسرة معنية بالإيجار القديم
ورصد المركز عددا من الحقائق الإحصائية التى تقيس حجم المشكلة، حيث يؤثر القانون على 1.8 مليون أسرة (حوالي 6 ملايين فرد)، وتتركز المشكلة بشكل كبير في المناطق الحضرية (93%)، حيث تستحوذ 4 محافظات هى: القاهرة الكبرى والإسكندرية والقليوبية على 82% من إجمالي الحالات.
وأكثر من ثلث الأسر (35%) المتأثرة بالقانون تدفع إيجاراً شهرياً أقل من 50 جنيهاً مصرياً، وهو ما يوضح حجم الخلل الاقتصادي. وتبين الإحصاءات أن الغالبية العظمى من الأسر المصرية (86%) يملكون وحدات سكنية، فى حين أن 13% من إجمالى عدد الأسر تتأثر بقوانين الإيجار، 7% منهم يقعون تحت طائلة قانون الإيجار القديم.
ووفقًا لتعداد عام 2017 يوجد لدينا حوالي 42 مليون وحدة سكنية ما بين إيجار وتمليك، 3 مليون وحدة منهم هي عقود إيجار قديم، حوالي نسبة 7.6% من إجمالي الوحدات، مقسمين على استخدامات مختلفة سكنية وغير سكنية.
إنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين
وعلقت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، بقولها أن جوهر الأزمة يكمن في غياب منهجية واضحة لفهم حجم المشكلة بدقة، مشيرة إلى أن صوت أصحاب المشكلة عالى، ولكن الأهم هو أن تعرف الحكومة حجم المشكلة حتى يتم تقدير مسئوليتها بشكل صحيح واتخاذ قرارات سليمة خاصة فيما يخص تعويض المتضررين، موضحة أن الحكومة لم تتعامل مع قضية الإيجار القديم بشكل سليم من خلال تحليل المشكلة ووضع حلول تراعى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والعدالة بين الأطراف.
وطرحت عبد اللطيف، عددا من التساؤلات حول مشروع القانون الأخير للإيجار القديم، مثل تحديد فترة إنهاء التعاقد بـ7 سنوات دون توضيح آليات التمديد أو الخروج الآمن، وهو ما يفتح الباب أمام تفسيرات متعددة، وتجاهل الفروق بين الحالات مثل غياب التمييز بين مستأجر دفع "خلو رجل"، وآخر يقيم في العقار منذ عقود دون مقابل مناسب، وهو ما يؤدي إلى غياب العدالة ويضر بشرائح غير قادرة على التعامل مع فجائية الإخلاء مثل أصحاب المعاشات وأصحاب الدخول المنخفضة، كما أعربت عن وجود مخاوف من حيادية لجان الحصر التى نص عليها مشروع القانون، وما هى المعايير التى سيتم بها تشكيل هذه اللجان؟ وما الذى يضمن تمثيل المتضررين بها؟ وهو ما يهدد حيادية عملها أثناء التطبيق.
وانتقدت عبد اللطيف وضع حلول عامة غير مدروسة، مقابل ما يفترض أن يكون نهجا مبنيا على "الاستهداف السليم"، القائم على فهم دقيق للمشكلة، وتحليل شامل للبدائل، وتقدير التكلفة والعائد لكل سيناريو، ووضع خطط لتعويض المتضررين، والاستناد إلى حوار مجتمعي ومشاركة جميع الأطراف.
وأكدت أن الدولة تعاملت مع الأزمة كـ"تشريع جامد" بدلا من اعتبارها "سياسة عامة" تتطلب المرور بخطوات التحليل والتقييم والرقابة والمراجعة، مشددة على أن القانون بشكله الحالى لا يصلح إلا بتعويض المتضررين، وهو ما يتطلب معرفة المتضررين بشكل محدد من خلال معلومات وبيانات دقيقة، داعية إلى استخدام الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة للوصول إلى هذه الفئات وتحقيق الاستهداف السليم، وعدم تعامل القانون مع جميع الحالات بنفس النصوص.
وقدمت عبد اللطيف عددا من المقترحات التى يمكن أن تعالج الأزمة بشكل فعال وأكثر عدالة، تضمنت: أن تأتي اللائحة التنفيذية للقانون معالجة كافة أوجه القصور الموجودة به، على أن يتم عرض اللائحة - قبل إصدارها - على مجلس النواب مرة أخرى في جلسات تضم ممثلين عن الأسر المتضررة، بالإضافة إلى رصد المعلومات المطلوبة عن جميع الحالات المختلفة (مثل الحالات التي تم فيها دفع مبالغ كبيرة كـ"خلو رجل" أو خلافه)، مع وضع حلول مناسبة لكل منها.
كما اقترحت أن تقوم الدولة بإنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين من تعديل القانون، كأصحاب المعاشات، ووضع أولوية في تنفيذ القانون المعدل على الحالات المحسوم أمرها، مثل الوحدات المغلقة أو التي تحتاج إلى صيانة وترميم، وضرورة وجود رقابة فعالة على أعمال لجان الحصر، لضمان الشفافية في تصنيف المناطق، والتأكد من أن التصنيف يتم بحيادية ودون تحيز.
وفي ختام حديثها، أكدت أن الحل لا يكمن فقط في تحرير العلاقة الإيجارية، بل في تصميم حزمة سياسات متكاملة تضمن تحقيق العدالة، وتراعي الأبعاد الاجتماعية، وتوفر الحماية للفئات الأكثر ضعفاً، مع تحقيق الكفاءة الاقتصادية، وحذرت من أن تجاهل هذه الاعتبارات قد يؤدي إلى "كارثة اجتماعية واقتصادية"، مؤكدة أن الدولة ما زال أمامها فرصة لتدارك الأمر من خلال إعداد لائحة تنفيذية عادلة ومنصفة.
تدخل الدولة لسد الفجوة القائمة
من جانبه أكد الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، أن أزمة تعديلات قانون الإيجار القديم تمثل حالة نموذجية لتضارب مفهومي العدالة القانونية والاجتماعية، مشيرا إلى أن التشريع المطروح لا يمكن أن يعالج بمادة واحدة واقعا متشعبا بهذه الدرجة من التعقيد. وقال إن القانون الجديد يخص عددا محدودا نسبيا من الأسر من حيث النسبة، لكنه يمس فعليا حياة ملايين المواطنين، ويؤثر بشكل مباشر على حق أصيل كحق السكن، الذي لا يمكن اعتباره مجرد ميزة مؤقتة، بل هو حق دستوري وإنساني.
وشدد بهاء الدين على أن مناقشة القانون لا يجب أن تنطلق فقط من زاوية الحقوق المجردة للملاك أو المستأجرين، بل من ضرورة التوفيق بين مفهومين للعدالة: العدالة القانونية، التي تنص على احترام الملكية الخاصة وحرية التصرف فيها، والعدالة الاجتماعية، التي تحمي حقوق من استقرت أوضاعهم لسنوات بناء على تشريعات سابقة وظروف اجتماعية واقتصادية لا يمكن إنكارها. وأكد أن الفجوة بين المفهومين هي ما ينتج الانقسام المجتمعي الحاد حول التعديلات المقترحة، مشيرا إلى أن هذا الانقسام طبيعي ويحدث في قضايا مشابهة، مثل قوانين العمل، التي تهدف بالأساس إلى الموازنة بين مصالح متعارضة.
وأوضح بهاء الدين أن هذه الفجوة لا تُعالج بنص قانوني واحد، بل تحتاج إلى معالجة متدرجة وواقعية تقوم على تصنيف دقيق للفئات المتأثرة مشيرا إلى وجود حالات متعددة لا يمكن مساواتها: منها مستأجرون مهاجرون لا يقيمون في مصر منذ سنوات، وآخرون يمتلكون عدة وحدات سكنية ويحتفظون بوحدة قديمة بإيجار زهيد، وفي المقابل، هناك فئات محدودة الدخل تعتمد كليا على هذه المساكن في حياتها اليومية ولا تملك بدائل أخرى. واعتبر أن غياب هذا التمييز داخل مشروع القانون يُعد إحدى ثغراته الجوهرية.
وانتقد اقتصار تقسيم المشكلة على نوعية العقارات وليس على أوضاع المقيمين بداخلها، مؤكدا أن الحكومة خطت خطوة متواضعة في محاولة التصنيف لكنها لم تصل إلى لب الأزمة.
كما أكد أن نقص المعلومات الدقيقة عن المستفيدين الحقيقيين أحد أبرز أوجه القصور، رغم توفر أدوات تكنولوجية ومؤشرات واضحة يمكن من خلالها تتبع الأوضاع الاجتماعية للأسر، مثل بيانات التموين، وبرامج الدعم، وفواتير المرافق.
وحذر من أن الشكل الحالي للقانون قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من المنازعات القضائية، لاسيما مع صلاحيات لجان الحصر والتقدير، التي تُعد لجانا إدارية وقد يُطعن في قراراتها أمام القضاء الإداري. وأشار إلى أن الخلاف حول امتلاك وحدة سكنية إضافية من عدمه، مثلا، سيفتح بابا كبيرا من التقاضي، وهو ما يتناقض مع ما قيل عن أن التشريع يستهدف تقليل المنازعات.
واقترح بهاء الدين أن تتدخل الدولة لتسد الفجوة القائمة بين العائد الاقتصادي العادل للمالك، وحق المستأجر في استمرار حياته بكرامة، من خلال آلية دعم اجتماعي موجه، معتبرا أن هذا التدخل ليس بدعة، بل سياسة اقتصادية معمول بها في دول العالم كافة. وأكد أن الدعم حين يُوجه لمستحقيه الحقيقيين، فهو أداة ضرورية لضمان استقرار اجتماعي وعدالة مستدامة.
وفي ختام كلمته، أعرب بهاء الدين عن مخاوفه من أن القانون بصيغته الحالية لن يكون حلا كافيا، وربما يتطلب تعديلا بعد ذلك. ودعا إلى منح البرلمان فرصة إضافية لمراجعة المشروع في شكل أكثر مرونة، ربما عبر قانون إطاري يسمح بتطبيق تدريجي وواقعي، يراعي التنوع الشديد في الحالات، ويجنب الدولة موجة صدام قانوني واجتماعي غير محسوب العواقب.
أزمة الإيجار القديم مسؤولية الدولة
المهندس إيهاب منصور رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي بمجلس النواب، أكد أن أزمة الإيجار القديم لا يتحمل مسؤوليتها لا المالك ولا المستأجر، وإنما هي مسؤولية الدولة بالأساس وفقا لما نص عليه الدستور في المادة 78، التي تلزم الدولة بتوفير مسكن ملائم وصحي وآمن لكل مواطن. وأوضح أن التأخير في تقديم مشروع القانون إلى البرلمان لم يتح الفرصة الكافية للحصول على بيانات دقيقة من الجهات الرسمية، وعلى رأسها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بحجة ضيق الوقت، وهو ما حال دون إعداد قانون أكثر عدالة وواقعية.
وأشار منصور إلى أن عدد الأسر المتأثرة بالإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون أسرة عام 2006 إلى نحو 1.6 مليون أسرة في 2017، وتوقع أن ينخفض العدد إلى 756 ألف أسرة بحلول 2027، وإلى نحو 303 آلاف أسرة بحلول 2032، إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه. وشدد على أن هذه الأعداد لا تزال تمثل شريحة واسعة من المجتمع لا يمكن تجاهلها، وأن التعامل معها يتطلب تصنيفًا دقيقًا يراعي من هو قادر على الدفع ومن هو غير قادر، مع توفير الدعم اللازم للفئات غير القادرة، مؤكدًا أن هذا الدعم يجب أن تتحمله الدولة وليس المالك.
ولفت النائب إلى أن مشروع القانون الحالي لم يراعى مجموعة من العوامل الأساسية عند تحديد قيمة الأجرة، من بينها مساحة الوحدة، عمر العقار، موقعه، وتاريخ تحرير العقد، وهو ما يؤدي إلى غياب العدالة في التطبيق. وقال إن المساواة بين شقة مساحتها 40 مترا وأخرى مساحتها 400 متر أمر غير منطقي، كما أن عدم التفريق بين العقود القديمة جدا وتلك التي تعود للتسعينيات يُعد ظلما للمستأجرين الذين دفعوا مقدمات أو خلوا في فترات كان فيها ذلك مقبولا وغير مخالف للقانون.
وانتقد منصور غياب ذكر مسألة الصيانة في مشروع القانون، رغم خطورتها الكبيرة على سلامة المواطنين، مشيرا إلى أن محافظ القاهرة أعلن وجود 5000 عقار في حالة "خطورة شديدة"، بينما في الإسكندرية هناك أكثر من 24 ألف عقار آيل للسقوط. واعتبر أن ما يحصل عليه المالك من إيجارات رمزية لا يكفي لإجراء أي نوع من أعمال الصيانة، ما يهدد حياة السكان، وبالتالي فإن تدخل الدولة في هذا الجانب بات أمرا حتميا.
كما دعا منصور جهاز التعبئة والإحصاء إلى بدء إجراء المسح الميداني من الآن، بدلًا من الانتظار حتى عام 2027، من أجل الوقوف على أعداد المستأجرين من أصحاب المعاشات أو المستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، والفئات الأخرى غير القادرة على سداد القيمة الإيجارية الجديدة، مؤكدا أن هذه البيانات هي التي ستحدد مدى قابلية القانون للتطبيق من عدمه.
نائب برلماني: 33% من مستأجري الوحدات بالإيجار القديم من أصحاب المعاشات
وأشار إلى أن نحو 33% من مستأجري الوحدات بالإيجار القديم من أصحاب المعاشات، وطرح نموذجا واقعيًا قال فيه إن أحد المواطنين أخبره أن معاشه 2750 جنيها، بينما الإيجار المقترح عليه سيكون 3600 جنيه، متسائلًا: "يعمل إيه؟"، وأجاب: "هو ما يعملش.. الدولة هي اللي تعمل." وأضاف أنه يرى أن الحد الأقصى لما يمكن أن يدفعه صاحب المعاش يجب ألا يتجاوز 15% من قيمة الإيجار، والباقي تتحمله الدولة، مقترحا تخصيص مليار جنيه سنويا من الموازنة العامة لهذا الغرض، وهو رقم وصفه بأنه "غير كبير" مقارنة بما يُخصص سنويا لدعم الإسكان الاجتماعي والذى يتراوح ما بين 10 – 11 مليار جنيه سنويا.
واختتم النائب إيهاب منصور حديثه بالتأكيد على أن القانون بصيغته الحالية يفتقر إلى بعض الأسس التي تضمن عدالة تطبيقه، وأن استمرار تجاهل هذه الجوانب قد يؤدي إلى الحاجة لتعديله خلال عامين، معتبرا أن تحمل الدولة لمسؤوليتها تجاه الفئات غير القادرة هو أمر دستوري لا يجوز التنازل عنه، وأنه سيطرح هذه التعديلات المقترحة في الجلسة العامة لمجلس النواب الأسبوع المقبل.
فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر
الدكتور ماجد عثمان المدير التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأى العام بصيرة ووزير الاتصالات الأسبق، أكد أن هناك فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر، وهو ما ينعكس سلبًا على صياغة السياسات والتشريعات، ومنها مشروع قانون الإيجار القديم. وأوضح أن المعلومات المتوفرة حول ملف الإيجار القديم قليلة، ما يجعل الانطباعات والمصالح الشخصية تتغلب على الحقائق في صناعة القرار.
وأشار إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يجري التعداد السكاني كل عشر سنوات، وكان آخر تعداد في 2017، والتعداد المقبل سيكون في مارس 2027، مؤكدًا أنه لا يمكن بأي حال تقديم موعد التعداد، وأنه من غير الواقعي الاعتماد على بيانات دقيقة في هذا الملف قبل هذا الموعد، نظرا لطبيعة التحضيرات المعقدة التي تسبق التعداد.
وأوضح أن بعض البيانات المتاحة لا يمكن الاعتماد عليها أيضا بسبب خلط الإيجار القديم بالجديد في بعض المسوح مثل مسح الدخل والإنفاق، داعيا إلى ضرورة التنسيق مع الجهاز المركزي لضمان دقة التبويب في المسوح المستقبلية.
وتحدث عن أهمية النظر للمشكلة من زاويتين: عدد الأسر وعدد الوحدات، مشيرا إلى أن عدد الأسر التي كانت تسكن مساكن بالإيجار القديم في 2017 بلغ نحو 1.6 مليون أسرة، بينما بلغ عدد الوحدات المؤجرة إيجارا قديما نحو 3 ملايين وحدة، ما يعني أن هناك نحو 1.4 مليون وحدة غير مستخدمة من قبل أسر بالفعل، إما مغلقة أو احتياطية أو في مدينة أخرى.
وأكد أن العدالة القانونية تختلف عن العدالة الاجتماعية، فالأولى قد تعتمد على عدد الوحدات، بينما الثانية تعتمد على عدد الأسر المتضررة فعليا، وهو ما يؤثر على تقدير التكلفة التي قد تتحملها الدولة في حال تدخلها لدعم الفئات غير القادرة.
ولفت إلى أن عدد الأسر من المستأجرين بنظام الإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون في 2006 إلى 1.6 مليون في 2017، بنسبة تراجع حوالي 37%، ما يعكس انحسار الظاهرة تدريجيًا، ووفقًا لحساباته، فإن عدد الأسر التي تسكن إيجارا قديما حاليا لا يتجاوز 1.1 مليون أسرة على مستوى الجمهورية. وأوضح أن نسبة الأسر التي كانت تسكن إيجارا قديما في 2006 كانت 15%، وانخفضت إلى 7% في 2017، وتعد المشكلة حضرية بالأساس، حيث تصل النسبة في الحضر إلى 15% مقابل أقل من 1% في الريف، وهو ما يعني أن برامج مثل "حياة كريمة" التي تركز على الريف لن تتأثر كثيرا بمسألة الإيجار القديم.
وبيّن عثمان أن المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية تضم 84% من الأسر التي تسكن وحدات بالإيجار القديم، ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع أي حلول أو تقدير التكاليف، كما أشار إلى أن في القاهرة وحدها كانت النسبة 48% من الأسر في 2006 وانخفضت إلى 26% في 2017، أي أن المشكلة رغم استمرارها، تشهد تراجعا.
وشدد على أن ربع المباني تقريبًا تم إنشاؤها قبل عام 1996، أي أنها قد تخضع لقانون الإيجار القديم، مؤكدا أن هذه الوحدات السكنية هي محل النقاش حاليا، بينما نحو 75% من المباني تم إنشاؤها بعد صدور القانون الجديد للإيجار.
وأكد الدكتور ماجد عثمان أن الدولة يجب أن تتعامل مع الفجوات المعلوماتية بشكل أكثر جدية، مقترحا أن يبادر مجلس النواب بطلب بيانات تفصيلية من الجهات المعنية لتوفير الأساس اللازم لصياغة تشريعات منضبطة. كما دعا إلى تحديث نتائج التعداد بشكل أكثر انتظاما، وليس كل 10 سنوات فقط، واقترح تحسين طرق التبويب في نتائج الجهاز المركزي بما يتماشى مع القوانين القائمة، مثل التمييز بين ما قبل وما بعد عام 1996 بدلا من 2000، وهو ما لا يتطلب تكلفة إضافية.
وأشار أيضا إلى أهمية الاستفادة من قواعد البيانات الحكومية المربوطة رقميا، مثل ربط بيانات الكهرباء والمياه لتحديد الوحدات غير المأهولة فعلا، والاستفادة من مشروع الرقم القومي العقاري الذي بدأ منذ سنوات دون أن تظهر نتائجه على أرض الواقع، مشددا على أن استخدام هذه الأدوات سيساعد في تحقيق العدالة بصورة أدق في معالجة قضية الإيجار القديم.