الثورة نت:
2025-06-08@09:30:00 GMT

شهادة الزور والشرك بالله

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

زاد في العقود الأخيرة أقبال الناس في المجتمع اليمني على شهادة الزور وكأن شهادة الزور من الأعمال النافعة والعظيمة في الدنيا والآخرة لمرتكبيها وليست مهلكة لشاهد الزور في المال والذرية!! فشهادة الزور من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب وقد حذر المشرع السماوي جل في علاه من شهادة الزور بقوله تعالى:
(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان:72).

ويقول: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (الحج:30). ويقول: (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) (المجادلة:2). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين – وكان متكئا فجلس – فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت، واخرج احمد، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن أيمن بن خريم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: يا أيها الناس، عدلت شهادة الزور إشراكا بالله. ثلاثا، ثم قرأ : فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ، ويعتقد بعض المتخاصمين ممن يلجئون لشهود الزور جهلا أو عمدا أن إحضار شهود زور لضياع حق عن صاحب حق وتحويل باطل لحق خلافا للشرع والقانون حذاقة ورجالة، وهم لا يدركون أن من يعمد إلى مثل هذه الطرق المحرمة ليس بذكاء ولا دهاء بل أن أولئك الجهلاء الأغبياء قد خرجوا من دائرة الإسلام والمسلمين ودخلوا في دائرة الشرك والمشركين ، لأن شاهد الزور هو يفتري على الله ويكذب به ، والعجيب أن شهود الزور لم يعد قاصرا على من يأتيها بأولئك الجهلة من العوام بل طال بعضا ممن يعدون أنفسهم متعلمين وحاصلين على شهادات الثانوية أو الجامعية ؟!
وما اعتقده أن المال الحرام الذي يتقاضاه شاهد الزور ليس وحده السبب والدافع لشاهد الزور بل قد تكون هناك أسباب أخرى كالعداوة المبطنة والحسد وان كانت بنسب قليلة مقارنة بأولئك الطامعين في المال الحرام كأن يشهد الشخص زورا على المشهود ضده انتقاما أو لشعور شاهد الزور بنقص نحو المشهود ضده، أو مجاملة ورد جميل ومعروف لصالح المشهود له !
وأيا كانت دوافع شاهد الزور فكل الطرق مؤدية بلا شك إلى جهنم والعياذ بالله ، فليست المسألة هينة عند الله بل هي عظيمة ومغضبة للمولى عز وجل وموجبة ومجلبة للنقم في الدنيا والآخرة قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا، وقال أيضا: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ، وقال تعالى : إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ، وعلى الناس أن يدركوا خطورة قول الزور وشهادة الزور، وعلى الجهات المعنية في الدولة وبالذات وزارة الأوقاف والإرشاد ودار الإفتاء ووزارة العدل في توعية المجتمع من خطورة شهادة الزور، وكتم شهادة الحق، وتغليظ العقوبة القانونية لشاهد الزور، لأن هذه المشكلة تعد خطراً يهدد النسيج المجتمعي ووبالاً على الفرد والمجتمع، ويجب التصدي لها والحد من تفشيها وتكاثرها والقضاء عليها لأنها تضلل العدالة وتحد منها .

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: شهادة الزور شاهد الزور

إقرأ أيضاً:

قبسات من نور المحاضرة السادسة للسيد القائد «دروس من القصص القرآني»

إبراهيم عليه السلام .. إمام عالمي ومؤسس المعالم الكبرى للهداية الإلهية

 

 

عرض السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الدرس السادس ضمن سلسلة «دروس القصص القرآني»
السيرة الإيمانية للنبي إبراهيم عليه السلام، لنجد أنفسنا أمام نموذج فريد لصياغة الدور الرسالي والقيادي على مستوى البشرية جمعاء. ليس إبراهيم مجرد نبي في سجل الرسالات بل هو ركيزة مركزية في بناء مشروع الهداية الإلهية إمامٌ للناس وقدوة متفردة عبر الأزمان.
منذ خروجه من بابل في العراق إلى الشام كانت الهجرة في مشروع إبراهيم خطوة في سياقٍ إلهي مرسوم إلى الأرض التي وصفها الله بأنها «التي باركنا فيها للعالمين». لم تكن هجرة اضطرار بل كانت بداية مرحلة جديدة في مهمة نبي أعدّه الله ليقود البشرية نحو التوحيد ويفتح آفاقًا للهداية تتجاوز حدود الجغرافيا والزمان.
وحين انتقل إبراهيم عليه السلام ببعضٍ من ذريته إلى مكة لم يكن الحدث انسلاخا من محيط أسري أو إجراء تأديبي كما تروّج له الروايات الإسرائيلية، بل كان تحركًا مقدسًا لتحقيق هدف إلهي عظيم إقامة الصلاة في أرض لا زرع فيهاواستجلاب أفئدة الناس إليها لتكون مكة مركزا للهداية والتوحيد. وقد خلّد القرآن هذا الحدث بدعاء إبراهيم: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم…}.
ما يلفت في الطرح القرآني الذي طرحه السيد القائد هو التركيز على امتحان إبراهيم عليه السلام ونجاحه فيه بدرجة الامتياز: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن…}. لم يكن الامتحان شكليا بل تضمن التحديات النفسية والعملية والمبدئية وجاء النجاح ثمرة التمام في الطاعة والاستقامة.
وفي تتويج هذا الإنجاز قال الله: {إني جاعلك للناس إمامًا}، وهي ليست فقط رتبة شرفية بل تكليف رباني بموقع القدوة والقيادة. إمامة إبراهيم لم تكن منصبًا موروثًا أو خاضعًا لرغبة بشر بل اختيار إلهي نابع من كمال الإيمان والعمل وتأهيل استثنائي للعب دور الريادة.
وحين سأل إبراهيم أن يكون من ذريته أئمة جاء الرد الإلهي الحاسم: {لا ينال عهدي الظالمين}، بهذا الجواب أكد الله أن الإمامة ليست قابلة للتوريث الآلي ولا خاضعة لمزاج الناس أو سياساتهم بل مشروطة بالعدالة والاستقامة. فالهداية مقام طاهر لا يتلاؤم مع الظلم ولا يتسع لمن تلطخت أيديهم بالجور. وهذا المعيار الإلهي يحفظ قدسية المقام الرسالي، ويقطع الطريق على الطغاة مدّعي الزعامة باسم الدين.
من أبرز تجليات الإمامة الإبراهيمية ما أوكله الله إليه من إعمار البيت الحرام، وتجديد دور مكة كقبلة للناس، ومعلم مقدس للتوحيد. بعد أن اندثرت معالم الكعبة بسبب الطوفان في عهد نوح عليه السلام وتحوّلت مكة إلى منطقة مهجورة، أُعيد بناء البيت وتفعيله كمركز روحي، على يد إبراهيم عليه السلام، استجابة لأمر إلهي دقيق: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت…}.
وتأتي الآيات لتربط بين المكان والغاية: {إن أول بيت وُضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين}. فهو بيتٌ عالمي، مركز إشعاع للهداية، يعلو فوق الحدود الضيقة والمصالح السياسية أو الطائفية. وعندما أُمر إبراهيم بالنداء العام للحج: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر…}، كان النداء بمثابة دعوة عالمية إلى التوحيد، في أعظم تجمع بشري دوري، يتجه نحو قبلة واحدة، ويتجرّد من العصبيات، ليشهد الناس منافع روحية ودنيوية، ويلمسوا عظمة مشروع الله في توحيدهم.
ولأن هذا التجمع له دلالات كبرى في وحدة المسلمين، وفي إعادة تشكيل الوعي الإيماني الجمعي، لم يكن غريبًا أن يقلق الطغاة والمستكبرون من الحضور الكثيف السنوي في موسم الحج. يشير السيد القائد إلى اقتراح الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بتوزيع أوقات الحج لتفكيك هذا التجمع؛ لأنهم يرونه خطيرا على مخططاتهم ويخشون أن يتحول إلى نقطة انطلاق لمشروع نهضة توحيدية شاملة.
فالحج حين يؤدى كما أراده الله يصبح عاملا استراتيجيا في إعادة صياغة الأمة، وتذكيرها بمركزيتها وغاياتها الكبرى. إنه ليس مجرد شعيرة سنوية، بل حلقة من سلسلة الهداية التي بدأها إبراهيم عليه السلام، وما زال المسلمون مدعوين إلى إحيائها.
إن الخاتمة التي يخلص إليها السيد القائد تتجاوز السرد التاريخي لتلامس الحاضر والمستقبل: إبراهيم عليه السلام لم يكن فقط نبيا في عصره،بل إمامًا للأمم،رمزًا مستمرًا للهداية،وشخصية يقتدي بها الناس جيلاً بعد جيل. في ذريته النبوة والكتاب، وفيه امتداد إلى محمد صلى الله عليه وآله، خاتم النبيين، وبه تتجسد المعاني الحية للإيمان المتكامل.
بهذا الفهم، لا تكون سيرة إبراهيم مجرد قصة، بل مشروعًا إلهيًا متجددًا، ومعيارًا للأمة في اختيار قادتها، ومعلمًا لهويتها، وعنوانًا لعلاقتها بالله، قائمة على التوحيد، والاستقامة، والعدل، والطهارة من الظلم.

مقالات مشابهة

  • غربة المتنبي.. في أمة تداركها الله
  • على طريقة خمسة وخميسة.. حكم تلطيخ الجدران بدم الأضحية
  • عيد الأضحى في دمشق… تقاليد دينية وتراثية بين الماضي والحاضر
  • أعظم الناس في الحج أجرا .. خطيب عيد الأضحى بالمسجد الحرام: أهل هذه العبادة
  • عم عطية، وعم عبدالرحيم
  • قبسات من نور المحاضرة السادسة للسيد القائد «دروس من القصص القرآني»
  • دعاء مؤثر للدكتور علي جمعة+* في يوم عرفة على شاشة قناة الناس
  • الشيخ الخثلان يوضح حكم صلاة الجمعة إذا وافقت عيد الأضحى
  • خطبة العيد.. رسائل رحمة وسلام ومضامين ترسخ القيم
  • بقلم دد. نجلاء شمس تكتب : الأَضحى.. نُسُكٌ واختبارٌ