صحيفة التغيير السودانية:
2025-06-17@07:22:01 GMT

الجيش السوداني مفرخة للمليشيات

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

الجيش السوداني مفرخة للمليشيات

 

الجيش السوداني مفرخة للمليشيات

طارق الشيخ

 

مرّ عام على الحرب في السودان، وأكثر ما يلفت النظر فيها، غيرُ الدمار الكبير في العاصمة الخرطوم وما خلّفته المعارك من ملايين النازحين، في داخل البلاد وخارجها، التناسل الكثيف “من رحم القوات المسلّحة السودانية”، كما كان يحلو لقادة الجيش أن يردّدوا في أيام دفاعهم المُسْتَمِيت عن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، فقد تناسلت “رحم الجيش”، هذه المرّة، لتنثر في أرض السودان مليشيات عديدة، بأسماء مختلفة.


أول هذه المليشيات، التي أعادها الجيش إلى الواجهة، ما بقي من حركات دارفور، التي قاتلت الجيش الحكومي: حركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية، جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي. حركتان أغلب أعضائهما من الحركة الإسلامية، اصطفّتا إلى جانب رئيس حزب المؤتمر الشعبي السوداني، في حينه، الراحل حسن الترابي (2016)، بعد الانشقاق الكبير في الحركة الإسلامية الحاكمة، وفي مواجهة تلميذ الترابي، علي عثمان محمد طه. كذلك، أعاد الجيش إلى الواجهة الزعيم القبلي، موسى هلال، الذي أُقصيَ من قيادة “الجنجويد” لمصلحة قريبه حميدتي، وأعلن هلال، المؤسّس الأول لهذه المليشيا، القتالَ إلى جانب الجيش السوداني في مواجهة ابن عمّه، قائد “الدعم السريع”، حميدتي. ومهمٌّ القول إنّ “الجنجويد” قامت حائطَ صدّ استعانت به حكومة عمر البشير لامتصاص الغضب الدولي، واتهامات المحكمة الجنائية الدولية لقيادات في الحركة الإسلامية (علي طه وعمر البشير) بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية في دارفور. أضف إلى ذلك مجموعاتٍ أخرى تتبع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، قائد “الحركة الشعبية – شمال”، ومجموعات أخرى مُنشقّة عن الحركات المسلّحة، التي شكّلت جبهة الشرق وأُهّلَت بإشراف قيادة الجيش في مدينة كسلا في شرق السودان.
أكثر هذه المليشيات أهمّية كتيبة البراء، التي تتبع مباشرة الحركة الإسلامية، تحظى بالدعم الأكبر سياسياً، وبرعاية مباشرة من قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وتحظى بالتمويل والتسليح، وبدعاية إعلامية مكثّفة، حتى تقدّم دورُها دورَ الجيشِ نفسِه. فعند استعادة مقرّ الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون في أمّ درمان (مارس/ آذار 2024)، ومع أنّ الظاهر أنّ الجيش هو من استعاد المقرّ، إلا أنّ الضجّة الإعلامية نصّبت كتيبة البراء فاعلاً رئيساً، ونسبت إليها الفضل في استعادته. وثمّة ظهور آخر أعظم خطراً، لمجموعة تنتسب إلى الحركة الإسلامية، لم تحمل، اسماً، بل عَمَّدَتْ حضورها الحرب بأعمال مستفزّة، فرفعت رؤوس قتلى “الدعم السريع” التي قُطِعَتْ، وأطرافهم التي بُتِرَتْ، ما أثار امتعاضاً واستهجاناً واسعاً داخل السودان. أضف إلى هذا كلّه طيفاً من المليشيات المسلّحة، من مدنيين استجابوا لدعوة الجيش إلى القتال معه.
إذاً، يتعمّد النظام القديم، الذي تقوده الحركة الإسلامية، نشر المليشيات والسلاح بكثافة، ظنّاً أنّها الطريقة المُثلى لاستعادة الحكم الذي أطاحته ثورة ديسمبر (2019)، وبقوة السلاح. أين مكمن الخطر هنا؟ الإجابة المباشرة تكمن في تفاصيل كلّ مكوّن لهذه المليشيات، التي تتشارك في أنّها مجموعات مُنشقّة عن حركات مسلّحة، كما في حالة “العدل والمساواة”، وحركة تحرير السودان، و”الأسود الحرّة بشرق السودان”، ومجموعة البجا. بمعنى أنّنا أمام مشهدٍ يتقاتل فيه الكلّ ضدّ الكلّ. والجديد هنا أنّ أرض المعركة ليست دارفور، التي هي تحت قبضة “الدعم السريع”، بل شرق السودان، الذي لم تطاوله بعد ألسنة لهب الحرب الحالية. في أرض الواقع، تكبّدت هذه المليشيات والمُسْتنْفِرون المدنيّون خسائر فادحة، قتلاً وأسراً، في آخر العمليات العسكرية ضدّ “الدعم السريع”. وهذا يقود إلى السؤال: لماذا يلجأ الجيش، الذي طالما ادّعى أنّه قادر على حسم سريع للمعركة ضدّ قوات الدعم السريع، إلى نشر السلاح وسط المدنيين؟ وما قدراته الفعلية لمقارعة “الدعم السريع” من دون إقحام مزيد من المدنيين في الحرب؟
الثابت، أنّ قوات الدعم السريع لا تزال، بعد مرور عام، متفوّقةً على الجيش، بحكم المساحة الخاضعة لسيطرته، وبحكم المواقع الاستراتيجية التي يتحكّم فيها. لكن، في غياب أيّ سلطة حكومية حقيقية، يبدو أن الجيش، الذي يفترض أنّه يقود هذه الحرب باسم الشعب، لا يضع أيّ اعتبار للشعب. ومع أنه وجّه أحاديث كثيرة وجّهها إلى الشعب، إلا أن قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، لم يُفسّر لماذا الحرب، وكيف الخروج منها ووضع حدّ لآلام ملايين من السودانيين. والواضح أنّ قيادة الجيش لا تكترث بأمر الشعب، بدليل أنّه لم تصدُر خريطة طريق لكيفيّة وقف الحرب وحقن الدماء، في حين أنّ قائد “الدعم السريع” يبدي موقفاً واضحاً وثابتاً يقبل وقفَ الحرب، والتفاوض لأجل السلام.
ليس في الطريق التي تسير فيها قيادة الجيش إلا المُجرّب تاريخياً، براعة تكوين مليشيات تقاتل بعضها بعضاً، فيما يتنصّل الجيش مما هو في صميم واجباته؛ صون الوطن والمواطنين. وأكثر ما يخشاه الناس، أن يقود وجود المسلّحين والسلاح في شرق السودان إلى انفجار، ستكون له، قطعاً، عواقب وخيمةٌ للغاية، بحكم التعدّد العرقيّ والقَبَلِيّ هناك، وامتداداته شرقاً حتى إريتريا وإثيوبيا، وشمالاً حتى مصر. فمتى تستفيق قيادة الجيش من وهم مطاردة أشباح حرب بلا نهاية؟.

نقلاً عن “العربي الجديد”

الوسومالجيش الحركات الدعم السريع مليشيا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الحركات الدعم السريع مليشيا

إقرأ أيضاً:

قتلى وجرحى في غارة بمسيّرة للدعم السريع على الفاشر

الفاشر – أفاد مصدر مسؤول بمقتل 13 مدنيا وإصابة 42 آخرين، بينهم أطفال، جراء غارة جوية نفذتها طائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع، استهدفت مبنى أبو حمرة الزراعي الذي يُستخدم ملجأ للنازحين في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غربي السودان.

وتشهد الفاشر أوضاعا إنسانية متدهورة في ظل اشتداد القتال منذ أبريل/نيسان الماضي، حيث تُحكم قوات الدعم السريع حصارها على المدينة، مما أدى إلى نفاد الإمدادات الأساسية ومنع دخول المساعدات الغذائية والطبية.

وقال مدير عام وزارة الصحة بالولاية الدكتور إبراهيم خاطر إن الهجوم أسفر عن سقوط 13 قتيلا، بينهم 4 أطفال، إضافة إلى 42 جريحا، من بينهم 14 طفلا، بعضهم في حالات حرجة.

وفي تصريح للجزيرة نت، أكد خاطر أن الوضع الإنساني في المدينة "كارثي"، داعيا الجميع إلى التدخل العاجل لتوفير الدعم الإنساني للمتضررين.

شهادات حية

ومع اشتداد الهجمات على الفاشر، وإغلاق الطرقات، أجبر مئات الأشخاص على اللجوء إلى المباني العالية كملاذ آمن. وقال ناشطون للجزيرة نت إن تلك المباني السكنية أصبحت الآن بين المنشآت المستهدفة في هجمات الدعم السريع.

وقال الناشط المحلي جعفر آدم إن "المدنيين في الفاشر يعيشون حالة من الذعر المستمر، حيث لم يعد هناك مكان آمن". وأوضح أن "الناس يبحثون عن مأوى، لكن حتى المباني التي يعتقدون أنها آمنة أصبحت هدفا للقصف الجوي من قِبل "الدعم السريع".

وأضاف للجزيرة نت أن "الوضع الإنساني يزداد سوءا، وهناك حاجة ملحة لتوفير المساعدات الإنسانية، فالكثير من الأسر فقدت معيلها، ويعاني الأطفال من نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية".

وأشار إلى أن "المجتمع الدولي يجب أن يتحرك بسرعة، فالأزمة تتفاقم، والوقت يمر بسرعة. نحن بحاجة إلى حماية المدنيين وتوفير ممرات آمنة للمساعدات، وإلا فإن الكارثة ستزداد عمقا".

إعلان

من جهته، قال النازح يوسف سليمان إن "الوضع في المدينة لا يُحتمل، والأجواء مشحونة بالتوتر منذ وقوع الغارة"، واصفا الهجوم بأنه "مجزرة بشرية كبرى ضد المدنيين العزل". وأكد للجزيرة نت أن "الكثير من الأطفال والنساء فقدوا حياتهم، بينما يحتاج الناجون إلى المساعدة الفورية".

ومنذ أكثر من عامين، تسعى قوات الدعم السريع إلى السيطرة على مدينة الفاشر، التي تقع على بُعد أكثر من 800 كيلومتر (500 ميل) جنوب غرب العاصمة الخرطوم، من القوات المسلحة السودانية. وقد شنت هجمات منتظمة على المدينة، أسفرت عن إسقاط مخيم للنازحين، ولكن حسب مراقبين، كل محاولاتها باءت بالفشل.

مقالات مشابهة

  • عُيّن خلفا لغلام علي رشيد.. الجيش الإسرائيلي: اغتيال رئيس أركان الحرب في إيران للمرة الثانية
  • قتلى وجرحى في غارة بمسيّرة للدعم السريع على الفاشر
  • الحكومة الكينية تنفي تورطها في تسليح الدعم السريع
  • الصمغ العربي السوداني: تأثير الحرب وتحديات القيمة المضافة
  • مستشار مليشيا الدعم السريع فرحان يصفق لشيراز الكشحت المريسة
  • في نيالا خرج مصابي مليشيا الدعم السريع في تظاهرة احتجاجية طلباً للعلاج
  • الجيش السوداني وحلفاؤه يتصدون لهجوم عنيف في الفاشر
  • داير أوجّه رسالة صغيرة لأهلنا في الدعم السريع الحاربونا برعاية دول أجنبيّة؛ وللإخوة في تشاد
  • المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان ومصر.. صهر الجغرافيا في أتون الحرب
  • محمد أبوزيد كروم يكتب: حيا الله السلاح والكفاح، والنصر الذي لاح