يوم الأحد الماضي، سافر إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إلى العاصمة الصينية بكين في زيارة مفاجئة، والهدف كان مقابلة كبار المسؤولين الصينيين لمناقشة إطلاق برمجيات القيادة الذاتية الكاملة، والسماح بنقل البيانات إلى خارج البلاد في سيارات تسلا، وفقا لما ذكرته وكالة رويترز.

كانت الشركة الأميركية المصنعة للسيارات الكهربائية قد طرحت نظام "القيادة الذاتية بالكامل" (FSD) في سياراتها منذ 4 سنوات، لكنها لم توفر هذه التقنية بكل مميزاتها في الصين، التي تعد ثاني أكبر أسواق الشركة عالميا، إذ باعت تسلا أكثر من 1.

7 مليون سيارة في الصين منذ دخولها هذا السوق قبل عقد من الزمن، ويعد مصنع شنغهاي أكبر مصانعها على مستوى العالم.

لماذا الصين؟

في عام 2023، ذكر ماسك أن سعر نظام القيادة الذاتية بالكامل كان منخفضا للغاية، الذي كان يبلغ حينها 15,000 دولار، مشيرا إلى أن قيمة السيارة سترتفع بشدة إذا أصبحت ذاتية القيادة.

وقد خفضت تسلا مؤخرا سعر النظام إلى 8,000 دولار من 12,000 دولار في الولايات المتحدة، كما يتوفر النظام من خلال الاشتراكات، إذ خفضت الشركة أيضا سعر الاشتراك الشهري إلى 99 دولارا في الولايات المتحدة، بهدف تحفيز استخدام النظام في سياراتها مع تراجع مبيعات السيارات الكهربائية، واحتدام حدة المنافسة السعرية في هذا السوق، وفقا لوكالة رويترز.

وتقدم تسلا نظام القيادة الذاتية بالاشتراك لمستخدميها في الصين منذ 4 سنوات، ولكن بمجموعة محدودة من الميزات التي تقصر استخدام النظام على عمليات بسيطة مثل تغيير المسار تلقائيا، لأن مشكلة أمن البيانات مثلت عقبة كبيرة أمام الطرح الكامل للنظام، لذا حاول ماسك الحصول على موافقة لنقل البيانات التي تجمعها الشركة داخل الصين إلى الخارج، بهدف تدريب الخوارزميات الخاصة بتقنيات القيادة الذاتية.

ومنذ عام 2021، خزنت تسلا كافة البيانات التي جمعها أسطول سياراتها الصيني في شنغهاي كما طلبت السلطات الصينية، ولم تنقل أيا منها إلى الولايات المتحدة.

ظروف حركة المرور المعقدة بالصين مع ارتفاع أعداد المشاة توفر سيناريوهات لتدريب خوارزميات القيادة الذاتية (وكالة الأنباء الأوروبية)

ووفقا لخبراء الصناعة، فإن ظروف حركة المرور المعقدة في الصين مع ارتفاع أعداد المشاة وراكبي الدراجات الهوائية، مقارنة بالعديد من الأسواق الأخرى، توفر سيناريوهات أكثر أهمية لتدريب خوارزميات القيادة الذاتية بوتيرة أسرع.

سيسمح طرح النظام في الصين لشركة تسلا بمنافسة أفضل مع الشركات المحلية في أكبر سوق للسيارات في العالم، حيث تُعدّ ميزات مساعدة السائق وغيرها من مزايا السيارات المتصلة بالإنترنت من أهم خصائص السيارات المتنافسة هناك.

وقد تراجعت مبيعات سيارات تسلا في الربع الأول من العام للمرة الأولى منذ ما يقارب 4 سنوات، كما أعلنت الشركة عن تسريح أكثر من 10% من موظفيها عالميا، وتخفيض أسعار سياراتها في الأسواق الكبرى ومنها الولايات المتحدة والصين وأوروبا، بالإضافة إلى نيتها تسريح مئات الموظفين الآخرين، بما في ذلك كبار المديرين التنفيذيين وأغلب أفراد فريق الشحن الفائق في الشركة، كما أشارت آخر التقارير.

ما تقنية القيادة الذاتية بالكامل؟

واحدة من أهم الخلافات الحالية التي تحيط بسيارات تسلا هو قدرتها على تحقيق "القيادة الذاتية بالكامل"، إذ يحاول إيلون ماسك ترويج هذا النظام على أنه يقود السيارة بنفسه، لكن هذا الادعاء لم يتحقق على أرض الواقع، وذلك تحت رقابة تنظيمية وقانونية صارمة من الجهات التنظيمية على أمان وسلامة سيارات تسلا، ويرى ماسك أن هذه التقنية قد تكون مصدر إيرادات هائلة للشركة، لهذا ربما يحاول المبالغة في إمكاناتها.

تطلق تسلا على نظام مساعدة السائق اسم الطيار الآلي (أوتوبيلوت)، لكنها تؤكد أن هذا النظام لا يجعل سياراتها ذاتية القيادة، وأنها تتطلب مراقبة نشطة من السائق. أما ميزة "القيادة الذاتية بالكامل" فهي الإصدار الأكثر استقلالية من نظام الطيار الآلي وطرحتها الشركة لسياراتها في عام 2020، وتشمل مزاياها ركن السيارة ذاتيا، وتغيير الحارة المرورية تلقائيا، والتحرك أثناء الازدحام المروري.

وقد صمم نظام الطيار الآلي في المقام الأول للسفر على الطرق السريعة، بينما يغطي نظام "القيادة الذاتية بالكامل" القيادة في المدن والضواحي، ويصبح بإمكان السيارة التعرّف على إشارات المرور وإبطاء سرعتها تلقائيا للتوقف عند الحاجة.

تُصنَّف القيادة الذاتية للسيارات على مقياس من 0 إلى 5 مستويات، إذ يشير المستوى 0 إلى عدم وجود أي نوع من أنواع الأتمتة، بينما يشير المستوى 5 إلى الأتمتة الكاملة، التي لا تحتاج إلى أي تدخل بشري.

أما السيارات المزوّدة ببعض أنظمة مساعدة السائق فتُصنّف في المستوى 1، والسيارات المزودة ببعض الأنظمة المحدودة التي تسمح بالقيادة دون استخدام اليدين تُصنف في المستوى 2، وهذا هو تحديدا المستوى الذي تقع فيه تقنية "القيادة الذاتية بالكامل" في سيارات تسلا.

بالرغم من اسمها، لا تمكّن القيادة الذاتية الكاملة سيارة تسلا من قيادة نفسها بالكامل، فهي لا تتيح للسيارة إمكانية القيادة الذاتية لفترة زمنية طويلة دون أن يمسك السائق بعجلة القيادة، ويظل مسؤولا عن البقاء في مقعده والانتباه إلى حالة الطريق والاستعداد لتولي القيادة في أي موقف لا يستجيب فيه نظام القيادة الذاتية استجابة مناسبة، كما لا تعفي القيادة الذاتية الكاملة سائق تسلا من مسؤولية التشغيل الآمن للسيارة، فإذا حدث خطأ في تشغيل النظام ووقع حادث نتيجة لذلك، فلن يتحمل النظام أو الشركة المسؤولية عن هذا الحادث.

حققت تسلا تقدما ملحوظا في تقنيات القيادة شبه الذاتية، ومع ذلك فإنها ليست الوحيدة التي تمتلك مثل هذه الأنظمة في السوق حاليا، وقد تتفوق عليها إحدى الشركات المنافسة، كما أن الشركات المنافسة كانت أكثر حذرا في وصف قدرات أنظمتها.

لأن مفهوم القيادة الذاتية للسيارة معقد، وقد تأتي معظم السيارات الحديثة ببعض مزايا "القيادة شبه الذاتية"، مثل نظام المكابح الأوتوماتيكية في حالات الطوارئ عندما تستشعر السيارة وجود أي عقبة أمامها، وتحدد أن السائق لم يضغط على الفرامل بالسرعة الكافية (أو لم يضغط عليها أصلا)، فتتدخل للمساعدة في تجنب الاصطدام أو تخفيف آثاره.

مثلا في أواخر عام 2023، طرحت مرسيدس-بنز أول نظام للقيادة الذاتية من المستوى 3، وهو نظام "درايف بايلوت" (Drive Pilot)، للبيع عبر سياراتها في الولايات المتحدة، لكنه لم يحصل على الموافقة الرسمية بالاستخدام سوى في كاليفورنيا ونيفادا حتى الآن، ويتطلب المستوى 3 موافقة كل ولاية على حدة، ومع ذلك لا يُعد نظام مرسيدس "قيادة ذاتية كاملة" ولا تسوقه الشركة على هذا النحو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة سیارات تسلا فی سیارات فی الصین

إقرأ أيضاً:

غوغل تعترف بفشل نظام التحذير من الزلازل خلال كارثة زلزال تركيا في 2023

كشفت شبكة “بي بي سي” أن شركة غوغل اعترفت رسميًا بفشل نظام التحذير المبكر من الزلازل الخاص بها في إرسال تنبيهات إلى نحو 10 ملايين شخص أثناء الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا في 6 فبراير 2023، وأسفر عن مقتل أكثر من 53 ألف شخص وإصابة أكثر من 107 آلاف آخرين.

خلل في نظام “أندرويد” للتحذير من الزلازل

ووفقًا لغوغل، فقد أخفق نظام تنبيهات الزلازل (AEA)، الذي يُدار من وادي السيليكون بكاليفورنيا، في العمل بالشكل المطلوب خلال الزلزال الذي بلغت شدته 7.8 درجات على مقياس ريختر، والذي ضرب منطقة قهرمان مرعش وامتدت آثاره إلى 11 ولاية تركية.

وكان من المفترض أن يرسل النظام تحذيرًا من المستوى الأعلى، يُعرف باسم “Take Action” (اتخذ إجراء)، يمنح المستخدمين 35 ثانية من التنبيه قبل وقوع الزلزال، لكن بحسب غوغل، لم تُرسل سوى 469 إشعارًا فقط بهذا التحذير الحاسم.

وفي المقابل، أُرسلت نحو 500 ألف إشعار من النوع الأقل خطورة، تحت عنوان “Be Aware” (انتبه)، وهو مخصص للهزات الأرضية الخفيفة ولا يتجاوز خاصية “عدم الإزعاج” في الهواتف، مما جعله عديم الجدوى في حالة كارثية وقعت فجرًا بينما كان معظم السكان نائمين.

غوغل: خلل تقني وليس سوء تقدير

وفي بيان رسمي لـ”بي بي سي”، أقرت غوغل بأن نظامها “لم يعمل بشكل صحيح” خلال الزلزال الأول، معتبرة أن ما حدث كان خللًا تقنيًا لا يمثل الأداء المعتاد للنظام، الذي تعتبره الشركة بمثابة “شبكة أمان عالمية” متوفرة حاليًا في حوالي 100 دولة.

وكانت غوغل قد صرحت سابقًا أن النظام أدى مهامه “بشكل جيد”، قبل أن تعود وتعترف بتقصيره في واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية فتكًا في تاريخ تركيا الحديث.

أهمية نظام “Take Action”

نظام “تحذير اتخذ إجراء” يُعد أكثر التنبيهات فاعلية، حيث يتجاوز إعدادات كتم الصوت ويغطي شاشة الهاتف، ليوقظ المستخدمين فورًا في حال وقوع زلزال قوي. وهو ما لم يحدث مع ملايين السكان ليلة الزلزال، الذي وقع عند الساعة 04:17 صباحًا.

خسائر كارثية وتأثيرات واسعة

الزلزالان المتتاليان في فبراير 2023، بقوة 7.7 و7.6 درجات، أحدثا دمارًا هائلًا طال أكثر من 14 مليون مواطن في 11 ولاية تركية، فيما أعلنت الحكومة التركية حينها حدادًا وطنيًا لمدة 7 أيام.

كيف يعمل النظام؟

يعتمد نظام غوغل للتحذير من الزلازل على شبكة من الهواتف الذكية العاملة بنظام “أندرويد”، والتي تُمثّل أكثر من 70% من الهواتف في تركيا، حيث تُستخدم مستشعرات الهاتف لاكتشاف الموجات الزلزالية وإرسال التحذيرات للمستخدمين القريبين من مركز الهزة.

لكن الواقع أظهر أن هذا النظام، ورغم تميّزه التقني، غير كافٍ عند الاعتماد عليه بشكل منفرد، خاصة في ظل غياب أنظمة تحذير وطنية مكمّلة له.

مقالات مشابهة

  • سيارات "بيستون" تعيد تعريف مستقبل القيادة
  • وداعاً لختم الجوازات.. نظام جديد للدخول والخروج في دول الإتحاد الأوروبي
  • الاتحاد الأوروبي يطلق نظامًا آليًّا لمراقبة الحدود بعد شهرين
  • هذه النتائج المالية التي حققتها الشركة المركزية لإعادة التأمين (CCR)
  • نظام موحد لدعم الأسر في غزة من وزارة التنمية الاجتماعية
  • نظام جديد لصرف المرتبات في ليبيا
  • «جوجل» تقر بفشل نظام التنبيه الزلزالي الخاص بها خلال زلزال تركيا 2023
  • غوغل تعترف بفشل نظام التحذير من الزلازل خلال كارثة زلزال تركيا في 2023
  • غوغل: نظام التحذير من الزلازل أخفق في إنقاذ الملايين خلال كارثة تركيا
  • غوغل تقرّ بفشل نظام الإنذار المبكر خلال زلزال تركيا المدمر