اقتصاديون لـ"الرؤية": زيارة جلالة السلطان للإمارات انطلاقة جديدة نحو مزيد من الشراكات الاستراتيجية
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
◄ دور حيوي لـ"الغرفة" في تنسيق الجهود بين رجال أعمال البلدين
◄ يوسف البلوشي: نحن على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون الاستثماري والاقتصادي
◄ الخروصي: صندوق "جسور" مسار مهم في الشراكة بمجال التقنية
◄ جمعة البلوشي: مشروع السكة الحديدية بين البلدين سيعزز فرص الشراكات في مختلف المجالات
الرؤية - سارة العبرية
أكد عددٌ من الخبراء الاقتصاديين أنَّ زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، فتحت آفاقاً أوسع وأحدثت زخماً كبيراً لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأشاروا- في تصريحات لـ"الرؤية" إلى أنَّ القطاعات اللوجستية والتقنية ستقوم بدور محوري في هذه الشراكة الاقتصادية المستقبلية، مما يستدعي تركيزا كبيرا من قبل القطاع الخاص، إذ يمكن لغرفة تجارة وصناعة عُمان أن تقوم بدور حيوي في تنسيق الجهود وتعزيز التعاون بين رجال الأعمال في السلطنة ونظرائهم في دولة الإمارات، بهدف استغلال الفرص بأفضل طريقة ممكنة وتحقيق الازدهار المشترك.
وقال الدكتور يوسف البلوشي الخبير الاقتصادي ومؤسس البوابة الذكية للاستثمار والدراسات، إن الزيارة جاءت في توقيت مُهم نظرًا للتغيرات الجيوسياسية السريعة والتقلبات على مختلف الأصعدة، حيث أصبحت التغيرات المتسارعة هي السمة الأبرز، مضيفاً أنَّ التطورات تحتم على الدول أن تعزز من تقاربها، وهو ما يظهر جليًا في العلاقات العُمانية الإماراتية التي تشهد تطورا ومستويات أعمق من التعاون والشراكات الاستراتيجية، مع الأخذ في الاعتبار الروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين.
وأضاف البلوشي: "هذه الزيارة المُهمة فتحت آفاقًا واسعة وشهدت توقيع العديد من الاتفاقيات التي تعزز الشعور بالراحة والتفاؤل، واعتقد أننا على أعتاب مرحلة من التسارع في التعاون الاستثماري والاقتصادي والاجتماعي بين البلدين، وهناك مشاريع استراتيجية ستُعزز التواصل وحركة الأفراد والبضائع، وتدفق رؤوس الأموال بين الجارتين الشقيقتين".
من جهته، قال ماجد بن عابد الخروصي خبير اقتصادي، إن زيارة جلالة السلطان- أعزه الله لدولة الإمارات العربية الشقيقة تعد تتويجاً للعلاقات التاريخية والاجتماعية والثقافية بين البلدين، وتأتي في خضم الدفع بالشراكة الاستراتيجية التي تستند إلى قاعدة تجارية واقتصادية متينة، مبيناً أن دولة الإمارات أهم وأكبر شريك تجاري للسلطنة بتبادل تجاري يصل إلى 5 مليارات ريال سنويًا، إذ تتجسد عمق العلاقة والرغبة الصادقة في الدفع بالشراكة الاستراتيجية فيما أعلن عنه من اتفاقيات ومذكرات تفاهم أبرزها مشروع الربط البري والمتمثل في السكة الحديدية المشتركة بين أول بلدين خليجيين يتم فيهما الانتقال لمشروع السكة الحديدية من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ، كما أطلق أيضًا ضمن الزيارة السامية الصندوق الاستثماري "جسور" المخصص للاستثمار في تقنيات المستقبل والذي يركز على الاستثمار في قطاع التقنيات الحديثة والناشئة.
وذكر ناجي بن جمعة البلوشي رائد الأعمال ومتخصص في الشأن الاقتصادي، أن مشروع السكة الحديدية هو بداية لانطلاقة توسعة في الشراكات العُمانية الإماراتية في كل نواحي الاستثمار، وخاصة الاستثمار اللوجستي والذي وضعته عُمان من بين القطاعات المُساهمة في التنويع الاقتصادي في رؤيتها 2040؛ فوجود مشروع السكك الحديدية يعني وجود ميناء صحار ومطار صحار أكثر نشاطًا، كما أنه يفتح نشاط جديد للاستثمار في منطقة ميناء صحار والمنطقة الحرة به والمنطقة الصناعية بصحار، وذلك بتواجد مصانع وشركات جديدة، وما سيجعل من صحار منطقة سياحية لاستقطاب عدد كبير من السياح.
ويؤكد البلوشي أن مشروع القطار سيُعزز بشكل كبير تنقل الأفراد بين البلدين، مما سيُحيي الأسواق المحلية بشكل ملحوظ، في ظل وصول ما بين 50 إلى 100 ألف زائر إلى أسواق صحار لقضاء عطلاتهم الأسبوعية، ومن المتوقع أن تشهد صحار طفرة مماثلة لما يحدث في ظفار خلال موسم الخريف، وهو ما سينطبق كذلك على أبوظبي.
وفي السياق، يوضح الخروصي: "المشاريع الاستراتيجية بين البلدان عادةً ما تعكس علاقات متبادلة مبنية على التراكم والثقة، مع التركيز على تعزيز المصلحة الوطنية وتعميقها لصالح الشعبين. بغض النظر عن الأهمية الاجتماعية والثقافية والسياسية للمشاريع، يكون الأثر الاقتصادي واضحًا وملموسًا، وبالتأكيد فإن الربط البري بين البلدين عبر السكك الحديدية سيعزز التعاون الاقتصادي بشكل كبير، من خلال تعزيز التجارة، وتوسيع الوصول إلى الأسواق، وتقليل تكاليف النقل، وتحسين البنية التحتية، ومن الممكن أيضًا أن يحفز هذا المشروع القطاعات الأخرى مثل القطاع التقني والقطاع السياحي وغيرها".
ويبين البلوشي أن الاتفاقيات الموقعة نتجت عن دراسات دقيقة ومستفيضة، وأن القطاعات التي شملتها الاتفاقيات كانت حيوية، إذ شملت مشروع القطار ضمن قطاع اللوجستيات، الذي يعد ركنًا أساسيًا في تسهيل حركة الأفراد والبضائع، وهو ما يؤثر إيجابا على تعزيز قطاع السياحة؛ وزيادة تدفق السياح الى السلطنة، مع الأخذ في الاعتبار زيارة أكثر من 28 مليون سائح إلى دولة الإمارات سنويا.
وفيما يخص قطاع الطاقة، يذكر البلوشي أن عُمان تمتلك تقنيات متقدمة في إنتاج النفط المعزز، وهناك شركات عُمانية بدأت بتطوير هذه النوعية من الأعمال في الإمارات، وبالإضافة إلى ذلك، تشترك عمان والإمارات في نفس الطموح فيما يخص قطاع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتعظيم الاستفادة من هذا التحول النوعي في قطاع الطاقة.
أما عن صندوق "جسور"، فيرى ماجد الخروصي أن الصندوق يمثل مسار حديث ومهم في التعاون والشراكة الاستثمارية في مجال التقنية بين البلدين؛ إذ إن كل من السلطنة ودولة الإمارات تسعيان في رؤيتهما طويلة المدى إلى استقطاب أحدث التقنيات ودعم المبتكرين، لذلك سيكون الصندوق قاعدة لانطلاقة الشركات التقنية الناشئة ومظلة لدعمها.
ويشير ناجي البلوشي إلى أن "هذا الصندوق يؤكد الاستثمار على أن التوجه الاستراتيجي للسلطنة في إطار رؤيتها 2040 يركز على بناء اقتصاد متنوع ومستدام يقوم على الابتكار والتكنولوجيا والمعرفة، مع أطر متكاملة وتحقيق للتنافسية واستيعاب للتطورات الصناعية، وتحقيق للأستدامة المالية، وهذا يعني أن عُمان تسعى للبدء في تنفيذ توجهها الاستراتيجي من خلال الشراكة مع أهم شريك تجاري لها".
ويؤكد يوسف البلوشي أهمية القطاعات التي تمت تغطيتها في الاتفاقيات، مشيرًا إلى أنها قطاعات مستقبلية تم تحديدها بعناية فائقة، مضيفا: "هذه الزيارة السامية فتحت آفاقًا جديدة وعززت العلاقات بين عُمان والإمارات، ولكن الدور الأهم والمنتظر هو من شركات القطاع الخاص فهي اللاعب الأساسي في الميدان ودور الحكومات هو تجهيز الطر وتسهيل بيذة الأعمال، وهنا شدد على أهمية دور غرفة تجارة وصناعة عُمان في تعزيز التقارب الاستراتيجي، مؤكدًا على ضرورة أن يستغل الأعمال والتجار والمصنعون العُمانيون هذه الفرصة لتعظيم الاستفادة من هذا التقارب".
ويشدد البلوشي على أن الاستثمار يمثل العمود الفقري لأي تطور في مختلف القطاعات، مؤكداً على أهمية صندوق جَسور في هذا السياق، والذي يُعد ركيزة أساسية لدعم وتمكين الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة، خاصة وأنه جاء في توقيت مثالي يتزامن مع حاجة السوق.
ويتابع بقوله: "على صعيد التجارة الخارجية، يُلاحظ أن الإمارات كانت تحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول المُصدرة غير النفطية إلى عُمان، وهي الآن في المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية، بما يقارب مليار ريال عُماني، كما أن نسبة كبيرة تُقدر بـ 40% من واردات عُمان تأتي من الإمارات، وهذه المستوردات تشمل بشكل كبير مدخلات الإنتاج والتصنيع، ويتوقع أن يُساهم خط القطار المرتقب في تعزيز عمليات التصنيع وتحسين القدرة التنافسية للقطاعات العُمانية المختلفة، وبالتالي تعزيز قدراتها التسويقية عالميًا".
من جانبه، يوضح ماجد الخروصي: "هناك فرص واسعة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين، وتأتي نتائج زيارة المقامي السامي لدولة الإمارات العربية المتحدة تأكيدا لذلك، حيث من المتوقع أن تقود الاتفاقيات ومذكرات التفاهم إلى توسيع فرص نمو الأسواق، والدفع بحجم الاستثمارات، وكما يظهر أن الشراكة الاقتصادية والاستثمارية المستقبلية بين البلدين سيقودها القطاعين اللوجستي والقطاع التقني، وهذا ما يتستوجب أن يكون محل اهتمام القطاع الخاص بين البلدين، وهنا يأتي دورغرفة تجارة وصناعة عُمان في التنسيق المشترك بين رجال الأعمال في السلطنة ودولة الإمارات لبحث فرص الاستفادة القصوى من نتائج الزيارة السامية".
أما ناجي البلوشي، فيؤكد أنه على رجال الأعمال أن يكونوا على استعداد لاستغلال الفرص والانتقال مع توجهات القيادة نحو الشراكات، خاصة أن سلطنة عُمان تعتبر بلدًا جديدًا ما زال يترقب الاستثمار في مختلف المجالات، وتحدد رؤية 2040 أهدافًا لتنويع الاقتصاد، كما توفر عُمان فرصًا متنوعة للتمويل وخيارات شراكة متعددة للمستثمرين. وفي الوقت نفسه، تُظهر الإمارات تطورًا سريعًا وتوفر فرصًا كافية لرجال الأعمال العُمانيين للاستثمار فيها".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«الاقتصاد» تناقش فرص التعاون مع قادة الأعمال في ألمانيا وأوروبا
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةالتقت معالي علياء بنت عبدالله المزروعي، وزيرة دولة لريادة الأعمال، عدداً من ممثلي وقادة مجتمع الأعمال والتكنولوجيا في ألمانيا وأوروبا، لبحث سبل تعزيز الشراكة في مجالات الابتكار وريادة الأعمال. جاء ذلك في إطار زيارة معاليها على رأس وفد رسمي وتجاري إلى ألمانيا للمشاركة في معرض «جيتكس أوروبا 2025»، الذي انطلق في العاصمة الألمانية برلين الأسبوع الماضي، ولاستكشاف فرص التعاون الاقتصادي بين الجانبين، ولا سيما في الاتجاهات الحديثة في سياسات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات المتقدمة في مجال ريادة الأعمال.
وفي هذا السياق، أكدت معالي المزروعي أن دولة الإمارات، بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، حرصت على تطوير منظومة متقدمة لريادة الأعمال من خلال مبادرات وطنية رائدة تمثلت في إطلاق منظومة متكاملة، لتطوير وتشجيع بيئة المشاريع الريادية في الدولة باستراتيجيات شاملة تستهدف تعزيز تنافسية الإمارات في هذا المجال ضمن مختلف المحاور التي تشمل تطوير السياسات والتشريعات، والبنية التحتية، وتعزيز سهولة الأعمال، وتقديم الدعم والحوافز، وتحفيز الشراكات الداعمة.
وأشارت معاليها إلى أن مجتمعي الأعمال الإماراتي والألماني يتمتعان بفرص مستقبلية واعدة للشراكة والتعاون، بما يسهم في دعم الشركات الناشئة في البلدين، وتمكينها من التوسع نحو أسواق جديدة، خاصة في قطاعات الاقتصاد الجديد التي تشمل التكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، والاقتصاد الأخضر.
الذكاء الاصطناعي
شاركت معالي علياء المزروعي في جلسة نقاشية وزارية أقيمت تحت عنوان «بناء جسور الابتكار: الحوار الوزاري حول تقاطع الذكاء الاصطناعي والسياسات والنمو الاقتصادي العالمي»، بحضور عدد من كبار المسؤولين الحكوميين من الدول الأوروبية وهم، معالي ديلينا إبراهيماج، وزيرة دولة لريادة الأعمال ومناخ الأعمال في جمهورية ألبانيا، ويان كافاليريك، نائب وزير الصناعة والتجارة في جمهورية التشيك، وإيراكلي ناداريشفيلي، نائب وزير الاقتصاد والتنمية المستدامة في جمهورية جورجيا، حيث ناقش المشاركون التوجهات العالمية لتوظيف ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في دعم النمو الاقتصادي الشامل، وتعزيز التحول الرقمي المستدام.
وخلال مداخلتها، استعرضت معاليها تجربة دولة الإمارات في استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن إطار السياسات الوطنية الهادفة إلى تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام. وأكدت معاليها أن الدولة تبنّت نهجاً متكاملاً لتوظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير بيئة ريادة الأعمال، من خلال تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتحديث منظومة الاقتصاد الوطني لتتضمن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب توفير برامج تدريبية متخصصة وتنمية قدرات الكفاءات الوطنية، بما يضمن شمولية التنمية، ومشاركة فعالة من الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في رسم ملامح اقتصاد المستقبل.
وأكدت معاليها أن دولة الإمارات توازن بين تسريع التحول الرقمي، وتعزيز الشمولية الاقتصادية، من خلال توفير أدوات الذكاء الاصطناعي للشركات الناشئة، واعتماد سياسات تنظيمية محفزة، ومبادرات تمويل مرنة تتيح للشركات الصغيرة والمتوسطة المزيد من النمو والابتكار.
منصة للشراكة
وشاركت معالي علياء المزروعي في اجتماع طاولة مستديرة، جمعت 12 شركة صغيرة ومتوسطة من الإمارات وألمانيا، حيث بحث المشاركون آفاق التعاون في المجالات التقنية والتكنولوجية ذات الاهتمام المشترك، حيث سلطت معاليها الضوء على أهمية التوسع في الشراكات الاستراتيجية بين الشركات الناشئة في البلدين لدعم الابتكار في القطاعات المستقبلية.
الشركات الناشئة
تتميز دولة الإمارات بمنظومة متكاملة لدعم الشركات الناشئة، تشمل مناطق حرة متخصصة، وحاضنات ومسرّعات أعمال عالمية المستوى، وبرامج وطنية مثل منظومة «ريادة» و«100 شركة من المستقبل»، مما يسهم بشكل مباشر في تمكين رواد الأعمال وتحويل أفكارهم إلى مشاريع مستدامة، وتعزز مساهمتهم في التنمية الاقتصادية الشاملة، بما يتماشى مع مستهدفات «نحن الإمارات 2031».