thepoet1943@gmail.com
حسن إبراهيم حسن الأفندي
قضى الله أن أحـيا بُعَـيـْـدك بـاقـيـا
أقـاوم أحـزانــي وأدفــع مـاضـيـا
وأنت الـذي قد كـان يعـلـم أنـني
رقيـق الحــواشــي لا يقـاوم غازيـا
فلا الســيف واللـيـل البهيـم برفقتي
ولا القلـب يقـوى أن يجاري أعـاديـا
هو المـوت لم يرحم وفرق بينـنـا
ويجمعنـا بعـد التـفـرق ثــانـــيــــا
قـريبا أخـي يـأتي الي بكــأســـه
لأرتـاح من دنيـا تكــدر حــاليـا
هوالمـوت فـتاك الكمـاة جبـابرا
وقَتــَّال طفــل لم يعـد بعد ضاويـا
هوالمـوت يرمينـا يداهـم خلـســــة
فلا القصـر ينجـينا ولا الكهف حاميـا
هو الموت سـرغامـض عز وصفــه
لعلك بعـد المـوت تدرك خـافــيا
وجدت بنات الحور يقصر طرفهـا
وغيرك لا يبصـرن من ظل آويا
وجدت قصورا عاليات وريفــة
بها ثمر يدنو إليك مــــواتـيا
فقد كنت رغـم الفقر والضيق و العنا
تجـود بما في الكف تدفع ساخـيا
تهش تبش دون قلب منافق
ولا ترتضــي إلا وكفك عـاليا
لئن باعـدت بيني وبينك حــفـرة
فما زلـت في نفســـي تخيم باقيا
هو الموت أحيـا مرّه ألـف مـرة
أذوب وإن أبدو إلى الغير هانيا
فهل يا ترى قابلت من كان حبهـم
غماما يقي حــر الهجير سمـائـيا
فقدت وما فقدي لمثلك هــين
وقد كنت أرجو أن بكيت وداعيا
تباعدنا دنيا برغـم مــحـــبـــة
ولا كان قلبي أو فـؤادك راضـيــا
وأنت الى رزق تجـوب بقاعهـــــا
كلانا بأصقــاع تباعــد بـاكــيــا
( يقيم الرجال الموسـرون بأرضهــم
ويرمي النوى بالمقترين المراميا)
ألــوم لنفســـي تارة وأصـــدهـــا
وما علـمـت نفـسي القــصي ودانيا
تراودني ذكـرى اليـك عـــزيـزة
وتحـرم عيني أن تنام لياليا
ولا صرفت عني الليالي خيـاله
وإن كان طبـع الآدمي التناسـيا
أأنسـاه هل في ذاك رد جـمـيـله
وحســنى بجــيدي ألزمتني وفائيا
وعاذلة تحنـو علي تلـــومـني
وتحتــار في أمـــري تشاهد ما بيا
تقول أما يكفي بكاؤك لــيـلـة
وأخرى وأخرى ثم شهرا معانيـا
وهل يُرْجِعَــنّ الدمع من غاب نجمه
وغطـى لـه نـبث التـراب مواريـا
فقلت لها عذرا فليســت عواطفـي
كما ظن بعض الناس تَرضى قياديا
أحاسيسنا ليست لنا بمـديـنة
نسـيّرها أنى نشـاء الـمـناحـيا
ألا ليت شعري من يعود من الفنـا
فيخبرنا عــما رآه مــــدانـيا
لعـل بذا يخمدن نيران ثــاكــل
ويمحـوه من بعد العذاب عنائـيا
وأعلم أن اللـه أرحـم راحــم
ويغفـــر ذنب العبــد من كان عاصيا
فيـا رب جاء العبد بابك طارقــا
وفي نفســـه خـوف مـن الله باديــا
تجاوز الهي عن ذنوب و إن تكـن
كـرمـل صـحـارى أنت تعلم حـاصيا
وضاعـف لـه الخيرات وهي كثيرة
وأنت غـني أن تعــذب واهــيا
ويا قبـر تـســقى بالملث وطلـه
وغــيداقة تروي التـراب تـواليا
ولا غاب عنك الخيروالظل والصبا
نعيم حـضين من بجوفـك ثـاويا
حسن إبراهيم حسن الأفندي
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الهجرة النبوية في وعي المسيرة القرآنية .. من ذكرى إلى مشروع نهوض أمة
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
مع بداية كل عام هجري جديد، وتحديدًا في الأول من شهر الله المحرم، يُحيي اليمنيون مناسبة رأس السنة الهجرية باعتبارها حدثًا مفصليًا في التاريخ الإسلامي، لا يقف عند حدود التأريخ الزمني، بل يمتد ليحمل دلالات روحية، حضارية، وثقافية عميقة. إن ذكرى الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة ليست مجرد لحظة انتقال جغرافي، بل لحظة تحوّل في مسار الرسالة الإسلامية من الاستضعاف إلى التمكين، ومن مرحلة الدعوة الفردية إلى بناء الأمة والدولة على أسس القرآن الكريم
في السياق اليمني، تكتسب هذه المناسبة طابعًا مميزًا، إذ تتداخل فيها الأبعاد الدينية والاجتماعية والسياسية، لتعبّر عن تمسك الشعب اليمني بهويته الإيمانية المتجذرة، وارتباطه العميق بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وولائه للمنهج القرآني الذي تستلهمه المسيرة القرآنية في فكرها وتوجهها.
كما أن هذه المناسبة تتحول إلى مساحة للتواصل المجتمعي، وتعزيز قيم التراحم والتكافل، وتبادل التهاني، وتنظيم الفعاليات الثقافية والدينية، في صورة تعكس عمق الارتباط بين الإيمان والمجتمع. ويتجلى من خلالها البعد التربوي والسياسي الذي تحمله المسيرة القرآنية، حيث يُعاد ربط الحدث التاريخي بالسياق المعاصر، ويُستثمر لإبراز مفاهيم الاستقلال والكرامة والصمود في وجه العدوان، وتجديد العهد مع المشروع الإلهي الذي جاء به الرسول الأعظم.
وفي هذا التقرير، نسلّط الضوء على رأس السنة الهجرية باعتبارها “عيدًا يمنيًا” ذو طابع إيماني خاص، ونستعرض أبعاد هذه المناسبة من الزاويتين الدينية والاجتماعية، كما نتناول كيف يحيي اليمنيون هذه الذكرى، وما مدى ارتباطها بفكر وتوجه المسيرة القرآنية، لتتضح لنا الصورة الكاملة عن هذه المحطة السنوية، وما تحمله من معانٍ ومضامين تتجاوز الزمان والمكان.
البعد الديني: الهجرة.. بداية الانطلاق وبناء الدولةتحمل ذكرى الهجرة النبوية أبعادًا دينية عميقة في الوعي الإسلامي، حيث مثلت الهجرة من مكة إلى المدينة محطة فاصلة في تاريخ الإسلام، من مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة بناء الدولة الإسلامية على أسس القرآن والقيم الربانية.
وفي اليمن، يتناول الخطباء والمرشدون الدينيون خلال هذه المناسبة الدروس المستفادة من الهجرة، مثل الصبر والثبات، والتضحية في سبيل الله، والتخطيط الاستراتيجي، والعمل الجماعي، والطاعة لله ولرسوله صلوات الله عليه وآله. كما تُقام المحاضرات والدروس الدينية التي تركز على ربط الحدث التاريخي بالواقع المعاصر، والدعوة إلى استلهام الهجرة كنموذج في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة.
البعد الاجتماعي: مناسبة للوحدة والتكافليتجسد البعد الاجتماعي في رأس السنة الهجرية من خلال التزاور بين الأسر، وتبادل التهاني، وتنظيم الفعاليات المجتمعية، حيث يحرص اليمنيون على إحيائها بروح من المحبة والتعاون. تُقام مجالس الذكر والابتهال، وتوزع الوجبات على الفقراء، ويتم تقديم الهدايا للأطفال، ما يعزز من قيم التضامن والتكافل بين أبناء المجتمع.
في بعض المناطق، خاصة في صنعاء وصعدة وذمار، تتحول المناسبة إلى مهرجان روحي واجتماعي يمتد لأيام، ويتخلله إنشاد ديني وشعبي يعكس التراث اليمني الأصيل الممزوج بالحب للرسول وأهل بيته.
رأس السنة الهجرية في وعي المسيرة القرآنيةفي سياق الفكر المرتبط بالمسيرة القرآنية، تحتل ذكرى الهجرة النبوية مكانة مركزية، حيث تُعد مناسبة لترسيخ الهوية الإيمانية، وتأكيد الارتباط بالنهج النبوي والقرآني في مواجهة الهيمنة والاستكبار. وتُستحضر الهجرة باعتبارها فعلًا تغييريًا عظيمًا قاده النبي صلوات الله عليه وآله بإرادة إلهية لتأسيس أمة قائمة على القيم والمبادئ، وليس على العصبيات والانتماءات الضيقة.
قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، في خطاباته بالمناسبة، يؤكد دائمًا أن الهجرة تمثل نموذجًا يُحتذى به في مواجهة التحديات الراهنة، وخاصة في ظل ما يعيشه اليمن من عدوان وحصار، ويرى أن استلهام العبر من الهجرة ضرورة لبناء الأمة القرآنية التي تواجه التحديات بتوكل على الله ووعي بطبيعة المعركة.
إحياء المناسبة في الميدان: فعاليات وشعاراتتحيي الجماهير اليمنية هذه المناسبة بتنظم فعاليات شعبية ورسمية في مختلف المحافظات احتفاءً برأس السنة الهجرية، تبدأ من الليلة الأولى من محرم، وتتنوع ما بين أمسيات ثقافية، ومسيرات رمزية، وحملات توعوية، وفعاليات مدرسية وإعلامية. كما تُرفع شعارات تؤكد على معاني الهجرة كتحول حضاري، ومرحلة تأسيس للأمة القرآنية.
وتُعد هذه المناسبة أيضًا محطة لاستنهاض الوعي الشعبي، وتجديد الولاء للرسالة المحمدية، وتعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات السياسية والعسكرية.
خاتمة:هكذا يحتفل اليمنيون برأس السنة الهجرية كعيد إيماني يحمل في طياته رسالة عظيمة، تتجاوز الطقوس الظاهرة إلى عمق الوعي بالهوية، وبأن الهجرة ليست مجرد حدث، بل مسار متجدد من الهداية والتحرك وفق نهج الله ورسوله. وهو ما يجعل من هذه المناسبة محطة سنوية لإعادة التذكير بالمسؤوليات الجماعية، والإيمان المتجذر في فكر المسيرة القرآنية.